عبد الناصر الجنابي.. نائب سابق يقود قوى المعارضة للإطاحة بالنظام العراقي

يوسف العلي | منذ ٨ ساعات

12

طباعة

مشاركة

منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد بسوريا في 8 ديسمبر/ كانون الثاني 2024، وتولي أحمد الشرع إدارة البلاد، يجري الحديث عن تغيير محتمل في العراق، ويطرح البعض اسم رئيس "المجلس الوطني للمعارضة العراقية"، عبد الناصر الجنابي، لقيادة المرحلة المقبلة.

الجنابي يثير الجدل بظهوره الإعلامي المكثف أخيرا وحديثه عن تغيير مرتقب للنظام السياسي في العراق الذي أنشئ بعد عام 2003، معلنا خطته "لإنقاذ" البلاد، والتي يعول في تطبيقها على مساعدة خارجية، ولا سيما من رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب.

"جولاني العراق"

الجنابي الذي يتردد اسمه، ظهر بصورة غير معهودة على منصات التواصل الاجتماعي، إذ ارتدى بدلة مع ربطة عنق، رغم أنه عرف بالتزام لبسه للعمامة كونه رجل دين، حتى مع شغله منصب نائب في البرلمان العراقي عام 2007، وفي جميع لقاءاته الإعلامية.

نشر صورة الجنابي مع ربطة العنق في 20 أغسطس/ آب 2025، رافقه حديث سياسيين معارضين عن قرب حصول تغيير في العراق، وذلك في ظل تكهنات يروّج لها أن التغيير سيجري بعد انقضاء الأيام العشر الأخيرة من أغسطس.

وعلق القيادي في "مجلس المعارضة"، عمر عبد الستار، على صورة الجنابي بزيه الجديد، على منصة "إكس" في 20 أغسطس، بالقول: "دخلنا العشرة الأخيرة من آب"، وذلك بعد تدوينة نشرها في الأول من الشهر ذاته، قال فيها: "نؤكد ما يلي: نهاية آب ستكون نهاية النظام الإيراني في العراق".

ويطلق عبد الستار على الجنابي لقب "جولاني العراق"، وذلك في إشارة إلى الرئيس السوري الحالي أحمد الشرع، الذي كان يسمى "أبو محمد الجولاني" أثناء قيادته فصيل "هيئة تحرير الشام".

فيما ذكر الناشط العراقي عبد الله خالد عبر "إكس" في 21 أغسطس، أن "ربطة العنق الحمراء إعلان التحدي من قائد المعارضة العراقية رئيس المجلس الوطني للمعارضة العراقية، البروفيسور عبد الناصر الجنابي".

وأضاف: "اليوم يثبت أنه ليس رجل كلمة فقط، وإنما رجل فعل وقرار. عندما لبس العمامة وقف بين أهله كشيخ ووجيه، وعندما لبس البدلة وربطة العنق الحمراء وقف كقائد دولة وقائد تحرير".

وبحسب قول الناشط خالد، فإن "ملابسه ليست مجرد مظهر، وإنما هي رسالة واضحة: نحن مستعدون لكل ميادين المواجهة، من المجالس العشائرية إلى  قاعات السياسة والميدان".

وفي ظل الحديث عن تداول حسابات على موقع "يوتيوب" ومنصة "إكس" في 18 أغسطس، مقطع فيديو لقناة "آي 24" العبرية (لم يتحقق من صحته)، تسلط فيها الضوء على المجلس الوطني للمعارضة العراقية، وشخص رئيسه الجنابي.

وتناول التقرير الذي يتحدث باللغة العربية تحركات الجنابي والمجلس الذي يرأسه وما يخطط له لإحداث تغيير في العراق، إضافة إلى حديث شخصية من “مجلس المعارضة” عن أن هدفهم استقرار البلد وصناعة السلام فيه وجلب الحرية للعراقيين.

وأضاف المتحدث (لم تكشف هويته) أن “الحكومة العراقية تحكمها المليشيات، ونحن لا علاقة لنا بهم، وأن أبوابنا وأذرعنا مفتوحة لكل من يساعدنا في أن نجعل العراق عظيما مرة ثانية”.

وذكرت القناة أن هذا الشخص وافق على إجراء مقابلة شرط اتخاذ تدابير أمنية، تحتم تغطيه وجهه وتمويه صوته، لأنه ستناله عقوبة الإعدام في العراق، كونه يرفض التعامل مع إسرائيل.

وتحدثت القناة العبرية عن الضغوط التي تتعرض لها الحكومة العراقية من الولايات المتحدة لإبعاد المليشيات عن الحياة السياسية، لكنها هي من جعلتها تتغلغل في السياسة.

"بعثي الهوى"

وبخصوص كيفية تعامله مع الجماعات المسلحة في العراق، قال الجنابي خلال مقابلة مصورة نشرها "مجلس المعارضة العراقية" على "يوتيوب" في 18 مارس/ آذار 2025، إنها "مليشيات تدار من خارج الحدود، وتديرها قيادات الحرس الثوري المرتبطة بولاية الفقيه في طهران".

وأضاف أن "دابر هذه المليشيات قطعت في سوريا ولبنان وأفغانستان وأذربيجان، والآن سيقطع دابرهم في اليمن والعراق، خصوصا أن إيران في هذه المرحلة تريد أن تحمي دولتها، ولا بد أن تعود من إيران الثورة إلى إيران الدولة".

وعن نوع الحكم الذي يطمح إليه، قال الجنابي: إن "العراق دولة مركزية، ولا بد أن يحكم بشكل سياسي لأنه متعدد الطوائف والأعراق والأديان والمذاهب والتوجهات، وأن يحافظ على الإسلام وثوابته وعلى العروبة. ولا يظهر الحاكم بمظهر كأنه يحكم بشكل ديني".

وشدد على ضرورة "إقامة حكومة إنقاذ وطني تحكم البلاد مدة خمس سنوات وتقيم انتخابات حرة نزيهة بإشراف دولي تشارك فيها أحزاب وطنية لديها مشاريع لخدمة العراقيين، وكذلك تكتب دستورا للبلاد وتعطي العراقيين حقوقهم بدون تمييز".

وأكد الجنابي: "نحن مقبلون على ثورة سلمية قادمة في الشهر الثالث (2026) ستعيد العراق إلى أهله الحقيقيين وبحكم وطني وبيد وطنية حقيقية تدافع عن البلد وشعبه وعن الأمة والأحرار في العالم والمنطقة". 

وعن مدى مشاركة حزب البعث العراقي في المرحلة المقبلة، قال الجنابي: إنهم "جزء من العراق والأمة العربية والإسلامية، وغالبية رجالهم وطنيون يدافعون عن البلد، وكثير من علمائهم وكفاءاتهم- بعيدا عن كونهم حزبيين- هم موجودون في قيادة المجلس الوطني للمعارضة".

وتابع: "نرحب بكل من يحمل الثوابت الوطنية الحقيقية التي تحافظ على وحدة العراق وتمنع تقسيمه، لكن لا مانع من أن يكون للأكراد إقليم، وأن أول دولة أعطت لهم إقليما بحكم ذاتي هي العراق عام 1991".

وعلى حد قوله، فإن "التغيير لا بد منه وهو قادم لا محالة.. نحاول جميعا أن يكون التغيير سلميا بدون دماء ولا قتال، كما حصل في سوريا وربما يكون أفضل من ذلك، وعلى العشائر العربية الأصيلة، والكيانات العسكرية والأمنية أن ينحازوا للعشب ويوجهوا بنادقهم إلى أعداء العراق".

وكشف الجنابي أنه "بناء على طلب الولايات المتحدة، أقام مؤتمرا في مبنى الكونغرس الأميركي (لم يذكر التاريخ) لمدة ساعة ونصف، وتحدثنا لما نراه مناسبا لمصلحة العراق والإسلام والمنطقة العربية والإسلامية".  

وأردف: "لدينا مشروع إنقاذ العراق، ونحاول أن نتفاهم مع الرئيس ترامب والقيادة التي معه حول آليات التغيير والإنقاذ، وهناك تطور في الموضوع، لكن كل شيء سيعلن في وقته"، داعيا كلا من "سوريا ولبنان وتركيا والسعودية والأردن ومصر إلى التعاون مع المعارضة الوطنية العراقية".

"رجل دين"

عبد الناصر كريم يوسف الجنابي هو رجل دين من فكر صوفي قريب من حزب البعث العراقي، وُلد عام 1966 في ناحية جرف الصخر بمحافظة بابل، والتي أخلت المليشيات الموالية لإيران جميع سكانها (السنة) بعد من استعادتها من تنظيم الدولة عام 2014.

الجنابي حاصل على بكالوريوس في الفقه وأصوله من جامعة بغداد، وشهادة الماجستير في أصول الدين ومقارنة الأديان والعقيدة من الجامعة نفسها، إضافة إلى درجة الدكتوراه في التخصص نفسه.

دخل العمل السياسي عام 2005 وانتخب نائبا في البرلمان عن جبهة التوافق العراقية (أكبر كتلة برلمانية للسنة وقتها)، كما أنه كان ضمن لجنة صياغة الدستور، ودعا إلى منع إقراره كقانون دائم، بدعوى أنه قد يثير نزاعات سياسية.

في مارس 2007، طُلب رفع الحصانة عنه إثر خلافاته في البرلمان مع رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي (2006 إلى 2014)، الذي اتهمه بالتورط في مقتل 150 شيعيا قرب الحلة بمحافظة بابل، الأمر الذي نفاه الجنابي جملة وتفصيلا.

في يوليو/ تموز 2007، أعلن استقالته من جبهة التوافق والبرلمان، وانضمامَه إلى فصيل "القيادة العليا للجهاد والتحرير" بقيادة نائب الرئيس الأسبق عزة الدوري، والذي كان يقود جماعات مسلحة بعثية وأخرى صوفية مثل فصيل "الطريقة النقشبندية" ضد القوات الأميركية.

وعن مشاركته بالعملية السياسية بعد عام 2003، يقول الجنابي: إنه "بدأنا العمل السياسي المعارض بعد احتلال العراق، واقترن هذا العمل بالدفاع الفعلي عن العراق بمختلف الوسائل بعقل وحس وطني وشرعي وسياسي".

وتابع: "أما دخولنا العملية السياسية فكان بمقصد وطني وشرعي ضمن الظروف الاضطرارية نهاية عام 2005، أي بعد ثلاث سنوات من مواجهة الاحتلال لدفع الضرر وجلب النفع المتوقع مع إعلان موقفنا في حينه ضد الاحتلال، وكان ذلك باتفاق بين أغلب القيادات التي تدافع عن العراق".

ومنذ خروجه من العراق عام 2007، وصدور حكم المؤبد بحقه، انتقل الجنابي للعيش في سوريا، لكن بعد اندلاع الثورة الشعبية السورية في عام 2011، استقر في تركيا حتى اليوم.

وفي 22 يوليو 2025، أصدرت السلطات القضائية العراقية مذكرات قبض دولية بحق عبد الناصر الجنابي، النائب السابق في الدورة البرلمانية الأولى، والمتهم بالضلوع في "أعمال إرهابية".

وذكرت قناة "العهد" المملوكة لزعيم "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، أن "هذه الإجراءات تأتي في إطار مساعي الحكومة العراقية لملاحقة المطلوبين الهاربين خارج البلاد".