في ظل جمود سياسي.. الشعب الصومالي يئن تحت وطأة جفاف المياه ووفرة المسلحين

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة "نيغريسيا" الإيطالية أن الصومال يعاني من تزامن موجة الجفاف الحالية مع تزايد الهجمات المسلحة، لا سيما في العاصمة مقديشو، ما يزيد من تأزيم المشهد السياسي بالبلاد.

وأوضحت الصحيفة أنه من أبرز معالم الأزمة السياسية في الصومال، تأخر استكمال انتخاب أعضاء البرلمان، إذ لا يزال 145 مقعدا شاغرا مع اقتراب الموعد النهائي المحدد في 25 فبراير/شباط 2022.

وانتهت انتخابات مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان/ 54 عضوا) في منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، فيما تتواصل انتخابات مجلس الشعب (275 نائبا) في بعض الولايات الفيدرالية، لذا لم يحدد بعد موعد لاختيار رئيس البلاد.

ويخوض الصومال حربا منذ سنوات ضد "حركة الشباب" التي تأسست مطلع 2004، وهي جماعة مسلحة تتبع فكريا تنظيم القاعدة، وتبنت عمليات مسلحة عديدة أودت بحياة الآلاف.

وضع خطير

وذكرت الصحيفة الإيطالية أنه في ظل الأزمة السياسية الراهنة، يعاني الصومال من أزمة غذاء خطيرة نتيجة للجفاف، كما أن تهديد حركة الشباب في تزايد.

وأضافت أن 25 فبراير يلقي بثقله على السياسة الصومالية إذ بحلول ذلك التاريخ، يجب أن يتم الانتهاء من انتخاب جميع أعضاء البرلمان، الذين سيتعين عليهم اختيار رئيس للبلاد.

وذكرت بأن هذا الموعد تم تحديده على أساس اتفاق تم التوصل إليه بصعوبة داخل المجلس الاستشاري الوطني للتغلب على حالة الجمود السياسي المستمرة منذ شهور.

وتميز هذا الجمود بتصاعد الخلافات بين الرئيس محمد عبد الله فارماجو (الذي انتهت ولايته في 2021) ورئيس الوزراء محمد حسين روبل.

من جانبها، تعتبر المنظمات الدولية والدول المانحة، التي تخشى إطالة الجمود السياسي، بأن هذا التأخير غير مقبول خصوصا.

فوفقا للدستور كان من المفترض إجراء الانتخابات بحلول ديسمبر/ كانون الأول 2020، وهو ما لم يتحقق، في بلد لا يزال هشا للغاية على عدة جوانب.

من جهته، قال جيمس سوان، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، رئيس بعثة الأمم المتحدة في الصومال (أنسوم) إن "الانقسامات السياسية والتأخير المطول في الانتخابات سمحت للمتمردين باتخاذ بعض الخطوات إلى الأمام".

حركة الشباب

وعلى المستوى الأمني، لفتت الصحيفة الإيطالية إلى أن حركة الشباب لا تزال تسيطر على مناطق واسعة اقتصاديا وعسكريا وسياسيا.

كما تضاعفت هجماتها في الأسابيع الأخيرة، لا سيما في العاصمة مقديشو وفي جنوب غرب البلاد مستهدفة في كثير من الأحيان مسؤولين وسياسيين محليين.

وبينما لا تزال حركة الشباب تشكل التهديد الأمني ​​الرئيس، يراقب الاتحاد الإفريقي أيضا عودة ظهور تنظيم الدولة الذي ينشط بخلايا صغيرة خاصة في شمال البلاد.

ووفقا لتقرير صدر أخيرا عن معهد  "هيرال" الصومالي للأبحاث، أنفقت حركة الشباب حوالي ربع ميزانيتها السنوية المقدرة بـ100 مليون دولار على مشتريات أسلحة معظمها من اليمن.

كما تتدفق الأموال إلى الحركة أيضا من خلال نظام متطور للأعمال التجارية المشروعة وغير القانونية والابتزاز في مختلف القطاعات، وفقا لتقرير صادر عن مجموعة خبراء الأمم المتحدة بشأن الصومال في عام 2021.

ويقدر التقرير أن حركة الشباب تدير حاليا حوالي 100 نقطة تفتيش في كامل البلاد، أحد أكثرها ربحية هو شمال ميناء كيسمايو التجاري الذي تكسب منه ما بين 15 و 30 ألف دولار في اليوم.

تداعيات مؤلمة

ولفتت الصحيفة الإيطالية إلى أن للتوترات والأزمة السياسية في الصومال تداعيات خطيرة على الجانب الاقتصاد والمالي أيضا.

وذكرت في هذا الصدد أن تحذيرا واضحا صدر في 17 فبراير 2022، للصومال من قبل رئيسة صندوق النقد الدولي، لورا جاراميلو، من أن برنامج التمويل قد يتوقف.

وقالت جاراميلو: "إذا لم تكتمل مراجعة البرنامج المعلقة بحلول 17 مايو/ آيار 2022، أي بعد 18 شهرا من المراجعة السابقة، ينتهي البرنامج تلقائيا".

وأضافت: "إذا انتهى البرنامج، فإنه سيؤثر على صرف منح دعم الميزانية، مما يفتح فجوة تمويلية قد تؤدي إلى متأخرات جديدة وتعرقل الإطار الزمني للشطب الكامل للديون".

وأوضحت الصحيفة الإيطالية أن الصومال أصبح في مارس/آذار 2020، الدولة السابعة والثلاثين التي منحها صندوق النقد الدولي إعفاء من الديون.

وهو ما يعني تخفيض ديونه من 5.2 مليارات دولار في نهاية 2018 إلى 3.7 مليارات دولار، مع تخفيض آخر محتمل إلى 557 مليون دولار بعد ثلاث سنوات.

وللوصول إلى هذه المرحلة، دعا صندوق النقد الدولي الصومال إلى إجراء سلسلة من الإصلاحات التي ستسمح بالحصول على تمويل جديد.

من جانبه، طمأن وزير المالية عبد الرحمن بيلي المجتمع الدولي، في تصريحات صحفية أخيرا، بالقول إنه "بالنظر إلى التقدم الذي تم إحرازه في استكمال العملية الانتخابية، فإننا على ثقة من أن الانتخابات ستنتهي في الوقت المناسب حتى لا يتم تقويض برنامج الإصلاح ".

وعبرت الصحيفة الإيطالية عن أملها في أن يكون الوزير الصومالي على حق " بالنظر أيضا إلى حالة الطوارئ الغذائية القاسية التي يواجهها الشعب الصومالي بسبب الجفاف المستمر".