علي غلام.. "حمّال طحين" بأسواق بغداد أصبح خازنا للعملة الصعبة في العراق

يوسف العلي | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

هجوم زعيم التيار الصدري في العراق، مقتدى الصدر، على مصارف أهلية وعلاقتها بتهريب العملة، أعاد إلى الواجهة مجددا علي محمد غلام، الشخصية المثيرة للجدل، المتهمة بالاستحواذ على مئات الملايين من الدولارات يوميا من مبيعات البنك المركزي العراقي.

وفي 17 فبراير/ شباط 2022، طالب الصدر، وهو رئيس الكتلة الأكبر بالبرلمان، في مقترحات وجهها للبرلمان والحكومة بإيقاف تهريب العملة، وإعادة  النظر في أمر بعض البنوك، مثل: "الشرق الأوسط، القابض، والأنصاري" العائدة لبعض الأشخاص المتحكمين بالعملة، في إشارة إلى مالكها علي غلام.

حمال طحين

علي محمد غلام الأنصاري المولود في بغداد عام 1982، لم يكن قبل الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003 سوى عامل يحمل الأغراض والسلع، ولا سيما مادة الطحين مقابل أجور بسيطة في منطقة الشورجة ببغداد (أكبر سوق للبيع بالجملة في العراق).

لكن غلام سرعان ما تبدل معه الحال بعد 2003 وأصبح من أثرى رجال العراق، ويسيطر على بيع العملة الصعبة في البلد، وذلك من خلال ثلاثة مصارف يمتلكها، والتي أشار إليها الصدر في بيانه الأخير الخاص بتهريب العملة.

غلام لا يخرج للشارع إلا بموكب حماية من شركات أجنبية متعددة الجنسيات، في رتل سيارات يفوق عددها ما لدى الرئاسات الثلاث في العراق (الجمهورية، البرلمان، الحكومة)، بحسب تصريح للسياسي العراقي صباح الكناني خلال مقابلة تلفزيونية في 7 يوليو/ تموز 2021.

وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي، في 17 فبراير 2022، الصورتين الوحيدتين على الإنترنت لمالك مصرف الشرق الأوسط، علي غلام، مؤكدين أنه ينتمي إلى مليشيا عصائب أهل الحق الموالية لإيران بزعامة قيس الخزعلي، الذي انشق منذ عام 2006 من التيار الصدري.

غلام يمتلك مصرف "الشرق الأوسط" العراقي الذي منع من مزاد بيع العملة عام 2015، ويديره ابن عمه حيدر غلام، حيث تعامل مع شركات وهمية لتحويل الأموال، بحسب الوثيقة الصادرة عن اللجنة المالية في البرلمان العراقي عام 2015.

وكان يملك شركة "الندى" للتحويل المالي، تمكن من خلال مزاد بيع العملة من تحقيق أرباح والاستحواذ على أسهم مصرف الشرق الأوسط عام 2012.

وتعامل مع شركة "آفاق المستقبل" التي تعرضت لعقوبات أميركية لتعاملها مع الإرهاب، وفق تقارير في ديسمبر/ كانون الأول 2020.

وغلام لا يمتلك فقط مصارف الشرق الأوسط، والأنصاري الإسلامي، والقابض، وإنما هو شريك أكبر في مصرف القرطاس العراقي، وهو مشارك أيضا في نافذة بيع العملة التابعة للبنك المركزي العراقي، وفق ناشطين سياسيين كثيرين.

عنوان الفساد

وفي 7 يناير/ كانون الثاني 2021، كشف عضو لجنة النزاهة في البرلمان العراقي كاظم الصيادي خلال مقابلة تلفزيونية، أن علي غلام يحصل من خلال مصارفه التي يمتلكها  على نحو 90 مليون دولار يوميا، عبر مزاد العملة في البنك المركزي.

وأضاف الصيادي أن "80 بالمئة منها تذهب إلى خارج البلاد تخرج على شكل مواد، ولو فرضنا أن هذه المواد تعود إلى العراق لدخلت عبر الموانئ كون أغلب التجارة تأتي عن طريق الإمارات، لكنه لا يفعل ذلك وإنما يدخلها بحوالات ووصولات مزورة وعن طريق منفذ شمارة غير الرسمي في مدينة السليمانية بإقليم كردستان".

وأكد البرلماني العراقي السابق أن غلام يتحايل على القانون بإدخال مواده من منفذ غير رسمي، فلو كانت المواد التي يستوردها غلام بهذه الأموال التي يخرجها، تعود عبر منافذ رسمية لكان العراق جنى منها 2 مليار دولار سنويا. فقط من الأموال التي تخص غلام.

ووصف الصيادي، علي غلام بأنه أصبح "ظاهرة للفساد المطلق أمام الرأي العام في العراق، فهو أيضا متهم بقضية تمويل بعض شركات الصرافة التي تمول الإرهاب، وفق تقرير حصلت عليه شخصيا من دائرة الاستخبارات العسكرية".

وأكد عضو لجنة النزاهة البرلمانية السابق أن "هناك حديثا أن الرجل (علي غلام) كان حمالا في منطقة الشورجة بالعاصمة بغداد (أكبر سوق للبيع بالجملة في العراق) فهل من المعقول يمتلك اليوم ثلاثة مصارف في البلد؟".

وبحسب السياسي العراقي صباح الكناني، المعتقل حاليا بقضايا ابتزاز، فإن علي غلام رقم واحد في شراء العملة الصعبة من البنك المركزي العراقي.

وأقيمت ضده العديد من الدعاوى القضائية، لكن لم يستطع أحد التقرب منه لمحاسبته، الكل يخاف أن يقتل.

مطلوب قضائيا

وفي مايو/ أيار 2017، أصدرت محكمة تحقيق الرصافة الثانية مذكرة إلقاء قبض بحق علي غلام بصفته رئيس بنك الشرق الأوسط، وذلك بتهمة التهديد وفق المادة 431 من قانون العقوبات العراقي.

وتنص المادة 431 من القانون: "يعاقب بالحبس كل من هدد آخر بارتكاب جناية ضد نفسه أو ماله أو ضد نفس أو مال غيره أو بإسناد أمور خادشة للشرف او الاعتبار أو إفشائها".

وسائل الإعلام المحلية لم تورد الأسباب الحقيقية وراء مذكرة القبض بحق علي غلام، لكن تحقيقا صحفيا كشف في 19 مارس/ آذار 2020، نقلا عن مصادر لم يسمها أن "غلام قام بتعاملات مشبوهة وتهريب أموال عراقية تجاوزت خمسة مليارات دولار إلى بنك العربي الإفريقي ونور بنك في دبي".

وذكر التحقيق أن "أصحاب الأسهم في مصرف الشرق الأوسط، هم عائلة علي محمد غلام وكل من شقيقه رائد محمد غلام ووالده محمد غلام حسين، المطلوبين للقضاء وفق مذكرات القبض النافذة المفعول، والعاجز عن اعتقالهما وتقديمهما للمحاكم العراقية أي جهة حكومية".

وأشار إلى أن "مجلس المصرف يضم بين الأعضاء زوجة غلام وشقيقته ليشكل بهم مجلس إدارة صوري قاموا من خلاله بالاستحواذ على أسهم هذا المصرف عن طريق تحقيق الأرباح في مزاد العملة الأجنبية واستعملوا شركة الندى للتحويل المالي التي يملكونها للقيام بعمليات مشابهة".

وبحسب التحقيق ، فإن "المعلومات المسربة تؤكد امتلاك علي غلام مطبعة لتزوير الصكوك في منطقة عرصات الهندية في بغداد".

وأوضح أنه "استخدمها بالإضافة إلى الأسماء الوهمية والشركات المزيفة لتنفيذ الحوالات المالية الضخمة، وهي مرتبطة بسياسيين فاسدين استخدموا تلك التحويلات كغطاء لتهريب الأموال العراقية المسروقة إلى الخارج".

 

أموال العراقيين

ونقل التحقيق عن نائب في اللجنة المالية البرلمانية طلب عدم ذكر اسمه، قوله إن "غلام  متهم بالاحتيال والتعدي على المال العام، وصاحب قوائم الاستيراد المزورة ومعاملات مصرفية مشبوهة".

وأكد أنه ما زال يلهو بأموال العراقيين، بسبب علاقاته مع لوبيات داخل الحكومة من السياسيين وكبار موظفي الدولة".

وأضاف أن "تغاضي الحكومة والإصلاحات الشكلية التي لم تطل هذا المفسد أسهمت في استمرار عمله، بالرغم من التقارير والدعاوى التي رصدت تجاوزه على المال العام".

وطالب "السلطات العراقية بمحاسبة غلام وأمثاله وإرجاع الأموال المسروقة إلى الخزينة، للحيلولة دون سقوط البلد في مستنقع الإفلاس والانهيار الاقتصادي".

وأفاد التحقيق بأن "النائب بهاء الأعرجي، وطيلة فترة تسلمه رئاسة لجنة النزاهة البرلمانية (2010- 2014)، كان الداعم والمساند والظهير لعلي غلام والحامي له من أي ملاحقة قضائية أو برلمانية سواء من لجان البرلمان أو هيئة النزاهة (هيئة رقابية يصوت عليها البرلمان وليست خاضعة للحكومة)".

و"عند تولي النائب طلال الزوبعي منصب رئيس لجنة النزاهة البرلمانية (2014-2018)، حاول فتح ملفات النزاهة الموجودة في اللجنة والتي لم يتم التحقيق بها"، مشيرا إلى أن "أخطبوط الفساد علي غلام استطاع مد أذرعه واحتواء الزوبعي بمبلغ قدره 500 ألف دولار لضمان سكوته ولفلفة ملفاته"، وفق التحقيق.

في 19 مارس/ آذار 2013 طلب البنك المركزي العراقي من مديرية الجريمة الاقتصادية في وزارة الداخلية بتحريك شكوى ضد مصرف الشرق ألاوسط لمخالفته قانون غسيل الأموال رقم 93 لسنة 2004 وقانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 وقانون البنك المركزي رقم 56 لعام 2004.

وطالب البنك المركزي بإلزام إدارة ومالكي المصرف بإعادة المبالغ المحولة مع الفائدة ومنعهم من السفر وحجز أموالهم المنقولة وغير المنقولة.