حسام قاطرجي.. اقتصادي سوري ينفذ صفقات الأسد ويدير مليشيا لحمايته

مصعب المجبل | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

اعتاد سكان العاصمة السورية دمشق على رؤية مواكب السيارات الضخمة التي ترافق الوفود الأمنية والسياسية، إلا أن بعضها ولعددها المبالغ فيه أصبحت ترمز إلى حيتان الاقتصاد الجدد ومنهم حسام قاطرجي.

هذا الاسم الصاعد في عالم المال والأعمال بضوء أخضر من رئيس النظام بشار الأسد، يعد حاليا أبرز "أمراء الحرب" المحسوبين على عائلة الأسد، حيث يمسك بشريان النفط المغذي للنظام ودوائره الحكومية وآلته العسكرية.

ولا يزال قاطرجي محتفظا ببطاقة الثقة الأمنية من مخابرات الأسد، لذا يتمتع بنفوذ كبير في محافظة حلب عاصمة الاقتصاد السوري، وبالشرق السوري عموما.

إذ يتمترس قاطرجي خلف حاضنة شعبية عشائرية تلتف حوله، يغريها بأمواله المتدفقة إلى خزينته من مشاريع استثمارية لا حصر لها بسوريا، وعلى رأسها التنقيب عن النفط، ونقله.

النشأة والتكوين

ولد حسام قاطرجي في 1 نوفمبر/ تشرين الثاني 1982 في مدينة الرقة، وعمل بالتجارة العامة قبل عام 2011.

وأصبح عقب ذلك أحد رجال الأعمال الذين يعملون كواجهة لغسيل أموال أخطبوط الاقتصاد رامي مخلوف ابن خال بشار الأسد.

وتحرك قاطرجي تحت ظل مخلوف حتى الإطاحة بالأخير من قبل الأسد عام 2020.

ويشغل قاطرجي حاليا رئيس مجلس إدارة "مجموعة قاطرجي الدولية"، التي تضم شركات عديدة متخصصة، منها "شركة جذور للزراعة والثروة الحيوانية"، و"شركة قاطرجي للتجارة والنقل"، و"شركة الذهب الأبيض الصناعية".

وكذلك "شركة أليب للحلول والدراسات الأمنية"، و"شركة أصل للاستثمار والمقاولات" و"شركة البوابة الذهبية للسياحة والنقل"، و"شركة قاطرجي للتطوير والاستثمار العقاري"، و"شركة ربوع الجزيرة للاستيراد والتصدير".

كما يشغل قاطرجي منصب عضو في برلمان النظام السوري عن قطاع العمال والفلاحين كمستقل عن محافظة حلب منذ عام 2016.

وأدرج حسام قاطرجي، في 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 ضمن قائمة عقوبات جديدة لوزارة الخزانة الأميركية طالت شخصيات وكيانات على صلة بالنظام السوري.

اللافت أن قاطرجي ما يزال محميا من بشار الأسد وزوجته أسماء رغم تغريم كبار رجال الأعمال المقربين من النظام السوري حصصا من ثروتهم التي جنوها على مدى عقد من الزمن عبر التهرب الضريبي.

وذلك ضمن حملة أشرفت عليها أسماء الأسد شخصيا سميت بـ"ضبط اقتصاد الحرب" وجعله يدار من غرفة واحدة.

ويرجع اقتصاديون ذلك إلى نفوذه المالي الكبير، وقدرته على التعبئة العسكرية من مليشيات محلية لصالح الأسد، ودوره في ملفي تأمين النفط والقمح للنظام في الوقت الراهن.

واستطاع قاطرجي تشكيل مليشيا محلية ومولها وزج بها للقتال إلى جانب قوات النظام السوري والمليشيات الإيرانية في معركة السيطرة على الأحياء الشرقية من مدينة حلب وانتزاعها من يد المعارضة السورية نهاية عام 2016.

وذلك بعد حملة عسكرية شرسة بدعم جوي روسي أسفرت عن قتل مئات المدنيين، وتهجير مئات الآلاف من السكان من تلك الأحياء نحو مناطق الشمال السوري.

رجل الصفقات

وأدار قاطرجي منذ عام 2015 إلى عام 2017 مهمة شراء النفط والقمح من تنظيم الدولة عبر صفقات بملايين الدولارات لنقل هاتين السلعتين من مناطق نفوذ التنظيم إلى مناطق النظام، وهي خطوة وفرت على حكومة الأسد مليارات الدولارات.

لا سيما أنه يمتلك مليشيا خاصة تابعة له في دير الزور والرقة والحسكة وحلب، مخصصة لأعمال التهريب وحماية الصهاريج الناقلة للنفط من الآبار.

ووفقا لمواقع سورية معارضة فإن قاطرجي آنذاك كان يزود النظام السوري يوميا بنحو 20 ألف برميل من النفط من تنظيم الدولة، مقابل إدخال مواد غذائية وأخرى لوجستية كالحديد ومواد البناء لمناطق التنظيم.

وعقب خروج حقول النفط من سيطرة تنظيم الدولة والاستيلاء عليها من قبل قوات سوريا الديمقراطية "قسد" زاد قاطرجي من عمليات نقل صهاريج النفط من حقلي (الرميلان - والجبسة) بمحافظة الحسكة إلى مناطق النظام السوري.

 وتسلك تلك "الصهاريج" طريق "أثريا - الرقة" الذي تنتشر فيه قوات النظام السوري بشكل مكثف على طوله.

ويرى مراقبون سوريون أنه لا معنى لـ"قانون قيصر" الأميركي وللعقوبات المفروضة على النظام السوري وحتى للاستثناءات الإنسانية إذا كانت قوات قسد تيسر تأمين وحماية وتمرير صهاريج قاطرجي.

إذ تنقل النفط للأسد فقط، ولا يصل للمواطن السوري وإنما للأدوات العسكرية ومدرعات الأسد، وما طوابير سيارات المواطنين في مناطق نفوذ النظام أمام محطات الوقود إلا شاهدا على ذلك.

و"قانون قيصر" الأميركي أقره الكونغرس ودخل حيز التنفيذ منذ 17 يونيو/ حزيران 2020، لمعاقبة الداعمين والمتعاملين مع النظام السوري.

ربيب القصر

لعب حسام قاطرجي دورا في تغطية تكاليف حملة بشار الأسد الانتخابية للرئاسة في عدد من المحافظات السورية عام 2021 عبر نشر اللافتات والصور وإقامة فعاليات شعبية، لا سيما في دمشق وحلب.

وتولت "مجموعة قاطرجي الدولية"، تقديم خدمات لعناصر قوات النظام السوري ومساعدة جرحاهم وعائلات القتلى منهم، وهذه إحدى أهم الأعمال التي تجمل صورته أمام الأسد.

ويحظى حسام قاطرجي بعلاقة وطيدة مع روسيا، إذ سلمت القوات الروسية خلال اجتماع معه في 26 فبراير/ شباط 2021، داخل مطار دير الزور العسكري، شركته "أرفادا البترولية" جميع حقول النفط الخاضعة لسيطرتها في دير الزور، وهما حقلا "التيم" و"الورد"، وأخرى في الرقة لاستثمارها لمدة 5 سنوات.

وفي 10 يونيو/ حزيران 2018، أعلنت مجموعة "قاطرجي"، تأسيس شركة "أرفادا البترولية" في دمشق، برأس مال يصل إلى مليار ليرة سورية (795 ألف دولار).

وتعود ملكية الشركة إلى كل من حسام قاطرجي بنسبة 34 بالمائة وأخيه محمد براء بنسبة 33 بالمائة، وأحمد بشير بن محمد براء بنسبة 33 بالمائة، وفرضت عليها عقوبات أميركية لاحقا.

وبحسب النظام الداخلي للشركة، فإنها تعمل في مجال الدراسات الهندسية التصميمية الأساسية والتفصيلية لمشاريع البنى التحتية النفطية والغازية.

وتتخصص الشركة بحفر الآبار الاستكشافية والإنتاجية في المناطق والقطاعات البرية والبحرية وتجهيزها للإنتاج، وتأجير واستئجار المعدات اللازمة للحفر والاستكشاف، كما يحق لها بيع وشراء النفط الخام والمنتجات الهيدروكربونية بكافة أصنافها داخليا وخارجيا.

وبحسب تقرير نشره "مركز عمران للدراسات الإستراتيجية" (مستقل)، في فبراير/شباط 2019، "يعتبر آل قاطرجي أبرز الحيتان الجدد بسوريا، برأس مال يصل إلى 300 مليار ليرة سورية (238 مليون دولار)".

وأكد التقرير أن "الحرب أتاحت لهم فرصة تطوير أنشطتهم الاقتصادية عبر تفعيل شبكاتهم المحلية ووضعها في خدمة نظام الأسد، وبذلك أثبتوا الولاء ونالوا الحظوة والرعاية، الأمر الذي مكنهم من بناء إمبراطورية اقتصادية كبيرة".

كما تمتلك شركة قاطرجي مصفاتي نفط قيد التأسيس وتؤكد الوقائع الميدانية أن القوات الروسية كلفت بعض المليشيات المحلية بإدارة بعض المعابر المائية على نهر الفرات في دير الزور مثل مليشيا قاطرجي لتحصيل الأموال.

رسالة تحذير

واستفاد قاطرجي جدا من صلته الوثيقة مع اللواء أديب نمر سلامة رئيس فرع المخابرات الجوية بمدينة حلب، صاحب النفوذ الأقوى فيها، لدرجة تلقيب سلامة المنحدر من الطائفة العلوية بـ "رئيس حلب"، قبل أن يطيح به بشار الأسد عام 2016، بعد ابتلاع اقتصاد المدينة. 

وحصلت ​مجموعة قاطرجي عام 2020 على عقد استثمار أرض المشفى العسكري في حلب لمدة 50 عاما في عقد منحته وزارة السياحة للمجموعة بشروط وصفها مراقبون بـ"المخزية".

وفي لحظة فارقة وصلت الجرأة بقاطرجي أن يتلقى التحية العسكرية من عسكريين يتبعون له، إذ نشر له تسجيل مصور في ديسمبر/كانون الأول 2019، ما دفعه لاحقا لتقديم اعتذار علني لبشار الأسد.

 وتبع التسجيل الأول انتشار تسجيل ثان لقاطرجي وهو ينزل من طائرته الخاصة وسط استقبال من قبل عناصر مليشياته في أحد المطارات داخل سوريا.

وخلال جلسة للبرلمان جرى استجواب قاطرجي، من أحد النواب ليرد عليه قائلا وفق ما نقلت صحيفة "الوطن" المالية: "أقدم اعتذاري للقائد المفدى الرئيس بشار الأسد والشعب فردا فردا وأعضاء المجلس على الفيديو الذي تم نشره والفيديوهات السابقة".

وأضاف أنه "جرى تصوير الفيديو من أحد العاملين لديه دون علمه وتم نشره واستغلاله للإساءة له".

كما يسعى قاطرجي لتوسيع علاقاته وأنشطته المجتمعية، إذ ترعى مجموعته نادي الاتحاد الرياضي المنتمي لمدينة حلب.

ويعد النادي من أعراق الفرق السورية وتأسس عام 1949، وفي رصيده 6 ألقاب من الدوري السوري الممتاز و 9 ألقاب من كأس الجمهورية، كما حصد كأس الاتحاد الآسيوي مرة واحدة عام 2010.