وحيد مبارك سيار.. سفير بحريني "فوق العادة" لتوطيد العلاقات مع نظام الأسد

مصعب المجبل | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

في تطور يكرس التطبيع مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، أصدر ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة مرسوما بتعيين رئيس للبعثة الدبلوماسية للمملكة في دمشق.

ونص المرسوم الصادر في 30 ديسمبر/كانون الأول 2021 على تعيين السفير وحيد مبارك سيار رئيسا للبعثة بلقب سفير فوق العادة مفوض.

كانت البحرين من أولى الدول العربية التي أعلنت وقوفها مع ثورة الشعب السوري مارس/آذار 2011 في وجه نظام الأسد.

كما كانت من السباقين في إغلاق سفارتها بدمشق في مارس/آذار 2012، كثاني دولة عربية في الخليج تتخذ مثل هذا القرار بسحب بعثتها الدبلوماسية بعد السعودية.

لكن الواقعية السياسية في التعامل الجديد مع رأس النظام السوري، كما تدعي بعض الدول العربية أغرت البحرين وجعلها تنخرط في حلف الدول المطبعة.

إذ كانت البحرين تسير خلف الإمارات التي افتتحت أواخر عام 2018 سفارتها بدمشق، لتلحق بها المنامة وتفتح سفارتها في العاصمة السورية مطلع 2019.

ومع انعدام فرص إسقاط النظام السوري عسكريا، بدأت تتعالى أصوات نقاش عميق بين حكومات عربية بشكل علني، حول إعادة الأسد إلى الحضن العربي.

ولا سيما أن عزلة الأسد سارية منذ قرار وزراء الخارجية العرب نهاية عام 2011، تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية، وسحب أغلب الدول السفراء من دمشق، ردا على قمع أجهزة مخابرات الأسد لثورة الشعب السوري.

النشأة والتكوين

ولد وحيد مبارك سيار في البحرين، وذهب إلى العراق للدراسة وتخرج عام 1975 في كلية الإدارة والاقتصاد قسم الإحصاء بجامعة بغداد.

بدأ الستيني مسيرته الدبلوماسية منذ عام 1975 حين التحق بوزارة الخارجية في البحرين بعد قدومه من العراق.

وأول مهمة دبلوماسية للسفير سيار كانت عام 1978 حين التحق ببعثة البحرين في الأمم المتحدة.

وانتقل من نيويورك إلى سفارة البحرين في تونس وكان مسؤولا عن ملف الجامعة العربية في السفارة التي انتقلت إلى العاصمة التونسية بقرار عربي بعد تجميد عضوية مصر فيها؛ بسبب اتفاقية السلام التي وقعها الرئيس المصري الأسبق أنور السادات مع إسرائيل 1979.

النقلة المهمة الأخرى والمختلفة في مسار سيار كانت عمله بعد القاهرة في سفارة بلاده في بريطانيا (1996 - 2001).

والمحطة قبل الأخيرة لـ"سيار" قبل مجيئه إلى قطر سفيرا (2011 - 2015) كانت في العاصمة السورية دمشق حيث عمل لسنوات طويلة سفيرا لبلاده (2008 - 2011) وكذلك سفيرا غير مقيم في لبنان.

قاد سيار مهمة إعادة المواطنين البحرينيين في لبنان إلى بلادهم بسلام بسبب الحرب التي شنتها إسرائيل على لبنان عام 1982.

إذ شكلت السفارة البحرينية في دمشق "خلية أزمة" لنقل أكثر من ثلاثة آلاف مواطن بحريني ذهبوا للبنان للسياحة إلى بلادهم.

كانت صعوبة المهمة تكمن في أن العديد منهم كانوا في الجنوب والبقاع وفي المناطق التي اجتاحتها إسرائيل، مما دفع سيار إلى إرسال سيارات خاصة من دمشق لإخراج هؤلاء عن طريق حمص ثم تأمين سفرهم على طيران الخليج إلى البحرين.

وشغل السفير وحيد مبارك سيار منصب وكيل وزارة الخارجية للشؤون الإقليمية ومجلس التعاون منذ 2015 حتى عام 2021.

وشكلت سوريا التي عاد إليها سيار مجددا سفيرا عام 2021 واحدة من أطول المحطات في مسيرته الدبلوماسية.

وبدا واضحا أن ملك البحرين اختار شخصية تعشق دمشق وحضارتها الموغلة في القدم، لكنه نسي أو تناسى أن أحياء منها سويت بالأرض جراء طائرات النظام السوري الحربية، إلى جانب قتل وتشريد أهلها.

ويغلب على السفير سيار طابع التعلق بالأماكن الأثرية، ولهذا عرف بحرصه في كل المحطات التي خدم فيها على الترويج للبحرين كموقع استثماري في المجال المصرفي والمالي والصناعي والشركات وكبلد سياحي.

ومما ينقل عن سيار وصفه سوريا بأنها "ممر حضارات" ويقول عبر حوار بثته وزارة شؤون الإعلام البحرينية، إن من يمشي في شوارع دمشق يشعر كأنه يمشي وسط الحضارة كلها، وأناس لديهم تراكم إرث حضاري كبير.

دلالات سياسية

إعلان المنامة تعيين سفير لها "فوق العادة مفوض"، لدى النظام السوري في هذا التوقيت الذي يبحث فيه الأسد عن أي اعتراف به، له دلالات سياسية كبيرة.

إذ إن السفير فوق العادة يتمتع بصلاحيات قانونية موسعة تشمل توقيع اتفاقيات باسم الدولة أو الهيئة التي يمثلها، وهو ما لا يحق للسفير العادي.

وعقب التطبيع الجديد للبحرين مع النظام السوري مطلع عام 2019، اكتفت المنامة بتسمية علي خالد آل محمود، في 14 أبريل/ نيسان 2021 قائما بالأعمال بالإنابة في السفارة البحرينية بدمشق.

ورغم خطوة البحرين، فإن سلطنة عمان تعد أول دولة خليجية تعيد سفيرها إلى دمشق، إذ عينت تركي بن محمود البوسعيدي سفيرا جديدا لها لدى النظام السوري في 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020.

وسبق البوسعيدي إلى دمشق القائم بأعمال السفارة الإماراتية وهو عبد الحكيم إبراهيم النعيمي، حينما أعادت أبوظبي فتح سفارتها بالعاصمة السورية أواخر 2018.

وعلقت منصة "اقتصادي" المعارضة على تعيين سيار لدى نظام الأسد، بقولها إن الخليج لا يزال يملك آمالا بأن الأسد سيغير من بنيته ويتخلى عن التعاون مع إيران، متجاهلا أن رئيس النظام لم يعد هو من يملك القرار.

واعتبرت المنصة أن الهدف من تعيين البحرين سفيرا فوق العادة، هو أن أي تواصل بين النظام السوري والخليج وأي مقترحات ستجرى من خلاله.

ثانيا، إن السفير هو بمثابة المبعوث الخاص من الملك البحريني، وهذا أشبه بالمبعوث الروسي ألكسندر لافرنتييف، وهذا تحجيم للنظام السوري.

كما أنه تحييد لوزارة خارجية وحكومة النظام السوري وعدم الاعتراف بهما، مما يجعل الأسد واقعا بين خيارين إما أن يقبل بحلول الخليج كلها أو يتحمل النتائج، وفق المنصة.

وتنظر إلى أن إرسال المبعوث سيار لا يعتبر خرقا لـ "قانون قيصر" الأميركي المصمم لمعاقبة المتعاملين مع النظام السوري، بل لإدارة مصالح الخليج، ويأتي بضوء الترتيبات الأميركية التركية العربية لإعادة هيكلة المعارضة والضغط لأجل الحل بسوريا.

إستراتيجية فاشلة

من جانبه كتب الباحث السياسي السوري سعد الشارع منشورا على صفحته الشخصية أن بعض العواصم العربية تمضي في إستراتيجية "فاشلة" لفصل نظام الأسد عن إيران في سوريا.

واعتبر الباحث أن "أسباب سحب المنامة سفيرها من طهران في أكتوبر/تشرين الأول 2015، بسبب ما أسمته تدخل إيران في الشؤون الداخلية للبحرين ومحاولة خلق فتنة طائفية، رغم أحقيتها آنذاك، لكنها لا تعادل أبدا ما فعلته وتفعله حكومة الملالي في سوريا".

ومضى الشارع يقول: "فقد تعدى الأمر التدخل وخلق الفتن، وصولا إلى أكبر المحظورات القتل وتشريد الشعب والتغيير الديمغرافي والعدوان الكامل الذي يمنع إقامة أي علاقة معهم بحكم الإخوة التي تربط الشعوب العربية ببعضها".

وأردف قائلا: "لكن السلطات البحرينية تمضي في هذه السياسة التي لا تحمل أي مقومات نجاح لها عوضا عن سقوطها الأخلاقي والإنساني أمام الشعب السوري وباقي شعوب المنطقة التي تتجرع الويلات من إيران".

وذهب الشارع للقول: "يخطئ من يظن أن إيران تجابه سياسيا، ويخطأ أكثر من يعتقد أن أميركا ستحميه من استكمال المد الفارسي، فبعد اليمن ترنو أعين الحرس الثوري الإيراني لعاصمة خليجية جديدة وعربية أخرى ربما تكون في شمال أفريقيا"، وفق قوله.

وفي تعليق على تعيين البحرين "سفيرا فوق العادة"، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية لقناة "الحرة"، في 31 ديسمبر/كانون الأول 2021 إن واشنطن "لا تدعم جهود إعادة تأهيل بشار الأسد".

وأوضح المتحدث الذي فضل عدم ذكر اسمه أن الولايات المتحدة "لا تؤيد خطوات تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع النظام بما في ذلك هذه العلاقة. كما أننا لن نرفع العقوبات أو ندعم إعادة إعمار سوريا حتى يتم إحراز تقدم لا رجوع عنه نحو الحل السياسي". 

وأشار المتحدث إلى أن واشنطن "تحث دول المنطقة التي تفكر في التعامل مع نظام الأسد على النظر بعناية في الفظائع التي ارتكبها هذا النظام بحق الشعب السوري على مدار العقد الماضي فضلا عن جهوده المستمرة لمنع وصول المساعدات الإنسانية والأمن إلى أنحاء كثيرة من البلاد".