"يني شفق": صفقة القرن ستفشل حتى لو جلبت السلام.. لماذا؟

قسم الترجمة - الاستقلال | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "يني شفق" التركية، مقالا للكاتب زكريا كورشان، تناول فيه "صفقة القرن" التي يعتزم الرئيس الأمريكي الإعلان عنها عقب شهر رمضان الجاري، مثيرا العديد من التساؤلات حول تبعات "الصفقة" وإمكانية تطبيقها على أرض الواقع لتحقيق السلام بالمنطقة.

وقال الكاتب في مقاله إن "الرئيس الأمريكي يشرع في تنفيذ صفقة القرن عبر صهره ومستشاره جاريد كوشنر"، حيث أطلق عليها الكاتب وصف هدية العيد، نظرا لأن كوشنر أعلن عن أن خطته المعروفة إعلاميا باسم "صفقة القرن" سيتم الإعلان عنها بعد رمضان الجاري.

خيال لا يمكن تطبيقه

ورأى كورشان، أن الخطة الأمريكية ليست أكثر من خيال كبير فهي تقوم على مبدأ نسيان الماضي بالكامل وحلّ المسائل الأخرى بالمال، وهو أمر غير ممكن ولم يفلح منذ الانتداب البريطاني وحتى يومنا هذا.

وذكر الكاتب، أن شهر رمضان المبارك، في الأصل يجب أن يكون فيه الرحمة والمغفرة، والبركة، وبدلا من انتظار ذلك كله، ينتظر المسلمون أوقاتا عصيبة، مليئة، بالكراهية والخيانة والعنف. تماما كما كان الحال خلال العقد الماضي، هذا العام، بدأ رمضان بهجمات إسرائيل على غزة، وتهيمن أجواء من القلق حول خطة ترامب المزعومة، بدلا من هيمنة الجو الروحاني في هذه الأيام المباركة، وبدأ القلق حول مصير فلسطين يزداد أكثر وأكثر.

وتابع كورشان: فلنتوقف قليلا، ونفكر، حتى اليوم كان هناك دعاية فقط حول الخطة، لكن محتوى هذه الخطة وشكلها النهائي وتفاصيلها من مصدرها لم يتم الإعلان عنه، ولنفرض أنها بالفعل سوف تجلب السلام والأمن للمنطقة، سيكون ذلك جميلا بالفعل، لكن لنسأل، هل تنسى هذه الخطة الظلم والاضطهاد الذي جلبهما وعد بلفور؟ هل ستنتهي مأساة تحول الأرض إلى أرض للصهاينة ولشعب لم يستحقها أبدا؟ هل سيتم ضمان عودة ملايين النازحين الفلسطينيين؟ حتى إذا عادوا، هل سيواصل أحفادهم الحلم بمنازل أجدادهم ومزارع الكروم والحدائق؟

وواصل الكاتب تساؤلاته: "هل سيتم منح الآلاف من السجناء المعتقلين حاليًا الحق في الحياة، فقط لأنهم يحبون أرضهم، أو يرغبون في العيش بسلام، أو يتم إلقاؤهم في السجون بعد أن يتعرضوا للعنف من خلال التحريض الإسرائيلي؟ هل سيتم إرجاع السنوات والرغبات والطموحات المفقودة حتى لو تم الاعتراف بها.

وتساءل أيضا: هل ستعود القدس والمسجد الأقصى وقبة الصخرة وحائط البراق، وخليل الرحمن وكنيسة المهد، وغيرها من الأماكن المقدسة إلى وضعها السابق؟ هل سيعبد المؤمنون ربهم بحرية؟ هل يُنسى ألم شهداء مرمرة الزرقاء، آلام المحاربين القدامى؛ هل ننسى الهجوم الإسرائيلي على مكتب وكالة "الأناضول" في غزة؟

وأردف الكاتب: من أجل السلام، تخلينا عن كل هذا، هل سيتوقف خوف إسرائيل من المحو؟ هل ستنتقل من كونها دولة عنصرية فقط تسمح لليهود بالتمتع بالحقوق أم لجميع مواطنيها بالسكن؟ هل سينتهي حب القدس، عاصمة العالم الإسلامي، التي تحاول وضعها في قلب العالم الإسلامي كقنبلة وذلك جراء عمليات التهويد المستمرة؟ نعم، هناك المزيد. الأطفال والنساء والرجال، والأرواح البريئة التي سلبت بدون ذنب؟ هل يعود هؤلاء للحياة؟

واستطرد كورشان قائلا: دعونا نتخيل أن كل هذا للحظة قد حصل، فلنسأل مرة أخرى: حتى اليوم، أي جريمة قتل إسرائيلية من أي نوع، يمكن أن يندم عليها القائمون عليها؟ والأهم من ذلك، مسلسل الاضطهاد، هذا كله، هل سيُخرج قائدا مسلما ذا هيبة وقوة وشأن؟ هل ستكون لهم طموحات حتى لو كانت منخفضة ومتدنية المستوى؟

"هناك تاجر بهلواني، ولاعب في السيرك اسمه دونالد ترامب"، يقول الكاتب، مع مجموعة من رفقائه، إضافة الى صهره وجملة من القادة العرب أبرزهم، "الإرهابي ذو العلامة المسجلة بنيامين نتنياهو، وعبد الفتاح السيسي، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وولي عهد أبو ظبي حمد بن زايد، فهل يمكن أن يخرج من هؤلاء إصلاح قط؟"

رسالة عيد الفطر

وحول تصريحات جاريد كوشنر عن الصفقة، قال الكاتب: دعونا نتأمل ما يقوله صهر ترامب عندما يتحدث عن خطة والد زوجته وهو يرسل رسالة عيد الفطر قبل بضعة أيام: "دعونا نقول ما نعرفه، دعنا ألا نتطرق إلى حل الدولتين، ليس سرا أن القدس عاصمة لإسرائيل في أي حل مقبل".

وبيّن الكاتب: في العادة العالم الإسلامي يكون مقبلا على عيد بعد شهر رمضان، ويتبادلون فيه أي في العيد الهدايا، إنه لا يمتنع أي كوشنر عن قول إن هذه الخطة، التي تم تنفيذها بالفعل، ستستمر.

ونوه كورشان إلى أنه "في توضيحاته (كوشنر)، هناك خطة تعطي الأولوية للأمن لإسرائيل وتوفر بعض الفرص للفلسطينيين، ويتم بالفعل تمييز إسرائيل وغيرها. بعبارة أخرى، من أجل حماية إسرائيل، دون خجل، فإن خيوط مشروع معروض لشراء الأراضي من الفلسطينيين".

وأعلن جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وكبير مستشاريه، أنّ خطته المنتظرة للسلام في الشرق الأوسط ستكرّس القدس كعاصمة لإسرائيل ولن تأتي على ذكر حلّ الدولتين.  وأضاف: "لفترة طويلة لم يكن هناك أفكار جيدة أو أي اختراق لحل القضية، وأصبحت مستعصية، نحن نعمل على العثور على حل، والتحرك إلى الأمام، ونرى أنها خطة واقعية ويمكن تنفيذها".

وحول ما إذا كانت الخطة ستكون مفاجئة لنتنياهو وبعض قيادات الدول العربية كالسعودية والإمارات ومصر، قال: "نقوم حاليا بفك شفرات العملية ونعتقد أن الحلفاء والشركاء تم التشاور معهم والناس في المواقع المهمة سيحصلون على الدعم.. الناس الذين يحتاجون أن يعرفوا عن الخطة يعرفون عنها، لكن من لا يحتاج إلى هذه المعرفة لا يعرف"، مشيرا إلى أن القيادة الفلسطينية هاجمت الخطة قبل أن تعرفها.

ورأى الكاتب، أنه، مما لا شك فيه، هناك قادة يخافون من الابتزاز، يلبون رغبات واشطن طوعا أو كرها، وهناك بالفعل قادة يخافون من الابتزاز، لكن لا يوجد حق يمكن أن يباع ، وليس هناك بالأساس حق معروض للبيع، يوضح الكاتب، أنه إذا نظر ترامب وصهره إلى الخلف فسوف يلاحظان ذلك بسهولة.

وأشار كورشان  إلى أن كل الخطط التي بدأت منذ الانتداب البريطاني وصولا لإقامة دولة فلسطين، وحتى حرب 1976 ومع الضغط المستمر والحصار، وعدد لا يحصى من القتلى، لم يجعل من الأمر طبيعيا ولم تفلح إسرائيل ومن وراءها في إقناع العالم برمته أن هذه هي أرضها وهذا هو حقها.

وأوضح الكاتب: في الماضي، كانت لجنة بيل، وخطة تقسيم الأمم المتحدة، وأوسلو وكامب ديفيد، مسرحا دائما لنضال أولئك الذين تم شراؤهم ولم يفلحوا؛ تلك التي تم شراؤها من حقوق لم تكن قادرة على اتخاذ قرارات وبقيت مشاريعهم على الورق.

ويختم الكاتب بالقول: يجب تذكير ترامب وصهره، والذين يظنون أنفسهم بأنهم أذكياء للغاية، وحتى يظنون أن الرؤساء السابقين للولايات المتحدة، أنه وبغض النظر عن الظروف، لن يتم تنفيذ أي مشروع لا يمكنه الإجابة على الأسئلة أعلاه والمتعلقة بالقضية الفلسطينية.