أحمد علي صالح.. لماذا هاجم الحوثيين بعد سنوات من الصمت؟

يوسف العلي | منذ ١٣ ساعة

12

طباعة

مشاركة

في أول موقف علني منذ سنوات، شن "أحمد"، نجل الرئيس اليمني الأسبق علي عبد الله صالح، هجوما غير مسبوق على الحوثيين، بعد صمت طويل منذ مقتل والده عام 2017. مبشرا اليمنيين بقرب زوال حكم المليشيا التي انقلبت على السلطة الشرعية في البلاد منذ 11 عاما.

وجاء الهجوم بعد شهور من إصدار محكمة عسكرية تابعة للحوثيين، حكما بالإعدام بحق أحمد في 31 يوليو/تموز 2025، ومصادرة ممتلكاته، بتهمة “الخيانة والعمالة والتخابر مع العدو”.

ولم يصدر أي تعليق من أحمد صالح المقيم منذ سنوات في دولة الإمارات، ولا من حزب "المؤتمر الشعبي العام" الذي يُعد أحد شخصياته على الحكم المذكور.

وبعد شهر واحد، أقر المؤتمر الشعبي العام (جناح صنعاء الموالي للحوثي)، فصل "أحمد صالح" من منصب نائب رئيس الحزب، الذي أسند إليه في مايو/ أيار 2019، لكن دون أن يمارس أي نشاط تنظيمي حزبي، بل انتهج الصمت تجاه المليشيا حتى بعد مقتل والده.

"خلاص قريب"

وخلال خطاب يظهر فيه لأول مرة، منذ مقتل والده على يد الحوثيين في مطلع ديسمبر/ كانون الأول 2017، تحدث أحمد علي صالح، عن تحديات يمر بها اليمنيون بعد اختطاف "المليشيات الكهنوتية الحوثية" جزءا من الوطن، في إشارة إلى سيطرة المليشيا على صنعاء وأجزاء من شمال البلاد.

وقال أحمد صالح في ذكرى ثورة 26 سبتمبر/أيلول 1962 اليمنية- التي انتهت بسقوط النظام الملكي وإعلان الجمهورية- إن جماعة الحوثي تمارس بحق الشعب القمع والعدوانية وترتكب أبشع أنواع الممارسات العنصرية والجرائم اللا إنسانية من قتل وتفجير للمنازل واختطافات وتعذيب وتفقير وتخلف.

ولفت إلى أن هذه المليشيا "استأثرت بكل شيء لنفسها بعد أن أقصت كل الشرفاء من أبناء شعبنا وقواه السياسية وفي مقدمتها المؤتمر الشعبي العام الذي سيظل عصيًا عليها مهما فعلت".

وتابع صالح: "نؤكد يقينا ونبشر شعبنا بأن موعد الخلاص من تلك المليشيات بات قريبا جدا، فشعبنا الذي ثار ضد أجدادها من الأئمة الظالمين سينتصر مرة أخرى لنفسه وسيتخلص من هذه الجماعة المعزولة ويستعيد حريته وكرامته".

وشدد على أن "الوقت حان لأن تصطف كل القوى الوطنية الحرة في معركة إنقاذ الوطن وتحريره واستعادة دولته ومؤسساتها من هذه المليشيات التي تسببت في دمار الوطن، وكلف وجودها الكثير من إمكانات الشعب ومقدراته وحياته".

ودعا صالح إلى "ضرورة تبني الجميع، لمشروع للإنقاذ الوطني يرفع عن كاهل شعبنا المعاناة القاسية التي يعانيها حاليا، ويلم شتات الوطن المنقسم، ويكون أساسه الأهداف والقواسم المشتركة والتطلعات المشروعة في بناء وطن يتسع للجميع؛ انتصارا للثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية".

ولم يخل خطاب صالح من رسائل للخارج، فقد خص شكره للسعودية والإمارات ومصر وسلطنة عمان على موقفهم "المشرف" لوقوفهم إلى جانب الشعب اليمني في أحلك الظروف والمنعطفات.

وفي الذكرى 43 لتأسيس "المؤتمر الشعبي"، في 24 أغسطس 2025، وجّه أحمد صالح كلمة مكتوبة إلى قيادات وكوادر وأعضاء وأنصار الحزب، عبّر فيها عن أسفه لتزامن هذه المناسبة مع ما وصفه بـ"الحملة الشرسة" التي يتعرض لها المؤتمر وقياداته وأعضاؤه من الحوثي.

واستنكر صالح اعتقال الأمين العام للحزب غازي أحمد علي محسن وعدد من مرافقيه (في 20 أغسطس)، مؤكدا رفض المؤتمر لأي محاولات للتدخل في شؤونه الداخلية.

كما شدّد على أن هذه الممارسات تنسف جهود السلام التي يقودها المبعوث الأممي (هانس غروندبرغ) والأطراف الإقليمية والدولية، وتثبت – بحسب قوله – أن الحوثي لا تؤمن بالحوار ولا بالشراكة الوطنية.

وفي ذكرى تأسيسه الـ43، تعرض حزب المؤتمر الشعبي العام في صنعاء، إلى تصعيد غير مسبوق من مليشيا الحوثي، شمل مصادرة أموال وممتلكات، إضافة إلى فض اجتماعات بالقوة، وذلك بعد أيام من إصدار حكم بإعدام أحمد علي صالح.

"الأيام الأخيرة"

وبخصوص دلالات تصريحات أحمد صالح وإعلانه الحرب على الحوثيين، قال رئيس مركز "أبعاد" للدراسات والأبحاث اليمنية عبد السلام محمد، إن ظهوره، يُعد مؤشرا واضحا على أن “الحوثي يعيش أيامه الأخيرة، وأن حكمهم على وشك الانتهاء”.

وبالتالي "الكل يخرج ليكون له موقف قبل خروج الحوثيين نهائيا من المشهد السياسي والعسكري".

ورأى محمد لـ"الاستقلال" أن "تأثير أحمد صالح يقتصر على النخبة التي يمثلها، وهي مجموعة العسكريين الذي كانوا في الحرس الجمهوري والقوات الخاصة المركزية التابعة لوالده سابقا، ولا يزالون موجودين داخل صنعاء، إضافة إلى بعض القيادات والمشايخ القبليين الذين كانوا يوالون والده من قبل".

وأعرب الخبير اليمني عن اعتقاده بأن "تصريحات أحمد صالح ستحدث حراكا داخل صنعاء وليس خارجها، وهذا بالتأكيد سيؤثر على الحالة الداخلية للحوثيين ما يجعلهم أكثر حذرا من حالة التفكك داخل النظام الذي يحكم العاصمة اليمنية".

في المقابل، قال حساب يمني على منصة "إكس" يحمل اسم "صاحب الظل الطويل"، في 26 سبتمبر: إن "أحمد علي عبد الله صالح: القائد الصامت الذي سقطت اليمن على يده، ثماني سنوات مرت منذ مقتل والده على يد الحوثيين… ظل صامتًا، بلا كلمة، بلا موقف، بلا مشروع".

وأضاف الحساب أن "الغياب الطويل في لحظة الانكسار ليس حكمة، بل إفلاس سياسي. كان قائدا فعليا للحرس الجمهوري، القوة العسكرية الرئيسية في عهد والده، لكن ماذا فعل بعد مقتله؟ فشل في الحفاظ على ولاء قواته، وتصدعت هيكلية الجيش التي كانت في يده".

وأشار إلى أن "اليمن اليوم تحت سيطرة قوى متعددة بتوجهات مختلفة، والسبب الأساسي؟ غياب القيادة الحقيقية، وفشل أحمد علي في تحويل القوة التي ورثها إلى تأثير ميداني وسياسي. القائد المُلهم يُوحّد، أما هو ترك الفراغ والفوضى تنتشر".

وأشار الحساب اليمني إلى أن "ثرواته في الإمارات: عقارات وشركات وأرصدة… لم تُستثمر يومًا في وطنه أو لدعم أنصاره، بل تحولت إلى أداة ضغط بيد أبوظبي، تبقيه تابعا خانعا، وليس صاحب إرادة مستقلة".

ونوه إلى أن "ثماني سنوات من الصمت الإعلامي والسياسي ليست دليل حكمة، بل إفلاس في أبسط واجبات القائد: إلهام الأتباع، رفع الروح المعنوية، قيادة المعركة. أي ظهور له اليوم يبدو مسرحية إماراتية، لا إرادة حقيقية".

وأعرب الحساب عن اعتقاده بأن "دعمه للمشروع الإماراتي ليس تحالفًا إستراتيجيًا، بل تبعية واضحة. أبوظبي تمنحه المال والمأوى والإعلام، وهو يبيع اسم عائلته كواجهة لتفكيك اليمن. أداة، لا قائد".

وعن ظهوره الأخير، قال: إنه "استغلال تمدد الحوثي شمالا وغربا، والخلافات بين مختلف القوى المحركة للشأن اليمني، ومحاولة استغلال الحنين لعهد والده، كلها أسباب لتسويقه كمنقذ، بينما الحقيقة أنه صامت منذ ثماني سنوات".

وخلص الحساب إلى أن "من لم يملك الجرأة على الثأر لوالده، كيف سيملك الإرادة للثأر لوطن كامل؟ أحمد علي صالح ليس قائدا وطنيا، بل ظلًّا لمشروع ميت، عبء على اليمن"، مؤكدا أن البلاد "لن تنهض بظلّ التبعية، ولا بالصمت الطويل، بل بقيادة حقيقية تنبع من الأرض، لا من دول الجوار".

رجل الإمارات

أحمد المولود بالعاصمة صنعاء عام 1972، حاصل على بكالوريوس في علوم الإدارة من الولايات المتحدة، والماجستير من الأردن، وتلقى دورات مختلفة في العلوم العسكرية في كلتا الدولتين.

وكان نجل الرئيس اليمني السابق، يشغل منصب قائد قوات الحرس الجمهوري بالجيش اليمني خلال احتجاجات عام 2011، ثم شغل منصب سفير اليمن في الإمارات خلال الفترة بين عامي 2013 و2015.

أقيل من منصب السفير بعد سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء عقب إنهاء التحالف مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح.

وبعد مقتل والده في ديسمبر 2017، أصدر أحمد بيانا نعاه فيه وهدد بـ "الثأر"، وما زال يقيم في الإمارات، بدون أي منصب رسمي.

فرض عليه مجلس الأمن عقوبات دولية عام 2015، ومع انطلاق عملية عاصفة الحزم (بقيادة السعودية والإمارات) في 26 مارس/آذار من العام نفسه، فرضت أبوظبي الإقامة الجبرية عليه، وذلك عقب استدعائه إلى الرياض ومقابلته وزير الدفاع السعودي آنذاك محمد بن سلمان.

برر مجلس الأمن الدولي إدراج "أحمد صالح" على قائمة العقوبات لقيامه بأعمال تهدد السلام أو الأمن أو الاستقرار في اليمن.

وذلك عبر نسف سلطة الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي، وإفشال محاولاته الرامية إلى إصلاح الجيش، وعرقلة انتقال اليمن السلمي. 

وحسب حيثيات القرار الذي تقدمت به الولايات المتحدة، وزع قائد الحرس الجمهوري وقتها "أحمد علي" في منتصف فبراير/ شباط 2013، الآلاف من البنادق الجديدة على ألوية الحرس الجمهوري، وشيوخ قبائل لم تحدد هويتهم.

وتوجه اتهامات لكتائب من الحرس الجمهوري، بالتورط في جرائم قتل بحق المتظاهرين السلميين في ثورة فبراير 2011.

وهذا إضافة إلى تسليم قيادة وسلاح وأفراد الحرس للحوثي في انقلاب 2014، ساعدها في السيطرة على صنعاء ومحافظات يمنية عدة.

وفي عام 2018، رفعت أبوظبي الإقامة الجبرية عن أحمد علي، ثم ألغيت عنه العقوبات الدولية في 2024، ليعود إلى المشهد السياسي بدعم إماراتي من خلال أنشطة دبلوماسية وتصريحات تدعو إلى التوافق الوطني، ويُنظر إليه بصفته شخصية محورية في حزب المؤتمر الشعبي العام.