ثمن الحرب.. كيف يدفع العالم تكلفة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة؟

منذ شهر واحد

12

طباعة

مشاركة

تحدثت صحيفة عبرية عن الثمن الذي يدفعه العالم جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، مؤكدة أن "إسرائيل ليست الخاسر الوحيد فيها".

إذ تنفق الولايات المتحدة عشرات المليارات من الدولارات على المساعدات العسكرية لإسرائيل. كما تنفق الدول الغربية والعربية مئات الملايين على المساعدات الإنسانية لسكان غزة.

وفي ذات الوقت، تؤدي هجمات الحوثيين في البحر الأحمر إلى تفاقم التضخم، فضلا عن أنها ستكلف الاقتصاد العالمي تكاليف ضخمة، وفق صحيفة "زمان إسرائيل".

وتتساءل بعد كل هذه التكاليف: "ما العجب في أن يضغط العالم على الفلسطينيين، وأيضا على إسرائيل، للتوصل إلى وقف لإطلاق النار؟".

وتشدد الصحيفة العبرية على أن "الحرب في غزة تشغل العالم أكثر من أي حدث دولي آخر في الوقت الحالي".

وبشكل عام، تلفت إلى أن "العالم، اليوم، يعيش العشرات من الصراعات المسلحة الجارية أكثر من أي وقت مضى منذ الحرب العالمية الثانية". 

وأردفت: "لكن الحرب في إسرائيل وغزة، والصراعات الدائرة حولها في لبنان وسوريا والعراق والبحر الأحمر، تشغل العالم أكثر من أي شيء آخر، حيث يُعد الصراع المحلي حاليا هو الأكثر فتكا وتدميرا وتكلفة".

وبهذا الشأن، تذكر أن "الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية وكندا وأستراليا والدول العربية تخصص مبالغ ضخمة لهذه الحرب وتبعاتها". 

وترى أن "الأسلحة المدعومة التي تنقلها الولايات المتحدة إلى إسرائيل، والأضرار التي سببتها هجمات الحوثيين على التجارة، فضلا عن المساعدات المقدمة للمدنيين في غزة، تكلف ثروة ضخمة".

التمويل الغربي

ومن جانبها، تمول الولايات المتحدة جزءا كبيرا من الأسلحة والذخيرة التي استخدمتها إسرائيل في الحرب، كما تحول مساعدات دائمة تبلغ حوالي 3.15 مليارات دولار سنويا. 

وبشكل مزدوج، تقول الصحيفة إن "حكومة الولايات المتحدة، من خلال شرائها الأسلحة والذخائر التي تنتجها الصناعة الأميركية ونقلها إلى إسرائيل، تدعم صناعة الأسلحة وتساعد حليفتها في نفس الوقت".

فمباشرة بعد هجوم "طوفان الأقصى"، طلب الرئيس جو بايدن من الكونغرس الموافقة على مساعدة لمرة واحدة تبلغ حوالي 14.1 مليار دولار لإسرائيل. 

وبحسب تحليل معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، فإن الميزانية تتضمن نحو 5.2 مليارات دولار للدفاع الجوي، و850 مليون دولار للذخيرة، ونحو 4.4 مليارات دولار لـ "ميزانية وزارة الدفاع".

جدير بالإشارة إلى أن الاقتراح صُدق عليه في فبراير/ شباط 2024 في مجلس الشيوخ الأميركي، لكن لم يُصدق عليه بعد في مجلس النواب، بسبب خلاف بين الطرفين الأميركيين. 

وفي هذا الصدد، توضح "زمان إسرائيل" أن "الجمهوريين والديمقراطيين يتفقون على ضرورة مساعدة إسرائيل".

لكن نقطة الخلاف تأتي من أن "بايدن ركز المساعدات في حزمة ضخمة تشمل أيضا أوكرانيا، لكنها لا تتضمن ميزانية إضافية لتأمين الحدود مع المكسيك، وهو الأمر الذي يعارضه الجمهوريون".

ومن ناحية أخرى، تلفت الصحيفة إلى أن "بعض السياسيين من يسار الحزب الديمقراطي يضغطون من أجل إلغاء المساعدات لإسرائيل". ورغم ذلك، تنوه الصحيفة أن "التقديرات تشير إلى أنها سوف تمر".

ومنذ بداية الحرب، نقلت شركات تصنيع الأسلحة الأميركية بالفعل الأسلحة والذخيرة إلى إسرائيل على نطاق واسع على حساب الدفعة المستقبلية التي من المفترض أن تتلقاها من الحكومة. 

ووفق الصحيفة العبرية: "لم تعلن الحكومتان الإسرائيلية والأميركية عن حجم المساعدات التي حُولت فعليا".

ومن الجانب الأوروبي، تلفت الأنظار إلى "الكميات الضخمة من الأسلحة التي تزود ألمانيا إسرائيل بها".

فمنذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، سمحت الحكومة الألمانية لصناعاتها العسكرية ببيع أسلحة وذخيرة لإسرائيل بمبلغ يصل إلى 326.5 مليون يورو، أي أكثر من 10 أضعاف الصادرات الدفاعية السنوية الألمانية إلى تل أبيب.

هجمات الحوثيين

ومن أضرار الحرب الكبرى التي تحدثت عنها الصحيفة تأتي الصواريخ التي يطلقها الحوثيون في البحر الأحمر منذ أكتوبر 2023.

وتستهدف المليشيا السفن الإسرائيلية أو تلك المتجهة إلى إسرائيل، في مضيق باب المندب الذي يربط المحيط الهندي بالبحر الأحمر. 

وحتى نشوب الحرب، كان يمر عبر هذا المضيق نحو 30 بالمئة من حاويات التجارة العالمية، والتي كانت تحمل نحو 15 بالمئة من التجارة العالمية، بحسب ما ورد عن الصحيفة العبرية. وبعد ذلك، تحولت التجارة إلى طريق أطول يشمل إفريقيا بأكملها.

وفي مراجعة نشرتها أخيرا وزارة المالية الإسرائيلية، جاء أن "امتداد المسار حول إفريقيا يزيد من تكلفة نقل الناقلات في التجارة العالمية بنحو 160 بالمئة".

وفي هذا السياق، تشير "زمان إسرائيل" إلى أن "الإغلاق التجاري خلال وباء كورونا كان قد أدى إلى جعل نقل الناقلات حول العالم أكثر تكلفة بنحو 440 بالمئة".

وكان هذا -بحسب الصحيفة- أحد أسباب تفشي التضخم في العالم في السنوات الأخيرة، حتى قبل الحرب في أوكرانيا التي أدت إلى تفاقمه.

ويقدر اقتصاديون، بناء على سابقة وباء كورونا، أنه "من المتوقع أن يتسبب تباطؤ نقل الناقلات في العالم بارتفاع أسعار النفط العالمية بنحو 3 بالمئة، مما يتسبب في تفاقم التضخم".

وتشير تقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أنه "إذا استمرت هجمات الحوثيين وتحويل طرق التجارة لمدة عام (حتى أكتوبر 2024)، فإنها ستزيد تكاليف المعيشة في العالم بنحو 0.4 بالمئة".

ومن جانبها، تقدر مفوضية الاتحاد الأوروبي أن "هجمات الحوثيين ستؤدي إلى زيادة التضخم في منطقة اليورو بنسبة 0.2 - 0.3 بالمئة". 

"وفي ردها على هجمات الحوثيين، أنفقت الدول الغربية الكثير من الأموال"، على حد قول الصحيفة. 

وأردفت: "شاركت بريطانيا والدنمارك وهولندا وكندا وأستراليا والبحرين وقوة من الاتحاد الأوروبي في الحرب ضد الحوثيين".

وبحسب ما نُشر، أفادت الصحيفة العبرية أن "بريطانيا أنفقت نحو 19 مليون جنيه إسترليني على قتال الحوثيين، بينما أنفقت فرنسا، التي كان لها دور أصغر في القتال، نحو مليون يورو".

وفي هذا الصدد، يقول الباحث في أسواق الشرق الأوسط الاقتصادي دورون بيسكين: "إن تكلفة المساعدات الأميركية من أسلحة وذخيرة في الحرب المستمرة منذ خمسة أشهر تضيف قيمة هائلة، حتى لو كانت متوقعة".

وتابع: "ما لم يكن متوقعا هو الضربة التي وجهها الحوثيون إلى صناعة الشحن العالمية. فمن خلال وسائل بسيطة، تمكنت منظمة إرهابية من جمع تكلفة باهظة من الاقتصاد العالمي"، وفق وصفه.

ويرى بيسكين أنه "في حالة عدم التوصل إلى ترتيب سياسي مرض لمسألة السيطرة على غزة، وكذلك لوجود الحوثيين بالقرب من طرق التجارة، سيتعين على العالم أن يعتاد على واقع ارتفاع تكاليف التجارة عما كانت عليه حتى عام 2023".

المساعدات لغزة

وبوصفها أنها "أصغر من الناحية المالية ولكنها أعلى سياسيا وعاطفيا"، تتحدث الصحيفة عن المساعدات الإنسانية التي تضطر الدول الغربية والعربية إلى تحويلها إلى مواطني قطاع غزة من أجل التخفيف من الكارثة الإنسانية.

وتقدر منظمات الإغاثة أن ما يقرب من 200 ألف من سكان قطاع غزة يعانون من الجوع، ويعاني حوالي مليون من سوء التغذية.

وبحسب التقارير، فإن مئات الآلاف من الأشخاص يتناولون أقل من وجبة واحدة في اليوم، بل إن بعضهم يعيش على أكل العشب.

وفي مواجهة هذه الكارثة الإنسانية، خلال الأشهر الأخيرة، مولت دول غربية وعربية شراء ونقل المساعدات الطارئة لسكان غزة بتكلفة تزيد على مليار دولار. 

ووفقا لما ورد عن الصحيفة، أسهمت الولايات المتحدة حتى الآن بنحو 200 مليون دولار من المساعدات.

وفي هذا السياق، تنوه "زمان إسرائيل" أن "حزمة الحرب قيد المناقشة في الكونغرس تتضمن مساعدات إنسانية للضفة الغربية وغزة ومراكز كوارث أخرى بقيمة حوالي تسعة مليارات دولار، مخصصة للمساعدات الطارئة وإعادة إعمار القطاع في المستقبل".

ومن جانبها، ذكرت السفارة الألمانية أنها "مولت حتى الآن مساعدات تصل إلى نحو 165 مليون يورو لغزة". 

وبحسب ما نُشر في وسائل الإعلام، "ساهمت سويسرا وكندا والاتحاد الأوروبي بمساعدات قيمتها حوالي 100 مليون دولار لكل منها، والمملكة المتحدة بحوالي 80 مليون دولار".

وبالمجيء إلى الدول العربية، تشير الصحيفة إلى أن "السعودية والإمارات والأردن ومصر ساهموا بمساعدات تصل قيمتها إلى عشرات الملايين".

ومقارنة بالمساعدات التي كانت تقدمها الدول الغربية قبل العدوان، تقول الصحيفة العبرية إن "تكلفة المساعدات المقدمة إلى غزة خلال الأشهر الخمسة من الحرب تبلغ ضعف المساعدات السنوية العادية للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية مجتمعتين". 

وذلك على الرغم من أن عدد شاحنات المساعدات التي دخلت غزة قبل الحرب كان أكبر بثلاث مرات.

ونظرا لأن الحرب في غزة وتبعاتها تكلف العالم الغربي والدول العربية المعتدلة مبالغ ضخمة، توضح الصحيفة أنه "لا عجب في أن يضغطوا على إسرائيل والفلسطينيين للتوصل إلى وقف لإطلاق النار".

وبهذا الشأن، يقول الاقتصادي باسكين: "من وجهة نظر دول العالم فإن التكاليف الباهظة للحرب تُضاف إلى أمور كثيرة تجعلها تضغط من أجل إنهائها؛ مثل حسابات الأمن القومي والاستقرار الإقليمي، وكذلك الانتخابات في حالة الولايات المتحدة".

وأردف الخبير: "بايدن، على وجه الخصوص، يريد أن تنتهي الحرب في أسرع وقت ممكن".

 ففي معاقل العرب والمسلمين في الولايات المتحدة، كان هناك تصويت احتجاجي ضده في الانتخابات التمهيدية ونحو 10 بالمئة من الأعضاء من الحزب الديمقراطي وضع بطاقات الاقتراع البيضاء (أي تركها فارغة لإبطال الصوت الانتخابي).

أضرار غير مباشرة 

وعلى جانب آخر، تسلط الصحيفة العبرية الضوء على أن "الدولة التي تدفع الثمن الأعلى للحرب في غزة، إلى جانب إسرائيل نفسها، هي أوكرانيا".

فحتى سبتمبر/ أيلول 2023، كان الغزو الروسي لأوكرانيا محط اهتمام الغرب، الذي استثمر موارد كبيرة في المساعدات المالية والأمنية لكييف. 

حتى إنه في يناير/ كانون الثاني 2023، نقلت الولايات المتحدة إلى أوكرانيا مخزونات كبيرة من الذخيرة، والتي احتفظت بها في إسرائيل في مستودعات الطوارئ.

ولكن بسبب الحرب الآن، فإن المساعدات تُقسم بين الجانبين، والمشاحنات في الكونغرس تؤخرها لكليهما. 

وعلاوة على ذلك، تستعد الولايات المتحدة أيضا لاحتمال الغزو الصيني لتايوان، مما يجعلها تحت ضغط الاستعداد احتمال نشوب حرب على ثلاث جبهات.

وفي النهاية، تشير "زمان إسرائيل" إلى أن "صناعة الأسلحة الأميركية التي تباطأت قبل غزو أوكرانيا، تكافح الآن من أجل مواكبة التطورات الجديدة".

وتضيف أن "إسرائيل تخشى نقص الأفراد العسكريين، وهو الخوف الموجود بالفعل في أوكرانيا".


المصادر