عائلة تلخص أوجاع مصر.. سامح سعد عالم يكافح الفقر وأخواه ينعمان بالغنى والهلس

منذ شهر واحد

12

طباعة

مشاركة

في 22 مارس/ آذار 2024، استضاف الإعلامي المصري عمرو أديب، مواطنه الفنان والمطرب الشعبي أحمد سعد، خلال برنامج "بيج تايم" الذي يسلط الضوء على حياة المشاهير، وذلك أثناء زيارتهم لموسم الرياض. 

وفي معرض الحديث بين أديب الذي حصل على الجنسية السعودية أخيرا، والمطرب، جرى التطرق إلى حياة الأخير العائلية، وحينها بدأ الحديث عن شقيقه العالم المصري سامح سعد. 

وقال: "سامح أخويا نجح في أول 5 سنين في كلية علوم بامتياز مع مرتبة الشرف، ثم ذهب إلى مؤتمر في اليابان، وحضر فيها ماجستير ودكتوراة".

وأتبع: "كان متفوقا في اليابان، ثم ذهب إلى أميركا بعدها، حيث خصصت له معملا من أهم 10 معامل في العالم، بعدها طلب منه الدكتور أحمد زويل (العالم الكيميائي المصري) أن يعمل معه، فقال: أرجع أخدم بلدي". 

وعقب أحمد ساخرا على وضع شقيقه سامح المادي، فقال "دلوقتي (حاليا) معاه عربية (سيارة) فيات 128".

بينما سخر أديب من الوضع أكثر وقال لسعد: "كده (هكذا) سامح الوحيد اللي (الذي) باظ (كلمة مصرية عامية بمعنى ضل الطريق أو فسدت أحواله) فيكم". 

وما إن انتهت المقابلة حتى اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي، تعليقا على ما حدث، وكانت معظم التغريدات تتعلق بوضع العلماء وأصحاب الفكر في مصر، وتمت مقارنتهم بالفنانين والممثلين. 

فيما أفردت فئة أخرى بحثها عن سامح سعد العالم المصري، من يكون؟ وما هي إسهاماته ومنجزاته العلمية؟ 

عالم فذ 

اسمه بالكامل سامح سعد علي سيد قناوي، ولد في حي السيدة زينب التاريخي بالعاصمة المصرية القاهرة، في 1 يناير/ كانون الثاني 1967. 

تخرج سعد في كلية العلوم جامعة عين شمس، عام 1988، حاصلا على درجة البكالوريوس في الكيمياء بتقدير "امتياز" مع مرتبة الشرف. 

وبدأ حياته العملية فور تخرجه عندما عمل باحثا ومدربا ثم مدرسا للكيمياء الفيزيائية بجامعته "عين شمس".

وفي عام 1991 سافر إلى اليابان لحضور مؤتمر علمي، وهناك أكمل درجة الماجستير في مجال الكيمياء الضوئية، حيث التحق بجامعة "توهوكو" الوطنية اليابانية، التي حصل منها على درجتي الماجستير عام 1994، ثم الدكتوراة عام 1997.

وخلال عام 1998، شغل سعد منصب زميل زائر ما بعد الدكتوراة في جامعة جرانز للتكنولوجيا في النمسا. 

وفي عام 2000 جرت دعوته إلى الولايات المتحدة الأميركية، حيث تنقل بين مناصب مختلفة في جامعة واشنطن في سانت لويس، وكان أول منصب شغله هناك، هو زميل ما بعد الدكتوراة في قسم الكيمياء.

وفي عام 2002 جرى تعيينه محاضرا وموجها مساعدا للتدريس في الدورات الصيفية للكيمياء بنفس الجامعة.

وانضم إلى جامعة كاليفورنيا في سان دييجو عام 2005، إذ عمل كأستاذ أبحاث لمدة ثلاث سنوات.

وفي نفس الوقت عمل محررا تنفيذيا ومراجعا منتظما لعشرات الدوريات العلمية التي تصدرها الجامعة.

وقد عمل سامح سعد في بعض الجامعات العالمية الأخرى خارج الولايات المتحدة، منها عمله في أستون البريطانية، كأستاذ زائر بكلية العلوم الطبية والصحية. 

كما يعد سعد عضوا في اللجنة القومية للكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية (دولية) منذ عام 2018.

إسهاماته العلمية 

يعد سامح سعد أحد العلماء المشهود لهم بالكفاءة العلمية في العالم، نظرا لتميزه في مجالات العلوم الأساسية والدراسات البحثية في خدمة علاج الأمراض السرطانية.

فضلا عن كونه أحد العلماء الذين استعان بهم العالم المصري أحمد زويل (الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء الحيوية عام 1999)، في إنشاء مدينة زويل العلمية.

واستجاب سعد للدعوة وعاد لمصر للعمل مع زويل وأسس مركز دراسات الشيخوخة. 

وفي 14 أكتوبر/تشرين الأول 2020، روى شقيقه الفنان "عمرو سعد" عبر مداخلة في قناة "سي بي سي" المصرية، أنه حضر لقاء مع الراحل زويل، وعندما عرف أنه شقيق سامح سعد، قال له إن الأخير "يستحق الحصول على جائزة نوبل لمنجزاته العلمية"، وأكمل أنه "يعده من تلامذته المقربين". 

ومن أبرز إسهامات سامح سعد أنه خلال عمله في قسم الطب والتخدير في جامعة كاليفورنيا ساهم في عدة مشروعات في مجال وظيفة الميتوكوندريا (عضية خلوية مزدوجة الغشاء توجد لدى معظم الكائنات حقيقية النوى) وبيولوجيا الجذور الحرة.

كما أنتج خلال عمله أكثر من 50 بحثا، نشرت في عدة دوريات شهيرة من ضمنها دورية ساينس، دورية وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم، ودورية خلايا الشيخوخة ودورية التأثير المضاد للأكسدة والاختزال.

وكذلك دورية FASEB ودورية علوم الأعصاب ودورية علم بيولوجيا الجذور الحرة، وجميعها من أكبر الدوريات العلمية في العالم. 

ولسامح سعد أكثر من 80 مشاركة في مؤتمرات دولية وورش عمل دولية ومحلية.

وأسهم في كتابة فصلين في كتب عالمية طبية، وكذلك أصبح محكما علميا للعشرات من أقسام البيولوجيا والطب حول العالم.

وهو محرر لأربع مجلات علمية دولية بالإضافة إلى امتلاكه 4 براءات اختراع دولية في مجال سرطان الأطفال وأبحاث الشيخوخة. 

محارب السرطان

بسبب إسهاماته وما أنجزه، حصل سامح سعد عام 2020 على جائزة الدولة المصرية للتفوق في العلوم في مجال العلوم الأساسية.

حينها تحدث العالم المصري لعدد من المواقع الإخبارية المحلية منها صحيفة "الشرق" المصرية. 

وفي 13 أكتوبر 2020، قال في حديثه معها شارحا طبيعة الأبحاث التي يعمل عليها: "نحن مجموعة بحثية متخصصة في دراسة جزء من الخلية البشرية والحيوانية يسمى (الميتوكوندريا)، وهو عبارة عن عضيات أو أجزاء في الخلية تعد مصنع وخطوط إنتاج الطاقة بالخلية، وتحمي الخلية من الانقسام خارج التحكم، ولها أدوار مهمة جدا في دعم كل العمليات الحيوية، ومنع نشأة وانتشار السرطان".

وأوضح سعد أنه عمل من خلال أبحاثه على تحسين الأداء العلاجي للأدوية الموجودة حاليا الخاصة بالسرطان، عبر فهم نشأة الخلية السرطانية، مما يمثل طريقا جديدا في العلاج، قد يؤدي لتحسين العلاج الكيماوي والإشعاعي لمرضى السرطان.

وأكمل: "نحاول المساعدة في القضاء على الأورام السرطانية باستخدام تدخلات تمنع عملية التمثيل الغذائي بشكل خاص، بحيث تضرب الخلايا السرطانية وليست الطبيعية، وهذا يجعل الأعراض الجانبية أقل".

وأضاف أن "الهدف هو التعزيز من قدرة العلاج الكيماوي بحيث نستخدم منه كميات وجرعات أقل، مما يؤدي لأعراض جانبية أقل، والأمل هو أن نصل إلى مرحلة تحسين أداء العلاجات الحالية، وتحسين أعراضها الجانبية".

تكريمات سعد 

ومن التكريمات التي حصل عليها سامح سعد في مسيرته العلمية، حصوله على عضوية جمعية علوم القلب الأميركية عام 2009.

كما أصبح عضوا في جمعية علوم الأعصاب الأميركية، إضافة إلى عضويته في مجلس إدارة جمعية الميتوكوندريا الفيزيولوجية في النمسا.

وكذلك حصل على قيادة إعداد القادة في العلوم الطبية في جامعة كاليفورنيا، بالتزامن مع اختياره في قائمة قادة المستقبل في نفس الجامعة.

كما حصل أيضا على جائزة (أكاديمي) من المعهد الأميركي لعلاج الشيخوخة.

ويعمل سامح سعد حاليا مديرا لبرنامج بيولوجيا الأورام، ضمن قسم البحوث الأساسية الطبية بمستشفى "57357" المصرية لعلاج سرطان الأطفال.

ومما قاله سعد عن عودته من الولايات المتحدة واستقراره بمصر، رغم فارق الإمكانيات المادية والمعنوية، أن "قراره كان صعبا".

وأضاف: "عدنا بأمنيات وآمال عريضة من أجل تحقيق التقدم الذي تستحقه بلادنا، ونأمل في صناعة تاريخ له، فتقدم الدول يكون بفضل عودة علمائها وشباب الباحثين".

وفي 1 يونيو/ حزيران 2023، قال في تصريحات لصحيفة "الوطن" المصرية المحلية: "عشت في أجمل أحياء مصر، في رحاب المساجد التراثية العريقة، واستشعرت الأجواء الروحانية والحميمية بين الأهالي، الكل لا يتأخر عن مساعدة غيره، ويحترم العادات والتقاليد". 

وأتبع: لمست سمات الشخصية المصرية الأصيلة، وفهمت معاني الكرم والشهامة والجدعنة، ورأيت الشرائح الاجتماعية كافة تجتمع في نفس الشارع وأحيانا البناية، وغيرها من الملامح التي تركت أثرا عظيما في وجداني".

واختتم: "هذه الأمور جعلتني أشعر بحنين دائم وجارف للعودة إلى مصر، خلال دراستي وعملي بالخارج".

حالة غضب

تلك المسيرة العلمية البارزة لم تكن لتظهر وتصبح متداولة بهذا الشكل لولا لقاء عمرو أديب مع أحمد سعد شقيق العالم سامح.

وقد تسبب اللقاء في حالة غضب وجدل عارمة عمت مواقع التواصل الاجتماعي، وشاركت بها شخصيات مجتمعية بارزة.

وقال عميد معهد القلب المصري سابقا جمال شعبان: "الفنان أحمد سعد يسخر من أخيه العالم الذي نجح في العلوم بامتياز مع مرتبة الشرف، وحصل علي دكتوراه من اليابان، لأنه يركب سيارة متواضعة 128، وهو يراه قد ضل طريقه، وقد ضيع نفسه، لأنه سلك طريق العلوم، وباظ كما قال محاوره". 

وأتبع في منشور على فيسبوك: "صدقت يا نجم يصبح ذلك عاديا في زمن الرويبضة، عندما تنقلب الآية ويمكث في الأرض الزبد، وأما ما ينفع الناس فيذهب جفاء، ويكون أولو الفضل في أوطانهم غرباء.. آفة حارتنا يا نجم ازدراء أرباب الفكر والقلم".

فيما كتب حسام مصطفى إبراهيم، الخبير المتخصص في علوم اللغة العربية، عبر صفحته بموقع "فيسبوك" قائلا: قرأت البوست ده امبارح، ولسبب ما وجع قلبي، يمكن لأنه حتى لو كان هزار فهو مش بعيد عن الواقع، وعن تجارب كلنا شفناها في حياتنا!". 

وأضاف: طلب العلم والإخلاص فيه وما يأخذه من أرواحنا وحيواتنا.. في مقابل العائد منه، الصراع النفسي و"مفرمة" الاختيار التي ندخلها كل مرة بين ما ينبغي لنا فعله.. وما نُضطر إليه في النهاية، بين الانحياز إلى تقديم القيمة.. والثمن -الباهظ دائما- المطلوب دفعه، بين التفكير في المصلحة العامة.. والهم الشخصي الذي لا مفر منه!".

وأكمل: ثم لا يُذكَر العالِم في النهاية إلا كـ"نكتة" مضحكة في برنامج يديره مليونيرات الغناء والإعلام، ويتقاضون مقابل هذه السخرية مزيدا من المال!".

واختتم: لكن بما أن الله يسوق الحسنة على ظهر السيئة، ويُظهر الكرامة على يد البر والفاجر، فقد كانت فرصة للبحث عن مُنجز العالِم الدكتور سامح سعد، والتعرف إلى إسهاماته العلمية المحترمة، ودوره الإنساني في التخفيف عن مرضى السرطان من الأطفال، حتى لو كانت سيارته فيات 128!".