محسن المندلاوي.. برلماني شيعي من أصل إيراني يستولي على منصب الحلبوسي

منذ شهرين

12

طباعة

مشاركة

منذ قرار المحكمة الاتحادية العليا، أعلى سلطة قضائية في العراق، إقالة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي من منصبه، يتصدر المشهد السياسي في البلاد، محسن المندلاوي، النائب الأول لرئيس السلطة التشريعية، بعد توليه مهام الرئاسة بالإنابة لحين اختيار البديل.

في 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، أقالت المحكمة الاتحادية، الحلبوسي، على خلفية "تزويره" وثيقة رسمية تخص أحد النواب، وبموجب الدستور في البلاد يتولى منصب الرئيس نائبه الأول في حال بقي كرسي الرئاسة خاليا من رئيسه الأصيل.

سلب الرئاسة

وينحصر حق ترشيح شخصية بديلة للحلبوسي لتولي منصب رئيس البرلمان بالقوى السنية فقط، وذلك وفقا للعرف السياسي المتبع بعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، الذي منح رئاسة الحكومة إلى المكون الشيعي، بينما تذهب رئاسة الجمهورية للأكراد.

لكن بعد مضي أربعة أشهر على إقالة الحلبوسي من منصبه، تحاول القوى الشيعية إبقاء رئاسة البرلمان تحت إدارتها بعد تولي النائب الأول المندلاوي منصب رئيس البرلمان بالوكالة.

وأكد النائب عن قوى الإطار التنسيقي الشيعي، فالح الخزعلي، خلال تصريح نقله موقع "المسلة" العراقي في 12 فبراير/ شباط 2024، استمرارية منصب رئيس البرلمان بقيادة المندلاوي حتى نهاية الدورة البرلمانية الحالية عام 2025، مشيرا إلى رغبة القوى السياسية، لا سيما الشيعية، في استمراره.

وحذر الخزعلي، القوى السنية التي تخلفت عن حضور جلسة البرلمان في 12 فبراير، من التفكير في تولي رئاسة المجلس، مشيرا إلى أنهم سيواجهون مقاومة قوية في حال محاولتهم ذلك، تماما كما فعلوا عندما كسروا نصاب التصويت على جلسة إخراج القوات الأميركية من العراق.

وأخفق البرلمان العراقي في عقد جلسة 12 فبراير، لمناقشة تشريع قانون يجلي القوات الأميركية من البلاد، وذلك بعد غياب المكونين السني والكردي (نحو 120 نائبا)، ونحو مئة من نواب الإطار التنسيقي الشيعي الذين يصل عددهم إلى نحو 177 نائبا.

وعلى ضوء ذلك، اتخذ المندلاوي قرارا بمعاقبة النواب المتغيبين عن الجلسة، باستقطاع مليون دينار عراقي (650 دولارا) من مرتبهم الشهري، إضافة إلى نشر أسمائهم في وسائل الإعلام.

المندلاوي سبق أن أعاق انعقاد الجولة الثانية لانتخاب رئيس البرلمان في 13 يناير 2024، بعد إتمام الجولة الأولى، وافتعل خلافا مع القوى السياسية السنية أدى إلى رفع الجلسة وتعطيل انتخاب الرئيس حتى اليوم.

وأكدت مصادر عراقية خاصة لـ"الاستقلال" طالبة عدم الكشف عن هويتها، أن "المندلاوي تلقى اتصالا من السفير الإيراني في بغداد محمد كاظم آل صادق، واتفق معه على منع المضي بجولة ثانية لانتخاب رئيس البرلمان".

وأوضحت المصادر أن "المندلاوي، أقدم في حينها على اقتراح إضافة فقرة على جدول أعمال جلسة البرلمان التي كانت مخصصة لانتخاب رئيس جديد، الأمر الذي أدى إلى إثارة مشكلة مع القوى السنية، بررت بعدها قراره برفع الجلسة وعدم المضي بإجراء الجولة الثانية".

وفي وقتها انتقدته عضو "الإطار التنسيقي" النائب حنان الفتلاوي، عبر منصة "إكس" في 13 يناير، بالقول: "تأخير عقد الجلسة استهانة صريحة بالنواب ومخالفة مؤسفة للنظام الداخلي، فهل يعقل أن ننتظر الموافقة من خارج المجلس.. أدعو المندلاوي لعقد الجلسة والالتزام بالنظام الداخلي".

تأخير عقد الجلسة لغاية الآن استهانة صريحة بالنواب ومخالفة مؤسفة للنظام الداخلي فهل يعقل ان ننتظر الموافقة من خارج المجلس .. ادعو السيد المندلاوي لعقد الجلسة والالتزام بالنظام الداخلي … pic.twitter.com/OGkwgHuBOz

— د. حنان الفتلاوي (@hanansmohsin) January 13, 2024

مراهق سياسي

دخل المندلاوي عالم السياسة عام 2021، وصعد بشكل سريع بعد توليه منصب النائب الأول لرئيس البرلمان بديلا عن القيادي في التيار الصدري حاكم الزاملي الذي استقال من منصبه في يونيو/ حزيران 2022، بناء على استقالة الكتلة الصدرية النيابية بالكامل.

ورغم فوز المندلاوي بمقعد نيابي عن محافظة ديالى (شرق البلاد)، بعدما طرح نفسه شخصية لا تنتمي إلى حزب سياسي في قائمة تضم القوى المستقلة، لكنه سريعا ما دخل تحت عباءة الإطار التنسيقي الشيعي، ليكافئه الأخير ويسميه نائبا أول لرئيس البرلمان بدلا من الزاملي.

وفي انتخابات مجالس المحافظات (الانتخابات المحلية) في ديسمبر/ كانون الأول 2023، شكّل المندلاوي تحالفا ضم العديد من القوى والحركات السياسية، تحت اسم  تحالف "الأساس العراقي"، وحقق فيه 6 مقاعد موزعة بين مدن، بغداد وديالى والبصرة وذي قار.

لكن ما يؤاخذه الناشطون العراقيون على المندلاوي هو "المراهقة السياسية" والظهور في مقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي، بمواكبه وحماياته الشخصية المدججة بمختلف أنواع السلاح الخفيف، والتي يجرى تركيب بعض المقاعد الصوتية عليها.

قبل جان المسؤول او النائب او اي سياسي يخاف احد يصور رتل سيارات حمايته هسه صار يزيد الرتل ويخلي مصور يصوره بدقة عالية ويروح ينشره بالتيك توك مع اغنية (من يدخل ملك الساحة) والناس تعلق والله كفو منك طبعا كلامي اول واحد مشمول بي النائب الاول لرئيس البرلمان محسن المندلاوي

— احمد الذواق (@Al_thawaq) February 28, 2023

وقال الناشط العراقي، القريب من "الإطار التنسيقي"، أحمد الذواق، على منصة "إكس" في 28 فبراير 2023، إن "المسؤول أو النائب والسياسي الآن يزيد رتل سيارات الحماية وينشره في منصة (تيك توك) مع أغنية (من يدخل ملك الساحة) والناس تعلق والله كفو منك، وكلامي هذا يشمل النائب الأول لرئيس البرلمان محسن المندلاوي".

وفي السياق ذاته، وصف الناشط أبو أسامة خلال تدوينة على "إكس" في 26 فبراير، بـ"الرجل المغرور"، وذلك بعدما وصل إلى البرلمان زورا وأعطاه الإطار منصب نائب رئيس البرلمان، فوضع الرجل غير المناسب بالمكان المناسب، بخطأ فاضح.

وظهر المندلاوي في مقطع فيديو، يطأ بقدمه العلم الأميركي الذي كان مرسوما على الأرض في ذكرى مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس، خلال حفل تأبيني أقيم لهما بالعاصمة بغداد في 3 يناير 2024.

انه الغرور لرجل وصل الی البرلمان زورا واعطاه الاطار منصب ناٸب رٸيس البرلمان فوضع الرجل الغیر مناسب في المکان المناسبخطء فاضح فتایعو الفدیو ورو المندلاوی کیف یتبختر بمسیره وکم اعداد المتملقین الحمایه لرجل فاشل وهل کان الزاملي یمتلك هکذا حمایه ویسیر هکذا انه الغرور pic.twitter.com/BC7MGxZ3IY

— ابو اسامه..ابو اسامه (@bwsmhlly1) February 26, 2023

رئيس أركان الجيش العراقي عبدالأمير يارالله ونائب رئيس البرلمان العراقي محسن المندلاوي يسيرون على العلم الأمريكي في ذكرى هلاك سليماني والمهندس

بينما يستقبلون السفيرة الأمريكية وقائد القوات الامريكية .. منتهى النفاق و الوقاحة الايرانية#أين_المفر pic.twitter.com/Db82LfB2lA

— ‎﮼الفريق ﮼الركن ﮼سعد ﮼الشمري ﮼مستقل (@shimry1000) January 4, 2024

إيراني الأصل

محسن علي أكبر المندلاوي، يحمل الجنسية العراقية، ولد عام 1968 في محافظة ديالى، ويقيم ببغداد، وهو سياسي ورجل أعمال، حاصل على شهادة بكالوريوس في الإعلام من جامعة الفراهيدي التي يملكها في العراق.

المندلاوي من قومية الأكراد الفيليين، التي تعود أصولهم إلى إيران، إذ رحّلته السلطات العراقية مع عائلته إلى إيران في ثمانينيات القرن العشرين، لكنه عاد إلى العراق بعد الاحتلال الأميركي للبلاد وإسقاط حكم صدام حسين عام 2003.

واتبعت السلطات العراقية إبان حرب العراق مع إيران (الخليج الأولى) التي امتدت لمدة ثماني سنوات 1980 إلى 1988، سياسة ترحيل كل من يثبت أن أصوله إيرانية، وذلك بدفعهم قصرا لمغادرة البلاد والإقامة في إيران أو غيرها من الدول.

ظهر المندلاوي بعد عام 2003 على أنه رجل أعمال يملك جامعة الفراهيدي الخاصة، ورئيس مجلس إدارتي المستشفى العالمي للجراحات التخصصية وجمعية الأيتام الخيرية، كما تولى سابقا منصب رئاسة مجلس إدارة لمستشفى العيون التخصصي في العراق.

ويعزو مراقبون عراقيون صعود المندلاوي السريع، وبقاءه يتحكم برئاسة البرلمان وتعمّد إعاقته انتخاب رئيس جديد، إلى علاقته مع السلطات الإيرانية، لا سيما السفير، محمد كاظم آل صادق.

وأكدوا أن منصب النائب الأول لرئيس البرلمان الذي يشغله المندلاوي، يشكل أهمية كبيرة لدى الشيعة ولا يمكن التفريط بمنحه إلى شخصية لا تحظى بتأييد ومباركة الجانب الإيراني، إذا لم يكن الأمر فيه توجيه ملزم للإطار التنسيقي الحليف لطهران.