لولوة الخاطر.. وزيرة قطرية زارت غزة أثناء العدوان وانتقدت المجتمع الدولي

منذ ٤ أشهر

12

طباعة

مشاركة

تعد لولوة الخاطر وزيرة الدولة للتعاون الدولي في قطر، الشخصية الرسمية الوحيدة التي زارت قطاع غزة منذ بدء العدوان الإسرائيلي عليه في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

ففي 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، قادت الخاطر أول وفد رسمي إلى داخل غزة للوقوف على أزمات سكان القطاع الذين يواجهون عدوانا وحشيا تسبب في كوارث إنسانية غير مسبوقة.

ثم ظهرت وهي تتحدث مع ناشطين وإعلاميين فلسطينيين، وأشادت بعملهم وأكدت على حيوية وأهمية عملهم لإيصال الحقيقة للعالم، وأعلنت عن تضامنها الكامل مع غزة والسعي لإيصال صوتها. 

رسالة الخاطر 

وفي نهاية زيارتها لغزة، قدمت الخاطر رسالة عبر مقطع فيديو لشعب فلسطين، قالت فيها: "من داخل قطاع غزة من أرض الرباط جئتكم محملة برسالة إخاء ومحبة ورسالة تضامن وتعاضد من دولة قطر قيادة وشعبا". 

وأضافت: "أقول لكم إننا وكل أحرار العالم معكم، والحق والإنسانية معكم، والله جل في علاه معكم، فلا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون بإذن الله".

واستطردت: "يا أهل غزة لقد أحييتم الأموات، وأيقظتم إنسانية العالم بعد سبات.. قبلكم كانت كل الكلمات جوفاء، وكل الحكايا مكررة، وكل معاركنا اليومية تافهة، وكل الخطابات والبيانات لا معنى لها، كانت الأيام كلها تتشابه، طواحين من الماديات والاستهلاكية والتجارة بكرامة الإنسان وشرفه بل وحياته". 

وأكملت: "إننا لنعلم حق اليقين أنكم اليوم وحدكم من تدفعون ثمن ذلك كله، ثمن فضح ازدواجية المعايير، ثمن كسر آلة الاحتلال المتغطرسة، ثمن المنافحة عن مقدسات مليارات من المسلمين والمسيحيين حول العالم". 

وتابعت: "يا أهلنا في غزة لست هنا في مقام التنظير واستخلاص الدروس فأنتم وحدكم اليوم من تعلموننا بدمائكم ودماء أطفالكم الزكية كيف تكون الكرامة والحرية والصمود وكيف يعود الإنسان أولا".

ثم ختمت الرسالة المؤثرة بالقول: "نحن معكم، فلكم العتبى حتى ترضوا، ولكم العتبى إذا رضيتم ولكم العتبى بعد الرضا، فاعذروا تقصيرنا، حفظ الله غزة وفلسطين، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون". 

وخلفت رسالة الخاطر تفاعلا واسعا، إذ اجتاحت المنصات الإلكترونية، وتجاوزت مشاهدتها 3 ملايين في أقل من يوم.

ضد الازدواجية

وكانت لولوة الخاطر من الوزراء والمسؤولين العرب القلائل الذين انتقدوا الدور الغربي والعالمي السلبي تجاه ما يحدث في غزة. 

ففي 14 نوفمبر 2023، انتقدت في تغريدة لها على موقع "إكس"، التعامل الغربي مع ما يحدث من مأساة في غزة، وقالت إن "الغرب يكيل بمكيالين في تعامله مع الأحداث الدولية". 

واستشهدت الوزيرة القطرية بمشاركتها في عملية الإخلاء الأفغانية عام 2021 بعد سيطرة حركة طالبان على الحكم.

وواصلت بالقول "كنت أنا وزملائي نتلقى عشرات المكالمات كل يوم من المسؤولين والبرلمانيين وأعضاء الكونغرس والرياضيين والفنانين والنقابات العمالية من كل قارة يطلبون منا إنقاذ الأرواح لأشهر عدة".

وشددت بالقول: "أقسم أنني شخصيا أمضيت أياما في إقناع مجموعة في الولايات المتحدة بأنه ليس علينا إجلاء الكلاب، لأن طالبان لا تأكلهم".

ثم تساءلت متعجبة: "برأيكم ما الشعور الذي يجب أن نشعر به الآن عندما نرى رد فعلكم على الإبادة الجماعية في غزة؟".

وقالت غاضبة ومخاطبة العالم الذي صمت تجاه مجازر غزة، "أين ذهبت إنسانيتكم ومبادئكم وحقوق المرأة.. كيف تسوغون ذلك لأنفسكم؟ المستشفيات مستهدفة وتقدمون مسوغا لذلك، هل هناك قاع آخر لم تصلوا إليه بعد؟".



من الخاطر؟ 

الدور القوي الذي لعبته الخاطر في مأساة غزة، سلط الضوء على شخصيتها، من هي؟ وكيف صعدت إلى قيادة الدبلوماسية القطرية فيما يخص الدعم الإنساني؟ 

لولوة راشد محمد الخاطر، ولدت بالعاصمة القطرية الدوحة، وتلقت تعليمها الأولي هناك، ثم حصلت على ماجستير العلوم من جامعة إمبريال كوليدج لندن.

بعدها حصلت على درجة الماجستير في السياسات العامة في الإسلام من جامعة حمد بن خليفة في الدوحة.

وهي مسجلة لنيل درجة الدكتوراه في الدراسات الشرقية من جامعة أكسفورد البريطانية.

بدأت حياتها المهنية حين عملت كمفوضة في وزارة الخارجية القطرية وباحثة بمجال السياسات العامة.

وقد شغلت منصب مديرة المشاريع البحثية في مؤسسة قطر، ثم مديرة للتخطيط والجودة في الهيئة العامة للسياحة القطرية.

وكذلك شاركت بصفة محاضرة في معهد الدوحة للدراسات العليا، وعملت كباحثة مشاركة في منتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية بجامعة أكسفورد وعضو في مجلس أمناء مؤسسة الدراسات الفلسطينية.

كما تملك الخاطر العديد من الأبحاث المنشورة باسمها، منها كتاب عن السياسات العامة في قطر نشر عن دار النشر البريطانية "بال غرايف"، وشاركت في عدد من المؤتمرات والمحاضرات بدول مختلفة.

صعود رسمي 

كان الحصار الذي تعرضت له قطر في 5 يونيو/حزيران 2017 من قبل دول خليجية، هي السعودية والإمارات والبحرين، إضافة إلى مصر، بمثابة المخاض الذي أوجد الخاطر كمدافعة شرسة عن بلادها في المحافل الدولية.

وبالفعل في 7 نوفمبر 2017، عين وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، لولوة الخاطر متحدثة رسمية لوزارة الخارجية لتكون أول امرأة في بلادها تتولى هذا المنصب.

وفي 6 مارس/ آذار 2018 أطلقت مؤتمرا صحفيا هاجمت فيه الحصار وتبعاته السلبية على الأمة العربية.

وشددت على أن قطر نجحت في إقناع الرأي العام العالمي ومراكز الأبحاث والمنظمات بعدالة موقفها، وأن إستراتيجيتها انطلقت من التعامل مع المؤسسات والبعد عن الانفعالات والإساءة وتشويه الحقائق.

وفي 12 مارس 2018 قالت كلمة على هامش اجتماع مجلس حقوق الإنسان في جنيف، ذكرت خلالها بالانتهاكات الجسيمة التي أقدمت عليها دول الحصار، وجددت تمسك بلادها بالوساطة الكويتية لحل هذه الأزمة. كما عُدَّت الخاطر الممثلة الرفيعة للمرأة القطرية الناجحة.

وفي 8 مارس 2019 نشرت تغريدة عبر موقع تويتر "إكس حاليا" بمناسبة يوم المرأة العالمي، قالت فيها: "إن جمال شخصية المرأة القطرية ينبع من قدرتها على الموازنة بين الانفتاح من جهة والأصالة من جهة أخرى، وإن القطريات يحصلن على فرص متساوية في جميع المجالات وجميع المؤسسات".

وأضافت: "لدينا حقوق متساوية في التعليم، نرى العديد من النساء في مناصب إدارية، نرى وجود المرأة القطرية في أغلب المجالات في جميع المؤسسات القطرية بفرص متساوية". 



ونظرا للنجاحات التي أثبتتها الخاطر في كل مهمة أوكلت إليها، أصدر أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في 22 مارس 2023، أمرا بتعيينها وزيرة للدولة للتعاون الدولي.

الوجه النسائي

وفي 13 ديسمبر 2023، نشرت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية، تقريرا عن الجهود والدور الكبير الذي تلعبه الوزيرة، تحت عنوان "لولوة الخاطر.. الوجه النسائي للقوة الناعمة لقطر". 

وقالت: "إن وزيرة الدولة للتعاون الدولي لولوة الخاطر كانت المسؤول العربي الوحيد الذي وُجِد على الأرض في غزة منذ بداية الحرب". 

وتحدث تقرير الصحيفة الفرنسية عن دور الخاطر في تأمين المرور السلس لمئات الشاحنات من المساعدات القطرية والدولية للسكان في غزة عبر معبر رفح الحدودي.

وأشارت إلى أن زيارة الخاطر لغزة لم تحظ باهتمام كبير على المستوى الدولي، لكنها حظيت بتغطية واسعة النطاق من وسائل الإعلام العربية، خاصة الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي. 

وأضافت أنه في التقارير المتعددة ومقاطع الفيديو التي جرى بثها من جولة الوزيرة، فإنها ارتدت سترة بألوان الهيئة القطرية لإعادة إعمار غزة فوق عباءتها السوداء التقليدية. 

وأتبعت أنه بوجهها الطفولي ابتسمت لولوة الخاطر للأطفال وتحدثت إلى ذويهم وشاركتهم فطيرة خبز جهزتها امرأة غزية على موقد في الشارع.

كما زارت المصابين في المستشفى، والتقت بمراسل قناة الجزيرة في غزة وائل الدحدوح الذي فقد زوجته وابنه وحفيده في القصف، وفنان شاب معاق دُمِّر منزله، والفرق الطبية المثقلة بحالات الطوارئ والنقص في المعدات والأجهزة.

واختتم التقرير الفرنسي أن لولوة الخاطر كانت تجيب دائما على الأسئلة بابتسامة ولغة إنجليزية لا تشوبها شائبة كخريجة في جامعة إمبريال كوليدج في لندن.

وأشارت إلى أهميتها كمسؤولة خاصة في لحظة كانت حساسة بشكل مضاعف بالنسبة لقطر، في ظل الحصار الذي فرضه عليها جيرانها العرب لمدة عامين.

وأيضا في خضم الهجوم على قطر من جهات غربية في إطار تنظيمها لبطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2022، كانت الخاطر دائما حاضرة بقوة حججها ومنطقها.