“إستراتيجية متسلسلة”.. كيف تتأثر الصين بالنزاع بين إيران وباكستان؟

دائما ما كان الشرق الأوسط منطقة ذات مصالح "معقدة ومتشابكة" لمختلف الدول والمجموعات والفصائل.
وبخلاف نقاط الصراع المعروفة، فإن الصين استهدفت مصالحها بشكل غير مباشر، وتمثل ذلك في الهجوم المتبادل بين إيران وباكستان في 16 يناير/ كانون الثاني 2024.
وقال موقع "روسيا اليوم"، إن "الوضع -على خلفية الصراعات الحالية- لن يزداد إلا سوءا في عام 2024".
عرض الوساطة
وأعلنت وزارة الخارجية الباكستانية، في 18 يناير 2024، تنفيذ ضربات عسكرية ضد مسلحين مناهضين لإسلام أباد داخل إيران، وذلك بعد يومين من تنفيذ طهران ضربات داخل باكستان.
وقالت الخارجية الباكستانية في بيان، إن بلادها "نفذت سلسلة من الضربات العسكرية الدقيقة العالية التنسيق والموجهة على وجه التحديد ضد مخابئ الإرهابيين في محافظة سيستان وبلوشستان الإيرانية"، في إشارة إلى ما يسمى جماعة "جيش تحرير بلوشستان" المسلحة داخل إيران.
وأضافت أن "التحرك اتخذ في ضوء معلومات استخباراتية موثوقة عن أنشطة إرهابية وشيكة واسعة النطاق".
في المقابل، أفادت وسائل إعلام إيرانية بأن "الهجوم الباكستاني أسفر عن مقتل 9 أشخاص، بينهم 3 نساء و4 أطفال، وجميعهم باكستانيون".
وفي خضم التوترات الحالية، أشار موقع"روسيا اليوم"، إلى أن "الصين عرضت التوسط بين باكستان وإيران".
وقالت الناطقة باسم الخارجية الصينية، ماو نينغ، إن بكين "تأمل بشكل صادق أن يكون بإمكان الطرفين التهدئة وممارسة ضبط النفس وتجنب تصعيد التوتر".
وأضافت: "نحن على استعداد للعب دور بناء في خفض التصعيد في حال رغب الطرفان بذلك".
وبشأن خصوصية بكين في منطقة الصراع، أوضح "روسيا اليوم" أن "الصراع يندلع في مركز المصالح الصينية، في منطقة بلوشستان، حيث يوجد أكبر ميناءين من وجهة نظر الخدمات اللوجستية الصينية، جوادار (باكستان) وتشابهار (إيران)".
وبحسب الموقع، "فإن هذين الميناءين من المنوط بهما أن يسيطرا على جزء كبير من حركة الهيدروكربون من الخليج (العربي) إلى الصين، في حال فرض حصار عالمي على حركة المرور الصينية من الولايات المتحدة وحلفائها".
واستطرد: "مع كل ضباب الحرب في حالة الصراع بين باكستان وإيران، هناك شيء واحد واضح وهو أن الأعمال العدائية المحتملة في بلوشستان ستضرب أمن الصين".
وعلى خلفية الصراع في البحر الأحمر، فستكون هذه في الواقع هي "الضربة العالمية الثانية" لمصالح الصين في العالم.
وفي الثامن من فبراير/ شباط 2024، عشية رأس السنة الصينية الجديدة، ستُعقد انتخابات واسعة النطاق في باكستان من شأنها أن تحدد توازن القوى في البرلمان، والذي سيؤثر على اختيار رئيس الوزراء القادم.
إستراتيجية متسلسلة
وبشأن الإضرار بالمصالح الصينية، قال الموقع الروسي إنه "من المحتمل أن مجموعات جيش تحرير بلوشستان والقوات الأخرى المتحالفة معها أصبحت أكثر نشاطا على وجه التحديد على خلفية التوتر المتزايد في منطقة المصالح الصينية".
ونوه بأن "بعض القوى في العالم تظهر حاليا أنها قادرة على زعزعة استقرار حركة المرور الصينية ليس فقط في البحر الأحمر، بل أيضا في بحر العرب، لا سيما أن إشعال الوضع في ظل ميل باكستان نحو الولايات المتحدة لن يكون صعبا".
وفي جوهر الأمر، يرى الموقع أنه تُرسل إشارة إلى الصين مفادها أن "ميناء جوادار في باكستان يمكن أن يُصاب بالشلل في أية لحظة بسبب العمليات العسكرية ومجموعات بلوشستان التي لا تسيطر عليها إيران أو باكستان، والموجودة على كلا الجانبين من الحدود".
وكما ذُكر سابقا، فإن هذه "ليست الضربة الأولى" للخدمات اللوجستية الصينية في المحيط الهندي.
وكأنها إستراتيجية متسلسلة منسقة الفعل، لفت الموقع إلى "الحرب في ميانمار ومحاولة هز سريلانكا، حيث يقع ميناء هامبانتوتا الصيني من ناحية، وهجمات الملاحة في اليمن من ناحية أخرى".
وحذر من أن "مشروع بلوشستان المستقلة تجري مناقشته بنشاط في الولايات المتحدة، حيث يمكن لشعب منقسم بين إيران وباكستان أن يصبح، مثل كردستان، مشروعا أميركيا آخر لدولة خاضعة للسيطرة الكاملة".
وبهذا المشروع، أوضح الموقع الروسي أن "الولايات المتحدة ستتمكن من الوصول إلى قلب أوراسيا، أفغانستان وآسيا الوسطى، كما سيمكنها من قطع شرايين مشروع الحزام والطريق الصيني".
ولخص المشهد في الشرق الأوسط بقوله إنه "من الواضح أن الحرب بالوكالة بين الولايات المتحدة والصين في الشرق الأوسط امتدت من فلسطين والعراق واليمن إلى باكستان وإيران".