بعد سقوط بشار وإضعاف حزب الله.. ما احتمالية توجيه أميركا ضربة عسكرية إلى إيران؟

يوسف العلي | منذ ٦ أشهر

12

طباعة

مشاركة

مع اقتراب الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، من تولي ولايته الثانية، تتزايد تكهنات الصحافة بتوجيه واشنطن ضربة عسكرية لإيران، ولم يستبعد ترامب ذلك شخصيا حين سُئل عن مدى نشوب حرب مع طهران.

لم يتبقَ على عودة ترامب للبيت الأبيض سوى شهر واحد، وتحديدا في 20 يناير/ كانون الثاني 2025، وذلك بعدما أحاط نفسه بشخصيات غالبيتها تصنّف من الصقور، عيّنهم في مناصب مهمة في الإدارة الجديدة.

"حرب محتملة"

وبشأن أي حرب أميركية محتملة ضد إيران، نقل الكاتب الأميركي في صحيفة "واشنطن بوست" ديفيد إغناطيوس، عن وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت، قوله إن "هناك فرصة للتحرك ضد إيران وضرب برنامجها النووي، وإن عقارب الساعة تدق".

وقال الكاتب خلال مقال نشرته الصحيفة الأميركية في 15 ديسمبر/كانون الأول 2024، إن "إيران تبدو في أخطر أوضاعها التي تمر بها في الأزمنة الحديثة، فقد تم ضرب جماعاتها بالوكالة في لبنان وسوريا، ويبدو أنها شبه عارية بعد سلسلة من الضربات الجوية الإسرائيلية على أنظمتها الدفاعية في أكتوبر".

وعلق إغناطيوس، بالقول: إن "القرارات الأميركية بشأن استغلال الضعف الإيراني، إما عبر التفاوض أو العمل العسكري، ستقع على عاتق الرئيس المنتخب، دونالد ترامب". 

وردا على سؤال مجلة "تايم" خلال مقابلة مع ترامب، في 13 ديسمبر/كانون الأول 2024، عن إمكانية إعلان حرب ضد إيران عقب دخوله البيت الأبيض، أجاب، بالقول: "أي شيء يمكن أن يحدث. أي شيء يمكن أن يحدث. إنه وضع متقلب جدا". 

وخلص الكاتب الأميركي إلى أنه "إذا فشلت الدبلوماسية القسرية في تفكيك القدرات النووية الإيرانية، فقد تفكر إسرائيل والولايات المتحدة في عمل عسكري". 

وعلى الصعيد ذاته، قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية خلال تقرير نشر في 13 ديسمبر/كانون الأول 2024، إن "فريق ترامب يدرس الخيارات، بما في ذلك الضربات الجوية، لوقف البرنامج النووي الإيراني".

وأضافت الصحيفة أن "الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، يدرس حاليا الخيارات المتاحة لمنع إيران من بناء سلاح نووي، بما في ذلك إمكانية شن غارات جوية وقائية، وهي الخطوة التي من شأنها أن تكسر السياسة القديمة المتمثلة في احتواء طهران بالدبلوماسية والعقوبات".

وتابعت: "الآن يخضع خيار توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية لمراجعة أكثر جدية من قبل بعض أعضاء فريق ترامب الانتقالي، الذين يدرسون بعناية سقوط نظام بشار الأسد ــ حليف طهران ــ في سوريا، ومستقبل القوات الأميركية في المنطقة، وتدمير إسرائيل لحزب الله اللبناني".

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في الفريق الانتقالي (لم تسمهم) قولهم، إن "ضعف موقف إيران الإقليمي والكشف الأخير عن العمل النووي المزدهر لطهران قد أشعل المناقشات الداخلية الحساسة. ومع ذلك، تظل كل المداولات بشأن هذه القضية في مراحلها المبكرة".

وأوضحت أن "مستشاري الرئيس المنتخب يخشون ألا تكون الضغوط الاقتصادية كافية لاحتواء طهران، ويدرسون العمل العسكري".

ونقلت الصحيفة عن مصدرين مطلعين على التفاصيل (لم تسمهما) قولهما إن "ترامب أخبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أخيرا أنه قلق من أن إيران ستنخرط في برنامج نووي في عهده".

"بعبع الخليج"

وعن مدى إقدام واشنطن بالفعل على شن حرب على إيران، استبعد الكاتب والمحلل السياسي العراقي، عماد الدين الجبوري، أن "توجه الولايات المتحدة ضربة إلى إيران في ولاية ترامب الثانية".

وعزا الخبير بشؤون الشرق الأوسط في حديثه لـ"الاستقلال"، سبب ذلك إلى أن "ترامب في ولايته الأولى (2017 إلى 2021) أرسل أسطوله الحربي البحري أكثر من مرة إلى مياه الخليج العربي، وكان يعود أدراجه دون فعل شيء".

وتابع: "إيران اليوم ضعيفة ومشروعها في المنطقة العربية تآكل، لذلك لم تعد هناك حاجة إلى اشتباك عسكري مع إيران، ولكن من المؤكد أن يشدد ترامب العقوبات ضدها، والتمهيد لإنهاء الأذرع الإيرانية في العراق واليمن، وذلك بعد تآكلها في سوريا ولبنان".

وحسب الجبوري، فإن "تغيير النظام في إيران، سيجري من الداخل، ورأينا كيف أن هناك حركة في الكونغرس الأميركي واستقبالهم أعضاء في منظمة مجاهدي خلق، والقوى الإيرانية المعارضة بشكل عام".

وأشار إلى أن "الإستراتيجية الأميركية بعيدة المدى في منطقة الشرق الأوسط تريد إبقاء إيران كقوة بما يطلق عليه (بعبع) في الخليج العربي تحديدا، وقد تغير نظام الملالي الذي استهلك ومضى عليه أكثر من 4 عقود وأصبح منبوذا وعبئا على المنطقة".

وشدد الجبوري على أن "التغيير في إيران سيكون عبر تفعيل المعارضة الإيرانية، بمعنى تغيير النظام من الداخل الإيراني، وأن المعارضين، ولاسيما منظمة مجاهدي خلق على توافق تام مع السياسة الأميركية خاصة، والغربية عامة".

وبناء على ذلك، استبعد الجبوري "أي مجابهة حربية أو ضربات عسكرية من الولايات المتحدة على إيران".

من جهته، قال تقرير نشره موقع قناة "الحرة" الأميركية في 16 ديسمبر/كانون الأول 2024، إنه "مع خضم التحولات المتسارعة التي تشهدها المنطقة، أصبح النظام الإيراني أمام تحديات أكبر وأكثر تعقيدا، تهدد استقراره الداخلي وأمنه الإقليمي".

وأشار التقرير إلى جملة تأثيرات على النظام الإيراني، منها: "الضربات المتلاحقة التي أضعفت حزب الله في لبنان، وصولا إلى سقوط حليفه نظام بشار الأسد في سوريا، وتزايد الضغط الداخلي مع تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية".

ونقل تقرير الموقع الأميركي عن مهدي عقبائي، عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (المعارض)، قوله إن عواقب انهيار النظام السوري ستكون "وخيمة" على إيران.

وأضاف عقبائي أن "فقدان النفوذ في سوريا، يعزل إيران عن حلفائها التقليديين في المنطقة".

ويصف المعارض الإيراني سوريا بأنها "جسر استراتيجي" لإيران للتواصل مع حزب الله اللبناني، كما منحتها القدرة في التأثير على حركة الملاحة في البحر الأبيض المتوسط، وفقا لقوله.

"آلية الزناد"

على الصعيد الإيراني، سلطت العديد من الصحف المحلية الضوء بشكل واسع، على خيار المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة الأميركية في مرحلة رئاسة ترامب المقبلة، مشيرة إلى أن الأخير مستعد للغاية لإجراء مفاوضات شاملة مع طهران.

وذكرت صحيفة "آرمان ملي" الإصلاحية خلال تقرير نشر في 16 ديسمبر/كانون الأول 2024، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لديه شروط لكي يدخل في مفاوضات مع طهران وعلى رأسها أن يكون الاتفاق المقبل شاملا لدور إيران الإقليمي، إضافة إلى نشاطها النووي.

من جهتها، أفادت صحيفة "إسكناس" الأصولية بأن "الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأميركية أصبح يسلك خيار التهديد والتخويف في التعامل مع إيران وإجبارها على تنفيذ السياسات التي يريدها في الملف النووي وغيره من الملفات".

وأشارت الصحيفة إلى تهديد الدول الأوروبية بتفعيل "آلية الزناد"، مشيرة إلى أن الغرب سابقا كان يستخدم سياسة "العصا والجزرة" لكنه اليوم بات يعتمد على العصا فقط لدفع طهران إلى السياسات التي يرغب فيها.

وتسمح "آلية الزناد" بإعادة فرض العقوبات في مجلس الأمن الدولي على طهران، إذا لم تتوصل الأخيرة مع الدول الغربية إلى اتفاق بشأن ملفها النووي، وتستمر صلاحية تنفيذها حتى 18 أكتوبر/ تشرين الأول 2025، حسبما ورد في مشروع القرار الأممي رقم 2231.

وفي 9 ديسمبر/كانون الأول 2024، وصف نائب الرئيس الإيراني محمد رضا عارف، التهديدات بتفعيل "آلية الزناد" ضد طهران، بأنه "مجرد مزحة"، وقال: "ننصح الأطراف الغربية بالكف عن أفعالهم واتباع استراتيجيتنا المتمثلة بالعمل مقابل العمل والفعل مقابل الفعل، فنحن نرغب في الحوار ولكننا لا نقبل الابتزاز".

ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية "إسنا" عن عارف قوله: "نرغب في تسوية القضايا مع الغرب مع أخذ مصالح الجانبين بالحسبان.. الحوار مع الغرب يهدف إلى رفع العقوبات الجائرة".

وفي 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، أن إدارة ترامب المقبلة، تسعى إلى إحياء سياستها "الضغط الأقصى" تجاه إيران ودفعها إلى الإفلاس لكبح قدرتها على تمويل الوكلاء الإقليميين وتطوير الأسلحة النووية.

وسيسعى فريق السياسة الخارجية لترامب إلى تشديد العقوبات على طهران، بما في ذلك صادرات النفط الحيوية، بمجرد عودته إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني 2025، وفقا للصحيفة البريطانية.

ونقلت الصحيفة عن خبير في الأمن القومي مطلع على تحولات ترامب (لم تسمه) إن الأخير "مصمم على إعادة فرض إستراتيجية الضغط الأقصى لإفلاس إيران في أقرب وقت ممكن".

وأشار ترامب، خلال حملته الانتخابية، إلى أنه يريد صفقة مع إيران، قائلا: "علينا أن نبرم صفقة، لأن العواقب مستحيلة"، حسبما ذكرت الصحيفة البريطانية.

ونقلت الصحيفة عن أشخاص مطلعين على تفكير ترامب (لم تسمهم) إن "تكتيك الضغط الأقصى سيُستخدم لمحاولة إجبار إيران على إجراء محادثات مع الولايات المتحدة على الرغم من اعتقاد الخبراء أن هذا أمر بعيد المنال".

وخلال ولايته الأولى، انسحب ترامب في العام 2018 من اتفاق نووي توصل إليه سلفه الديمقراطي باراك أوباما في العام 2015 مع إيران، معيدا فرض عقوبات اقتصادية على طهران ضمن حملة "الضغط الأقصى".

وخلال العام 2020 أثناء فترته الرئاسية الأولى، أمر ترامب القوات الأميركية بتنفيذ ضربة جوية أدت إلى مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني قرب مطار بغداد الدولي.