نهاية حكم دمى الاستعمار.. ناشطون يتفاعلون مع دلالات وتداعيات انقلاب الغابون

الاستقلال | منذ ٨ أشهر

12

طباعة

مشاركة

في 30 أغسطس/ آب 2023، أعلنت مجموعة عسكريين عبر التلفزيون الحكومي السيطرة على السلطة بالغابون، بعد ساعات من إعلان فوز الرئيس علي بونغو بولاية ثالثة في الانتخابات التي جرت السبت.

وأعلنت المجموعة إلغاء الانتخابات بدعوى أنها "مزورة"، وحل جميع مؤسسات الدولة وإغلاق الحدود، فيما طالب رئيس الغابون المحتجز "الأصدقاء في العالم" بالتحرك ضد الانقلابيين.

والغابون أحدث دولة إفريقية تشهد انقلابا عسكريا في مدة قصيرة، بعد النيجر في 26 يوليو/ تموز 2023، ومالي وبوركينا فاسو وغينيا عام 2022، ما أثار موجة من المواقف الدولية التي أعربت في غالبيتها عن القلق العميق إزاء حالة عدم الاستقرار السياسي التي تشهدها القارة.

وتعد الغابون من أكبر منتجي المنغنيز حول العالم، فضلا عن تمتعها بثروات اليورانيوم، كما تمتلك مخزونا من الألماس والذهب، واحتياطيات كبيرة من خام الحديد عالي الجودة.

وأثار الانقلاب العسكري بالغابون ردود فعل واسعة بين الناشطين على موقع إكس "تويتر سابقا"، تحدث أغلبهم عن أن فرنسا الخاسر الأكبر، كونها المستفيد الأبرز من ثروات الغابون في ظل حكم عائلة بونغو المستمر منذ أكثر من 50 عاما.

وأعربوا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #انقلاب_الغابون #الغابون، #الربيع_الإفريقي، وغيرها، عن سعادتهم من خسارة فرنسا أوراقها في إفريقيا واحدة بعد أخرى.

وأشار ناشطون إلى أن الإمارات من بين أكبر الخاسرين من الانقلاب في الغابون كونها القفازات التي يستعملها الغرب في خلط الأوراق بالإضافة إلى استفادتها من النظام القائم الذي كان يضمن وصول الذهب الإفريقي المهرب لها.

خسارة الإمارات

وتفاعلا مع الأحداث، قال عبدالله محمد، إن الخاسر الأكبر من انقلاب الغابون فرنسا وربيبتها الإمارات.

وقال الناشط السياسي هشام لاشين: "ربما تثبت الأيام أن الإمارات هي يد أميركا وإسرائيل في الشرق الأوسط.. ويد فرنسا في دعم الانقلابات في إفريقيا.. طبعا بمساعدات عصابات العسكر في المنطقة المنكوبة".

وعرض المغرد سعد، مقطع فيديو للمتخصصة في الشؤون الأمنية والسياسية ليندا عرباوي، تقول إن المروك "المغرب" يوفر حماية الرئيس بانغو ويستفيد من قسم من المعادن المنهوبة، وفرنسا تشغل شركاتها لنهب اليورانيوم ومعادن الطاقة، والإمارات تستغل الموانئ والمطارات وتنهب الذهب. وأوضح أحد المغردين، أن الغابون من أغنى دول القارة تنهبها كل من (فرنسا ورئيس النظام الإماراتي محمد بن زايد) عبر تهريب نفطها وذهبها ومواردها بالتواطؤ مع آل بونغو، مؤكدا أن انقلاب الغابون يعد هديدا كبيرا لمصالح دول وكيانات كثيرة جدا إذن يعد معقلا مهما وأساسيا لهم.

وتوقع أن تتساقط أحجار الدومينو الواحدة تلو الأخرى، وعد انقلاب الغابون ضربة موجعة جدا لفرنسا التي لم تصحوا بعد من صدمة النيجر.

"ربيع إفريقي"

من جانبه، رأى أحمد الحنيبر، أنه على ما يبدو أن إفريقيا قررت أن يكون لها ربيع ولكن هذه المرة ليس ربيعا عربيا إنه "الربيع الإفريقي".

وتساءل: "يا ترى هل يتغير الوضع للأحسن أم أنها بداية مجاعة أكبر لدول إفريقيا لتستفيد دول أخرى غير فرنسا وتأخذ نصيبها من الذهب واليورانيوم وغيرها من خيرات تلك الدول.

ورأى حماس عبدالخالق الجندبي، أن شعوب القارة السمراء يستحقون الربيع الإفريقي والثورة على المستعمر الفرنسي المتحكم في ثرواتهم، مشيرا إلى أن الغابون تلتحق بالنيجر ومالي وبوركينا فاسو. وقال الناشط والباحث اليمني محمد مجاهد، إن الربيع الإفريقي مستمر، ولكنه بالنسبة له انقلابات استبدال مستعمر بمستعمر آخر، ووصفه بأنه "انقلابات المصالح".

وأشار المغرد هيثم، إلى أن الربيع الإفريقي في صيف 2023 وتتساقط الحكومات مثل ورق التوت في الخريف.

وتساءل: "من سيقوم بمهمة مضادة للربيع الإفريقي نيابة عن فرنسا وأميركا والدول الأوربية كما فعلت الإمارات والسعودية بتشجيع انقلابات تحت مسمى ثورات مضادة في كل من اليمن ومصر وليبيا والسودان؟".

وكتبت الباحثة لينا الموسوي: "بعد الربيع العربي بدأ الربيع الإفريقي، قارة إفريقيا تَشهد تغييرات كبرى لمغادرة حُكم العوائل الإقطاعية بحدوث 6 انقلابات خلال بضعةِ شهور، أعتقد أن الفوضى قادمة لهذه المنطقة.. كما حصل تماما بعد الربيع العربي".

صفعة لفرنسا

فيما قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني ياسر الزعاترة، إن في "الغابون"؛ صفعة إفريقية جديدة على وجه الإمبراطورية الفرنسية العجوز، ولنفوذ الغرب تبعا لذلك، مضيفا أن الشماتة بفرنسا مستحقة.

وذكر بأن الاستعمار لم يكتفِ بالقتل والنهب، بل عمد عند خروجه إلى تنصيب أنظمة فاسدة تحمي مصالحه، مؤكدا أن العسكر ليسوا حلّا، لكن ترحيب الناس بهم يشير إلى حجم القهر من البؤس الراهن.

وأبدى رئيس مركز هنا عدن للدراسات الإستراتيجية أنيس منصور، إعجابه بانقلاب الأفارقة على أنظمة الظلم والطغيان والجبروت، مؤكدا أن فرنسا دون إفريقيا مجرد بلد صغير لا تأثير له في أوروبا أو العالم ولكل بداية نهاية.

وأضاف أن إفريقيا اليوم بين نهاية التوريث وتزوير الانتخابات، مؤكدا أنه كلما سقط صنم اهتزت باقي الأصنام.

وِأشار إلى أن رئيس الغابون السابق عمر بونغو كان لديه 70 حسابًا مصرفيًا، و39 شقة، وسيارتين فيراري، و6 سيارات مرسيدس بنز، و3 سيارات بورش، وسيارة بوجاتي في فرنسا، وحكم لمدة 42 عاما (من 1967 إلى 2009)، وتولى ابنه علي بونغو منصب الرئيس منذ عام 2009،، وتمت الإطاحة به للتو في انقلاب.

وأكد أستاذ الشؤون الدولية بجامعة قطر الدكتور محمد المختار الشنقيطي، أن النفوذ الاستعماري الفرنسي يتآكل بسرعة في غرب إفريقيا. وآخر ذلك انقلاب الغابون الذي جاء في وقت لا تزال فيه فرنسا تحت صدمة انقلاب النيجر. 

وأوضح أن شركات التعدين الفرنسية هي الضحية الكبرى لانقلاب الغابون، وشركات اليورانيوم الفرنسية هي الضحية الكبرى لانقلاب النيجر.

وعلق الكاتب والناشط الثقافي محمد منصور، على وقوع انقلاب جديد في إفريقيا هذه المرة في الغابون، قائلا إن إفريقيا تتحرر من الاستعمار الفرنسي.

وأشار الكاتب السوري عبدالباسط سيدا، إلى أن الانقلاب العسكري في الغابون ينهي حكم أسرة بونغو الفاسدة التي حكمت البلد الغني بنفطه وغاباته 55 عاما، متسائلا: "من هي القوى الدولية المستفيدة؟"

وأضاف: "من الواضح أن فرنسا هي الخاسرة"، متسائلا: "هل سنشهد مثل هذا الانقلاب في سوريا لينهي سلطة آل الأسد الفاسدة المستبدة المفسدة التي تحكم البلد منذ أكثر من 53 عاماً؟".

وأوضح الأكاديمي العماني الدكتور حيدر اللواتي، أن فرنسا خسرت نفوذها في انقلاب عسكري في مالي عام 2021، ثم في غينيا 2021، ثم في بوركينا فاسو في 2022، ثم في النيجر في يوليو 2023، والآن في الغابون.

وأضاف: "قلت في 2020 وكررت في 2023 وأكرر الآن أن الحقبة القادمة هي حقبة آسيا وأفريقيا، وأكبر الخاسرين في إفريقيا هي فرنسا".

نفوذ آل بونغو

بدوره، أوضح الإعلامي أسامة جاويش، أن بونغو علي بونغو كان "وزيرا الدفاع" في الفترة من 1999-2009، وفاز ب " ولاية رئاسية ثالثة" بنسبة 64 بالمئة، ويحكم البلاد بعد انتخابه في 2009 خلفا لوالده عمر بونغو الذي كان رئيسا للجابون منذ 1967 وحتى وفاته في 2009.

وأشار إلى أن بونغو أصيب بجلطة في المخ عام 2018 وغاب عن الظهور الإعلامي لعدة أشهر، ونجا من محاولة انقلاب عام 2019، لافتا إلى أن عائلة بونغو تنفرد منذ "خمسين عاما" بالسلطة في الغابون، ويعيش" ثلث" الشعب الجابوني تحت خط الفقر.

وأشار داود البصري، إلى أن الانقلاب في الغابون على حكومة علي بونغو أبن عمر بونغو يعيد خلط الأوراق، مؤكدا أن احتفالات الشعب الغابوني بالانقلاب مؤشر على ضجر الشعب من هذه الرئاسة الملكية.

وذكر بأن عائلة بونغو في السلطة منذ عام 1967 ولال بونغو علاقات خاصة جدا بالمغرب وحمايته الشخصية من المغاربة.

ورأى استاذ العلوم السياسية الكويتي الدكتور عبدالله الشايجي، أن فرح ورقص وأهازيج شعوب غرب ووسط أفريقيا الفقيرة والمحرومة بعد كل انقلاب العسكر في بلادهم "ملفت"، مشيرا إلى وقوع 8 انقلابات حتى الآن.

ولفت إلى أن هذه الحفاوة تأتي برغم علم الجميع أن العسكر لا يصلحون للحكم ولن يحققون الاستقرار والتنمية والحكم الرشيد لأن شغلهم حماية البلاد والعباد ومكانهم الثكنات العسكرية.

وقدم الصحفي المصري أحمد عطوان قراءة تقريبية في انقلاب الغابون، أشار خلالها إلى أن الانقلاب جاء بعد الاعلان عن فوز الديكتاتور العسكري على بونجو لفترة ثالثة، وبعد انتخابات هزلية شككت المعارضة في نتائجها رغم فوزه بنسبة 64% (مش بنسبة 97%).

وأوضح أن الانقلاب العسكري أنهى حكم الاسرة العسكرية بعد 51 عاما، والمخلوع علي بونجو كان اسمه ألان برنار بونغو  ووالده عمر بونجو كان اسمه البرت بونجو وأعلنا اسلامهما من نصف قرن وفسرها الكثيرون لجذب استثمارات الدول الإسلامية.

وخلص عطوان، إلى أن الحكم العسكري يولد الاستبداد والديكتاتورية ولن يستقر مهما ارتدى زي الديمقراطية، والانقلابات العسكرية خيانة يكتوي بها من ابتدعها مهما طال به الزمن.

وخلص الباحث إدريس آيات، إلى أن الوضعٌ غامضٍ ويحتاج إلى التريّث، قائلا إن ما يلوح في الأفق أنّنا أمام مجموعة عسكرية قامت بمغامرة ذاتية، وستحاول الارتجال في إدارة الشؤون مع الوقت.

وأضاف أن اتجاه المجموعة العسكرية تتحدد مع حجم الضغوطات التي ستلقاها، إذا تماهت فرنسا معها قد تبقي مصالحها، وإن ضغطت قد تبتعد عنها.