وصموه بالجنون فزادت شعبيته.. ما سر الصعود اللافت لـ"ترامب الأرجنتين"؟

قسم الترجمة | منذ ٨ أشهر

12

طباعة

مشاركة

في مفاجأة كبرى، كان الاقتصادي التحرري الراديكالي، خافيير ميلي، الأكثر تصويتا في الانتخابات الرئاسية التمهيدية بالأرجنتين، التي أجريت في 13 أغسطس/ آب 2023.

وتمثل الانتخابات التمهيدية -المعروفة باسم "باسو"- في الأرجنتين توضيحا لمعرفة الأحزاب التي ستتنافس على أعلى منصب في الانتخابات الرئاسية في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2024 .

وعن فوز خافيير ميلي بـ30 بالمئة من الأصوات في الانتخابات التمهيدية، رأى الخبير الإسرائيلي في السياسة الأرجنتينية سيباستيان بن دانييل، إنه "عادة ما يقارن خافيير ميلي بدونالد ترامب وجايير بولسونارو، لكن الحقيقة أنه أكثر راديكالية منهما".

وأضاف لصحيفة "دافار" العبرية، إنه عادة يعرف بالاقتصادي التحرري، الذي ينوي القضاء على البنك المركزي الأرجنتيني، وتفكيك وزارات التعليم والصحة والبيئة والرعاية الاجتماعية، وسيسمح للناس بالتجارة بأعضائهم، فهو يتبنى الأفكار التحررية الأكثر تطرفا في العالم.

نتائج مفاجئة

وقد حصل المرشحون الرئاسيون من حزب المعارضة اليميني على 28 بالمئة من إجمالي الأصوات في الانتخابات التمهيدية، في حين حصد يسار الوسط، الذين يتولون السلطة حاليا، على 27 بالمئة من الأصوات، وهو أدنى نسبة حصدها اليسار منذ 2011.

وفي ضوء هذه النتائج، يقدر المحللون أن أيا من المرشحين لن يتمكن من تجاوز العتبة اللازمة للفوز في الجولة الأولى من الانتخابات العامة، ومن المرجح أن تذهب الانتخابات إلى جولة ثانية، مقرر عقدها في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023.

والسؤال المثير للقلق هو ما إن كان سيصل ميلي للجولة الثانية، وما إن كان الناخبون التقليديون من اليمين واليسار سيتمكنون من الاصطفاف والتصويت ضده في الجولة الثانية، كما اتحد الفرنسيون لصالح إيمانويل ماكرون ضد اليمينية مارين لوبان في انتخابات الرئاسية الفرنسية الأخيرة.

وأضاف الخبير في السياسة الأرجنتينية: "لقد فاجأت النتائج الجميع"، مؤكدا أن" الانتخابات الأرجنتينية صعبة للغاية لأنها دولة ضخمة ومنقسمة".

وأتبع: "لم يكن يتخيل أحد أن خافيير ميلي سيفوز بأكبر عدد من الأصوات. لقد توقع الجميع أن يكون قويا، لكن ليس إلى هذا الحد".

ويوضح بن دانييل: "يدور الصراع على السلطة منذ 80 عاما بين حزبين كبيرين، يمين ويسار، والجمهور الأرجنتيني منقسم أكثر بكثير مما عليه الوضع في إسرائيل".

وأردف: "التقدم الذي حققه ميلي يغير المشهد السياسي الأرجنتيني برمته".

ومضى يقول: "إنجاز ميلي يثير القلق في الأسواق، كما أنه يريد استخدام الدولار الأمريكي في الاقتصاد الداخلي بدلا من العملة المحلية، ويهدف إلى تفكيك البنك المركزي". 

والسبيل إلى ذلك يكون عبر فرض سياسة تقشفية صارمة، إذ ستكون قدرة الحكومة على شراء الدولارات محدودة، وبالتالي ستنخفض الرواتب والميزانيات.

ويعلن ميلي أنه داعم لسياسة خفض الميزانية بشكل أكثر حدة من تلك التي يطالب بها صندوق النقد الدولي.إضافة لذلك، يطالب كذلك بتخفيضات ضريبية كبيرة.

ووفقا لبرنامجه، سيطلب من المواطنين الأرجنتينيين دفع مقابل استخدام خدمات نظام الصحة العامة والتعليم، وستغلق جميع الشركات الحكومية أو ستخصخص، كما ستغلق وزارات الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية والبيئة.

أزمة طويلة

وفي إجابة عن سؤال يدور حول السبب الذي يدفع الأرجنتينيين إلى اليأس من الأحزاب المعتدلة، يمينا ويسارا.

يقول الخبير الإسرائيلي بن دانييل: "ما حدث في السنوات الأخيرة في الأرجنتين هو استمرار للأزمة الطويلة التي تمر بها البلاد".

وأوضح: "فالتضخم يتفشى، والسكان يعانون من معدلات بطالة مرتفعة، ودخول متدنية".

لافتا إلى أن هذه الأوضاع المتردية هي ما تثير الغضب في الشوارع، وتعزز من كراهية الشعب الشديدة تجاه المؤسسات الحكومية.

وحول موقف الأحزاب الكبرى من شخص ميلي وأفكاره، ذكر بن دانييل أنهم حاولوا في البداية وصمه بالجنون، لكنهم لم يفلحوا في إسقاطه بذلك، بل على العكس زادت قوته وشعبيته.

وفصل: "اليسار بالطبع يكيلون له الاتهامات ويدينون جميع أفكاره، أما اليمين فله فيه بعض المناصرين الذين يؤيدون بعض توجهاته".

وأشار إلى أن بعض المعلقين يزعمون أن التصويت لميلي بمثابة بطاقة صفراء للأحزاب الكبرى، أي أنهم صوتوا له في الانتخابات التمهيدية لإرسال إشارة للأحزاب الكبرى، مع علمهم أن الانتخابات التمهيدية لا ينبني عليها أي شيء.

ويعتقد بن دانييل صعوبة توحد ناخبي اليسار واليمين لإسقاط ميلي.

فيقول: "لا أظن أن ناخبي اليمين سيصوتون لليسار من أجل الإطاحة بميلي، فالاستقطاب كبير للغاية".

وأردف: "أما بالنسبة للطرف المقابل، فعلينا أن نتذكر أن مرشحة اليمين باتريسيا بولريتش امرأة متطرفة للغاية. لذلك من الصعب من وجهة نظري أن أرى اليسار يصوت لبولريتش".

ويرجح الخبير أن معظم ناخبي اليسار قد يفضلون ببساطة الامتناع عن التصويت ليكون ضميرهم مرتاحا.

وفي معرض إجابته عن سؤال وجه له حول المناخ السياسي الذي يحيط بالأرجنتين بعد نتائج الانتخابات التمهيدية، قال إن الجميع في الأرجنتين "في حالة صدمة".

وأضاف: "في أسوأ كوابيسهم لم يتخيلوا مثل هذا السيناريو، الذي يفوز في الانتخابات الرئاسية مرشح يدعو للقضاء على البلاد ومؤسساتها".

وأردف: ميلي مدعوم من ترامب وبولسونارو، ومثلهما أيضا يتجاهل ظاهرة الاحتباس الحراري، لكن عليك أن تتذكر أنه أكثر وهما وتطرفا منهما بكثير.

فهو يؤيد السماح المطلق بجميع المحظورات والمحرمات، حتى إنه يدعم أولئك الذين يريدون بيع أعضائهم، فهو تحرري شعبوي فوضوي إلى أقصى الحدود".

واختتم الخبير الإسرائيلي حديثه: "أعتقد أن المواطن الأرجنتيني يستيقظ كل صباح قلقا من فكرة أن هذا الرجل قد يصبح رئيسا للبلاد".