"رابح رابح".. ما سر توسع مجالات التعاون بين الجزائر والصين بالآونة الأخيرة؟

قسم الترجمة | منذ ٩ أشهر

12

طباعة

مشاركة

في 17 يوليو/ تموز 2023، أجرى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، زيارة إلى بكين، التقى خلالها مع نظيره الصيني شي جين بينغ، وتوجت بتوقيع 19 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين البلدين.

ورأى مركز أنقرة لدراسات السياسة والأزمات (أنكسام)، أن هذه الزيارة أعطت دفعة كبيرة إلى علاقات التعاون المتصاعدة بالفعل بين البلدين، مرجعا ذلك لتوافق بارز بين الطرفين في أغلب القضايا السياسية والاقتصادية 

زيارة مهمة

وذكر المركز التركي أن زيارة الرئيس الجزائري إلى بكين تعد في غاية الأهمية، ويمكن وصفها بأنها نقطة تحول في مستقبل العلاقات الجزائرية الصينية.

واتفق الطرفان خلال الزيارة على توسيع التعاون في المجالات التكنولوجية، بما في ذلك مجال الطيران والمجال النووي وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

وبالنظر إلى هذا، فمن الجليّ أن التعاون بين البلدين يميل إلى التوسع والتعميق.

وفي هذه المرحلة، تجدر الإشارة إلى أن الجزائر قد حسنت علاقاتها مع الصين منذ انضمامها إلى مبادرة الحزام والطريق.

في حين عززت الصين نفوذها الاقتصادي في هذا البلد، الذي كان مستعمرة فرنسية سابقة، و وصلت الصين أيضا إلى صدارة التعاون مع الجزائر من خلال علاقات بناءة شكّلها مبدأ "رابح رابح".

وبحسب بيانات عام 2022، فقد بلغ حجم التجارة بين البلدين 7.42 مليارات دولار. وبينما تشكل صادرات الصين إلى الجزائر 6.28 مليارات دولار، بلغت الصادرات من الجزائر إلى الصين 1.14 مليار دولار.

وبينما تلبي العلاقات الاقتصادية احتياجات الاستثمار في الجزائر، فإن هذه الاستثمارات تخدم مصالح المواطنين الجزائريين أيضاً لأنها تخلق فرص عمل كثيرة. 

وقال تبون بعد لقائه مع شي إن "الجزائر مستعدة للمشاركة بنشاط في بناء مبادرة الحزام والطريق. ونحن ممتنون للصين للعبها دورا رئيسا في تعزيز عالم أكثر انفتاحا وشمولية ونظام دولي أكثر عدلا وعقلانية في المشهد الدولي الحالي غير المستقر".

وتنتظر الجزائر من علاقاتها مع بكين، وفق المركز، تعظيم مصالحها الاقتصادية ودعم بناء نظام دولي أكثر عدلا.

وأشار هنا إلى أن إدارة تبون تدعم البحث عن عالم متعدد الأقطاب وتقترب من مبادرة الحزام والطريق من هذا المنظور.

عالم متعدد الأقطاب

وترغب الجزائر أيضًا في الانضمام إلى تكتل "بريكس" الذي يتكون من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا.

وهو أمر ذو أهمية رمزية للسعي إلى التعددية القطبية، حيث زار تبون موسكو في الفترة بين 14-16 يونيو 2023.

وخلال لقائه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، دعا تبون إلى تسريع عملية انضمام الجزائر إلى البريكس.

لذا ترتبط زيارة تبون إلى بكين ارتباطا وثيقا بتحقيق أهداف عضوية البريكس، إلى جانب توسيع التعاون الاقتصادي وتحقيق مكاسب في هذا السياق على محور مبادرة الحزام والطريق. 

ويمكن أيضًا تفسير الزيارة على أنها استمرار لاتصالات الرئيس الجزائري في موسكو.

وبطبيعة الحال، فإن زيارة تبون إلى موسكو ثم إلى بكين خلال شهر واحد هي مؤشر ملموس على موقف الجزائر في سعيها إلى التعددية القطبية.

لكن من الواضح أن هذا الموقف سوف يجذب رد فعل غير مرحب من الغرب. 

الجزائر والغرب

ويرجح المركز أن هذا التفضيل الجيوسياسي له علاقة بسياسة الغرب تجاه الجزائر.

حيث إن سياسة الدول الغربية، خاصة إسبانيا، القريبة من أطروحات المغرب في قضية الصحراء تخلق في الجزائر موجة من عدم الارتياح والعداوة تجاه الغرب.

ومن الجلي أن تَحَوّل إدارة تبون إلى موسكو وبكين هو انعكاس لهذا الوضع.

بالإضافة إلى ذلك، فإن موقف الجزائر ناجم عن نضال البلاد ضد الاستعمار.

حيث يمكن القول إن الاستعمار الفرنسي، الموجود في الذاكرة التاريخية للبلاد، كان مؤثرا في خلفية تصريحات تبون حول بناء عالم أكثر عدلا.

ولهذا أصبحت الجزائر أول دولة عربية تقيم "شراكة إستراتيجية شاملة" مع الصين في عام 2014.

وإن حقيقة أن الصين تمتلك أكبر عدد من السكان في العالم بالإضافة إلى اعتماد اقتصادها في القطاع الصناعي على الغاز الطبيعي تشجع بكين على تطوير العلاقات مع الجزائر كونها دولة غنية بالطاقة.

حيث إن الجزائر هي رابع أكبر مصدّر للغاز الطبيعي في العالم و لديها ثالث أكبر مصادر الغاز الصخري غير المستخدمة. كما تحتل البلاد المرتبة السادسة عشرة في احتياطيات النفط المؤكدة.

لذا، تعد الجزائر شريكا مهما للصين، وذلك لكون إدارة بكين تسعى إلى تنويع مورديها من الطاقة.