أحمد حسام ميدو.. لاعب كرة قدم مصري سابق يحرض على زملائه لإرضاء نظام السيسي

داود علي | منذ ١٠ أشهر

12

طباعة

مشاركة

أرست الحالة العسكرية والأمنية في مصر واقعا جديدا بشأن الحياة العامة، تبدأ من نزع الصفة الوطنية عن الشخصيات المعارضة للنظام، إلى اتهامات مطلقة لأي شخصية محل خلاف واختلاف حتى وإن نأت بنفسها عن المجال العام والسياسية برمتها. 

وفوجئ رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وجماهير الرياضة في مصر، بتغريدة للاعب كرة القدم الشهير (المعتزل) أحمد حسام (ميدو)، في 11 يوليو/تموز 2023, يشن فيها هجوما حادا على لاعب الأهلي السابق المعتزل أسامة حسني. 

تحريض مستمر

هجوم ميدو على حسني لم يكن متعلقا بالرياضة بل السياسة، إذ نشر صورة قديمة له تعود للعام 2008, خلال مراسم زواجه في حضور الداعية الإسلامي الشيخ صفوت حجازي، المعتقل حاليا في سجون نظام عبد الفتاح السيسي. 

وربط ميدو بين حسني وجماعة الإخوان المسلمين، رغم أن لاعب الأهلي لم يعلن يوما أن له انتماء سياسيا، ولم يتحدث في هذا الشأن.

بل حتى لم يهاجم ميدو أو يختلف معه، ما جعل هجوم الأخير محل استهجان واستغراب من جماهير كرة القدم.

ولطالما عرف ميدو بمواقفه الجدلية وأزماته الأخلاقية، التي تسببت في ضرر كبير له كلاعب محترف، وفي عالم السياسة استمر على المنوال نفسه من التحريض إلى الاشتباك، وكذلك يعد من مؤيدي رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي.

وفي حادثة أخرى، طلب ميدو في 23 أبريل/نيسان 2023, من وزارة الداخلية وضع حد لروابط الألتراس (مشجعو الأندية) عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي..

وكتب ميدو: "الدولة لن تسمح لقبيضة الألتراس أن يوقعوا ما بين الجمهور والجهات الأمنية".

وأردف: "دلوقتي في حملة تشويه ممنهجة على وزارة الداخلية لأنهم بيمنعوا قادة الألتراس القبيضة بأنهم يسيئون للدولة المصرية".

وأضاف: "دائما بقولها وهكررها تاني الإخوان والإسلامجية والألتراس نفس الأشكال خونة لا وطن لهم ولا دين!". 

المثير أن بعد تغريدة ميدو بأيام قليلة وتحديدا في 27 أبريل 2023, أعلن محامون حقوقيون مصريون، أن  نيابة أمن الدولة العليا قررت حبس ما يقارب من عشرين من مشجعي النادي الأهلي، لمدة 15 يوما.

وجاء الحبس على ذمة القضية رقم 708 لسنة 2023 حصر أمن دولة عليا، ووجهت النيابة لهم اتهامات بالانضمام لجماعة إرهابية.

وربط ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي بين تحريض ميدو والقبض على جماهير الأهلي. 

الناشئ الهارب

اسمه بالكامل أحمد حسام حسين عبد الحميد وصفي، وشهرته "ميدو"، ولد في 23 فبراير/شباط 1983, بالعاصمة المصرية القاهرة.

انضم لناشئي نادي الزمالك، لكنه في عام 1999, هرب وهو ابن 16 سنة إلى نادي جينت البلجيكي، ليلتحق به دون التعاقد مع ناديه الأصلي الزمالك، الذي لم يكن قد وقع له عقدا رسميا بعد، لصغر سنه.

لعب ميدو في السنوات التالية لأكبر أندية العالم مثل أياكس أمستردام الهولندي، ومرسيليا الفرنسي، وروما الإيطالي، وتوتنهام إكسبير الإنجليزي.

ورغم تألقه وإحراز العديد من الأهداف، حتى أطلقت عليه الجماهير لقب "العالمي"، لكن مسيرته الاحترافية لم تخل من الأزمات والمشكلات.

ففي مارس/ آذار 2003, كاد أن يصيب زميله في أياكس، اللاعب السويدي الشهير زلاتان إبراهيموفيتش، بإصابة بالغة، عندما دخل الثنائي في خلاف محتدم.

وفي عام 2020،  تحدث اللاعب السويدي عن قصة شجاره مع ميدو في كتابه "زلاتان إبراهيموفيتش والغضب والانتقام".

وقال: "ميدو كان غاضبا حينما جرى استبداله خلال إحدى المباريات والتي كانت أمام إيندهوفن بالدوري وخسرها أياكس".

وأضاف: "تفوه ميدو بكلمات تهين اللاعبين والجهاز الفني لفريق أياكس مثل أوباش بائسون، بسبب قرار استبداله ليرد عليه إبراهيموفيتس: أنت الندل الوحيد في الفريق".

ووصل الخلاف إلى أن ألقى ميدو "مقصا" إلى وجه زالاتان، لكنه مر بجوار عينه، ليعمل الأخير على صفعه.

أما نادي أياكس فقرر استبعاد ميدو من القائمة الرئيسة، ونزوله للتدريب مع الفريق "الرديف" لأسباب تأديبية.

وكان ميدو قبلها قد دخل في اشتباكات مع مدرب الفريق رونالد كومان، الذي اتهم اللاعب المصري بـ "التقاعس واللامبالاة وعدم بذل الجهد المطلوب"، لتكون النهاية برحيله عن الفريق عام 2003. 

إيذاء متعمد 

ولميدو واقعة سجلت كواحدة من أسوأ النقاط السوداء في تاريخه، عندما دمر المستقبل الكروي للاعب نادي الإعلاميين مصطفى عبد الرحيم. 

ففي 2004, كان المنتخب المصري الأول لكرة القدم على موعد مع مباراة ودية ضد نادي الإعلاميين في إطار الاستعداد لبطولة الأمم الإفريقية التي أقيمت في تونس خلال ذلك العام.

وخلال المباراة كانت هناك تلاحمات بين لاعب الإعلاميين وميدو، حتى توعده الأخير قائلا: "هخليك تبطل كورة".

وبالفعل ما هي إلا دقائق قليلة، وفوجئ من في الملعب بميدو يتدخل عامدا بكل قوة على ساق اللاعب مصطفى عبد الرحيم.

وبعد هذا التدخل القوي، أصيب عبد الرحيم بقطع للرباط الصليبي، وقطع كامل في جميع أربطة الركبة، لتنتهي مسيرته مبكرا في الملاعب، ويبدأ في ملاحقة ميدو قضائيا.

وفي 3 مايو/أيار 2011 حكمت محكمة تعويضات شمال القاهرة على ميدو بغرامة 100 ألف جنيه، لكنه لم يسدد منها إلا 4 آلاف فقط بحسب اللاعب المصاب.

وفي 23 مارس 2023, صرح لاعب الإعلاميين لصحيفة "أخبار اليوم" المحلية: "لن أسامح ميدو أبدا طوال حياتي بسبب ما فعله معي، الأمر مر عليه 20 عاما، وربنا كبير وواثق أنه هيجيب لي حقي".

 

بسبب الأزمات المتكررة له واشتباكاته مع اللاعبين والمدربين أطلقت عليه كثير من الصحف الرياضية المحلية لقب "ميدو مشاكل" نسبة إلى فيلم كوميدي شهير يحمل نفس الاسم.

وفي عام 2006, خلال بطولة الأمم الإفريقية التي أقيمت على أرض مصر، وحضرها عددا كبيرا من الجماهير، دخل ميدو في اشتباك مع مدرب المنتخب الوطني حسن شحاتة.

وتعد هذه الأزمة من الأشهر بين أزمات اللاعبين والمدربين على مستوى العالم وباتت مصدر للكوميديا في بعض الأفلام بالسينما المصرية.

وبدأ الخلاف في مباراة السنغال بالدور قبل النهائي من البطولة، بسبب اعتراض ميدو على التبديل، ليهاجم مدربه بشكل غير لائق أمام الجميع.

وشارك عمرو زكي بديلا له وسجل هدف الفوز ليقرر المدرب استبعاد ميدو وإيقافه ومنعه من المشاركة في النهائي.

كما لم يدخل بعد ذلك قائمة المنتخب في كأس أمم إفريقيا 2008 و2010 اللتين توج بهما منتخب مصر.

وعدت هذه الواقعة النهاية الفعلية لميدو كلاعب دولي، حيث لم يلعب في المنتخب بعدها إلا مرات قليلة جدا.

 

هجوم متواصل

يعد اللاعب الدولي ولاعب النادي الأهلي المعتزل، محمد أبو تريكة، من أقرب نجوم جيله للجماهير، حتى إنه لقب بـ "أمير القلوب" و"الماجيكو".

لكن ميدو كان له رأي مختلف عندما هاجم تريكة بشكل دائم على مستوى كرة القدم، بل وفي الحياة الشخصية. 

فخلال عام 2013, بعد الانقلاب العسكري، انحاز ميدو للانقلاب والإجراءات المترتبة عليه، وهاجم أبو تريكة بصفته من المعارضين.

وفي 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2013, طالب النادي الأهلي بمعاقبة أبو تريكة، لأنه لم يتسلم ميدالية بطولة دوري أبطال إفريقيا من على منصة التتويج.

وقال ميدو: " أبو تريكة ما زال يتبع تعليمات المرشد ويضرب بمبادئ النادى الأهلى عرض الحائط وهذه ليست المرة الأولى". 

وعاد في 25 نوفمبر 2016, ليهاجمه مرة أخرى ويقول: "الحكومة المصرية أعلنت أن الإخوان جماعة إرهابية.. لماذا لا يعلن إعلامنا أن الرياضيين الذين ساندوها مساندون للإرهاب"،  فى إشارة إلى أبو تريكة.

حديث ميدو عن أبو تريكة جزء من حملة إعلامية شنها النظام بدأت عام 2013, لكن الجماهير واجهتها بكل قوة.

وجاء الرد من الجماهير المصرية العاشقة للاعب، وردت الصاع صاعين لإعلام السيسي ونظامه، وتخطى الرد مواقع التواصل الاجتماعي.

إذ حرصت حشود من الجماهير في استاد القاهرة الدولي على الهتاف لـ "أبو تريكة " خلال افتتاح بطولة كأس الأمم الإفريقية عام 2019.

وخلال كل مباراة في الدقيقة 22 (رقم قميص أبو تريكة) يبدأ الهتاف باسم أمير القلوب، لتعبر الجماهير حواجز الخوف غير عابئة بأي عواقب قد يجلبها عليهم هذا الهتاف لنجمهم المفضل عبر التاريخ، وتصل الرسالة لميدو الذي هدأت نبرته بعد ذلك.

ولم يكن أبو تريكة فقط المستهدف من ميدو، حيث هاجم لاعب "أرسنال" الإنجليزي محمد النني ووصفه بـ "السيئ".

كما هاجم أبرز نجم في الكرة المصرية على الإطلاق محمد صلاح ووصفه بأنه "لا يمتلك كاريزما". 

وهاجم أيضا اللاعب الدولي أحمد حسن كوكا في مطلع عام 2023، ووصفه بـ "المهاجم المتواضع"، بعد أن أصبح الأخير ثاني أكثر المحترفين تسجيلا للأهداف بعد "صلاح".

ثم خاض في عرض لاعب الأهلي والزمالك السابق إبراهيم حسن، وسب رئيس لجنة المسابقات عامر حسين ليقاضيه الأخير، ويعلن ميدو أن حسابه مسروق. 

ثم سب أحد جماهير نادي الوحدة السعودي عبر تويتر لتجرى إقالته من الفريق في 19 مارس 2019، ثم خرج واعتذر وأعلن أيضا أن حسابه مسروق.