أجرمت بسوريا وتقف على حدود إسرائيل.. ما قصة وحدة الرضوان التابعة لحزب الله؟

لندن - الاستقلال | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

يسعى "حزب الله" اللبناني لإعادة تمكين قدرات وحدة "الرضوان"، وهي قوة عسكرية خاصة ورئيسة له عند حدود إسرائيل، بعدما زج بها لسنوات في معارك القتال إلى جانب قوات نظام بشار الأسد ضد المعارضة وارتكبت جرائم بشعة بحق السوريين.

ومنذ عام 2020، بدأ حزب الله يلفت الأنظار أكثر إلى وحدة "الرضوان" ويصورها كقوة متقدمة له نمت قدراتها وتكتيكاتها القتالية، لمواجهة إسرائيل في حال قررت شن عملية عسكرية مباغتة ضد لبنان.

سيناريوهات جديدة

وأوردت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، في 17 يونيو/حزيران 2023، أن لواء النخبة الإسرائيلي "جولاني" أجرى في الآونة الأخيرة تدريبات سيناريو مواجهة "حزب الله" لدى توغله جنوبا داخل إسرائيل.

وذكر التقرير أن "مقاتلي جولاني حاكوا في مايو/أيار 2023 أحد السيناريوهات الجديدة التي لم يواجهها الجيش، وهو القتال لعدة ساعات ضد قوة حزب الله التي ستدخل الأراضي الإسرائيلية وتحاول بشكل مؤقت احتلال منطقة مفتوحة أو مأهولة قرب الحدود".

وقالت الصحيفة إن "الحديث في الحقيقة يدور عن الضربة الأولى لحزب الله في الحرب القادمة والتي ستقودها قوات النخبة من وحدة الرضوان".

وأشارت إلى أن "الحديث لا يدور عن سيناريو نظري، وأن فرقة الرضوان سبق وأظهرت القدرة على ذلك، في الحرب السورية".

ولفتت "يديعوت أحرونوت" إلى "توغل عنصر من حزب الله، في غارة كوماندوز غير عادية وغير مسبوقة، في مارس/آذار 2023، ووصل إلى عمق 70 كيلومترا داخل الأراضي الإسرائيلية دون أن يتم رصده، حيث فجر عبوة ناسفة قوية قرب مفرق مجدو، مما أدى إلى إصابة إسرائيلي بجروح بالغة، قبل أن يجرى تصفية المهاجم".

ورغم أن الهدوء هو المسيطر على الحدود بين لبنان وإسرائيل من بعد انتهاء "حرب تموز 2006" بين حزب الله وإسرائيل، إلا أن هناك خشية من احتمالية نشوب مواجهة قادمة.

ولا سيما أن حزب الله يحاول الترويج على أنه بات جاهزا للهجوم ويهدد بدخول الجليل والسيطرة على المستوطنات، ورأس حربته في الهجوم على إسرائيل هي وحدة "الرضوان" التي تحولت من بطل يواجه الاحتلال إلى مليشيات طائفية أراقت دماء السوريين.

وعلى الطرف الآخر، رفعت إسرائيل الجدران على طول الحدود واتخذت قواتها مواقع دفاعية للمرة الأولى في تاريخه، كما بدأ الجيش الإسرائيلي بتكثيف تدريباته لإظهار الجاهزية للمواجهة.

وحدة الرضوان

وحدة الرضوان، هي الوحدة الخاصة في حزب الله التي سميت على الاسم الحركي لـ"القائد الجهادي العام" في حزب الله عماد مغنية (المولود عام 1962) الملقب بـ"الحاج رضوان".

واغتيل مغنية في 12 فبراير/شباط 2008 بالعاصمة دمشق إثر تفجير سيارة مفخخة واتهم الحزب آنذاك تل أبيب بتنفيذ العملية التي وقعت في حي كفرسوسة المحيط بالفروع الأمنية سيئة السمعة بسوريا.

ويعتقد بعض المحللين العسكريين أن حزب الله يزج بعناصر وحدة "الرضوان" إلى القتال فقط في أوضاع خاصة، وهي لديها رقم عسكري يشخص هويتها في التشكيلة الهرمية للحزب.

كما تكلف هذه الوحدة بمهام تعجز باقي الوحدات القتالية عن تنفيذها، كونهم يتلقون تدريبات ومهارات قتالية خاصة مرتبطة بساحات المعارك المعقدة من ناحية التضاريس والمناخ.

وتقول بعض المصادر الإعلامية إن القائد العسكري لوحدة "الرضوان" هو الإيراني، هيثم علي الطبطبائي، والذي يعرف باسم "أبو علي الطبطبائي".

وفي عام 2018 أعلنت الخارجية الأميركية، أنها رصدت مكافآت مالية تصل قيمة كل منها إلى خمسة ملايين دولار، لمن يزودها بمعلومات تساعدها في التعرف على هوية أو تحديد مكان وجود هيثم علي الطبطبائي، وقد نجا من موت محقق في ضربة إسرائيلية جنوب سوريا عام 2015.

ووقتها كانت الضربة في 18 يناير/كانون الثاني 2015 تستهدف اجتماعا لقيادات كبرى في المليشيات الإيرانية في بلدة "مزرعة الأمل" الواقعة بريف القنيطرة السورية.

وقتل القيادي في حزب الله جهاد عماد مغنية والجنرال في الحرس الثوري الإيراني علي الله دادي وأربعة آخرون في غارة لطائرتين مروحيتين استهدفتا سيارتين في البلدة.

وتتهم الخارجية الأميركية "الطبطبائي" بأنه "يشكل خطرا كبيرا ويخطط لارتكاب أعمال إرهابية تهدد أمن الولايات المتحدة ومواطنيها وأمنها القومي واقتصادها وسياستها الخارجية".

وبحسب مواقع إعلامية فإن "الطبطبائي" هو من أب إيراني وأم تنحدر من جنوب لبنان، وقد ولد وترعرع في لبنان وانضم في شبابه إلى حزب الله حتى أصبح قائدا لـ"قوات التدخل" في الحزب وهي وحدة الإسناد الهجومي فيه، واستمر على رأسها لفترة قبل أن يجرى دمجها مع وحدة "الرضوان" عند تشكيلها عام 2008.

ولا يعرف عدد وحدة الرضوان بالتحديد لكنها بالآلاف، نظرا لكون الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، أعلن خلال خطاب نقلته قناة "المنار" الناطقة باسم الحزب في 18 سبتمبر/ أيلول 2021، أن لدى الحزب 100 ألف مقاتل "مدربين ومنظمين ومهيكلين ومسلحين".

وحدة الإجرام

كانت "وحدة الرضوان" بمقدمة قوات حزب الله حينما تدخل عسكريا بقوة إلى جانب قوات الأسد في سوريا بأمر مباشر من المرشد الإيراني علي خامنئي منذ عام 2012.

ووقتها أرسل حزب الله عناصره لمنع سقوط الأسد ومساعدته على قلب المعادلة العسكرية لصالحه.

وتشير التقديرات إلى أن الحزب خسر ألفين من مقاتليه بينهم العشرات من عناصر وضباط وحدة الرضوان بالذات، كما أصيب الآلاف من مقاتلي الحزب مع تعرض بعضهم لإعاقات جسدية دائمة.

وسمح تدخل حزب الله في سوريا بأن يجري معارك حقيقية ويجرب تكتيكات قتالية جديدة بمساندة إيران ونظام الأسد ضد مناطق المعارضة، مستفيدا بذلك من زيادة خبرة وحداتها العسكرية خاصة تلك التي يصدرها على أنها جاهزة لمواجهة إسرائيل وعلى رأسها وحدة الرضوان.

وارتكبت وحدة "الرضوان" جرائم قتل بحق السوريين في عدد من المحافظات التي كان حزب الله يسيطر عليها في دمشق وريفها وحلب.

وكانت الولايات المتحدة شنت غارة جوية على موقع عسكري للمليشيات الإيرانية بريف دير الزور عام 2016، أسفرت حينها عن مقتل 60 عنصرا منهم بينهم 8 من حزب الله وضابط في التخطيط الهندسي بوحدة الرضوان.

وعقب ذلك، تحول هؤلاء العناصر إلى عاطلين عن العمل بعد الاستغناء عن خدماتهم في سوريا بسبب الأوضاع المالية للحزب، الأمر الذي دفع بعضهم للقيام بعمليات استفزاز في بيروت تصل لدرجة إلقاء قنابل متفجرة ضمن خلافات محلية.

وعام 2016 خلال معارك ريف حلب التي أرادت منها إيران السيطرة على مناطق تتبع للمعارضة وتحويلها إلى مواقع عسكرية دائمة لها، زج حزب الله بمجموعات من وحدة الرضوان مما أدى إلى مقتل العشرات منهم وسحب جثثهم من قبل "جيش الفتح" التابع للثوار السوريين.

لكن حزب الله نجح في استعادة جثثهم في عمليات مبادلة أسرى وجثث من الطرفين بين فصائل المعارضة ومليشيات إيران إبان المعارك آنذاك.

وسبق لمعهد "واشنطن لسياسة الشرق الأدنى"، أن أصدر تقريرا نهاية أغسطس/آب 2016 حمل عنون تحول حزب الله من خلال تدخله في سوريا"، ركز فيه على تحوله من "حزب مقاوم" إلى "حزب أداة".

وأشار التقرير إلى أن حزب الله نشر بين 5 إلى 8 آلاف مقاتل من القوات الخاصة المعروفة بوحدة "الرضوان"، والقوات الدائمة المؤلفة من كل الوحدات ومن المقاتلين بدوام جزئي الذين يعرفون بعناصر التعبئة وهم من جرى تجنيدهم من الضاحية الجنوبية من المدنيين للقتال بسوريا مقابل مبالغ مالية.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2016، نعى حزب الله مصرع الحاج حاتم حمادي المعروف بـ"الحاج علاء 125" وهو نائب قائد وحدة الرضوان في سوريا.

وعندما حاولت إيران استفزاز الوجود العسكري التركي في شمال سوريا، سخرت وحدة "الرضوان" لذلك، حيث ذكرت صحيفة "يني شفق" التركية في تقرير لها بتاريخ 10 مارس 2020، أن "وحدة الرضوان قامت بنشر صور استفزازية لها، تشير فيها إلى أنها تحيط بنقطة مراقبة تركية" بريف إدلب.

مهمة جديدة

في مايو/أيار 2017 نقلت قناة "المستقبل" عن مصادر لها أن حزب الله سحب وحدة "الرضوان" بالكامل من الأراضي السورية واستبدل بها وحدة "بدر" التابعة له أيضا وتمتلك ثقلا عسكريا في جنوب لبنان.

وبينت "المستقبل" أنه جرى تركيز وحدة "الرضوان" في جنوب لبنان، وصولا إلى مناطق مزارع شبعا بجاهزية عسكرية عالية جدا، ودعمها بوسائل لوجستية مميزة.

ووقتها قال محللون عسكريون، إن حزب الله يسعى إلى تعزيز وجوده العسكري في الجنوب اللبناني، وعلى الشريط الحدودي الممتد من البقاع الغربي وصولا إلى حاصبيا وشبعا خوفا من عمليات عسكرية إسرائيلية من ناحية منطقة درعا– الجولان المحتل، وخوفا من حرب إسرائيلية مفاجئة.

كما أن لوحدة "الرضوان" حضور في جنوب نهر الليطاني خلافا لقواعد وقف إطلاق النار التي نص عليها قرار مجلس الأمن رقم 1701 الصادر نهاية حرب لبنان الثانية في 2006، التي أوقعت 1200 في الجانب اللبناني و160 في الجانب الإسرائيلي.

وتجري وحدة "الرضوان" بين الفترة والأخرى تدريبات في أماكن مغلقة وأودية مجهولة المكان والزمان.

ومنتصف فبراير/شباط 2022 أجرت وحدة الرضوان تدريبات على الثلوج وعلى ارتفاع 1300 متر، وإمكانية الوجود حتى على أعالي جبال لبنان وفي عز الصقيع، في رسائل من الحزب حول تقنيات القتال التي تملكها الوحدة.

وعلى الفور أجرى جنود من كتيبة المظليين 890 التابعة للجيش الإسرائيلي، تدريبات لمحاكاة الحرب على الجبهة الشمالية ضد حزب الله، وفق ما نقلت حينها صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية.

كما أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، في 25 يونيو 2022، أن حزب الله دشن 15 موقعا عسكريا على طول الجهة الغربية للحدود المشتركة بين فلسطين ولبنان بهدف بناء خط دفاعي متقدم، وجمع معلومات استخبارية عن الجيش ورصد تحركاته، حسبما نقلت قناة التلفزة العبرية "12".

سيناريوهات الهجوم

وضمن هذه الجزئية، يقول جاك نيريا، وهو ضابط سابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ومسؤول عن ملف لبنان: "هناك مخططات لبرنامج مقاومة من حزب الله ضد إسرائيل مثلا، ونعرف أنه يوجد لحزب الله خطة للاستيلاء على جزء من الجليل الأعلى من جهة كريات شمونا حتى نهاريا".

وتابع: "بحسب خطتهم التي سمعنا عنها عام 2011، تقوم خمسة ألوية من وحدة النخبة - الرضوان بالدخول إلى ثلاثة محاور، وهذه الألوية ستدخل خلال اجتياح محتمل لحزب الله".

وأضاف نيريا حسب ما نقل موقع "i24 news" الإسرائيلي في 12 مايو/أيار 2023 أن "هناك تخطيطا من حزب الله لشن حرب تبدأ بإطلاق آلاف الصواريخ تجاه إسرائيل، قوات الرضوان تدخل إلى الحاجز وتحاول تدميره من أربعة مواقع حتى يكون خرق للخطوط الإسرائيلية".

واستطرد: "سيتم الاستيلاء على كرميئيل بالداخل وكريات شمونة بالشرق ونهاريا، هذا التخطيط القائم وإسرائيل تجهز نفسها لهذا التخطيط بالذات، حزب الله يمتلك تخطيطا طويل المدى".

وفي هذا السياق، أِارت صحيفة "جيروزاليم بوست" إلى أن "لعبة القط والفأر" على الحدود الشمالية لإسرائيل "يجب أن تنتهي"، وتقول إن التهديد الحقيقي للحدود الشمالية يأتي من وحدة "الرضوان".

وقال تقرير الصحيفة مطلع يناير 2022 إن "عناصر الرضوان سيكونون في طليعة أي هجوم لحزب الله ضد إسرائيل، ووضع تصورا لتسللهم إلى البلدات الإسرائيلية على طول الحدود، بهدف قتل أكبر عدد ممكن من المدنيين والعسكريين مع إطلاق وابل من الصواريخ وقذائف الهاون والصواريخ المضادة للدبابات".

ويضيف التقرير أن "عناصر وحدة الرضوان قاتلوا في سوريا لعدة سنوات، مما أكسبهم خبرة عملية واسعة، وقد عاد معظمهم إلى جنوب لبنان، ويدرك الجيش الإسرائيلي أن عناصر المجموعة على صلة بجميع محاولات التسلل وتهريب المخدرات عبر الحدود".

وذكرت أنه "في ظل هذه التهديدات يعمل الجيش على بناء سياج خرساني وفوذلاي ذكي جديد على طول الحدود، بارتفاع ستة أمتار وبامتداد عدة كيلومترات".

وسيكون السياج مزودا بأجهزة استشعار ومراكز لجمع معلومات وأنظمة إنذار، ومن المتوقع أن يكتمل في غضون عامين.

وبالإضافة إلى هذا السياج، وسعت وزارة الدفاع أيضا برنامج "درع الشمال" لتحصين المنازل في 21 مجتمعا على الحدود.

وبحسب موقع "واللا" المقرب من الدوائر الأمنية في إسرائيل، فإن "وحدة رضوان قادرة على إدخال عدد كبير من قواتها إلى داخل المستوطنات القريبة من الحدود وتنفيذ عمليات هجومية في هذه المناطق من ثم العودة بسلام إلى الاراضي اللبنانية".