تخفف ضغوط المعيشة.. إجراءات أردوغان الاقتصادية استعدادا لانتخابات 2023

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

رصد موقع "المراسل" الباكستاني (The Correspondent) الخطوات التي اتخذها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على المستوى الاقتصادي؛ لزيادة الرضا الشعبي، قبل ستة أشهر من الانتخابات العامة في البلاد.

وقال الموقع، في تقرير له، إن أردوغان بات منغمسا في أجواء الانتخابات بشكل كامل، واتخذ عدة قرارات لاجتذاب أصوات الناخبين، منها السماح لأكثر من مليوني موظف تركي بالتقاعد مبكرا.

وأضاف أنه من المحتمل أن يؤدي قرار أردوغان الأخير إلى ارتفاع الإنفاق الحكومي إلى مستوى قياسي، في وقت يتعرض فيه اقتصاد البلاد لضغوط شديدة.

ومن المتوقع أن يستفيد من هذا القانون الجديد الأشخاص الذين بدأوا العمل قبل سبتمبر/أيلول 1999، والذين أكملوا 20-25 عاما من المهن المسجلة في الضمان الاجتماعي التركي.

وأثناء إعلانه عن القرار، قال أردوغان إنه "مع الزيادات الكبيرة في الحد الأدنى للأجور والرواتب العامة والمعاشات التقاعدية، أظهرنا بالفعل ومازلنا أننا نقف مع الموظفين ذوي الدخل الثابت الذين يعانون من آثار الأزمات العالمية على بلادنا".

معركة محتدمة

ووفق الموقع الباكستاني، فإن الخطوات الأخيرة لأردوغان على مستوى السياسة والاقتصاد تؤكد أنه ليس مستعدا بحال لخسارة منصبه، إذ إنه يفعل كل ما بوسعه للفوز في الانتخابات القادمة، المقرر عقدها في 18 يونيو/حزيران 2023.

وألمح إلى الحكم الذي أصدره القضاء التركي، في 14  ديسمبر/كانون الأول 2022، بسجن رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، لمدة عامين و7 أشهر و15 يوما، وحرمانه من العمل السياسي للفترة ذاتها، بتهمة إهانة أعضاء الهيئة العليا للانتخابات.

وتابع أن "هذا الحكم أتى قبل نحو ستة أشهر من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا، ويُنظر إليه من قِبل المعارضة التركية على أنه تحرك من أردوغان لمنع إمام أوغلو من الترشح ضده في الانتخابات".

وفي الوقت نفسه، فإن السماح بالتقاعد المبكر يهدف إلى تخفيف المصاعب الاقتصادية الناجمة عن التضخم، في وقت أصبحت فيه البلاد على مقربة من سباق رئاسي محتدم، وفق التقرير.

لذلك، يُنظر إلى الحوافز المالية- التي تغطي أيضا الحد الأدنى للأجور وفواتير الغاز ومجالات أخرى- على أنها تستهدف للناخبين الأتراك، الذين سيتوجهون إلى صناديق الاقتراع بعد أشهر.

ووصف الموقع الباكستاني الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة بأنها "أكبر اختبار سياسي لأردوغان منذ صعوده إلى السلطة قبل عِقدين"، لأنها تأتي في وقت تراجعت فيه شعبية الزعيم التركي، وفق تقديره.

إذ تظهر استطلاعات الرأي انخفاض الدعم الشعبي بدرجة ما للرئيس أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم، مع تراجع قيمة الليرة التركية، وارتفاع تكاليف المعيشة، حسب الموقع.

وتشير الاستطلاعات إلى أنه مع وصول التضخم إلى أعلى مستوى له في 24 عاما، من الصعب جدا التكهن بنتيجة التصويت، الذي سينعقد في يونيو 2023، أو في مايو/أيار، حال تقرر تقديم موعد الاقتراع.

وتأتي هذه الانتخابات بالتزامن مع توقعات بتباطؤ معدل النمو الاقتصادي القوي في تركيا، على الرغم من سياسة أردوغان غير التقليدية لخفض أسعار الفائدة، والتي تؤدي إلى تعزيز الصادرات والإنفاق.

فقد تسبب خفض سعر الفائدة في انهيار سعر صرف الليرة قبل عام، ودفع بالتضخم إلى الارتفاع فوق 85 بالمئة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، ما صَعّب على الأسر الحصول على احتياجاتها الأساسية كالغذاء وإيجار السكن.

تفاؤل اقتصادي

ومع ذلك، استقر سعر صرف الليرة خلال الأشهر الأخيرة، في حين من المتوقع أن ينخفض التضخم بشكل كبير خلال 2023.

إذ توقع كل من الحكومة التركية وخبراء اقتصاديون أن يصل التضخم إلى 40 بالمئة في وقت الانتخابات، وإلى 24.9 بالمئة بنهاية عام 2023.

علاوة على ذلك، فإن الوضع المالي العام في تركيا قوي، مقارنة بالوضع في نظيراتها من الأسواق الناشئة، الأمر الذي يترك مجالا كبيرا للتحفيز الاقتصادي.

وتشمل الميزانية التركية لعام 2023، 4.47 تريليونات ليرات (239 مليار دولار) في بند النفقات، وتتوقع عجزا ماليا بنحو 3.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لعامي 2023 و2024.

وأورد التقرير أن المساعدات الاجتماعية بلغت رقما قياسيا، بوصولها إلى 1.4 بالمئة من الموازنة العامة للدولة.

وستشمل الأيام الأولى لعام 2023 دعم الطاقة في فصل الشتاء، ودعم الطلاب، ورفع أجور موظفي الخدمة المدنية، وزيادة الحد الأدنى للأجور، وشطب بعض الديون.

وأضاف التقرير أن تكاليف الاقتراض الحكومية باتت أقل، ما ساعد الحكومة في زيادة هذه المساعدات.

وأدت سلسلة القواعد التي طالبت فيها الحكومة البنوك بزيادة حجم سندات الخزانة إلى انخفاض عوائد السندات المؤقتة بعشر سنوات، إلى رقم أحادي، بعد أن كانت 26 بالمئة.

وأكد التقرير أن قرار أردوغان المتعلق بسن التقاعد قد لا يترتب عليه تقاعد كل الشريحة المستهدفة على الفور.

كما أن الخطوة ذاتها، ورغم جدواها بالنسبة لملايين المواطنين، فقد تتسبب بارتفاع التضخم، حسب خبراء اقتصاديين.

بدوره، وعد أردوغان بتوفير قروض لمساعدة أرباب العمل على تغطية تكلفة مدفوعات إنهاء خدمة موظفيهم المتقاعدين، مع تنفيذ وزارة الخزانة حزمة قروض مدعومة من صندوق ضمان الائتمان الحكومي.

دعم واسع

وفي قرار آخر لحماية المواطنين من التضخم قبيل الانتخابات، رفعت الحكومة التركية بشكل كبير الحد الأدنى للأجور، بنسبة 54.5 بالمئة، ليُصبح ساريا اعتبارا من الأول من يناير/كانون الثاني 2023.

وتحت هذه الزيادة الجديدة، سيبلغ صافي الحد الأدنى للأجور للأفراد غير المتزوجين 8500 ليرة تركية.

أي ما يعادل 455 دولارا أميركيا في الشهر، بعد أن كان 5500 ليرة تركية، وبزيادة نحو 100 بالمئة عن بداية عام 2022.

هذه الزيادة البالغة 55 بالمئة هي الثالثة خلال 12 شهرا، بعد أن سَنَّت الدولة زيادة بنسبة 50 بالمئة بداية عام 2022، ما رفع الحد الأدنى للأجور إلى 4250 ليرات تركية. 

ومع ارتفاع الأسعار خلال عام 2022، قرر أردوغان رفع الحد الأدنى للأجور في البلاد مرة أخرى بنسبة 30 بالمئة، في يوليو/تموز 2022، في محاولة لحماية الأسر من التضخم.

لكن من جانب آخر، أثارت الزيادة الأخيرة للأجور مخاوف أرباب العمل بشأن ارتفاع تكاليف الإنتاج واحتمالية تسريح العمال، حسب التقرير.

ووفقا للأرقام التي أعلنتها وزارة المالية التركية، فإن الإنفاق على دعم الطاقة - خاصة الوقود والكهرباء والغاز الطبيعي- سيصل إلى 530 مليار ليرة في عام 2023، ارتفاعا من 200 مليار عام 2021.

وجرى تخصيص إجمالي 142.9 مليار ليرة للإنفاق على قطاع الزراعة، فيما يخص برامج الدعم الحكومي للمزارعين ومدفوعات الاستثمار.

كذلك، جرى رفع الإنفاق على المساعدات الاجتماعية في موازنة 2023 إلى 258.4 مليار ليرة.

ومن المقرر أيضا أن يصل الإنفاق على التعليم إلى 650 مليار ليرة، مع تخصيص 145.4 مليار ليرة لدعم قطاع الإسكان.