الاستثمار والتوظيف.. كيف تجاوزت دول الخليج المضاعفات الاقتصادية لكورونا؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

بعد فترة من خفوت انتشار جائحة كورونا بدأت منطقة الخليج بتنفيذ سياسات الدعم وزيادة الأنشطة الاقتصادية، ويبدو أنها تركت العمليات الاقتصادية السلبية وغير الناجحة وراء ظهرها، وفق مركز دراسات تركي.

وشهد أكبر اقتصادين في منطقة الخليج، "المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة" انكماشا بنسبة 6-7 بالمئة خلال الوباء الذي بدأ بالانتشار في الصين نهاية 2019.

ومع ذلك، يرى مركز دراسات الشرق الأوسط "أورسام" في مقال للكاتب جوكان إيريلي أن دول الخليج قد تركت هذه الفترة وراءها.

واستدرك إيريلي: في الواقع ورد في تقرير نشرته الوكالة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات (ضمان) أن الدول التي جذبت أكبر قدر من الاستثمار الأجنبي المباشر في العالم العربي عام 2021 كانت الإمارات والسعودية ومصر.

وقد اجتذبت الدول الثلاث 45 مليار دولار من إجمالي 53 مليار دولار مستثمرة في العالم العربي.

تعاف وتنوع

في هذا السياق، تجلى التعافي الاقتصادي بعد الجائحة في جذب الإمارات 20.7 مليار دولار، والسعودية 19.3 مليار دولار، ومصر 5.1 مليارات دولار من الاستثمارات الأجنبية. 

ومع ذلك، فإن غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022، وأزمات الطاقة والتباطؤ في الاقتصاد العالمي، وتفشي كورونا في الصين إلى مستوى يتطلب اتخاذ تدابير مرة أخرى، والاضطرابات في سلاسل توريد الغذاء/ الطاقة العالمية، تطلبت من الشركات في دول الخليج إعادة تقديم خطط عملها الحذرة. 

كررت البنوك المركزية لدول الخليج الزيادات المحدودة في أسعار الفائدة في إطار سياسة الدولار القوية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (Fed) ورفعت أسعار الفائدة عند مستويات محدودة، بحسب الكاتب التركي.

وأشار المركز التركي إلى أن جذب الاستثمار الأجنبي المباشر هو واحد من أدوات سياسة تنويع الموارد التي تشكل أساس السياسات الاقتصادية لدول الخليج في العصر الحديث. 

وتعد صناديق الثروة السيادية (SWFs)، أداة أخرى لتنويع الموارد الاقتصادية، والتي جرى تأسيسها قبل تواريخ الاستقلال الرسمية لدول الخليج. 

وأضاف: تأسست الهيئة العامة للاستثمار الكويتية (KIA)، عام 1953 من قبل أمير الكويت آنذاك، الشيخ عبد الله السالم الصباح، وكان الهدف منها تنويع موارد اقتصاد البلاد وإنشاء صندوق لفترات مستقبلية. 

وقبل الهيئة العامة للاستثمار، كانت مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، التي أسسها الملك عبد العزيز، القائد المؤسس للمملكة العربية السعودية، في عام 1952، مسؤولة عن تلبية وإدارة الحاجة إلى السيولة في اقتصاد البلاد وتراكم الموارد/ الأصول.

بالإضافة إلى العمل كبنك مركزي للبلاد، ومع مرور الوقت بدأت مؤسسة النقد العربي السعودي أيضا في العمل كسلطة استثمار مع تحقيق استثمارات السندات.

إلى جانب الكويت والمملكة العربية السعودية، أنشأت دولة الإمارات العربية المتحدة صندوقا وطنيا للثروة في المنطقة. 

وتأسس جهاز أبوظبي للاستثمار (ADIA) عام 1976 لإدارة تصدير النفط المكتشف في البلاد في عام 1958 وعائدات النفط.

وتأسست شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) عام 1971 من قبل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، القائد المؤسس لدولة الإمارات وأمير أبو ظبي في ذلك الوقت. 

والآن، يسيطر جهاز أبوظبي للاستثمار على أكثر من 829 مليار دولار، ويسيطر جهاز الاستثمار الكويتي على أكثر من 769 مليار دولار. 

ولذلك، فإن من الأهداف التاريخية للبلدان أن تستثمر في صناديق الثروة الوطنية وأن تكفل التنويع الاقتصادي.

في هذا السياق، أعلن وزير الاستثمار خالد الفالح عن إنشاء هيئة تشجيع الاستثمار السعودية من أجل تطبيق السياسات الاقتصادية في المملكة على المدى القريب. 

وسيجري تكليف هيئة تشجيع الاستثمار السعودية بتوجيه الاستثمار الأجنبي ورأس المال إلى السوق المحلية في المملكة.

 وفي الوقت نفسه، ستعد الهيئة البرامج والمشاريع المتعلقة بتحسين المناخ الاستثماري في الدولة ودعم المشاريع الاستثمارية والتسويق، وفق المركز التركي. 

ويمكن أن يعد إنشاء المنظمة ذات الصلة قرارا عقلانيا مع وصول الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة إلى ملياري دولار في الربع الأول من العام. 

وفي هذا السياق، تحاول السعودية أيضا تنفيذ سياستها المتمثلة في تنويع الموارد الاقتصادية من خلال أدوات سياسية متنوعة، بحسب تقييم المركز التركي.

محاربة البطالة

وأردف: أثر التغير في الظروف الاقتصادية العالمية في السعودية في الأشهر الأخيرة أيضا في السياسات الاقتصادية داخل البلاد. 

وجرى السعي بقوة إلى تحقيق أهداف اقتصادية رئيسة مثل تنويع الموارد الاقتصادية في بلدان الخليج، وتأميم العمالة، واجتذاب الاستثمار الأجنبي. 

وفي هذا السياق، وبموجب القرارات الأخيرة المتخذة في المملكة لم تكن فرص العمل في بعض القطاعات متاحة إلا للمواطنين السعوديين. 

وبهذه الخطوات المتخذة في إطار توطين التوظيف، تهدف المملكة إلى توظيف 33 ألف مواطن سعودي بناء على تصريح وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية أحمد الرقيحي، وبالتالي المساهمة في سوق العمل وأيضا في اقتصاد البلاد أيضا.

وأصدرت السلطات السعودية بالفعل قرارا في أبريل/نيسان بأن المواطنين السعوديين سيوفرون 70 بالمئة من إجمالي القوى العاملة في المجالات الاجتماعية مثل مراكز الترفيه الموسمي والترفيهي العائلي.

وأضاف: وتماشيا مع هدف توطين العمالة وضمان التوازن بين المرأة والرجل في التوظيف، صرح وزير الاقتصاد والتخطيط فيصل بن فاضل الإبراهيم في إطار اجتماع عقد في الأمم المتحدة بأن معدل توظيف الإناث في الدولة تجاوز 30 بالمئة تماشيا مع أهداف رؤية المملكة 2030. 

وبالنظر إلى أن منظمة العمل الدولية تشير إلى أن معدل مشاركة المرأة في القوى العاملة العالمية أقل من 47 بالمئة، فإن معدل توظيف المواطنات في السعودية البالغ 30 بالمئة قد يشير إلى أن رؤية 2030 بدأت في تحقيق أهدافها المتعلقة بالتوظيف.

قضية أخرى تتعلق بالسياسات الاقتصادية في البلاد هي أن البطالة في المملكة العربية السعودية انخفضت إلى 10.1 بالمئة في الربع الأول من عام 2022. 

وفي يونيو/حزيران، قالت الهيئة العامة للإحصاء السعودية في بيان إن معدل البطالة الإجمالي في البلاد قد انخفض.

وختم الكاتب مقاله قائلا: إن الأنشطة الاقتصادية بالسعودية في الربعين الأولين من عام 2022 ترتبط بشكل رئيس بتسهيل جذب الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد، وتسريع سياسات توطين العمالة، وبالإضافة إلى كل ذلك، الحد من البطالة.

ومع ذلك، يبدو أنه لا مفر من أن يتأثر الاقتصاد السعودي بصدمات العرض والطلب في الاقتصاد العالمي وتعطيل سلاسل التوريد في المستقبل، بحسب الكاتب التركي.