صبحي الطفيلي.. الأمين الأول لحزب الله المعادي لسياسات إيران في لبنان وسوريا

لندن - الاستقلال | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

"تدخل حزب الله وإيران بسوريا خطأ فادح وسيأتي بهزيمة نكراء للشيعة لا يستطيعون تحملها"، هذه جملة قالها عام 2015 صبحي الطفيلي أول أمين للتنظيم اللبناني المذكور عام 1989.

وكان موقف الطفيلي وهو عالم دين شيعي لبناني، ثابتا منذ بداية تدخل حزب الله اللبناني بإيعاز مباشر من إيران لدعم قوات رئيس النظام السوري بشار الأسد في وأد الثورة عام 2011.

وتناغم ذلك الموقف مع مسيرة حياة الرجل في الانقلاب على حزب الله الذي شارك بتأسيسه، ويعده الآن منحرفا عن مهمته الأساسية وأصبح أداة بيد إيران.

وفي مقابلة مع قناة صوت بيروت إنترناشونال نشرت في 30 يوليو/تموز 2022، قال الطفيلي إن "حزب الله قاتل السنة والمدنيين في سوريا وليس تنظيم الدولة".

وأوضح الطفيلي أن تنظيم الدولة "خليط من أجهزة مخابرات وضباط مخابرات للسوريين وللإيرانيين والإسرائيليين والأميركان لتنفيذ أجندات".

وحمل المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي ما يجري بالمنطقة من قبل الجانب الشيعي، مشيرا إلى أنه في "لبنان ينفذ هذه السياسة حزب الله الذي يقود سفينة اللصوص بالتعاون مع المجرمين والقتلة والفسدة حتى أوصلوا لبنان لهذه الحال"، وفق تعبيره.

ويرى الطفيلي، أن "مصلحة إيران هي ألا يبقى شعب سوري ولا عراقي ولا لبناني، والذين يرون أنهم سيعيشون إذا ماتت المنطقة، ولذلك فإن السياسة الإيرانية قاتلة ومدمرة".

النشأة والتكوين

ولد صبحي الطفيلي عام 1948 في بلدة بريتال جنوب مدينة بعلبك بالبقاع اللبناني، ودرس كأقرانه من علماء الشيعة العلوم الدينية، قبل أن يقرر السفر إلى مدينة النجف في العراق لإكمال تلقيه العلوم الشرعية في أوائل الستينيات إلى أوساط سبعينيات القرن العشرين.

وتتلمذ آنذاك الطفيلي في النجف على يد رجل الدين الشيعي البارز محمد باقر الصدر.

وكان من تلاميذ المرشد الإيراني السابق آية الله الخميني كذلك، حينما كان الأخير مبعدا في مدينة النجف العراقية. 

ولاحقا طرد من العراق أيضا بضغط من شاه إيران محمد رضا بهلوي عام 1978 لدوره في تهييج الجماهير ضد الأول.

ضاق العراق على الطفيلي وقتها، الأمر الذي دفعه للخروج منه إلى بلده الأم، وخاصة أنه بات ملاحقا من النظام العراقي بتهمة الانتماء إلى حزب الدعوة.

ثم مكث في لبنان فترة وجيزة، قبل أن يقرر العودة إلى إيران لمواصلة دروسه، ثم التدريس بعد ذلك هناك في حوزات قم، حتى انتصار ما تسمى بـ الثورة الإيرانية" عام 1979، على نظام الشاه.

وأسس الطفيلي عام 1979 تجمعا، أطلق عليه اسم "تجمع علماء المسلمين"، واتخذ من منطقة البقاع مقرا له.

كانت النقطة المفصلية في حياة الطفيلي حينما كان من بين الدعاة الشيعة الذين حضروا على هامش "المؤتمر الأول للمستضعفين" في طهران عام 1982 اجتماعا بالمرشد الأعلى للثورة الإسلامية الخميني؛ من أجل إنشاء "حزب الله" في لبنان.

وبالفعل وضع اللقاء الخطوط العريضة لـ "حزب الله"، بوصفه ممثلا إسلاميا للطائفة الشيعية في لبنان.

وعقب ذلك اختيرت هيئة قيادية لـ "حزب الله" ضمت 12 عضوا، بينهم صبحي الطفيلي، والأمين العام الحالي للحزب حسن نصر الله، وفق ما ورد في كتاب "موسوعة إيران والتشيع السياسي".

تولى الطفيلي منصب الأمين العام الأول لـ "حزب الله" في الفترة من عام 1989 حتى عام 1991، ثم أجبر على الاستقالة بعد إعلانه من جانب واحد العصيان المدني على الحكومة اللبنانية الأمر الذي رفضه الحزب.

وتولى منصب الأمين العام الثاني خلفا للطفيلي، الشيخ عباس الموسوي لكنه لم يستمر أكثر من تسعة أشهر، فقد اغتالته إسرائيل في 16 فبراير/شباط 1992 ليقود الحزب من بعده حسن نصر الله الذي لا يزال يشغل هذا المنصب حتى الآن.

ومنذ تولي الطفيلي منصبه، بدأ تصعيد عمليات المقاومة الإسلامية المسلحة ضد الوجود الإسرائيلي في الجنوب اللبناني، وتقديم الدعم للانتفاضة الفلسطينية في مايو/أيار 1991.

ثورة الجياع

بعد ترك الطفيلي منصب الأمين العام بات يمضي وقته في مبنى "حسينية" قديم في بلدة بريتال، واتخذ من بلدته مكانا غاب فيه عن الأنظار منذ عام 1997 إثر سلسلة إشكالات مع "حزب الله" والدولة اللبنانية.

والطفيلي شخصية لها وزنها في الشارع البقاعي، كما له تأثيره الواضح هناك على الطائفة الشيعية، وما يزال يحتفظ بمنزله بصورة كبيرة لـ"رفيق دربه" الخميني.

مارس الشيخ الطفيلي الدعوة وسط أبناء الطائفة الشيعية وبخاصة الفقراء منهم في لبنان، حتى قاد ما يسمى بثورة الجياع، وذلك عندما أعلن العصيان المدني في 4 مايو 1997 احتجاجا على تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للشيعة اللبنانيين، وهدف لإسقاط النظام السياسي اللبناني.

عام 1998 اعتصم وأنصاره في حوزة دينية تابعة لـ"حزب الله" في بلدة عين بورضاي جنوب بعلبك، وانتهى الأمر بمعركة قتل فيها ضابط في الجيش وبعض أنصار الطفيلي، لتبدأ الملاحقة القضائية بحقه.

لم يرض حزب الله عن إعلان العصيان المدني فاتخذ قرارا في 24 يناير/كانون الثاني 1998 بفصل الطفيلي من الحزب.

وفشلت حركة الطفيلي بعد أقل من عشرة أشهر من ولادتها. وعقب ذلك اتهمته السلطات اللبنانية باغتيال النائب السابق خضر طليس وضابط في الجيش اللبناني، والإخلال بالأمن إثر الأحداث التي وقعت في منطقة عين بورضاي في بعلبك.

ومنذ عام 1993 رفع الطفيلي بالتدريج لواء المعارضة لسياسات حزب الله، ولا يتوانى عن انتقاده وهو في حصنه المنيع، ويجاري التطورات السياسية والأمنية في لبنان بتصريحات لاذعة ومثيرة.

يرى الطفيلي أن المقاومة انتهت منذ دخلت قيادة حزب الله في صفقات كتفاهم يوليو/تموز 1994 (وقف إطلاق النار مع إسرائيل) وتفاهم أبريل/نيسان 1996 الذي أسبغ حماية على المستوطنات الإسرائيلية بموافقة إيران، وفق ما قال لصحيفة الشرق الأوسط عام 2003.

وأبدى الطفيلي، في لقاء مع الصحيفة، استعداده "لأن يكون وزيرا للعدل أو مسؤولا عن القضاء في لبنان الذي سيتولى محاسبة سارقي المال العام"، حسب تعبيره.

خارج المسار

وفي حوار صحفي في أغسطس 2011، قال الطفيلي إن دور الحزب تحول في السنوات الأخيرة من المقاومة إلى حرس حدود للصهاينة.

وكان تدخل حزب الله في سوريا مثيرا لحنق الطفيلي تجاه رفقاء دربه في بدايات تأسيس الحزب، ودعا لتجنيبه الانزلاق في هذه الحرب.

وفي مقابلة مع وسيلة إعلام سورية معارضة في أواخر مايو 2013 عد الطفيلي أن "حزب الله انحرف عن مسار المقاومة بأوامر إيرانية غير قابلة للنقاش".

وفي حوار مع جريدة القبس الكويتية في يوليو 2015، قال إن نظام الأسد وحلفاءه سقطوا بعدما تحولت سوريا إلى رماد، وعد أن حزب الله في طور الانتحار بسبب استمراره القتال داخل الأراضي السورية.

وفي لقاء مع وكالة الأناضول التركية، قال الطفيلي في فبراير 2021، إنه "لا بديل عن حزب الله حتى اليوم لحماية حدود الكيان الصهيوني ولا يمكن للصهاينة والأميركيين التفريط بخدماته الأمنية".

ومضى يقول إن "إيران اليوم هي الأكثر نفوذا وتأثيرا في لبنان، لكنها للأسف لا ترى مصلحتها في قيام الدولة ونهوض الاقتصاد والعمران، وإنما في ضعفها وتفككها ودمار اقتصادها ونشر الفقر والجوع والفوضى فيها".

ولفت الطفيلي إلى أن "حزب الله يمارس التهديد بالقتل لمعارضيه من أعلى الهرم إلى أسفله ودون مواربة".

ومن المواقف المثيرة للطفيلي حينما تمنى في فبراير 2016 "تحول المساعدات التي كانت سترسلها السعودية إلى لبنان، للشعب السوري لكي يستطيع الدفاع عن نفسه".

وبين الطفيلي وقتها أن "حزب الله الذي شارك في الفتنة السورية منذ بدايتها أي قبل ولادة التيارات المتشددة بسنوات تحت حجج وتبريرات متعددة ومتنوعة، سيحمل إرث الكثير من الدماء في سوريا ولبنان".

وخلال خطبة جمعة في أكتوبر 2016 خاطب الطفيلي حزب الله قائلا: "نحن عملاء؛ بل إنه أدنى مستوى من العمالة، إنه أصبح أداة في يد الأميركي والروسي، ضد كل طفل مسلم وهو يقاتل في حلب خدمة لهؤلاء".

وبقي الطفيلي يلاحق زلات حزب الله على الصعيد اللبناني ويكشفها للعلن، ومنها حينما اتهمه بتفجير مرفأ بيروت واصفا الحزب بـ"الكاذب"، عندما قال بأنه كان لا يعلم بوجود نيترات أمونيوم في العنبر رقم 12.

وأشار الطفيلي وقتها إلى أن الشحنة كانت وفق المنطق معدة للنظام السوري ليصبها ببراميله فوق رؤوس الأطفال.

وشهد مرفأ بيروت في 4 أغسطس/آب 2020 انفجارا ضخما أودى بحياة أكثر من مئتي شخص، وتسبب بإصابة أكثر من 6500 آخرين بجروح، ملحقا دمارا واسعا بالمرفأ وعدد من أحياء بيروت.

وحينما قتل قائد "فيلق القدس" الإيراني السابق، قاسم سليماني، بضربة أميركية قرب مطار العاصمة بغداد في يناير 2020، علق الطفيلي قائلا: "نأمل بأن يأتي مقتله بالفرج على المساكين والشعوب المسحوقة تحت الغطرسة الأميركية وجنون العظمة الإيرانية".

والطفيلي مطلوب للولايات المتحدة الأميركية بتهمة المشاركة بالاعتداء على قوات المارينز في لبنان عام 1983.