معهد إيطالي: لهذا حُرم مسلمو الروهينغا من الاهتمام الدولي وتضامن الشعوب

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

استنكر معهد إيطالي تواصل الاضطهاد وانتهاكات حقوق الإنسان التي تتعرض لها أقلية الروهينغا المسلمة المقسمة الآن بين ميانمار وبنغلاديش، حيث يعيش عشرات الآلاف في ظروف "محفوفة بالمخاطر".

وبحسب موقع معهد تحليل العلاقات الدولية، توجد مؤشرات عديدة تنذر بعدم تحسن الوضع الحالي وتتواصل مأساة هذه الأقلية المصنفة من قبل الأمم المتحدة ضمن الأكثر اضطهادا حول العالم.

وذكر أن من هذه المؤشرات أن الروهينغا لا يثيرون في الواقع اهتمام الرأي الدولي، ولا يشكلون جزءا من اللعبة الجيوسياسية للقوى الكبيرة.

 لذلك، فهم لا يتمتعون حتى بتضامن الشعوب الأخرى، على غرار ما يحدث مع اللاجئين الفلسطينيين أو الفنزويليين، وفق قوله.

ضحايا الاضطهاد

وأضاف: "ما يزيد من معاناة أفراد الأقلية أن أمامهم منافذ وطرق هجرة محدودة" في إشارة إلى لجوئهم إلى تايلاند وماليزيا وبنغلاديش.

وبين أن الروهينغا وهم أقلية عرقية مسلمة أقامت لقرون في ولاية راخين في ميانمار، وهي دولة ذات أغلبية بوذية، كانوا ضحايا للعنف والتمييز والاضطهاد لعقود من الزمن.

وأشار الموقع الإيطالي إلى أن السلطات العسكرية، التي روجت لخطاب مناهض للإسلام على أساس الدفاع عن "الهوية البورمية"، كانت قد تبنت في عام 1982 قانونا يحرم الأقلية المسلمة من الجنسية ويقرر بشكل نهائي وضعهم كأجانب. 

ونتيجة لذلك، يشكل الروهينغا أكبر الأقليات من حيث عدد الأفراد عديمي الجنسية في العالم حتى الآن.

وفي يونيو/حزيران 2012، اتهم شخص من الروهينغا باغتصاب امرأة بورمية ليشكل ذلك نقطة انطلاق حملة تطهير عرقي وعنف واضطهاد سقط خلالها عشرات القتلى.

وبلغت موجة الكراهية ضد الأقلية العرقية المسلمة، التي تفاقمت في السنوات التالية، ذروتها في أغسطس/آب 2017، عندما أجبر القمع العنيف من قبل القوات المسلحة البورمية أكثر من 700 ألف شخص على الفرار والبحث عن ملجأ في بنغلاديش المجاورة. 

بينما قتل الآلاف منهم وأحرق ودمر ما يقرب من نصف قراهم، فيما وقعت نساء الأقلية ضحايا عدة حوادث عنف جنسي. 

وأكد الموقع أن هذا العنف، المصنف فعليا على أنه إبادة جماعية، قد ارتكب بموافقة ضمنية من حكومة "ديمقراطية" بقيادة  أونغ سان سو تشي، الحائزة على جائزة نوبل للسلام عام 1991.

وإثر الانقلاب عليها في العام 2021، تقبع الزعيمة السابقة وراء القضبان بعد أن صدر ضدها حكم بالسجن لمدة 11 عاما، إثر إدانتها بتهم الفساد والتحريض على العنف وخرق قواعد كورونا وقانون الاتصالات.

حاليا، يعيش أكثر من 900 ألف مهاجر من الروهينغا في بنغلاديش، واستقروا تحديدا في منطقة كوكس بازار، التي تعد حاليا أكبر مخيم للاجئين ذي كثافة سكانية هي الأكبر في العالم. 

علاوة على ذلك، أدى عدم الاستقرار السياسي والنزاعات المسلحة المستمرة التي تعيشها ميانمار إلى ارتفاع عدد المشردين داخليا إلى أكثر من مليون.

وصف موقع المعهد الإيطالي الظروف المعيشية لأفراد الأقلية المسلمة في الوقت الحالي بالحرجة. 

في ميانمار، يحرمون من الجنسية ويعدون مهاجرين غير شرعيين، ويعيشون في تعايش عدائي مع السكان البوذيين. 

وقال الموقع إن حرمانهم من الحصول على الجنسية، وعدم ضمان الحقوق الأساسية مثل الحق في التصويت أو التنقل بين مناطق البلاد إلا بتصريح رسمي، تجعلهم حتما أكثر عرضة للاستغلال والاضطهاد الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي والتجاوزات.

معاناة اللجوء

وحذر المعهد من أن وضع الفارين منهم إلى بنغلاديش قد يكون أسوأ، لا سيما وأن هذه البلاد لم توقع على اتفاقية جنيف لعام 1951، مما يحرمهم من إمكانية الاستفادة من أي شكل من أشكال الحماية الدولية. 

وهي اتفاقية متعددة الأطراف برعاية الأمم المتحدة تهتم بوضع اللاجئين، وتحدد حقوق الأفراد الذين يمنحون حق اللجوء، بالإضافة إلى مسؤوليات الدول التي تستقبلهم. 

وعلى الرغم من أن بنغلاديش أبدت تضامنا في البداية مع الروهينغا، فإن الدعم غير الكافي من المجتمع الدولي وتعصب السكان المحليين قاد البلاد لإغلاق الحدود مع ميانمار عام 2019.

تجعل الكثافة السكانية العالية في منطقة كوكس بازار ظروف اللاجئين محفوفة بالمخاطر للغاية داخل أحياء فقيرة ومؤقتة في مساحات صغيرة. 

وأضاف الموقع بأن مستويات سوء التغذية مرتفعة للغاية، إذ إن ثلث الأطفال دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية، بينما لا يملك الكثير منهم إمكانية الوصول إلى التعليم والنظام الصحي. 

علاوة على ذلك، تزيد الكثافة العالية وظروف الصرف الصحي السيئة من خطر انتشار الأوبئة. كما لا ينبغي الاستهانة بمخاطر موسم الأمطار الموسمية، يتابع الموقع. 

ويشرح أن هطول الأمطار الغزيرة والرياح العاتية التي تضرب بنغلاديش كل عام خلال هذا الموسم تزيد من مخاطر الفيضانات والانهيارات الأرضية، مما يعرض للخطر صمود المساكن والمخيمات التي تؤوي مئات الآلاف من المهاجرين. 

ويحذر الموقع من أن موسم الأمطار والظروف المعيشية قد تؤدي إلى ظهور أمراض مثل التهاب الكبد والملاريا وحمى الضنك والشيكونغونيا (داء فيروسي ينقله البعوض).

وفي يوليو/تموز 2021، أغرقت الأمطار الموسمية منطقة كوكس بازار، وقتلت ستة من الروهينغا وألحقت أضرارا ودمرت حوالي 3800 ملجأ.

وأردف الموقع بأنه لا يزال هناك الكثير من الروهينغا الباحثين عن آفاق أفضل للحياة، يحاولون الفرار من ميانمار أو بنغلاديش متجهين خاصة إلى تايلاند وماليزيا وإندونيسيا. 

وذكر أنه في يونيو/حزيران 2022، أنقذت البحرية التايلاندية 59 شخصا ينتمون إلى الأقلية العرقية المسلمة تقطعت بهم السبل في جزيرة كوه دونغ. 

من جانبها، حثت منظمة هيومن رايتس ووتش الحكومة التايلاندية على منحهم حق الوصول إلى نظام الحماية الدولي. 

إلا أن السلطات المحلية ترفض باستمرار استقبال المهاجرين الروهينغا، الذين غالبا ما يتعرضون لتدابير الاحتجاز التعسفي دون إمكانية الوصول إلى الإجراءات اللازمة لتحديد وضع اللاجئ. 

في غضون ذلك، أعلنت البحرية التايلاندية أنها ستستمر في اتباع سياسات إعادة الروهينغا في انتهاك مطلق لأحكام القانون الدولي.

وتحظر تلك الأحكام الإعادة القسرية لطالبي اللجوء، دون أن تدرس أولا طلبهم للحماية الدولية بشكل كاف.