هاشم العقاد.. رجل أعمال سوري يعمل على "تبييض" أموال الأسد وإطعام قواته

لندن - الاستقلال | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تتعامل الأمم المتحدة في تقديم مساعداتها للسوريين مع شركات يديرها رجال أعمال قدماء أمثال هاشم العقاد، الذي يحقق أرباحا بملايين الدولارات، تشكل رافدا ماليا إضافيا لخزينة نظام بشار الأسد خلال العقد الأخير.

ويعد هاشم، سليل عائلة لها اسم تجاري ضخم في سوريا، دفعته لأن يكون أحد المقربين من رئيس النظام بشار الأسد، والحاصل على الضوء الأخضر منه لتأسيس شركة أمنية عام 2012 تحت اسم "بروغارد" المتخصصة بخدمات وأنظمة الحماية والمراقبة.

وكشف تقرير لمؤسسة "FDD" للأبحاث، ومقرها واشنطن، عن عمليات مالية تجريها الأمم المتحدة خلال عملها في العاصمة السورية دمشق، تعود بالفائدة المادية على النظام السوري.

وذكر تقرير المؤسسة المنشور في 18 يوليو/تموز 2022، أن وكالات الأمم المتحدة أنفقت 11.5 مليون دولار أميركي في فندق "فورسيزونز" بدمشق، خلال عام 2021 وحده، في حين وصل المبلغ إلى 81 مليون دولار منذ عام 2014.

وأكد أن الأمم المتحدة استأجرت شركات أمنية لها علاقات بالنظام السوري، مثل شركة "ProGuard" التي يخضع مالكها هاشم العقاد لعقوبات أوروبية لدعمه الكبير للأسد.

وبحسب التقرير، فإن شركة "بروغارد"، نفذت أعمالا تجارية مع وكالات الأمم المتحدة، بقيمة 600 ألف دولار خلال عام 2021، و4.1 ملايين دولار منذ عام 2015.

ونشطت تلك الشركة في توفير الحماية الأمنية لرجال الأعمال السوريين المقربين من الدائرة الضيقة للنظام، أو الشخصيات الموالية لروسيا أو إيران، في ظل تراخي القبضة الأمنية وانشغال أجهزة المخابرات في وأد الثورة.

النشأة والتكوين

ولد هاشم أنور العقاد في دمشق عام 1961، وأسس والده شركة لصناعة الملابس في سوريا عام 1935، أي أنه منذ ولادته يقف على أرضية مالية صلبة مكنته من أن يكون ديناصورا ماليا مستقبلا.

ويدير هاشم مع إخوته "عبد الكريم ومحمد وسامر" المجموعة العائلية التي تأسست عام 1994، وتتضمن نحو 14 شركة تتخصص في مختلف القطاعات.

ومن أهم وأكبر تلك الشركات على مستوى سوريا: شركة سلسبيل التي تنتج المشروبات الغازية، كما يتبع لها واحد من أضخم المصانع السورية لإنتاج المعكرونة والسكر "فيوريلا".

إضافة إلى اختصاص المجموعة في تجارة المواد الطبية والأدوية، والمواد الكيماوية والبتروكيماوية، وصناعة وتجارة أجهزة كومبيوتر ومنظومات الإنترنت.

وأيضا صناعة وتجارة تجهيزات الاتصالات والمقاسم الهاتفية، وتجارة الكابلات الكهربائية والهاتفية، كما تمتلك شركة المتحدة للنفط، وغيرها الكثير.

وهاشم هو مدير عام وشريك مؤسس في "شركة البوابة الذهبية للنقل والشحن والسياحة"، وشريك مؤسس في "شركة دمشق للاستثمارات السياحية"، وكذلك شريك مؤسس في "الشركة الدولية لإدارة المحافظة المالية".

ودخل هاشم العقاد" مجلس الشعب" لأول مرة عندما كان عمره 33 عاما، ليصبح أصغر الأعضاء سنا في دورة 1994، واستمر في المحافظة على كرسي المجلس 18 عاما حتى 2012.

صديق العائلة

ارتبط العقاد بعلاقة وثيقة مع شقيق بشار الأكبر، باسل الأسد، الذي توفي بحادث سير غامض بدمشق عام 1994، ثم مع شقيقه ماهر الأسد الذي يقود الفرقة الرابعة "مدرعات" والمولود عام 1968.

أظهر العقاد الولاء المطلق لعائلة الأسد الحاكمة لسوريا منذ عام 1971 حينما وصل والده حافظ إلى السلطة بانقلاب عسكري وأورث الحكم لابنه بشار عام 2000 عند وفاته.

وتمثل ذلك حينما أعلن العقاد سحب استثماراته من لبنان عام 2005 عقب خروج الجيش السوري من ذلك البلد.

وجاء ذلك عقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني، رفيق الحريري، بعد عقود من الوصاية السورية تمثلت بدخول ذاك الجيش لأول مرة عام 1976 إلى لبنان.

وأدرج الاتحاد الأوروبي العقاد في يوليو 2014 على لائحة العقوبات التي تضم كبار شخصيات النظام وأعوانه في المجالات العسكرية والمخابراتية والاقتصادية، لدور شركته "المتحدة للنفط" في قطاعي النفط والغاز.

وذكر الاتحاد حينها، أن هؤلاء الأفراد والكيانات سيتعرضون لعقوبات، تشمل تجميد أصولهم، كما سيحظر عليهم الدخول إلى الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي.

وكان العقاد يرتبط بعلاقة قوية مع العماد آصف شوكت، زوج بشرى ابنة حافظ الأسد الوحيدة، والذي كان يشغل نائب وزير الدفاع.

قبل أن يقتل في تفجير غامض استهدف اجتماعا لـ"خلية الأزمة" لقمع الثورة السورية، في مبنى مكتب الأمن الوطني بحي الروضة الراقي وسط دمشق في 18 يوليو 2012.

ودعم شوكت، العقاد في إعداد قائمة رجال أعمال وشخصيات بارزة من دمشق، تحت اسم "المستقلين" للفوز بمقاعد في مجلس الشعب على حساب رجال أعمال آخرين.

وكان العقاد حلقة وصل كبيرة بين عائلة الأسد المتمثلة بماهر شقيق بشار، وكذلك آصف شوكت وشخصيات دينية لها تأثيرها المحلي في دمشق.

وعام 2012 أسست عائلة أبناء أنور العقاد شركة نفطية باسم "البوابة الذهبية". وتتخصص الشركة بممارسة الأعمال النفطية، وتقديم الخدمات واستيراد المعدات والمواد المتعلقة بها.

تبييض الأموال

وطالت الدفعة الثانية المشمولة بعقوبات "قانون قيصر" التي أصدرتها وزارة الخزانة الأميركية أسماء بارزة بينها هاشم العقاد.

منذ عام 2015 تقرب العقاد أكثر من ماهر الأسد، أو بمصطلح اقتصادي، وجدا مصالح استثمارية مشتركة الأول عبر المال والشهرة في السوق والثاني كسلطة يمتلك فيها قرارات البلد.

إذ إنه عام 2018 جرى توكيل هاشم العقاد من قبل ماهر الأسد بتنظيم العمران في جزء من جنوب دمشق على طريق المطار والتي تعرضت للقصف وهجر أهلها.

ولطالما استهجن أهالي العاصمة دمشق مشهد تنقل هاشم العقاد بأسطول من السيارات المصفحة بين مكتبه في منطقة عرنوس ومنزله في حي المالكي الراقي.

ويؤكد موقع "مع العدالة" الذي يعنى بإحقاق مبدأ المساءلة ومنع الإفلات من العقاب لمجرمي الحرب ومنتهكي حقوق الإنسان، أن العقاد أسهم في تبييض الأموال للنظام السوري عبر شبكته التجارية في العراق ولبنان.

ولفت الموقع السوري إلى أن العقاد متورط في توفير المشتقات النفطية وتأمين المعدات العسكرية للنظام بالإضافة إلى تمويل مليشيات محلية لقمع الثورة في دمشق وريفها.

مطعم القتلة

ويشير موقع "مع العدالة" أنه في عام 2003؛ تمكن هاشم العقاد من استعادة شبكته التجارية بعد فترة من الركود عقب وفاة باسل الأسد صديقه المقرب. إذ استطاع أن يوفر لبشار ملاذا لعمليات التهريب وتبيض الأموال.

وتمكن العقاد عبر شركاته الموجودة ما بين العراق وسوريا ولبنان، من إدخال مبالغ مالية إلى بيروت وتبييضها، ومن ثم تحويلها عبر بنكي "المدينة" و"الموارد".

وجرى ذلك تحت إشراف اللواء رستم غزالة الذي كان له نفوذ واسع في لبنان خلال فترة وجود الجيش السوري حتى عام 2005.

وفي عام 2015، أعلن عن وفاة غزالة بظروف غامضة بسوريا. وتطورت أعمال هاشم المشبوهة لاحقا، حينما رست عليه مناقصات توريد معدات عسكرية واتصالات لنظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، بموافقة وشراكة من ماهر الأسد.

أكبر البقع السوداء في مسيرة هاشم العقاد، أنه كان "مطعم القتلة"، عبر توفير شركاته الغذائية الطعام لقوات الأسد والشرطة ومجموعات الشبيحة التي قمعت الثورة السورية منذ اندلاعها في 2011.

وكان يعتمد مصنع المعكرونة "فيوريلا" الذي يملكه على طحين الأفران المدعومة من حكومة الأسد والتي تكون بأسعار رمزية، وعلى صفقات طحين مشبوهة يجري تهريبها عبر الادعاء بأنها قادمة من دول عربية في حين أن مصدرها أجنبي.

وكل ذلك يكون عبر دعم من آل الأسد الذين يتحكمون بميناء اللاذقية، ويسهلون للعقاد الحصول على مواد أولية دون جمارك أو ضرائب كبقية المستوردين.

وأمام تلك المنفعة المتبادلة راكم العقاد ثروته المالية، وكذلك أتخم جيوب أسياده الذين سمحوا له بالتمدد اقتصاديا أكثر بسوريا لقاء مساندتهم في التهريب من العقوبات ونقل الأموال والمعدات من دول آسيوية يمتلك الشخص المذكور علاقات طيبة مع رجال أعمال فيها.