رغم محاولات الغرب لعزلها.. تركيا "الطريق الوحيد" لطاقة آمنة إلى أوروبا

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

رأت صحيفة تركية أن مشكلة أمن الطاقة التي تتعرض لها الدول الأوروبية اليوم هي نتيجة سلسلة من الأخطاء الإستراتيجية للولايات المتحدة في الفترة الماضية.

وأدت السياسات التدخلية الأحادية للولايات المتحدة التي لا تهتم بالمصالح الوطنية لحلفائها إلى نقص الطاقة على المستوى العالمي، وفق ما يقول الكاتب نجم الدين أجار في صحيفة "يني شفق".

احتواء مزدوج

واستدرك أجار: في خضم الحرب الروسية الأوكرانية التي بدأت في فبراير/شباط 2022، تواجه أوروبا مشكلة خطيرة تتعلق بأمن الطاقة. 

في هذه الفترة، تواجه الدول الأوروبية ليس فقط خطر الارتفاع الفلكي في فاتورة الطاقة، ولكن أيضا خطر عدم القدرة على الوصول إلى الطاقة الكافية للحفاظ على النشاط الاقتصادي حتى لو كانت على استعداد لدفع فواتير عالية.

وأردف: عندما ننظر إلى احتياطي الغاز الطبيعي وخريطة الاستهلاك على نطاق عالمي؛ نرى أن جزءا كبيرا من الغاز الطبيعي تستهلكه الدول الأوروبية.

وبين أن ما يقرب من ثلثي الاحتياطيات موجود في أربع دول مثل روسيا (25 بالمئة) وإيران (17 بالمئة) وقطر (11 بالمئة) وتركمانستان (7 بالمئة).

وتابع: هناك ثلاثة ممرات رئيسة لنقل الغاز من هذه الدول إلى أوروبا، وهي الممر الشمالي والجنوبي والأوسط.

ممر الغاز الذي يمر عبر شمال البحر الأسود فقد هويته كممر موثوق للطاقة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية. 

وفي المقابل فقد الممر الجنوبي معناه مع انسحاب الولايات المتحدة من مشروع شرق المتوسط.

 واليوم يعد الممر الأوسط الذي يمر عبر تركيا الطريق الوحيد الذي يمكن لأوروبا من خلاله توفير الطاقة بأمان.

ولفت أجار إلى أنه عندما ننظر إلى الولايات المتحدة لما بعد عام 2000، نرى أنها تتبع تقريبا سياسة "الاحتواء المزدوج" في إنتاج الطاقة ونقلها.

هذه السياسة زعزعت استقرار البلدان الاحتياطية من ناحية، والطرق الحاسمة في نقل الطاقة من ناحية أخرى، بحسب تقييم الكاتب التركي.

واستدرك أجار: إيران، التي كانت في البداية دولة رئيسة للغاز الطبيعي والنفط بسبب أنشطتها النووية منذ أوائل القرن الحادي والعشرين، جرى عزلها عن أسواق الطاقة العالمية. 

وفي 2015، جرى توقيع الاتفاق النووي، وهو أمل في عودة إيران إلى أسواق الطاقة، لكن عزلة طهران في أسواق النفط والغاز استمرت مع انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الأحادي الجانب من هذا الاتفاق عام 2018. 

ضغط على الاحتياطي

ومع ذلك، خلال عملية التفاوض، بذلت الدول الأوروبية الكثير من الجهد لجعل الاتفاق حقيقة. 

وخاطرت الدول الأوروبية بخيار استمرار الاتفاق دون الولايات المتحدة بعد الانسحاب الأميركي، وحاولت تطوير نظام دفع بديل لا يخضع للعقوبات. 

لكن هذه المحاولة فشلت أيضا تحت ضغط من الولايات المتحدة، بحسب الكاتب التركي.

وأردف: تعرضت قطر، التي تحتل المرتبة الثالثة من حيث الاحتياطيات العالمية، للحظر والحصار من قبل دول الخليج المدعومة من الولايات المتحدة على أساس أنها تدعم الإرهاب في فترة ما بعد عام 2014. 

وعلق أجار: أدت عمليات الحظر والعقوبات التي تعرضت لها كل من إيران وقطر لفترة طويلة إلى حرمان الدول الأوروبية من احتياطيات بديلة كبيرة لروسيا.

وأدت المحاولات الأميركية للحد من الضمانات الأمنية الفعلية في منطقة الخليج، التي تعد قلب الإنتاج النفطي العالمي، إلى ابتعاد الإمارات والسعودية عن الغرب والدخول في المحور الروسي الصيني، وبالتالي إضعاف يد الغرب في إنتاج الطاقة العالمية وتسعيرها.

وأضاف: كما أسفرت السياسات التي اتبعتها الولايات المتحدة بشأن طرق العبور عن عواقب تجعل نقل الطاقة إلى أوروبا مستحيلا.

أولا، وبسبب عدم الاستقرار السياسي الذي حصل في العراق بعد غزوه بقيادة الولايات المتحدة، وبسبب دعم الأخيرة لحزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب في سوريا الذي سبب عدم الاستقرار في البلدين.

كما أن محاولات الإضرار بالسلامة الإقليمية للعراق وسوريا جعلت من المستحيل نقل الغاز الطبيعي الإيراني والقطري إلى أوروبا. 

فمن المستحيل نقل الغاز الطبيعي لكلا البلدين إلى أوروبا بدون العراق وسوريا. 

وبمعارضة محاولات تركيا لحماية السلامة الإقليمية للعراق وسوريا، دعم الأميركيون "ممرا إرهابيا" من شأنه أن يكون بمثابة حاجز أمام نقل الطاقة في المنطقة، وفق قوله.

ثانيا، أضعفت الولايات المتحدة أيضا موقف تركيا كطريق مهم لنقل الطاقة من خلال اتباع سياسات تتجاهل مخاوف الأمن القومي التركي في هذه العملية. 

فعلى سبيل المثال، فشل مشروع خط أنابيب نابوكو عام 2010، لأنه لم يتمكن من العثور على دعم كاف من الغرب، وفق الكاتب.

وتابع: كما التزم الأميركيون الصمت إزاء احتلال أرمينيا للأراضي الأذربيجانية، الذي شكل عقبة أمام نقل الغاز التركماني وغيره من موارد الطاقة في منطقة بحر قزوين إلى الغرب. 

وجاء رد الفعل الأقسى على سياسة تركيا بسبب حرب قرة باغ الثانية من الولايات المتحدة. 

ومع ذلك، إذا أمكن فتح ممر زنجزور وإقامة اتصال بري بين تركيا وأذربيجان، يمكن نقل موارد النفط والغاز الطبيعي الغنية في منطقة بحر قزوين بأمان إلى الغرب، بحسب تقييم الكاتب.  

سياسات خاطئة

وأردف أجار: جعلت سياسة الولايات المتحدة في كل من عملية روسيا عام 2008 ضد جورجيا وفي حرب قرة باغ الثانية روسيا لا مثيل لها في نقل موارد الطاقة في منطقة القوقاز.

واستدرك: كان أحد الأخطاء الإستراتيجية المماثلة للولايات المتحدة، محاولة إقصاء تركيا من موارد الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط. 

وبين الكاتب أن الجهد المتعمد لعزل تركيا في كل من المناطق المتنازع عليها في الأماكن الاقتصادية الخالصة وفي مسار نقل موارد الطاقة جعل من المستحيل نقل موارد الطاقة الإقليمية إلى الغرب.

كان مشروع شرق المتوسط​ الذي سحبت الولايات المتحدة دعمها له مؤخرا، مبادرة شراكة في مجال الطاقة بدون تركيا.

ومع ذلك، فمن المؤكد أن الطريق إلى تركيا هو الأقل تكلفة والأكثر أمانا لنقل مصادر الطاقة الإقليمية، وفق تقديره.

وتحدث عن أهم أسباب مشكلة أمن الطاقة التي تواجه أوروبا، ومنها عزل دولة مثل إيران، التي تمتلك واحدة من أكبر احتياطيات النفط والغاز الطبيعي في العالم، عن أسواق الطاقة.

وأيضا الحظر والحصار الذي فرض على قطر من قبل جيرانها خلال السنوات السابقة، وكذلك سياسة اللامبالاة التي تنتهجها الولايات المتحدة في الصراع الجيوسياسي في القوقاز.

وختم أجار مقاله قائلا: اليوم نواجه نقصا في الطاقة على نطاق عالمي، حيث جرى استبعاد الاحتياطيات الحالية من السوق بسبب السياسات الخاطئة.

وتجاهلت الولايات المتحدة الأمن القومي لحلفائها واتبعت سياسة "الاحتواء المزدوج" في طرق إنتاج ونقل الطاقة، وتسببت في النقص الذي نواجهه اليوم، بحسب تقييم الكاتب التركي.