عائشة القذافي.. ابنة العقيد المثيرة للجدل وصاحبة "الرسائل المجهولة"
.jpg)
رفعت المحكمة الأوروبية، في 21 أبريل/نيسان 2021، اسم عائشة القذافي، نجلة الزعيم الليبي الراحل معمر التي تقيم في سلطنة عمان، من قائمة الخاضعين لعقوبات تعود لسنة 2011.
بررت المحكمة (مقرها لوكسمبورغ) قرارها بأن عائشة القذافي لم تعد تمثل تهديدا للسلم والأمن الدوليين في المنطقة، كما أنها لم تعد تشارك في الحياة السياسية في ليبيا وغير مقيمة في البلاد منذ سنوات.
يتخذ قرار إدراج أو إزالة شخص أو شركة من قائمة العقوبات الأوروبية بالإجماع من قبل الدول الأعضاء في المجلس الأوروبي، وتتضمن العقوبات حظر دخول أراضي الاتحاد الأوروبي أو عبورها وتجميد الأصول التي يتم توفيرها للشعب الليبي واستخدامها لمصلحته.
ووضعت عائشة القذافي على القائمة السوداء التي أعدها الاتحاد الأوروبي في فبراير/شباط 2011 وتم الاحتفاظ باسمها خلال مراجعات هذه القائمة التي أجريت في العامين 2017 و2020.
وما زال اسم معمر القذافي الذي أطيح به وقتل في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2011 مدرجا على هذه القائمة، وفق وكالة الأنباء الفرنسية، وكذلك أبناؤه خميس ومعتصم وسيف العرب الذين قتلوا أثناء الثورة.
اللجوء مقابل الصمت
تقيم أشهر نساء عائلة القذافي، وهي محامية في الرابعة والأربعين من العمر، تقيم في سلطنة عمان، التي سمحت لها سلطاتها بالإقامة فيها شرط التزامها عدم ممارسة أي نشاط سياسي.
وقد ورثت عائشة عن والدها خرجاته المثيرة للجدل، ولعل أبرز موقف في مسيرتها، انضمامها لفريق الدفاع عن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
عائشة هي الابنة الوحيدة للقذافي من زوجته الثانية، صفية فرقاش، الأم لسبعة من أبنائه، وقد تبنى الزوجان ابنا وابنة هما ميلاد وهناء.
هربت صفية مع ابنتها عائشة من العاصمة طرابلس عام 2011 إلى الجزائر، التي منحتهم اللجوء "لأسباب إنسانية" قبل أن ينتقلوا إلى سلطنة عمان.
تزوجت ابنة القذافي من أحد أبناء عمومته في عام 2006، وهو ضابط ليبي يدعى أحمد القذافي، ينتمي لقبيلة القذاذفة التي ينحدر منها والدها، وأقيم حفل الزفاف بطرابلس العاصمة بحضور عدد كبير من زوجات الرؤساء والملوك العرب.
وكان قد أعلن بعد ثلاثة أيام من وصولها الجزائر أنها أنجبت طفلة سمتها صفية على اسم والدتها.
حصلت عائشة القذافي على شهادة الماجستير في القانون من جامعة الفاتح، وبدأت في التحضير للدكتوراه في القانون الدولي عام 2003 من جامعة السوربون بفرنسا، قبل أن تقرر قطع رسالتها، معتبرة أنه "من العبث إضاعة الوقت في دراسة شيء لا وجود له"، في إشارة إلى الحرب الأميركية البريطانية على العراق آنذاك.
ابنة أبيها
دافعت وحيدة القذافي بقوة عن نظام والدها خلال انتفاضة عام 2011، وفي أبريل/ نيسان من نفس السنة، قالت في خطاب ألقته في معسكر باب العزيزية بطرابلس، بمناسبة حلول الذكرى السنوية الـ 25 للغارة الأميركية عام 1986، إن الدعوات التي يطلقها الغرب لرحيل والدها تعد إهانة لكل الشعب الليبي.
وزادت في خطابها: "في عام 1911 قتل الإيطاليون جدي في غارة جوية، والآن يحاولون قتل أبي. تبت أيديهم".
دعت، خلال وجودها في الجزائر، من خلال قناة تلفزيونية سورية الليبيين إلى "التمرد" ضد الحكومة الجديدة.
استعانت عائشة القذافي بمحام إسرائيلي، لتقديم التماس للمحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في وفاة والدها، وفق ما نقلته شبكة "بي بي سي" البريطانية.
وفي 2012 قدمت التماسا لنفس المحكمة للإدلاء بوثائق تثبت عدم تورط أخيها، سيف الإسلام القذافي، في جرائم ضد الإنسانية، وطلبت أن تضمن له المحكمة محاكمة عادلة داخل ليبيا.
ذكرت وسائل إعلام ليبية أن عائشة، خلال وجودها في الجزائر، دعمت المنتخب الجزائري في مواجهة نظيره الليبي لكرة القدم، قائلة إن الجانب الليبي "لا يمثلها".
نادت عائشة القذافي بتحرير فلسطين عن طريق الجهاد وكان شعارها "نعم للانتفاضة ولا للاستسلام"، قبل أن تنصرف عن القضية إلى الوضع الإفريقي، معتبرة أن "فلسطين لن تتحرر وأن العرب نائمون".
انضمت المحامية إلى فريق الدفاع عن الرئيس العراقي، صدام حسين، منذ عام 2000، وترأست الوفد الليبي في أول رحلة جوية إلى بغداد حيث التقت صدام، بهدف "كسر الحظر الجوي المفروض على العراق منذ 1990 من الأمم المتحدة".
وقالت للإعلام آنذاك: "قمنا بهذه الرحلة دون أن نأخذ إذنا من أحد؛ لأن زيارتنا هذه تمثل الانتقال من غرفة إلى أخرى داخل منزل واحد فلا داعي لأخذ أي إذن بذلك".
نقلت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية، أن ابنة العقيد ألقت في عام 2000، خطابا في "ركن المتحدثين" في "هايد بارك" بلندن لدعم الجيش الجمهوري الأيرلندي المؤقت، وشكل تدخلها انتهاكا للبروتوكول الدبلوماسي وأدى إلى حالة من الاستنفار الأمني.
وعندما سئلت عن دعمها للجيش الجمهوري الإيرلندي في عام 2010، صرحت "لقد كنت دائما داعمة لتحرير كل الحركات"، كما دعمت المقاومة العراقية، قائلة "عندما يكون لديك جيش احتلال قادم من الخارج، يغتصب نساءك ويقتل شعبك، فمن الشرعي أن تقاتلهم".
وفي عام 2011، نددت بشدة بسياسات وزيرة الخارجية الأميركية وقتها هيلاري كلينتون والرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، داعية إلى وساطة في الحرب الأهلية الليبية من خلال منظمة دولية بغرض استبعادهم.
أنشأت جمعية أسمتها "عائشة الخيرية"، قبل أن تغير اسمها إلى "واعتصموا الخيرية"، لتصبح منبرا لها للمشاركة والمناضلة في القضايا السياسة التي تحبذ أن تتدخل فيها مثل القضية الفلسطينية.
رسائل عائشة
في ديسمبر/ كانون الأول 2020، تداولت وسائل إعلام رسالة نسبت إلى عائشة القذافي، قالت فيها: "عندما قصف الناتو (حلف شمال الأطلسي) بلدي وهدم باب العزيزية، فررنا إلى سرت لأنها مسقط رأس والدي، لكن الخونة تبعونا، هربنا إلى بني وليد التي قاومت كثيرا، ووعدنا شيوخ القبائل هناك بأنهم سيموتون من أجلنا(...)".
"قلنا لوالدي إن الأمر متروك له ليقرر أين نذهب وأننا نتفق معه دون تردد، تنهد عدة مرات ثم قال: أذهب إلى الجزائر، لم أر منهم أي ضرر طيلة خمسين عاما! في الجزائر ستعيشون أحرارا".
وتابع: "الجزائر لن تسلمكم إلى الناتو ولن يجرؤ الناتو على دخولها، أنا متأكد !! تمتلك الجزائر سلاح ردع شامل منذ عام 1973، وقد أتاحته للدول العربية خلال حرب أكتوبر ضد إسرائيل".
"لكن الخونة العرب أبلغوا أميركا وإسرائيل عن ذلك، الأمر الذي جعل الجزائر تنفي ذلك! الجزائر لن تسلمك إلى محكمة العدل الدولية أو إلى أي دولة أو منظمة طلبت ذلك!"، وفق ما نقلت عنه.
قبل أن ينفي مصدر مقرب من عائلة القذافي لوكالة "سبوتنيك" الروسية، أن تكون عائشة هي التي كتبت الرسالة.
وقال المصدر: "هذا النص مليء بالأكاذيب، كل من يعرف أحداث ليبيا عام 2011 يعلم أن هذه الرسالة خاطئة".
الرسالة إلى الجزائر لم تكن الوحيدة التي أثارت الجدل، فقد تعرض عدد كبير من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي إلى عمليات نصب عبر حساب يحمل اسم وصور ابنة الرئيس.
يطلب الحساب من المستخدمين مبلغا ماليا مقابل تحويل ثروة على حسابهم البنكي، بدعوى حظر اسم عائشة القذافي وعدم تمكنها من تحويل ثروتها، وكان أغلب ضحايا شبكة النصب من تونس والجزائر ومصر.