خميس الخنجر.. مليونير بجنسيات متعددة يطمع إلى تزعّم سنة العراق

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

بعدما كان يشارك في صناعة القرار السني خلف الكواليس، يحاول السياسي ورجل الأعمال العراقي، خميس الخنجر، منذ 2018 لعب دور مباشر في العملية السياسية للوصول إلى زعامة المكون السني، من خلال تشكيل تحالفات وقيادته لقوائم انتخابية.

الخنجر الذي يتزعم تحالف "عزم" حاليا، خصه وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف من بين القادة السنة غير المسؤولين في الدولة، بزيارة إلى منزله ببغداد في 24 أبريل/نيسان 2021، الأمر الذي اعتبره مراقبون "نقلة نوعية" في تعامل طهران مع السنة.

علاقات متعددة

رجل الأعمال والسياسي السني يعرف بعلاقاته الواسعة في المنطقة، فهو يحظى بعلاقة خاصة مع تركيا وقطر اللتين يحمل جنسيتهما، إضافة إلى علاقته الوثيقة بالمملكة الأردنية، ويحمل أيضا جنسيتها، كما كان قريبا جدا من السعودية والإمارات قبل اندلاع الأزمة الخليجية عام 2017.

وفي الوقت الحالي يعتبر الخنجر حليف تركيا وقطر الأقرب من بين القادة السنة بالعراق، والأبعد عن السعودية والإمارات، حسبما قال القيادي في تحالف "عزم" رئيس البرلمان الأسبق محمود المشهداني خلال مقابلة تلفزيونية في 30 أبريل/نيسان 2021.

ويسعى الخنجر في المرحلة الحالية لتشكيل أكبر تحالف سني أطلق عليه "عزم" لخوض الانتخابات البرلمانية في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2021، منافسا بذلك تحالف "تقدم" الذي يقوده غريمه السياسي رئيس البرلمان الحالي محمد الحلبوسي.

وفي مايو/أيار 2019، نقل رئيس البرلمان السابق سليم الجبوري، عن الخنجر قوله: إن "الإمارات تدبر أمرا يتعلق بوضع الانتخابات التي جرت في 2018، لأن السيرفرات الخاصة بالاقتراع كانت هناك"، مشيرا إلى أن "الخنجر أكد بأن النتائج ستكون صادمة بالنسبة له".

الأمر الذي على ما يبدو كان سببا في انسحاب خميس الخنجر نفسه، من السباق الانتخابي عام 2018 قبل أقل من شهر على الانطلاق، معللا ذلك بأسباب شخصية (لم يذكرها) تحول دون الاستمرار في خوض غمار المنافسة على مقعد نيابي عن محافظة بغداد.

الخنجر الذي كان مقربا من ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، حافظ على علاقته الوثيقة بأمير قطر تميم بن حمد، الأمر الذي دفع وسائل إعلام إماراتية وأخرى عراقية ممولة من أبو ظبي، إلى شن هجوم ضده، حيث وصفه موقع عراقي ممول إماراتيا في ديسمبر/كانون الأول 2017 بأن "الخنجر، أمين المشروع الإيراني القطري المليشياوي في العراق".

والمثير في الأمر، أن هجوم الموقع العراقي المدعوم إماراتيا جاء بعد سلسلة تقارير نشرها سبقت الأزمة الخليجية، تروج للخنجر وتدعم تحركاته وتصريحاته السياسية التي تظهره على أنه "زعيم عربي سني بأطر وطنية".

وكذلك، نشر تصريحات للخنجر أيد فيها الحرب على "الحوثيين" في اليمن والذي وصفهم حينها بأنهم "قرامطة العصر"، وذلك بعد حديث السعودية عن اعتراض صواريخ مصدرها اليمن كانت تستهدف مدينة مكة.

معاقب أميركيا

بعد مرحلة إنهاء وجود تنظيم الدولة في العراق عام 2017، أصبح الخنجر حليفا للقوى الموالية لإيران بعدما كان يتهم رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي عام 2012 بأنه "طائفي"، كونه يستهدف السنة وقادتهم وتسبب بدخول التنظيم إلى مدنهم عندما خرجوا بمظاهرات شعبية ضده.

عقب عودة العلاقة مع القوى الموالية لإيران والتي قيل إنها جاءت بضغط من طهران، وتحديدا من قائد "فيلق القدس" السابق قاسم سليماني، شكل الخنجر الذي كان أحد قيادات قائمة "القرار" السنية، تحالفا معهم في البرلمان بعد انتخابات 2018 أطلق عليه "البناء".

وظهر الخنجر في عدة لقاءات سبقت تشكيل الحكومة العراقية عام 2018، من بينها لقاءات جمعته بزعيم منظمة "بدر" المدعومة من إيران، هادي العامري، وزعيم ائتلاف "دولة القانون"، نوري المالكي المقرب من طهران أيضا.

وعقب اندلاع الحراك الشعبي في أكتوبر/تشرين الأول 2019، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على الخنجر مع مجموعة من زعماء المليشيات العراقية الذين عاقبتهم بتهمة قمع المحتجين.

لكن الخنجر كانت تهمته من الخزانة الأميركية في ديسمبر/كانون الأول 2019، بأنه "قدم مبالغ كبيرة لشخصيات سياسية عراقية من أجل حشد الدعم وتأمين تعيين أحد مرشحيه لمنصب داخل الحكومة".

ورد حزب "المشروع العربي"، الذي يتزعمه الخنجر على ذلك بالقول: إن "قراءة نص القرار، تكشف عن فضيحة أخلاقية وسياسية ترتكبها الولايات المتحدة بشأن حقوق الإنسان، عندما تستند إلى اتهامات مرسلة، واعتباطية، ضد الخنجر بأنه عمد إلى رشوة مسؤولين حكوميين، والتورط في الفساد على حساب الشعب".

وأضاف أن "الاتهامات الأميركية تستند على واش تصفه الوزارة بأنه مسؤول عراقي سابق رفيع المستوى، فضلا عن الاتهامات المجانية المضحكة عن اختلاس أصول الدولة، ومصادرة الممتلكات الخاصة لأغراض شخصية، أو الحديث عن الفساد المتعلق بالعقود الحكومية أو استخراج الموارد الطبيعية أو الرشوة".

مليونير طامح

في يونيو/حزيران 2016، قالت وكالة "رويترز" إن رجل الأعمال الخنجر "يستخدم ثروته التي تقدر بمئات الملايين من الدولارات لإقامة منطقة حكم ذاتي لسنة العراق".

وأضافت الوكالة أنه "على مدى 10 سنوات على الأقل مول الخنجر الساسة والمقاتلين السنة على حد سواء، ويمثل تحول الخنجر من وسيط في عقد الاتفاقات من وراء الكواليس إلى شخص يطمح أن يكون بطلا مدافعا عن حقوق السنة علامة على الشقاق السياسي المستمر بالعراق".

ونقلت عن الخنجر، قوله إنه "يقدم بديلا، ألا وهو اتحاد يدير فيه كل من السنة والشيعة والأكراد مناطقهم في البلاد دون تقسيمها رسميا"، ويرى الخنجر وشركاء في تحالفه أنه "إذا أنشئت منطقة سنية اتحادية فإنها ستجتذب استثمارات بالمليارات من دول الخليج العربية وتركيا".

وأجرى الخنجر الذي يحيط به دائما مجموعة من المساعدين وحراس الأمن البريطانيين بعدد من الزيارات لشمال العراق خلال عام 2016، لكن زياراته تقتصر على إقليم كردستان لأنه يقول إن "حياته معرضة للخطر من تنظيم الدولة والقوى المدعومة من إيران في أجزاء أخرى من البلاد".

وحسب "رويترز" فإن الخنجر يدفع 65 ألف دولار شهريا لمؤسسة مقرها العاصمة واشنطن، يديرها مسؤولون سابقون في إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون؛ للترويج لقضيته في الولايات المتحدة، ووصف خصوم سنة للخنجر بأنه "يروج لنفسه" ويتهمونه بـ"تقديم تعطشه للسلطة على استقرار العراق".

وتابعت: "يتيح له ثراؤه ميزة ساعدته في تمويل ائتلافات سياسية وانتفاضات عشائرية وإذكاء احتجاجات على مستوى البلاد، ويسعى ساسة من السنة والشيعة على حد سواء لكسب وده من حين لآخر بما في ذلك بعض ممن يزدرونه".

ويقدر صافي ثروة الخنجر بمئات الملايين من الدولارات، وله أنشطة في مجالات التصنيع والمصارف والخدمات المالية والعقارات التجارية والسكنية في أجزاء مختلفة من الشرق الأوسط وأوروبا وشمال إفريقيا.

ويقول منتقدون له من مقاتلين سابقين سنة إلى ضباط مخابرات عراقيين سابقين إن عائلته كونت ثروتها من خلال إنشاء شركات واجهة لرجال نظام الراحل صدام حسين في التسعينيات.

ويتهمون الخنجر بالاستيلاء على أصول شركائه بعد الغزو الأميركي 2003 وهي اتهامات ينفيها، لكن لدى سؤاله عن إجمالي ثروته ضحك الخنجر قائلا إن "الله أكرمه كثيرا"، حسبما نقلت وكالة "رويترز".

وقال دبلوماسيون أميركيون سابقون: إن "ثروة الخنجر الضخمة وعلاقاته الوثيقة بدول الخليج وتركيا تسمح له بأن يكون قوة سرية ومستمرة على الساحة السياسية العراقية".

فيما ذكر الدبلوماسي الأميركي السابق علي خضري الذي عمل في بغداد من 2003 إلى 2010، أن "الخنجر من الشخصيات السنية القليلة جدا المتبقية التي تملك الرؤية والفكر والمال وإن كان ليس مثاليا في بلد يعاني من العنف والطائفية والفساد".

شخصية جدلية

يحيط الجدل بتاريخ خميس فرحان الخنجر العيساوي المولود عام 1965 في مدينة الفلوجة بمحافظة الأنبار غرب العراق، فهو رجل أعمال ومليونير يتمتع بقوة كبيرة على الصعيدين الإقليمي والدولي.

ونقلت "رويترز" عن مقاتلين سنة سابقين بالعراق إنه "ساعد في تمويل العمليات المسلحة المناهضة للولايات المتحدة التي بدأت بعيد الغزو الذي قادته في 2003"، ويقولون إنه فيما بعد "ساند انتفاضة العشائر السنية المدعومة من الأميركيين والتي ساهمت في القضاء على تنظيم القاعدة في العراق".

ويقول الخنجر إنه "ساعد عام 2010 في تأسيس إحدى القائمتين السياسيتين الرئيستين في الانتخابات العامة العراقية، وبعد ذلك بثلاثة أعوام ساعد في تمويل احتجاجات للسنة على مستوى البلاد ضد حكومة بغداد".

ووصف "عزت الشابندر" وهو سياسي شيعي تفاوض مع الخنجر خلال عملية تشكيل الحكومة عام 2010، رجل الأعمال الثري بأنه "الرجل الذي كان ينبغي للأحزاب الشيعية أن تتحدث إليه في وقت سابق من العقد الحالي".

وقال الشابندر خلال تصريحات صحفية نشرت 2016، إن "الخنجر كان يملك النفوذ والثروة لكنه حذر من أن ظهور تنظيم الدولة يعني أنه سيكون من الصعب عليه أن يكون الرجل القوي للسنة اليوم بلا منازع".

ويدعو الخنجر إلى إقامة منطقة اتحادية، فقد صرح في 2016، بالقول: إن "إقامة منطقة اتحادية على غرار إقليم كردستان العراق شبه المستقل ستمنح السنة حقوقا وتساعدهم" على محاربة تنظيم الدولة.

ويصر رجل الأعمال على أنه يريد إنقاذ بلاده "من أجل مصلحتها وليس مصلحته الشخصية"، مؤكدا أن "ما من أحد لا يريد أن يرى بلده آمنا ومستقرا، وأنه لم يكن ليفكر قط في خوض مجال السياسة إذا كان العراق آمنا مستقرا".

ويمتلك الخنجر محطتين فضائيتين حاليا، الأولى تحمل اسم مدينته "الفلوجة" والأخرى "يو تي في" يديرها نجله الأكبر سرمد، كما يرأس حزب "المشروع العربي" وأسس تحالف المحور عام 2018، بعد انشقاقه عن تحالف "القرار" بقيادة نائب الرئيس السابق أسامة النجيفي.