"انقلاب هادئ".. كاتب روسي: حكومة إستونيا رهينة لدى أميركا وأوروبا

12

طباعة

مشاركة

يرصد الصحفي والكاتب الروسي أندريه رازوموفسكي، خلفيات استقالة الحكومة الإستونية وعلاقتها بالإدارتين الأميركية السابقة واللاحقة، مع رأي المراقبين والمحللين الدوليين بشأن هذه الظاهرة السياسية.

وقال الكاتب، إن "الحكومة الإستونية استقالت فجأة في يناير/كانون الثاني 2021، حيث وصف بعض المراقبين الحادث بأنه انقلاب هادئ". 

وأشار رازوموفسكي إلى أن "لهذا الأمر علاقة قوية باستبدال الديموقراطيين محل الجمهوريين في الولايات المتحدة الأميركية، حيث بدأت حملة اكتساح لمؤيدي الرئيس السابق في البلدان التابعة".

وسبقت هذه الأحداث مواقف جدلية لأعضاء في هذه الحكومة، إذ أعلن وزير الداخلية الإستوني السابق مارت هيلمي، أن توصيفه للرئيس الأميركي جو بايدن وابنه هانتر بأنهما "شخصيتان فاسدتان" قد كلفه منصبه، وفق الكاتب.

هيلمي الذي ينتمي لحزب الشعب اليميني في بلاده، كان وابنه مارتن الذي شغل بدوره منصب وزير المالية، قد أثارا موجة انتقادات حادة في وسائل الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي بعد تشكيكهما في برنامج إذاعي محلي بشرعية الانتخابات الرئاسية الأميركية ووصفهما بايدن بأنه "شخصية فاسدة".

وفي وقت لاحق، رشح نائب شعبوي يميني من إستونيا، الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب لجائزة نوبل للسلام. 

وأوضح عضو حزب الشعب الإستوني المحافظ ياك ماديسون، ترشيحه ذلك بالقول: إن "ترامب يعد أول رئيس منذ 30 عاما لم يأمر بشن حرب وهو في منصبه".

أسباب الاستقالة

أعلن رئيس وزراء إستونيا، يوري راتاس، استقالته في ظل فضيحة فساد طالت حزب الوسط الحاكم في البلاد، وأكد أنه سيبلغ رئيسة البلاد، كيرستي كاليولايد، بقرار ترك منصبه، مشيرا إلى أن هذه الخطوة ستؤدي إلى استقالة الحكومة أيضا.

وذكر رئيس الحكومة، في رسالة نشرها عبر صفحته في "فيسبوك"، أنه قرر الاستقالة بعد التشاور مع قيادة حزب الوسط الذي يتزعمه وأقرب زملائه، واصفا ذلك بأنه "القرار الصحيح الوحيد في الظروف الحالية".

وتأتي استقالة راتاس –بحسب الكاتب- في ظل إعلان النيابة وشرطة الأمن في إستونيا، عن توجيه اتهامات جنائية إلى حزب الوسط و5 أشخاص، بينهم أمينه العام، ميخائيل كورب، ومستشارة وزير المالية، كيرستي كراخت، بارتكاب جرائم فساد من خلال إبرام صفقة غير مشروعة مع رجل الأعمال، هيلار تيدير، وفق وكالة "إنترفاكس".

وقال الكاتب: "تم تشكيل الائتلاف السابق في أعقاب الانتخابات البرلمانية في مارس/آذار 2019، ويضم حزب الوسط وحزب المحافظين (EKRE) والوطن".

وأضاف أن "السبب الرسمي لاستقالة الحكومة هو فضيحة فساد تورط فيها ممثلون عن حزب الوسط وحزب (EKRE)، لكن العديد من المراقبين يربطون بشكل مباشر الحادث بالأزمة السياسية في الولايات المتحدة".

وقال المحلل السياسي توماس ألاتالو: إن "الحكومة استقالت بعدما خسر ترامب الانتخابات عن طريق الخطأ، لقد قلت بالفعل إن هذه كانت حكومة فترة ترامب".

وتابع ألاتالو: "أصبح تغيير الحكومة ممكنا بعد أن قررت الأحزاب الأخرى أنه إذا وصل الديموقراطيون إلى السلطة في أميركا، فسيكون من الأفضل تغيير الائتلاف من محافظ إلى ليبرالي".

القدرة على التكيف

وأشار الكاتب رازوموفسكي، إلى أن "رئيسة البلاد كرستي كالجوليد، كلفت رئيس حزب الإصلاح كاي كالاس بتشكيل حكومة جديدة، في نفس الوقت، أدخل الإصلاحيون حزب الوسط إلى التحالف". 

ولفت الكاتب انتباه القارئ إلى أنه -نشأ وضع متناقض- "الوسطيون"، الذين كانوا "متسخين" في فضيحة الفساد، ظلوا في السلطة.

فيما قال عالم السياسة ماكسيم ريفا: إن "النخبة الإستونية تميزت في جميع الأوقات بالقدرة على التكيف، وإلى حد ما، حتى توقع التوجهات السياسية الدولية".

وأشار  إلى أن إستونيا "لا تستطيع أن تكون ضد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الذي انضم إليهما؛ وليس لديها مكان تذهب إليه".

وتبع ريفا: "لذلك كان على مسؤولي إستونيا أن يغيروا الحكومة بسرعة.. وكل هذه الشكوك حول الفساد من قبل الشرطة الإستونية هي مجرد ذريعة ومحاولة لتشويه سمعة الجزء المحافظ من النخبة السياسية المحلية".

بدورها، قالت أستاذة جامعة ولاية سانت بطرسبرغ، ناتاليا إريمينا: إن "استقالة الحكومة السابقة لإستونيا، التي استمرت عامين بالكاد، لا يمكن وصفها بأنها انقلاب كامل، هذا أشبه بتكتيك يتماشى تماما مع الإستراتيجية - أي مع المسار السياسي لتالين".

وخلصت إريمينا إلى أن "السياسة الداخلية والخارجية لإستونيا مترابطتان بشكل وثيق - أقوى بكثير من العديد من البلدان الأخرى- لذلك، فإن أي تحديات داخلية أو خارجية تكون دائما مترابطة بشكل صارم وتؤثر بشكل مباشر على بعضها البعض".