مسعود مولوي.. "صديق الرؤساء" اغتالته إيران على طريقة خاشقجي بإسطنبول

يوسف العلي | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

رغم اغتياله في 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، أثناء وجوده بمدينة إسطنبول، إلا أن قضية الناشط والمعارض الإيراني مسعود مولوي عادت إلى الأضواء مجددا بعدما بدأ مسؤولون أتراك، لأول مرة، الكشف عن تفاصيل تخص الجهات التي تقف وراء مقتله.

مولوي سقط قتيلا بعد تلقيه 11 إطلاقة نارية عندما كان يسير في حي "شيشلي" بإسطنبول، وأعلنت الشرطة التركية وقتها أنها اعتقلت 5 من المشتبه فيهم، 4 منهم مقربون من الضحية، وأقروا بعدها أنهم تصرفوا بأوامر ضابطي مخابرات في القنصلية الإيرانية.

"خاشقجي إيران"

شبهت الصحافة التركية مقتل مولوي، باغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده بإسطنبول في 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، حيث تولت صحيفة "صباح" التي تصدرت بسبق نشر تسريبات مقتل خاشقجي، مهمة تسليط الضوء على تفاصيل مقتل المعارض الإيراني.

وقالت "صباح" التركية خلال تقرير نشرته في 31 مارس/ آذار 2020: إن الأحداث تظهر جوانب مماثلة لاغتيال خاشقجي، فقد تبين أن مولوي، أقام علاقة صداقة مع علي إسفنجاني الإيراني المقيم في إسطنبول، لكنه لم يكن يعلم أن الأخير، ينقل معلوماته للاستخبارات الإيرانية، بواسطة رجلي الأعمال الإيرانيين "أمين ب." و"مسعود أ.م.".

وبعد مراجعة 320 ساعة من 90 تسجيلات الكاميرات، رصدت الشرطة والمخابرات التركية، لقاء رجل الأعمال "أمين. ب" وعلي إسفنجاني مع "القاتل" عبدالوهاب كوتشاك الذي يدّعي أنه يعمل لصالح "بارون المخدرات" الفار، شريف زندشتي، قبل يوم من الجريمة في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 في "مول جواهر" بإسطنبول.

تبيّن أن إسفنجاني الذي وصفته تقارير بأنه "قائد الفريق"، ذهب إلى القنصلية الإيرانية بإسطنبول يوم ارتكاب الجريمة، وبذات اليوم ذهب إلى مطعم في منطقة "بي أوغلو"، برفقة شخصين هما "سناء. ف" و"خوتان. ك".

وذكرت الصحيفة أن رجل مخابرات إيراني يدعى "سفر أ. غ" بعد جريمة الاغتيال بيوم أي في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، توجه إلى قنصلية إيران بإسطنبول، وتقابل مع شخص يدعى سياواش ومهرب إسفنجاني "سناء. ف".

وأوضحت أن القنصلية الإيرانية جهّزت وثيقة مزورة إلى إسفانجي باسم "عباس فيرامارزي"، من أجل تأمين هروبه. وفي منتصف ليلة 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، غادر محافظة إسطنبول عبر الحافلات إلى أنقرة، وبعد ذلك انتقل إلى منطقة "آغري" الحدودية مع إيران.

وفي 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، تبين أن المدعو الإيراني سيافاش أبازاري شلمزاري، تلقى تعليمات بعد الجريمة بيوم من مسؤول في المخابرات الإيرانية يدعى "محمد ر. ن." بتهريب إسفنجاني إلى إيران بشكل غير قانوني.

ولفتت الصحيفة، إلى أنه قبل الجريمة بوقت قصير، التقى إسفنجاني، بمنفذ الجريمة عبدالوهاب كوتشاك في "مول كانيون" في منطقة ليفنت بإسطنبول، وكان من الواضح أن الاثنين تناقشا في آخر التفاصيل حول عملية الاغتيال.

وأشارت إلى أن كوتشاك حصل على السلاح من أشخاص مرتبطين بزندشتي (بارون المخدرات)، قبل تنفيذ الجريمة بنصف ساعة، وبعدها فتح النار على مولوي، الذي كان يسير بجوار إسفنجاني في شيشلي بإسطنبول، لافتة إلى أن كوتشاك كان مختبئا في شقة سكنية تعود لزندشتي، بعد جريمة القتل.

وفي تقرير لها نشرته في 29 مارس/ آذار 2020، قالت صحيفة "جيروزالم بوست" الإسرائيلية: إن إيران حاولت اغتيال مولوي بنفس طريقة اغتيال خاشقجي، حيث دخل ضباط إيرانيون بجوازات سفر دبلوماسية إلى تركيا وتصرفوا بناء على أوامر من قنصلية إيران بإسطنبول، وقاموا باغتيال مولوي.

وأفادت الصحيفة العبرية بأن عملية الاغتيال كانت مقررة أن تكون في القنصلية كما حدث مع خاشقجي، لكن السفارة فشلت في استدراجه، فتم إطلاق النار عليه في حي شيشلي بمدينة إسطنبول.

"الصندوق الأسود"

مولوي (32 عاما) كان خبيرا بالأمن السيبراني في وزارة الدفاع الإيرانية حسبما أظهر تقرير للشرطة التركية، واستقر بمدينة إسطنبول في يونيو/حزيران 2018، بعدما فرّ من إيران بسبب التحقيقات التي أجريت ضده في بلده.

تحول مولوي إلى منتقد قوي للسلطات الإيرانية، وفي أغسطس/ آب 2019، أي قبل 3 أشهر من اغتياله، نشر منشورات معارضة على مواقع التواصل الاجتماعي تتهم الحرس الثوري بالفساد، وذلك كان سببا في اغتياله، بحسب تقرير نشرته وكالة "رويترز" الأحد 29 مارس/آذار 2020.

وقالت الرسالة: "سوف أجتث قادة المافيا الفاسدين. أدعو الله ألا يقتلونني قبل أن أفعل ذلك"، حسبما ذكرت "رويترز".

كان مولوي يدير قناة على تليجرام تحمل اسم "الصندوق الأسود". ونشر معلومات تتعلق بالقيادة الإيرانية بمن فيهم الرئيس حسن روحاني. ومنذ مقتله في  14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، توقفت القناة عن تقديم الأخبار، حسبما ذكرت شبكة "بي بي سي".

ووصف مولوي بعد فراره من بلاده، أداء الرئيس الإيراني الحالي حسن روحاني بأنه "رصاصة في جسد النخب العلمية في إيران".

ونقلت "رويترز" عن مصدرين أمنيين إيرانيين: "مولوي تحدى تحذيرا من الحرس الثوري بعدم التعاون مع شركات تركية في مشروعات متعلقة بالطائرات المسيرة، دون مزيد من التفاصيل. وقالا: إنه اتصل أيضا بالولايات المتحدة ودول أوروبية للعمل معها".

كما قال أحد المصدرين الإيرانيين: إن مولوي نشر وثائق على الإنترنت مفادها بأنه نفذ عملية تسلل إلكتروني أو حصل على معلومات من معارف له بإيران وإنه تجاهل طلبات الاتصال بسفارة إيران في أنقرة والتقى مع أميركيين ودبلوماسي إسرائيلي. أما المصدر الثاني، فقال: "مولوي حُذر من مغبة اتصالاته مع دبلوماسيين أجانب".

يبدو أن هذه الرواية تتطابق إلى حد كبير مع ما تحدث به مولوي في وقت سابق، أنه: "سافر إلى تركيا منذ بضع سنوات وتعاون مع شركاتها العسكرية لبناء طائرات درون من النوع الثقيل".

صديق الرؤساء

نشر مولوي قبل مقتله، صورا تجمعه مع الرؤساء الإيرانيين السابقين بمن فيهم أكبر هاشمي رفسنجاني، محمد خاتمي ومحمود أحمدي نجاد، الأمر الذي يكشف قربه من السلطات العليا في طهران.

وكانت وكالة "مهر" الإيرانية للأنباء المقربة من الحرس الثوري الإيراني، قد أجرت مقابلة معه قبل عدة سنوات وقدمته باعتباره "حاصلا على ميداليات وشهادات اختراع".

المنشق الإيراني ; كان قد عرف نفسه لمتابعيه على مواقع التواصل الاجتماعي بصفة "عالم ومخترع"، وحاصل على شهادة الدكتوراه من الولايات المتحدة و"أحد عباقرة الذكاء الاصطناعي".

أسس مولوي شركة تقنية خلال وجوده في تركيا، وفقا لوسائل إعلام محلية هناك، فيما يقول موقع "نيوزباوند" المستقل: "يحتمل أن يكون مولوي عميلا مزدوجا لصالح إيران والولايات المتحدة وربما تركيا أيضا".

مع لجوء الحكومة الإيرانية لقطع خدمات الإنترنت عن البلاد على خلفية احتجاجات شعبية، راجت تقارير تحدثت عن تقديم "مولوي" نصائح حول كيفية تجاوز قطع الإنترنت ومتابعة الأخبار على مواقع التواصل.

نشرت وكالة أنباء "IHS" التركية، مقطعا مصورا التقطته كاميرات المراقبة، يظهر فيه القاتل يرتدي قبعة سوداء لحظة إطلاق النار على الضحية.

وعقب ذلك قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، عباس موسوي: إنه ينتظر تقرير الأجهزة الأمنية التركية بخصوص مقتله، لكنه لا يستطيع التعليق على مقتله في الوقت الراهن.

وحسب صحيفة "أتلايار" الإسبانية، فإن اغتيال مسعود مولوي يمكن أن يكون مثالا واضحا على حملة إيران على المعارضة خارج حدودها. وسبق أن قتل المعارض الإيراني سعيد كريمان، مدير تلفزيون "GM"، في إسطنبول بطريقة مشابهة أيضا.

من جهة أخرى، ذكرت صحيفة "صباح" في تقريرها أن قوات الأمن تحقق حول استخدام عبدالوهاب كوتشاك، لنفس خط الهاتف الهولندي الذي استخدمه شقيقه "علي" في اغتيال المعارض الإيراني سعيد كريمان، بمدينة إسطنبول في أبريل/ نيسان 2017.