"حرييت": هكذا وصلت العلاقات التركية الأمريكية إلى خط النهاية

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة "حرييت" التركية، في مقال للكاتب سيدات إرجين، الضوء على العلاقات التركية الأمريكية، التي تشهد يوما بعد آخر مزيدا من التدهور، مشيرا إلى أن نهايتها قادمة لا محالة، في ظل تشبث كل طرف بموقفه وعجز ترامب أن يجابه الكونجرس ولجانه.

وأوضح الكاتب أن ذلك كله يأتي في مقابل سيل من القرارات والعقوبات التي تزعج أنقرة وبالطبع لن تكون هي في موقف الساكن، إذ أن الأيام المقبلة ستشهد تطورات سلبية، في ملف العلاقات التركية الأمريكية.

قانون "كاستا"

وأشار إلى أن التطور الأول يتعلق بموافقة مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين على نص قانون سلطة ميزانية وزارة الدفاع (البنتاجون) لعام 2020، وبموافقة الرئيس دونالد ترامب، كما هو متوقع، سيصبح القانون ملزما للإدارة الأمريكية، وبالتالي من المحقق أن يكون إبعاد تركيا عن برنامج طائرات "إف 35" قاطعا وذلك عقابا لها على شرائها أنظمة صواريخ "إس 400" روسية الصنع والمنشأ.

وتابع: كما هو معروف كان من الممكن أن تحوز أنقرة على صواريخ أنظمة دفاع جوي أمريكية الصنع، لكن لجوء تركيا إلى شراء النسخ الروسية منها جعل من احتمالية ذلك أمرا مستبعدا وفق التشريع الجديد.

وأكد الكاتب أن كلا من أجنحة الكونجرس، تدعو إلى تطبيق عقوبات على تركيا في إطار مشروع "كاستا" الأمريكي وتدعو الرئيس ترامب لممارسة صلاحياته في ذلك. يأتي هذا في وقت كانت الأمور تتجه لتشكيل لجنة لبحث هذه المسألة بناء على لقاء الرئيس التركي بنظيره الأمريكي في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وأردف: الحقيقة أن مثل هذا الطريقة في العمل تمنح الرئيس ترامب بعض الوقت لمعالجة المسألة في أقل درجة من الخسائر، لكن الكونجرس يبدو أنه قال كلمته الأخيرة في هذه المسألة، وأن تركيا طالما أنها لن تتنازل عن حيازة الصواريخ الروسية "إس 400" واستخدامها، فمن المحتمل، ألا يمنح الكونجرس أي مرونة حيال ذلك للإدارة الأمريكية.

أنقرة منزعجة

وفي تطور آخر بعد ميزانية البنتاجون، قال الكاتب: إن اللجنة الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، قبلت تنفيذ عقوبات على تركيا، بسبب الصواريخ وكذلك بسبب العملية العسكرية التركية الأخيرة "نبع السلام" وفي هذا السياق اعتمد مشروع مقدم لذلك.

وأردف: مع العلم أن مشروع القانون هذا هو مبادرة مشتركة بين رئيس اللجنة الجمهورية جيمس ريتش وكبير أعضاء الحزب الديمقراطي روبرت مينينديز وهو مشابه إلى حد كبير لمشروع اللجنة العامة في مجلس الشيوخ، في 29 من أكتوبر/تشرين الثاني الماضي، ما سبب ازعاجا كبيرا عند أنقرة، ومن أجل تمرير مشروع القانون في مجلس الشيوخ ، يجب أن يمر عبر الجمعية العامة في المرحلة التالية.

وأيدت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، الأربعاء الماضي، تشريعا  لفرض عقوبات على تركيا، ردا على عملية نبع السلام في شمال سوريا خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وعلى امتلاكها منظومة الدفاع الروسية "إس 400".

ويهدف قرار المجلس لدفع ترامب لاتخاذ موقف أكثر تشددا تجاه أنقرة. وخلال الجلسة قال السيناتور جيم ريتش: إنه "حان الوقت لكي يجتمع مجلس الشيوخ ويغتنم هذه الفرصة لتغيير سلوك تركيا"، مضيفا: "أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أخذ تركيا في طريق سيئ".

من جهته، توعد وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، في وقت سابق بالرد على ما ستتخذه واشنطن من عقوبات فيما شددت أنقرة على أن  العقوبات لن تنظر إليها بعين الجدة إضافة إلى أنها لن تؤثر على قراراتها.

النقطة الحاسمة

رأى الكاتب أن النقطة الحاسمة بالنسبة لتركيا، هو ما سيأتي في الأيام المقبلة، هل ستمرر الجمعية العامة في الكونجرس مشروع القانون هذا أم لا؟. فقد كان الرئيس ترامب قادرا على كبح مجلس الشيوخ لفترة من الوقت.

وتابع: على الرغم من أن مسودات أخرى ذات محتوى مماثل قد تمت صياغتها في مجلس الشيوخ، حيث كان الجمهوريون هم الأغلبية، لكن الأجواء تشير إلى نظرة فيها الكثير من السخط تجاه تركيا، وعليه يبدو أن ترامب لن يستطيع فعلها هذه المرة، حيث 18 صوتوا بـ"نعم"، وصوت 4 أعضاء "لا".

ولفت الكاتب إلى أنه إذا ما مر المشروع من بين يدي الجمعية العامة، فإنه ونظرا لوجود اختلافات بين مجلس النواب ونصوص العقوبات الصادرة عن مجلس الشيوخ، سيكون من الضروري الذهاب إلى لجنة مشتركة، حيث يجتمع ممثلون من كلا الطرفين لكتابة نص مشترك.

وبحسب قوله: فإن المؤشر الأخير على سوء العلاقات بين الطرفين التركي والأمريكي هو تبني الكونجرس قرارا بإدانة "مذابح الأرمن" وكان اللافت أن مقدمي المشروع هم ذاتهم من قدم مشروع العقوبات المتعلقة بالصواريخ الروسية التي اشترتها تركيا. قرار مجلس الشيوخ هو الأول في تاريخ الولايات المتحدة، لأنه في الماضي، أصدر مجلس النواب الأمريكي ثلاثة قرارات بما في ذلك مزاعم "الإبادة الجماعية للأرمن 1975 في 1975 و 1984، وأخيرا في 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لكن الجهود في جناح مجلس الشيوخ فشلت في كل مرة.

ونوه الكاتب إلى أن ما وصفه بـ"اللوبي الأرمني" أظهر أكثر جهوده جدية في مجلس الشيوخ عام 1990، ومع ذلك، ومع الجهد الاستثنائي لزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ السناتور روبرت بيرد في ذلك الوقت، نجح في إعاقة هذه الخطوة بأغلبية قليلة؛ في المقابل، تم اتخاذ قرار قبل أيام بالإجماع دون أي اعتراض، حيث صوت 405 من أصل 435 عضوا لصالح مشروع "الإبادة الجماعية". وقال 11 عضوا فقط "لا" خلال عملية التصويت، وامتنع البقية من الإدلاء بأصواتهم.

خط النهاية

ولفت إلى أن ما يجري داخل أروقة الكونجرس وتحول في معدلات التصويت تؤكد وبلا شك أن الأمور تتجه هناك ضد تركيا، وليست لصالحها أبدا، في وقت كان من أكثر الخطوات مهمة بالنسبة لتركيا وتنظر فيها بعين التقدير إلى واشنطن أنه وخلال 40 سنة ماضية كان أعضاء الكونجرس يرفضون تماما مشروع قانون ينص على "الإبادة الجماعية للأرمن".

وبيّن أنه في المقابل كانت تركيا في كل مرة تقف إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية، وكان الدعم من الكونجرس حاضرا في هذه المسألة، وكان واضحا أن ترامب يريد أن يسير على هذا الطريق، وحاول بكل ما بوسعه أن يحافظ على علاقات ممتازة مع تركيا سيما وعلاقاته القريبة من أردوغان، إلا أن ذلك لم يكف ولم يشفع لترامب في وقت هو نفسه أي ترامب من غير الواضح إذا ما كان سوف يحافظ على كرسيه ونحن نراقب ما يعرف بمحاولات عزله، وبالتالي محاولات الوقوف في وجوه خصومه، لن يكون في صالحه كثيرا وهذا عامل مهم جدا عزز من فشله في مسألة العلاقات التركية الأمريكية.

ونوه إلى أن ترامب، الذي يبدو أنه من المؤكد أنه خسر التصويت في مجلس النواب بسبب الأغلبية الديمقراطية هناك، يعتقد أنه يستطيع منعه في المرحلة الثانية، على أساس الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ومع ذلك، فإن هذا الوضع – عملية العزل - يضعف يد ترامب ضد أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين.

وختم الكاتب مقاله، بالقول: "مهما نظرت ومن أي زاوية، فإن هذه التطورات واحدة تلو الأخرى، تؤكد أن العلاقات التركية الأمريكية تصل إلى خط النهاية، في ظل أن جهود ترامب في ترقيع ما يمكن ترقيعه لم تفد كثيرا ولن تفعل، أضف إلى ذلك نظرة سلبية واضحة من الكونجرس تجاه تركيا تتسع يوما بعد يوم".