حرييت: هكذا تؤمن واشنطن مليارات الدولارات لدعم "بي كاكا" في سوريا

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة تركية: إن تمركز واشنطن بجانب حقول النفط المتاخمة للأراضي التي تزمع تركيا إقامة منطقة آمنة عليها شمال شرقي سوريا، "سيوفر للمليشيات الإرهابية المتمثلة في بي كا كا وحلفائها هناك دخلا سنويا بقيمة 1.5 مليار دولار في صيغة عائدات من بيع براميل النفط في المنطقة".

وشدد الكاتب في صحيفة حرييت، فاتح تشيكرجا على أن هناك عدد من الأسباب التي يمكن أن تفسر هذا الدعم الكبير الذي تقدمه واشنطن لمثل تلك المليشيات المسيطرة على الأراضي السورية شمالا. 

وتابع في مقاله: "اللقاء الذي جرى مؤخرا في واشنطن بين كل من الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والأمريكي دونالد ترامب كان جيدا وسادت الثقة بين الطرفين، حيث أثنى ترامب على أردوغان في وقت كان الجميع يرى أن العلاقات قد شرخت وأنها تتجه نحو الحظر". 

أسئلة عالقة

ورغم ذلك كله، ثمة بعض الأسئلة العالقة في الذهن وكلها تتعلق بماهية الاتفاق بين الطرفين التركي والأمريكي. 

وتابع الكاتب: "في الوقت الذي يؤكد فيه ترامب على أهمية اتفاقه مع تركيا بشأن المنطقة الآمنة في سوريا، فإنه يمنح الإرهابيين من بي كا كا ومن تسمي نفسها قوات سوريا الديمقراطية، السيطرة على أراض زراعية خصبة فضلا عن مناطق آبار النفط والغاز الطبيعي".

وأضاف: أن "ذات الإرهابيين من وحدات حماية الشعب الكردية، تسيطر على 10 مناطق كبيرة في دير  الزور تحتوي على النفط والبترول كما يتم التحكم في جميع الرواسب النفطية في منطقتي الرقة وحسكة بواسطة وحدات حماية الشعب وحزب العمال الكردستاني، وذلك من خلال حقل العمر والذي يعد أكبر حقل نفط في سوريا". 

وكان وزير الدفاع الأمريكي مارك أسبر أكد مسبقا أن الولايات المتحدة ستترك ما بين 500- 600 جندي أمريكي في سوريا، بالتعاون مع ما يعرف بقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تقودها الوحدات الكردية، وقال: إن مهمة القوات هي منع مقاتلي تنظيم الدولة، من السيطرة على آبار النفط في دير الزور.

وهذا يعني باختصار أن السيطرة على هذه المناطق من قبل تلك المليشيات توفر عائدات سنوية بقيمة 1.5 مليار دولار وهي منطقة تحتوي على نفط قيمته 8 مليارات من الدولارات. 

عائدات النفط

وبلغة الأرقام، أوضح الكاتب: "تبلغ إمكانيات تصدير النفط الحالية من قبل وحدات حماية الشعب الكردية، في المنطقة حوالي 300 ألف برميل يوميا؛ وإذا ما نظرنا في متوسط سعر بترول برنت في ظل الإمكانيات التي يمكن أن تستخدمها هذه المليشيات، وعلى افتراض أنه يمكنك التداول بالأسعار الحالية، فإن عائدات التصدير يمكن أن تصل إلى 8 مليارات دولار وهي تقريبا ذات البيانات التي نشرها مجلس سوريا الديمقراطية".  

أيضا وفقا للبيانات التي نشرها المجلس: "في الوقت الحاضر، يتوفر حوالي ثلث الإمكانات (نحو 125 ألف برميل يوميا). وفي هذه الحالة، وبالنظر إلى أن 100 ألف برميل يوميا تتجاوز الاحتياجات المحلية يتم تصديرها بمعدل 30 دولارا في المتوسط، يمكننا القول إن دخل وحدات حماية الشعب يبلغ حوالي مليار دولار مع التنويه أنه ليس من الواضح حتى متى ستحمي واشنطن تلك الميليشيات".

وبناء على متوسط أسعار هنري هوب والاستفادة الكاملة من إمكاناتها، تبلغ إيرادات وحدات حماية الشعب الكردية المحتملة من صادرات الغاز الطبيعي حوالي 490 مليون دولار.

وهنري هوب هو خط أنابيب للغاز الطبيعي يقع في مدينة إيراث بولاية لويزيانا ، وهو بمثابة موقع التسليم الرسمي للعقود المستقبلية في بورصة نيويورك التجارية (نايمكس). وThe Hub مملوكة لشركة Sabine Pipe Line LLC ولديها حق الوصول إلى العديد من أسواق الغاز الرئيسية في الولايات المتحدة. 

وفي ظل أرقام كهذه، هل يعقل أن يكون لمنظمة بهذا الوزن مدخولات هائلة بهذا القدر؟ في الحقيقة هنا تمكن المعضلة الحقيقية لاسيما، والسؤال: مثل هذا الدخل كيف ستكون عواقبه؟! 

نبع السلام

من الواضح أن هناك صفقة تقول إنه في مقابل عملية "نبع السلام" التي نفذتها تركيا، سيكون لمليشيات الشعب الكردية وبي كا كا السيطرة على آبار النفط الضخمة في المناطق المتاخمة لأراضي العملية، "ولعل ذلك يفسر بقاء الجنود الأمريكيين في أماكنهم رغم إعلان ترامب الانسحاب من سوريا والذهاب إلى الوطن". 

وشدد الكاتب على أن وجود العسكر الأمريكي لا يمكن فهمه إلا على هذا النحو، فهو من جهة لضمان سيطرة الوحدات الكردية على حقول النفط ومن جهة أخرى للحصول على حصة من هذا النفط.

وكان أردوغان قال في تصريحات سابقة: إن بلاده "الدولة الوحيدة التي حينما تنظر إلى سوريا، ترى الإنسان وليس النفط".

وتابع: "في الأسبوعين الأخيرين تبين مرة أخرى أن الهدف الأساسي لجميع المهتمين بسوريا، باستثنائنا، هو السيطرة على الموارد النفطية. المفهوم البدائي، الذي يعتبر قطرة النفط أكثر قيمة من قطرة دم، يتجلى أمامنا عاريا".

وأضاف: "أينما نذهب، أبصارنا تتوجه إلى قلوب الناس فقط، وليس للثروات على باطن الأرض أو ظاهرها"، مبينا أن "أي دولة أخرى غير تركيا تدّعي أن ما يشغلها في المسألة السورية هو حقوق الإنسان وأرواح الأبرياء ومستقبل الشعب فهي كاذبة".

والسؤال الآن: ماذا يعني تدفق مئات ملايين الدولارات من النفط إلى الجماعة الإرهابية؟ 

موطئ قدم

يجيب الكاتب: "هناك احتمالات متعددة، ومنها على سبيل المثال، تعهد واشنطن لتلك المليشيات بالأمان والحماية، بل وأن يكون لهم موطئ قدم داخل النظام السوري المقبل نظير الاستمرار في مهاجمة تركيا والاشتباك مع قوات الأسد وبالطبع "مكافحة" وجود تنظيم الدولة في المنطقة". 

في واشنطن، لا يقول ترامب أي شيء عن وحدات حماية الشعب "الإرهابية" ولم يتغير موقف الإدارة الأمريكية منهم، وما يدلل على ذلك استمرار الجهود المبذولة في حضور "مظلوم كوباني" المطلوب على النشرة الحمراء لتركيا وهو المصنف إرهابيا أيضا ليس في أنقرة ولكن أيضا في واشنطن، يقول الكاتب. 

ويضيف: "من الممكن أيضا السير على درب إقليم كردستان شمال العراق والوصول بالفعل شمال سوريا لمنطقة حكم ذاتي تماما كما هو الحال شمال العراق حيث الحكم الذاتي للأكراد هناك". 

ويمكن التأكيد هنا أن روسيا والولايات المتحدة الأمريكية على نفس الخط؛ فالقضية الأكثر أهمية هنا هي ما إذا كانت موسكو ستتفاوض مع الأسد من خلال وحدات حماية الشعب عبر أهداف التنمية المستدامة، "إذا حدث هذا، فإن وحدات حماية الشعب الكردية، وهي منظمة إرهابية، ستحاول لعب دور في مستقبل سوريا بدعم من الولايات المتحدة ، إلى جانب حصتها من عائدات النفط". 

ويتابع الكاتب: "وإذا ما وضعنا كل هذه الاحتمالات واحدة فوق الأخرى، تكمن أهمية زيارة أردوغان لواشنطن حيث يمثل المستوى السياسي الأول في تركيا في وضع بمثل هذه الحساسية والأهمية، والأكثر من ذلك أن أردوغان أكد أن الخطط التي تدبر ليلا لن تنجح سيما وأن أنقرة غير موافقة عليها، ولدينا نحن أيضا مصالحنا الوطنية التي سندافع عنها حتى النهاية". 

أردوغان أكد في الزيارة أنه وعلى الرغم من أن هناك "إستراتيجيات مشتركة" بين أنقرة وواشنطن، فإن لتركيا أيضا إستراتيجيات خاصة بها. 

وختم الكاتب مقاله: بأن هذا التوقيت حرج جدا لتركيا، "فهذه مرحلة تتعلق مباشرة بمستقبلها وبقائها. ووسط هذا التعقيد كله، يرسم البعض أيضا حدودا لجغرافيا الطاقة في آسيا في هذه المنطقة وتركيا تعي ذلك تماما".