مركز أمريكي يقارن بين ضباط دول خليجية وأقرانهم بالجيوش الغربية

12

طباعة

مشاركة

نشر "مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية" في واشنطن، تقريرا سلط فيه الضوء على السلك العسكري في دول مجلس التعاون الخليجي وتأثره في الخلفيات الاجتماعية والثقافية وتوجه فئات محددة للانخراط في هذا السلك، وذلك من خلال مقارنة مع الجيوش الغربية.

وقال كاتب التقرير زولتان بارزني المختص في الدراسات العسكرية: إنه لا يُعرف سوى القليل عن ضباط السلك العسكري في دول مجلس التعاون الخليجي الست - البحرين والكويت وعمان وقطر والسعودية والإمارات، على الرغم من أن الآلاف من المستشارين العسكريين والمدربين الغربيين قد عملوا معهم بعد حصولهم على الاستقلال وقاموا بتدريبهم.

التأثير المادي

وأشار إلى: أن الهدف من تقريره هو تحليل السلك العسكري في جيوش شبه الجزيرة العربية مع التركيز على  العوامل الاجتماعية والثقافية المؤثرة في أدائها، مؤكدا: وجود تباينات بين الدول الأكثر ثراء - بحسب قياس الناتج المحلي الإجمالي للفرد - في الخليج مثل: (الكويت وقطر والإمارات) والدول الأقل ثراء (البحرين، عُمان، السعودية) تتجلى هذه التباينات في الخلفية الاجتماعية والاقتصادية لنوعية الأفراد الملتحقين بالسلك العسكري ليصبحوا جنودا محترفين.

ولفت التقرير إلى: أنه في الدول الأكثر ثراء، يكون الالتحاق بالعسكرية جاذبا  للأفراد القادمين من خلفيات مادية واجتماعية متواضعة (نسبيا) بينما نجد  في دول مجلس التعاون الخليجي الأقل دخلا أن الملتحقين بالسلك العسكري عادة ما يأتون من بيئات اجتماعية واقتصادية أكثر بروزا.

بالنسبة للأقليات الشيعية، نوه التقرير إلى: أنه في المجتمعات الخليجية فقد تم منعها بشكل أساسي من الالتحاق بالقوات المسلحة في بلدين هما: البحرين والسعودية. بينما لا يواجه المواطنون الشيعة في الكويت من هذا التمييز.

وبخصوص الحضور النسائي في قوات الأمن، ذكر التقرير: أن هناك عدد قليل من الضابطات في القوات البحرينية والإماراتيّة والعمانيّة، وقد بدأ من قريب زيادة نِسَب النساء في صفوف المجندين، لا سيما بعد أن فتحت لهن المملكة العربية باب القبول في (أكتوبر/تشرين الأول 2019).

وبحسب التقرير: فإن الشكل الوظيفي للضباط العسكريين الخليجيين مع الجيوش الغربية يشترك في عدد من الميزات الأساسية. فقد لعب المستشارون والمدربون الغربيون دورا رئيسا ومحوريا في المؤسسات العسكرية في الخليج، من حيث تسلسل الموضوعات المهنية، وبعض معايير الترقية، وهيكل الرتب.

الاختلاف مع الغرب

ولخص الكاتب في تقريره بعض الاختلافات الهامة بين الضباط الخليجيين والغربيين، أولها: أن خريجي الأكاديميات العسكرية في دول مجلس التعاون الخليجي عادة ما يصلون في تسلسلهم الوظيفي إلى رتبة عقيد بشكل طبيعي، إلا إذا كانوا غير مؤهلين أو في غاية السوء في المسيرة الوظيفية.

وثاني تلك الاختلافات: هي غياب الحماسة لتحقيق التميز وغياب البيئة التنافسية التي تصقل تجربة الضباط في أفضل الجيوش في العالم، عن الجيوش الخليجية. في الواقع، فإن ضابط مجلس التعاون الخليجي سوف يتقدم في حياته المهنية ليس من خلال السعي للتغلب على زملائه ولكن مع التسلسل الزمني لوجوده في هذا السلك، فمسيرته الوظيفية وترقياته ليست متعلقة بمغالبته لزملائه على تلك الترقيات أو بمخاطرته بحياته وقيامه بعمليات نوعية في تطوير التعليم العسكري، وإنما بتحمله للتعليم التقليدي القائم على الحفظ.

وحول الاختلاف الثالث، يشير التقرير إلى: أنه بينما يشارك معظم الضباط الخليجيين في التدريب والتعليم في الخارج، فإنهم بمجرد عودتهم إلى بلادهم ، يحتاجون إلى التوافق مع بيئتهم الجديدة، التي تقوض بدورها ميزة التنافسية التي ربما اكتسبها في البرامج الغربية من حيث التفكير النقدي والعقلية المهنية .

أما بخصوص دول الخليج الأقل ازدهارا، يضيف التقرير: أن وظيفة العسكرية خاصة الرتب العليا - ومن المهم الإشارة إلى أنها تعتبر من حيث التصنيف (الوظيفي) وظيفة في القطاع العام، مثلها مثل العديد من الوظائف الأخرى- تستدعي هيبة عالية ووجاهة اجتماعية. وتتمتع الوظيفة بأمان وفوائد واسعة النطاق، ومن هذه الفوائد المهمة، منحها للمنتسبين إليها ميزة "الواسطة" (ممارسة المحسوبية والوجاهة) التي تعد سلعة ذات قيمة عالية في مجتمعات مجلس التعاون الخليجي.

وتابع التقرير: كما هو الحال في أي مكان آخر، تتمتع الخدمة في فروع مختلفة من القوات المسلحة بمستويات متفاوتة من المكانة المرتبطة بها، و قد يختلف الأشخاص فيما إذا كان من الأفضل الالتحاق  بالحرس الوطني أو القوات المسلحة النظامية لتحقيق وجاهة أكبر. ولكن على عكس الجيوش الأقوى في العالم، فإن المناصب الإدارية في جيوش الخليج أفضل بكثير من الخدمة في منطقة القتال.

رغبات الحكام

يعتبر موقع الطيار المقاتل - كما هو الحال في معظم الجيوش- ذروة الأعمال العسكرية. ويولي التقرير اهتماما خاصا بالتدريب التجريبي في الخليج ويشرح لماذا لا يزال أمام طياري دول مجلس التعاون الخليجي طريق طويل ليقاربوا مستوى مهارة زملائهم في القوات الجوية الغربية واحترافهم المهني، بحسب التقرير.

وأردف: لأن لقب "الطيار الحربي" أو "الطيار المقاتل" أو أي لقب متعلق بالطيران بشكل عام، أمر مرموق وله بريقه الاجتماعي، فإن أمراء الأسر الحاكمة كثيرا ما يطمحون إلى هذه الألقاب. نسبة صغيرة من المتقدمين فقط تكون مناسبة للمهمة التجريبية، ولأن هذه الجيوش لا تعتبر معيار الجدارة بقدر اعتبارها للمحسوبية وتلبية رغبات الحكام، يتمكن الأمراء الذين يرغبون في الطيران من ممارسته.

وبخصوص الأداء التجريبي، أكد التقرير: أنه لا يزال يتأثر بالعوامل الثقافية لدى الطيارين: فغالبا ما تتم تجارب الطيران بشكل جيد في ظروف مناسبة وبدون أي مفاجآت، لكم بمجرد حدوث شيء غير متوقع، فإنهم يتجمدون ويقعون في أخطاء. ويشير التقرير: إلى أن معدلات الاستنزاف في التدريب التجريبي في الجيوش الخليجية أقل بكثير منه في جيش الدفاع الإسرائيلي أو سلاح الجو الأمريكي.

حرب اليمن

وخلص التقرير: إلى أن المجتمعات الخليجية مجتمعات قبلية في الغالب، والقبلية تظل مسؤولة مباشرة عن الضعف الدائم للمؤسسات الرسمية، بما في ذلك القوات المسلحة. لقد قوضت القبلية معيار الجدارة وقلصت من فعالية الجيوش. ويذكر التقرير أمثلة فعلية حديثة على كيفية تدخل الزعماء القبليين في مبادرات الإصلاح العسكري ومساهمتهم في توظيف أفراد يفقدون الكفاءة والمهارة في مناصب مهمة.

على الرغم من الاستثمار المالي الضخم في هذه القوات المسلحة، إلا أنها تظل تراوح مستوى متوسطا من الناحية المهنية ويؤكد هذا المستوى، أداؤها في الحرب المستمرة في اليمن، بحسب التقرير.

واختتم الكاتب تقريره بالقول: إن الافتقار إلى الجدارة ومواطن الضعف المستمرة في النظام التعليمي (على كل مستوى) ليست سوى اثنين من أسباب أخرى كثيرة لهذا التدهور للقوة العسكرية في الخليج. لقد بذلت دولة الإمارات العربية المتحدة قصارى جهدها للهروب من الضعف المعروف عن الجيوش الخليجية (والعربية)، ولكن على الرغم من بعض التقدم الذي حققته، إلا أنها لا تزال متأثرة بالقيود السياسية التي تفرضها ثقافة الملكيات المطلقة.