"أنظمة التوحش".. الترسانة العسكرية السعودية تحرق اليمن

أحمد مدكور | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

"كيف أعادت الجيوش العربية بناء ترسانتها العسكرية؟"، سؤال محوري حول آلية التسليح التي قامت بها بعض الأنظمة العربية في أعقاب ثورات الربيع العربي، وتحديدا دول السعودية والإمارات ومصر وسوريا، فالمشتريات العسكرية واسعة النطاق التي قامت بها جيوش تلك الدول، كان هدفها الأول قمع الانتفاضات وإنفاذ التدخلات العسكرية الإقليمية في زمامها.

وبحسب معهد ستوكهولم لبحوث السلام (SIPRI) في دراسته الصادرة خلال العام 2017، صعدت واردات الأسلحة في منطقة الشرق الأوسط بنسبة 103 بالمئة خلال العقد الأخير، نتيجة الاضطرابات والتقلبات السياسية التي تشهدها، وجاءت المملكة العربية السعودية كثاني أكبر مستورد للأسلحة في العالم خلال الفترة من 2008 إلى 2017، وحلت مصر في المرتبة الثالثة، بعدما رفعت من قيمة واردات أسلحتها بنسبة 215 بالمئة، رغم الأزمات الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد، بينما كانت الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الرابعة.

 واستأثرت دول الشرق الأوسط وحدها بنسبة 32 بالمئة من إجمالي مبيعات الأسلحة في العالم.

وما بين صفقات بالمليارات عقدتها حكومات، وأنظمة بعض الدول العربية، لاسيما (المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، مصر)، وبين انخراط تلك الأنظمة في صراعات إقليمية واسعة على غرار التدخل في اليمن وشن عمليات عاصفة الحزم بداية من 25 مارس/آذار 2015، وخلق أزمة سياسية وإنسانية كبرى، ثم التورط في دولة ليبيا التي تشهد انقساما سياسيا، وشعبيا، وصولا إلى القصف المباشر من طيران مصري وإماراتي لأهداف في العمق الليبي.

وعلى الجانب الآخر لم تهدأ الحرب السورية، التي بلغت الآفاق في مآسيها الإنسانية، مخلفة مئات الآلاف من القتلى في أقل التقديرات، وملايين من المشردين، والمصابين، ولم يتوانى نظام الأسد عن شراء الأسلحة الفتاكة التي استخدمها في قتل المدنيين من شعبه، مستعينا ببعض الأنظمة العربية في دعمه بالسلاح.

وتأتي تلك التطورات لتجعل منطقة الشرق الأوسط على صفيح ساخن، وقد قبعت 8 دول شرق أوسطية كأسوأ دول العالم في مؤشرات السلام، وهي (ليبيا، الصومال، السودان، اليمن، سوريا، العراق، جنوب السودان، أفغانستان).

واردات المملكة من السلاح.. تعبئة الموت

بحسب معهد ستوكهولم لبحوث السلام (SIPRI) تعد المملكة العربية السعودية ثاني أكبر مستورد للأسلحة في العالم خلال الفترة بين 2008 و2017، وحازت الأسلحة المصنعة في الولايات المتحدة الأمريكية على نسبة 98 بالمئة من ورادات المملكة.

ووقع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في زيارته إلى المملكة المتحدة في مارس/آذار 2018 على مذكرة تفاهم لشراء 48 مقاتلة بريطانية من طراز "تايفون" بقيمة (عشرة مليارات جنيه استرليني) ما يعادل (14 مليار دولار).

كما أوضح تقرير أصدره برلمان منطقة والونيا ببلجيكا، حول أرقام مبيعات السلاح خلال 2015، أن السعودية استوردت ما يقارب 60% من أسلحتها المصنعة بقيمة 575,8 مليون يورو، وفق ما نقله موقع وتلفزيون بلجيكا عن جريدة لوسوار.

وفي 9 يونيو/حزيران 2017، كشفت وثيقة من البيت الأبيض تفاصيل صفقة الأسلحة التي وقعتها الولايات المتحدة والسعودية، خلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمملكة، وتبلغ قيمتها 110 مليار دولار.

 ومما ورد في الصفقة الآتي:

  • 13.5 مليار دولار لسبع بطاريات صواريخ من طراز "ثاد".
  • 4.46 مليار دولار مقابل 104 ألف من ذخائر جو-أرض من خمسة أصناف هي ( GBU-38 _ GBU-31V1_ GBU-10_ GBU-31V3_ GBU-12).
  • 6.65 مليار دولار لتحسين وتطوير نظام باتريوت المضاد للصواريخ.
  • 5.8 مليار دولار لطائرات حربية من طراز KC-130J وC-130J مع اتفاق للصيانة.
  • 6.25 مليار دولار لاتفاق صيانة مدته ثماني سنوات للأسطول السعودي من مقاتلات F-15.
  • مليارا دولار لعدد غير معروف من قوارب دوريات من طراز MK-VI.
  • ستة مليارات دولار لأربع سفن حربية لشركة لوكهيد مارتن.
  • 2.35 مليار دولار لتعديل 400 مركبة قتالية من طراز برادلي، فضلا عن 1.35 مليار دولار لـ213 مركبة جديدة.
  • 18 مليار دولار لنظام C4I من دون ذكر تفاصيل عن هذا النظام أو عن المواعيد المقدرة لتسليمه.

صورة توضيحية لصفقات الأسلحة الأوروبية إلى (مصر – السعودية – الإمارات) منذ العام 2014 إلى 2018

السعودية تحرق حدائقها الخلفية في اليمن

في 25 مارس/آذار 2015 بدأت المملكة العربية السعودية عملياتها العسكرية في اليمن المعروفة بـ (عاصفة الحزم) في إطار التحالف الذي قادته، للحد من سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثي)، وعلي عبد الله صالح على البلاد، ومنعهم من التقدم إلى مضيق عدن.

وهي العمليات التي ترتب عليها مقتل المئات من المدنيين، وإجلاء عشرات آلاف المواطنين من منازلهم، ونزوحهم خارج نطاق دائرة القصف السعودي.

وقدرت صحيفة "الرياض" السعودية الموالية للحكومة، تكلفة تشغيل الطائرات المشاركة في الحرب (100 طائرة) بنحو 230 مليون دولار شهريا، متضمنة تشغيل الطائرات، والذخائر المستخدمة والاحتياطية.

وفي أرقام أخرى، ذكرت مجلة "فوربس" الأمريكية، بعد 6 أشهر من اندلاع الحرب، أن التكلفة بلغت 725 مليون دولار، لتقدر التكلفة الشهرية بحوالي 120 مليون دولار.

ووفق وزارة الداخلية السعودية، فالمملكة قدمت لليمن منذ بداية الحرب في العام 2015، حتى نهاية العام 2017، مساعدات بقيمة 8.2 مليارات دولار، وذلك في عدة مجالات على رأسها إعادة الإعمار.

وفي استعراض للبيانات التي تُظهر تأثر اقتصاد السعودية بالحرب، نجد أن المملكة رفعت قيمة إنفاقها العسكري في العام 2015 إلى 82.2 مليار دولار، بعد أن كان قد بلغ في 2013، 59.6 مليار دولار، كما أعلنت شركة "آي إتش إس" للأبحاث والتحليلات الاقتصادية.

وبحسب التقديرات اليمنية الرسمية الأولية، فإنه من المتوقع أن تبلغ تكلفة عمليات إعادة إعمار اليمن قرابة 100 مليار دولار، تساهم دول الخليج بنحو 70 بالمئة من تلك التكلفة.

وهو الأمر الذي ترتب عليه تراجع الاحتياطي النقدي للمملكة العربية السعودية إلى أقل من خمسمائة مليار دولار، بعد أن كان أكثر من 730 مليارا قبل الانخراط في الحرب اليمنية.

وتسببت تلك الحرب في خسائر فادحة في الأرواح المدنية، فهناك عشرات الآلاف من القتلى والمصابين، وبلغت موجات النازحين نحو مليون إنسان.

وفي نهاية العام 2015 أعلنت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن ما يقرب من 2.5 مليون شخص فروا من مناطقهم إلى مناطق أخرى داخل اليمن.

وفي 9 أغسطس/ آب 2018، قتل 50 شخصا بينهم 29 طفلا في غارة للتحالف العربي بقيادة السعودية، استهدفت سوقا شعبيا في محافظة صعدة اليمنية، ما أدى إلى قلق عالمي، وفتح تحقيقات دولية بشأن تلك الجريمة البشعة، ووجهت التهم إلى الإدارة السعودية، التي تضرب ضربات عشوائية غير مسؤولة في مناطق مأهولة السكان.

وبحسب منظمة الإغاثة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، فقد بلغ عدد اليمنيين الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي 14.4 مليون، فضلا عن انتشار أمراض فتاكة مثل حمى الضنك، والملاريا.

التقارير الأممية الصادرة بشأن الانتهاكات السعودية في اليمن

1- في تقريرها الصادر بتاريخ 17 مارس/آذار 2017، أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش، أن المملكة العربية السعودية أطلقت ذخائر عنقودية برازيلية الصنع على الأراضي اليمنية، وأصابت العديد من المدنيين والأطفال.

 2-  في 7 ديسمبر/كانون الأول 2017، أصدرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" تقريرها بشأن الانتهاكات السعودية في اليمن، وطالبت بفرض عقوبات على القادة السعوديين، وتحديدا ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي طالبت المنظمة بحظر سفره، وتجميد أمواله.

 3-  وفي 19 يناير/كانون الثاني 2018، قال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت (إن الحكومة الألمانية من الآن فصاعدا لن تمنح تصاريح تصدير أسلحة لهذه الدول التي تشارك في حرب اليمن).

4-  كما انتقدت منظمة العفو الدولية "أمنستي" استمرار عمليات تصدير السلاح السويدي إلى المملكة العربية السعودية، وفي يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول 2016، قالت آنا ليندينفوش الأمين العام للمنظمة: "البرلمان السويدي، قرر عدم تصدير الأسلحة الى الدول التي هي في حالة حرب والتي تتعرض فيها حقوق الإنسان لانتهاكات منهجية، والسعودية في حالة حرب ومنظمة العفو الدولية، كانت موجودة في اليمن ووثقت 30 حالة من جرائم الحرب، ولا أستطيع التفكير في أي بلد آخر أكثر وضوحاً من السعودية، ينبغي على السويد عدم تصدير الأسلحة لها".

5- وفي 28 مارس/آذار 2018، أعلن ديفيد ميفام – مدير منظمة "هيومن رايتس ووتش" بالمملكة المتحدة، أن السياسة البريطانية تجاه السعودية تفاقم المعاناة في اليمن، ثم أردف قائلا: "بقيت الحكومة البريطانية واحدة من أقوى الداعمين للسعودية والتحالف الذي يقوده الخليج، حيث قدمت دعما غير نقدي إلى حد كبير لدور السعودية في الحرب، فضلا عن بيع للسعودية معدات عسكرية بقيمة 4.6 مليار جنيه استرليني  خلال هذه الفترة، ما بدا أنه تجاهل لقواعدها الخاصة حول عدم بيع الأسلحة عندما يحتمل أن تستخدم بشكل غير قانوني".

6- أعلنت منظمة العفو الدولية "أمنستي" في 10 مارس/آذار 2018، أن صفقة طائرات "تايفون" البريطانية السعودية، تصب الزيت على نار أزمة اليمن، وهي الصفقة التي وقعها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في ختام زيارته لبريطانيا، بقيمة عشرة مليارات جنيه استرليني، كما استنكر "التحالف ضد بيع السلاح" الصفقة، وقال إنها تمثل تجاهلا من حكومة تيريزا ماي للدعوات والنداءات المطالبة بتعليق بيع السلاح إلى السعودية حتى تتوقف الحرب في اليمن.