باكستان ترحل مئات آلاف اللاجئين الأفغان.. كيف انتهى الحال بهم في الصحراء؟

أصبح الوضع صعبا بشكل خاص بعد وصول حركة طالبان إلى السلطة

أصبح الوضع صعبا بشكل خاص بعد وصول حركة طالبان إلى السلطة

منذ شهرين

12

طباعة

مشاركة

في ضوء قرار السلطات الباكستانية ترحيل اللاجئين الأفغان إلى بلدهم، استعرضت صحيفة "لينتا" الروسية أوضاع هؤلاء حول العالم، فضلا عن النازحين داخل أفغانستان ذاتها. 

كما تسلط الصحيفة الضوء على الأزمة الإنسانية المتفاقمة التي يعيشها ملايين اللاجئين وتتناول انعكاسات القرار الباكستاني على الأفغان القاطنين في باكستان، والتي أدت إلى ظهور ما أسمته بـ"مدينة الصحراء".

وكانت وزارة الداخلية الباكستانية أعلنت في 26 سبتمبر/أيلول 2023، قرارا بشأن ترحيل الأجانب المقيمين بشكل غير قانوني، مشيرة إلى أن الغرض منه هو وضع وجود الأجانب في باكستان ضمن الإطار القانوني.

وتشير الصحيفة الروسية إلى الصراعات المسلحة المستمرة في أفغانستان منذ ما يقرب من نصف قرن. وفي الآونة الأخيرة، أُضيفت إليها أزمات جديدة مثل الجفاف والزلازل وعواقب جائحة كوفيد-19.

وأضافت: "علاوة على ذلك، أصبح الوضع صعبا بشكل خاص بعد وصول حركة طالبان إلى السلطة". 

وتابعت: "العديد من الأفغان يضطرون، بسبب الظروف التي لا تطاق، إلى مغادرة منازلهم والفرار إلى البلدان المجاورة والاعتماد فقط على المساعدة الدولية".

ولذا، تلفت الصحيفة إلى "التجارب القاسية التي يعيشها اللاجئون في مخيمات النزوح في الهواء الطلق في الصحراء". 

وفي هذا الإطار، تتساءل: "كيف يحاول الأفغان البقاء على قيد الحياة في الصحراء؟ ولماذا تتفاقم الأزمة الإنسانية في أفغانستان بسبب السلطات الباكستانية؟ والأكثر أهمية، لماذا لا تستطيع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى حل المشكلة؟"

أزمة إنسانية

وبسبب الصراعات المستمرة، تقول الصحيفة الروسية إن "عددا كبيرا من السكان الأفغان نزحوا من منازلهم، حيث يُقدر عدد اللاجئين بأكثر من مئة دولة حول العالم بحوالي ستة ملايين أفغاني".

وفي الوقت نفسه، تنوه إلى أن 3.5 ملايين شخص آخرين يضطرون إلى البحث عن مأوى جديد في مناطق مختلفة من بلادهم، مما ينتهي بوجودهم أنفسهم في وضع النازحين داخليا.

علاوة على ذلك، فإن نحو 28 مليون مواطن -أي ثلثي سكان أفغانستان البالغ عددهم 40 مليون نسمة- لا يعيشون إلا بفضل المساعدات الدولية. 

وهنا يشار إلى أن "المشكلة تفاقمت في السنوات الأخيرة". ففي بداية عام 2021، لم يكن هناك سوى 18 مليون شخص محتاج، أي أن عدد المحتاجين زاد بنحو 10 ملايين شخص.

ولأن أكثر من 20 مليون أفغاني يعانون من سوء التغذية، تؤكد الصحيفة أن ما تعيشه أفغانستان هو "أزمة إنسانية".

وبهذا الشأن، قال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، إن "أزمة النزوح في أفغانستان هي واحدة من أكبر الأزمات وأطولها في تاريخ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على مدى سبعين عاما". 

وكواحدة من أبرز المشكلات التي يعاني منها النازحون، أشارت الصحيفة الروسية إلى "الأطفال الذين يولدون خارج منازلهم، أي في المخيمات".

من ناحية أخرى، توضح الصحيفة أن "الصحراء في شرق أفغانستان تمتلئ بمئات الآلاف من الأشخاص".

ورغم أن هذا الوضع قد يظهر طبيعيا من الخارج، تذكر الصحيفة أنهم "أفقر السكان وأكثرهم ضعفا، لكونهم نازحين داخليا".

وفي هذا السياق، تتناول مظاهر حياتهم القاسية، حيث يعيش البعض في الخيام، ولكن غالبهم يبقون في الهواء الطلق ويجلسون على الرمال على بعض الأسرة والوسائد والسجاد.

بالإضافة إلى ذلك، لا يستطيع اللاجئون توفير ما يكفي من الغذاء، مما أدى إلى معاناتهم من أمراض خطيرة. 

وبشكل عام، تحذر الصحيفة من "عواقب الصراع الخطيرة، والتي تؤثر بشكل خاص على النساء والأطفال".

وأردفت: "بالنظر إلى وضعهم الصعب، لا يستطيع الأطفال الالتحاق بالمدارس، ويعانون من سوء التغذية الحاد، وفي كثير من الأوقات، يلجأ هؤلاء إلى التسول لكسب القليل من المال".

الترحيل من باكستان

بناء على ما ذُكر سابقا، تبرز أن أحد أسباب ظهور "مدينة الصحراء" هو "قرار السلطات الباكستانية ترحيل اللاجئين من أفغانستان إلى وطنهم". وكان من المفترض -في رأي الصحيفة- أن يُرحل المهاجرون غير الشرعيين فقط.

ولكن في المقابل، ما حدث هو أنه في الفترة من أكتوبر/ تشرين الأول إلى ديسمبر/ كانون الأول من عام 2023، طُرد نصف مليون أفغاني من باكستان.

وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، فإن هذا الترحيل قد أثر على ما يصل إلى مليوني مهاجر غير شرعي.


 

وفي الحقيقة، تلفت الصحيفة إلى أن "مئات الآلاف من الأفغان بدأوا في مغادرة باكستان حتى قبل ترحيلهم الرسمي، خوفا من الاعتقال".

وفي هذا السياق، تقول إن "اللاجئين يقومون برحلة تستغرق عدة أيام عبر الصحراء في ظروف مناخية قاسية للوصول إلى المخيم الحدودي في تورخام، ثم يُنقلون بعد ذلك إلى نقاط إعادة التوطين الأخرى".

وفي ضوء الحياة القاسية التي ذُكرت سابقا، تنوه الصحيفة الروسية إلى أن "الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و20 عاما، ويريدون العثور على عمل وإعالة أسرهم من الخارج، يحاولون الهروب إلى إيران".

وكل يوم، يحاول آلاف من الأشخاص عبور الحدود الأفغانية الإيرانية بالقرب من مدينة زارانج.

ويصف صحفيو وكالة "أسوشيتد برس" هذه المحاولة المحفوفة بالمخاطر قائلين: "في ظلام الليل، وبمساعدة المهربين، يتسلق الشباب الجدار الحدودي باستخدام السلالم ويقفزون منه إلى الجانب الآخر".

ولكن بحسب ما ورد عنهم، في كثير من الأحيان، يمنع حراس الحدود الإيرانيون اللاجئين من الدخول إلى إيران ويعيدونهم إلى المخيمات.

ورغم ذلك، تقول الصحيفة إن "المزيد من المخاطر تنتظر اللاجئين على الطريق الآخر إلى إيران عبر باكستان، فغالبا ما يقابل اللاجئون مسلحين من جماعة جند الله الإرهابية السنية، الذين يهاجمون الشيعة الأفغان"، وفق وصفها.

إنذارات أممية
 

في نهاية التقرير، تتناول الصحيفة الروسية ردود فعل الأمم المتحدة إزاء الوضع في أفغانستان. 

وتوضح أن باكستان، التي تنفذ عملية الترحيل، لا تمتثل لتوصيات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين المعمول بها منذ عام 2021 بشأن حظر الإعادة القسرية للمواطنين الأفغان.

وفي هذا الصدد، قالت المتحدثة باسم مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة رافينا شامداساني: "نعتقد أن العديد من أولئك الذين يواجهون الترحيل سيكونون معرضين لخطر جسيم للانتهاكات إذا عادوا إلى أفغانستان".

ويشمل ذلك "الاعتقال والاحتجاز التعسفي والتعذيب والمعاملة القاسية وغيرها من ضروب المعاملة اللاإنسانية".

وفي الوقت نفسه، تدعو الأمم المتحدة باكستان إلى وقف عمليات الترحيل، محذرة من أنها "ستؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية القائمة".

وبحسب الصحيفة، تحظى دعوات الأمم المتحدة أيضا بدعم المنظمات الأوروبية، مثل المجلس النرويجي للاجئين (NRC) والمجلس الدنماركي للاجئين (DRC)، حيث يطلب ممثلوهم من الدول الشريكة تقديم مساعدات إنسانية إضافية للاجئين.

ومن ناحية أخرى، صرحت المديرة القطرية للجنة الإنقاذ الدولية في أفغانستان "سلمى بن عيسى"، بأنهم "في أمس الحاجة إلى الدعم الدولي لتزويد هؤلاء الأشخاص الضعفاء بالمأوى والغذاء والرعاية الصحية".

وفي الختام، تسلط الصحيفة الضوء مرة أخرى على حقيقة أن "الأزمة الإنسانية في أفغانستان تتفاقم على خلفية الصراعات الأخرى، بما في ذلك في الشرق الأوسط، حيث تجتذب المزيد من الاهتمام من المجتمع الدولي".

كما تشدد على أن "مستقبل اللاجئين الأفغان مشوب بالغموض وعدم اليقين، والدعم الدولي غير قادر على حل مشاكلهم".