أميركا تزيد اهتمامها بالقطب الشمالي بشكل لافت بالسنوات الأخيرة.. لماذا؟

منذ شهر واحد

12

طباعة

مشاركة

بدأ حلف شمال الأطلسي "الناتو"، في 18 مارس/ آذار 2024، إجراء مناورات عسكرية في القطب الشمالي، من أجل تحقيق هدفين.

الأول الاختبار العملي للخيارات الممكنة للعمليات القتالية في منطقة القطب الشمالي، والثاني إظهار قدرة التحالف على التأثير على طريق بحر الشمال الروسي.

وفي هذا الإطار، تلفت صحيفة "إزفيستيا" الروسية إلى أن الولايات المتحدة تركز على القطب الشمالي بشكل متزايد في السنوات الأخيرة.

ولأن القطب الشمالي يُعد منطقة ذات أهمية إستراتيجية لروسيا، توصي الصحيفة بأن على روسيا "مراقبة هذه التدريبات عن كثب واتخاذ خطوات لضمان أمنها في القطب الشمالي".

"أميركا تتجسس علينا"

بخصوص المناورات التي بدأت أخيرا، تذكر الصحيفة الروسية أن نحو 250 شخصا شاركوا فيها، 150 منهم من الفرقة الأميركية التي أُنشئت أخيرا كجزء من تعزيز القوات المسلحة الأميركية في الشمال.

وفي الفترة من 18 إلى 22 مارس/ آذار 2024، خُطط أن يجري عسكريون من النرويج والولايات المتحدة عملية إنزال في الجزء الشمالي من المنطقة، تغطي مسافة حوالي 6 آلاف كيلومتر جوا عبر القطب الشمالي من ألاسكا. 

ووفق الصحيفة، خُطط لهذه العملية كجزء من "Arctic Edge"، وهو تدريب يجرى كل عامين بقيادة القيادة الشمالية الأميركية.

وفي حديث مع "إزفيستيا"، يدعي الخبير العسكري ديمتري بولتينكوف، أن الأميركيين تجسسوا على روسيا بشأن كيفية إنزال مظليين في الشمال عدة مرات، زاعما أنهم "يستخدمون خبرة روسيا في الوقت الراهن".

وأشار إلى أنه في عام 2020، كان جنود القوات الروسية المحمولة جوا أول من هبط في العالم في القطب الشمالي من ارتفاع 10 آلاف متر، وتحديدا في منطقة أرخبيل فرانز جوزيف لاند، بواسطة 3 طائرات نقل عسكرية.

وتوضح الصحيفة أن وزارة الدفاع الروسية -حينها- أعلنت أنه "خلال هذه العملية، اختبرت معدات جديدة لتتكيف مع ظروف القطب الشمالي القاسية".

وبخصوص الفرقة التي أُنشئت حديثا، يقول الخبير العسكري، يوري ليامين: "إن الفرقة الأميركية الحديثة شُكلت على وجه التحديد في ألاسكا كجزء من تعزيز القوات المسلحة الأميركية في الشمال، استنادا إلى الألوية الموجودة هناك". 

ويؤكد أن "الهدف من إنشاء هذه الفرقة هو التركيز بشكل خاص على التحركات في منطقة ألاسكا، وبالتالي القطب الشمالي بأكمله".

وأضاف الخبير أن "الهدف من تدريب "Arctic Edge 24" هو إظهار قدرة الجيش الأميركي على نقل القوات بسرعة من منطقة إلى أخرى في العالم وفي غضون فترة قصيرة".

التركيز على الشمال

ووفقا لمنشور في منتصف مارس/ آذار 2024 على منصة  "بيزنس إنسيدر" الأميركية، فإن "الولايات المتحدة أولت في السنوات الأخيرة المزيد والمزيد من الاهتمام لكوريا الشمالية، حيث أعدت قواتها للعمل في القطب الشمالي".

وتشير "إزفيستيا" الروسية إلى أن "الخطط الأميركية تشمل تعزيز التعاون العسكري مع كندا والدنمارك، لخلق قدرات إضافية لردع روسيا والصين".

وفي هذا الصدد، أكد السكرتير الصحفي للرئيس الروسي، ديمتري بيسكوف، النوايا الأميركية، قائلا إن "القطب الشمالي منطقة منافسة شديدة، وهي منطقة ذات أهمية إستراتيجية لروسيا".

ولأن الأسطول الأميركي يطور نشاطاته في المناطق الشمالية، بما في ذلك إطلاق الصواريخ والطوربيدات، ينوه بيسكوف على أن "الناس يفكرون بجدية في القطب الشمالي كساحة معركة محتملة في المستقبل". 

وفي رأي الخبير العسكري، ديمتري بولتينكوف: "تعد الحرب في القطب الشمالي من أصعب الحروب".

وعزا ذلك إلى أن "الحرب هناك لا تشمل عدوا ضدك فحسب، بل أيضا الطبيعة نفسها؛ حيث درجات الحرارة المنخفضة والرياح القوية والمساحات البيضاء".

وفيما يتعلق بانضمام فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي، يؤكد الخبير على أن "تعزيز الجناح الشمالي للحلف يجري بشكل جدي". 

ومن وجهة نظره: "ينبغي أن يُؤخذ في الحسبان أن المسافات عبر القطب الشمالي قريبة نسبيا بين الولايات المتحدة وكندا والنرويج والسويد". 

إعادة نظر مطلوبة

وكرد فعل على النشاط الاستخباراتي لحلف شمال الأطلسي قبالة الساحل الشمالي الروسي، ترى الصحيفة الروسية أن "موسكو يجب عليها إعادة النظر في إستراتيجيتها الأمنية في المنطقة". 

وهنا، بناء على معلومات مؤكدة من قبل مجلس الدوما، تلفت الصحيفة الأنظار إلى أن "روسيا بالفعل تدرس مسألة الانسحاب من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار في القطب الشمالي". 

وتوضح أن "المنطقة تثير اهتمام الولايات المتحدة، لأنها أقصر طريق من أميركا إلى أوراسيا".

ومن ناحية أخرى، تسلط "إزفيستيا" الضوء على أن "الغرب يشعر بقلق بالغ إزاء الجهود التي تبذلها روسيا لتطوير القطب الشمالي وطريق بحر الشمال والأنشطة الاقتصادية، وكذلك التدابير الاستباقية التي يتخذها الاتحاد الروسي لضمان الأمن". 

وتابعت: "والآن، أصبح هذا الأمر أكثر إلحاحا لكون الاتصالات الجنوبية عبر البحر الأحمر معرضة للتهديد". 

جدير بالذكر أن "الحوثيين يتخذون الإجراءات كافة لجعل هذا الطريق الأكثر خطورة".

وبهذا الشأن، أشار القائد السابق للأسطول الروسي في المحيط الهادئ، سيرغي أفاكيانتس، إلى "بيان الحوثيين الذين هددوا فيه بتوسيع جغرافية الضربات، معتزمين مهاجمة السفن التي تتبع طريقا حول أفريقيا في اتجاه رأس الرجاء الصالح". 

ولذلك، يشدد أفاكيانتس على أن "تصرفات الحلف هي دليل على قدراته على التأثير على طريق بحر الشمال، المنطقة الاقتصادية لروسيا".

وبطبيعة الحال، يبرر القائد الأسبق للأسطول الروسي الجهود التي تبذلها روسيا في هذا الصدد، قائلا إن "السياسة الروسية فيما يتعلق بتنمية الشمال جاءت في الوقت المناسب وهي صحيحة جدا". 

وخلص سيرجي أفاكيانتس إلى أن "الشيء الوحيد المهم الآن هو الإسراع أكثر -لا سيما في مواجهة مثل هذا الخطر- لضمان الأمن بنسبة 100 بالمئة بخصوص الاتصالات الروسية الشمالية والفرص الاقتصادية لتنمية القطب الشمالي".