حرب بين تركيا وإسرائيل.. ما احتمالات وقوعها وما موقف واشنطن؟

منذ ٤ أشهر

12

طباعة

مشاركة

استنادا إلى تقرير حكومي عبري، تحدث إعلام فرنسي عن استعدادات إسرائيل لاحتمال مواجهة عسكرية مباشرة مع تركيا.

وقال موقع "أتلانتيكو" الفرنسي: إن "التقرير الحكومي الذي نُشر أخيرا حذر من أن تركيا قد تصبح عدوا معلنا لإسرائيل في المستقبل".

تهديد افتراضي

وأشار الموقع إلى أن "العلاقات بين تركيا وإسرائيل كانت قوية خلال العقود الماضية، خاصة في التسعينيات، حيث كانت تركيا أول دولة ذات أغلبية مسلمة تعترف بإسرائيل عام 1949".

واستدرك: “لكن هذه العلاقات بدأت تتدهور منذ وصول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الحكم، وبلغت ذروتها بعد حادثة أسطول الحرية عام 2010”.

وعلى جانب آخر، ذكر الموقع أن "العلاقات التركية-الإسرائيلية شهدت تحسنا مؤقتا عام 2022، لكن سرعان ما تدهورت مجددا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، مما زاد من احتمالات الصدام".

وفي هذا الإطار، خلص إلى أن "احتمالية الحرب بين تركيا وإسرائيل تبقى غير مؤكدة، لكنها ليست مستبعدة تماما". 

وفي حديث مع الجنرال السابق في الجيش الفرنسي والمستشار في القضايا الجيوسياسية والعسكرية، فرانسوا شوفانسي، ذكر للموقع الفرنسي أن “إسرائيل يجب عليها أن تستعد لمواجهة مباشرة مع تركيا ووكلائها، وفقا لتقرير طلبته الحكومة الإسرائيلية وقُدم في 6 يناير/ كانون الثاني 2025”.

وهنا، تساءل الموقع: "هل تمثل أنقرة بالفعل تهديدا وجوديا لإسرائيل كما يشير هذا التقرير؟".

وللإجابة على هذا السؤال، قال شوفانسي: لإن “العلاقات بين تركيا وإسرائيل كانت جيدة إلى حد كبير في الماضي”. 

ومع ذلك، نوه الجنرال العسكري إلى أنه “منذ وصول أردوغان إلى السلطة، شهدت هذه العلاقات تدهورا ملحوظا”. 

وأوضح أنه “قد بدأ هذا التدهور بعد حادثة أسطول غزة عام 2010، حيث أسفرت عملية عسكرية إسرائيلية ضد سفينة تركية عن مقتل عدد من النشطاء المؤيدين للفلسطينيين”.

حماية غزة

ولفهم طبيعة العلاقات الحالية بين البلدين بشكل أفضل، يرى الجنرال أنه من "المهم التذكير بأن تركيا تُدار حاليا من قبل سلطة إسلامية، يرأسها رئيس قريب من جماعة الإخوان المسلمين، يدعم القضية الفلسطينية وينتقد إسرائيل علنا". 

وبالعودة إلى العلاقات التركية الإسرائيلية، لفت الجنرال النظر إلى أنه "سبق أن صدرت تهديدات من أردوغان ضد إسرائيل في الماضي". 

علاوة على ذلك، قال: إن "الغضب في تركيا تجاه الأحداث في غزة أثار الرغبة في حماية سكان غزة".

وهو ما يجعل حدوث مواجهة عسكرية مع إسرائيل أمرا ممكنا، ولكنه غير مرجح إلى حد كبير، بحسب ما يراه شوفانسي.

ومن ناحية أخرى، نقل الموقع عن الجنرال العسكري قوله: إن "العلاقات الدبلوماسية والتجارية بين البلدين كانت قد اُستعيدت في 17 أغسطس/ آب 2022، لكنها قُطعت مجددا في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024".

ومع ذلك، أبرز الجنرال العسكري أنه "من المشروع التساؤل عن الهدف الحقيقي من هذا التقرير الذي نُشر منذ حوالي شهر". 

وتساءل “في ظل خوض إسرائيل حربا (العدوان على قطاع غزة) لأكثر من خمسة عشر شهرا، هل كان التقرير وسيلة لطلب جهود إضافية من حيث التمويل لدعم القوات المسلحة الإسرائيلية المنخرطة في ذلك الوقت في حرب شاملة لا نهاية لها؟”

وأجاب شوفانسي "في الواقع، عند قراءة التقرير وأخذ مدى واقعية التهديد والسياق الحالي في الحسبان، يمكن التساؤل عما إذا كان هذا الهدف المفترض قد أصبح عديم الجدوى بعد الهدنات في لبنان وقطاع غزة، إلى جانب نوع من تطبيع الوضع في سوريا". 

كما نوه إلى أنه "في الوقت ذاته، لا يمكن تجاهل تأثير الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ توليه السلطة في 20 يناير/ كانون الثاني 2025".

الناتو وتركيا

وفي هذا السياق، وبالإشارة إلى أن تركيا عضو في حلف شمال الأطلسي، تساءل الموقع الفرنسي: “كيف سيرد حلفاء إسرائيل، ولا سيما الولايات المتحدة، إذا تفاقمت التوترات بين تل أبيب وأنقرة؟”

ولفت شوفانسي إلى أن "إسرائيل ليست جزءا من حلف الناتو، لكنها انضمت عام 1995 إلى (الحوار المتوسطي للناتو)".

وفي عام 2016، انضمت إسرائيل إلى برنامج الشراكة الفردية للناتو؛ حيث أقامت مكتب اتصال في مقر المنظمة بهدف "تعزيز التعاون في مجالات الأمن السيبراني وإدارة الأزمات والتدريب".

ولكن بشكل عام، أبرز شوفانسي أن "الناتو لن يتدخل بشكل مباشر في حل التوترات، خاصة أن القيادة البرية للحلف مقرها في ولاية إزمير بتركيا". 

كما يرى أن "استبعاد تركيا من عملية اتخاذ القرار داخل الحلف يبدو غير مرجح". 

علاوة على ذلك، أضاف شوفانسي أنه “من الناحية السياسية، يكاد يكون من المستحيل استبعاد تركيا من الناتو، حيث لا يوجد في النصوص التأسيسية للحلف ما يسمح بذلك”. 

وتابع: “كما أن تركيا لا تزال دولة ديمقراطية نسبيا، مما يعقد مبررات الانفصال على أساس عدم توافق القيم”.

ولذلك، خلص شوفانسي إلى أن "القضية بشكل أساسي بين واشنطن وتل أبيب وأنقرة".

جدير بالذكر أنه بعد شراء تركيا أنظمة الدفاع الجوي "S-400" من روسيا عام 2017، استبعدتها الولايات المتحدة عام 2019 من برنامج الطائرات المقاتلة "F-35" (وسط تأكيد أنقرة أن تنصل واشنطن في تزويدها بالمقاتلات وراء لجوئها لموسكو).

ثم فرضت عقوبات في ديسمبر/ كانون الأول 2020 على قطاع الدفاع التركي بموجب قانون "CAATSA"، قانون مكافحة أعداء أميركا من خلال العقوبات.

ومع ذلك، يرى شوفانسي أنه "من الواضح أن الولايات المتحدة لن تسمح بعزل إسرائيل، خاصة في ظل قيادة ترامب". 

وأكد أنه إذا تصاعدت التوترات، ستتخذ واشنطن جميع التدابير اللازمة لإضعاف تركيا، ربما من خلال فرض عقوبات جديدة".