موقع إيطالي: لهذه الأسباب على روما الانضمام إلى المجلس التركي

12

طباعة

مشاركة

انتهى شهر مارس/آذار 2021 بتنظيم حدث سياسي "مهم للغاية على صعيد العلاقات الدولية"، متمثلا في القمة غير الرسمية للمجلس التركي، وهو منظمة تعاون متعددة الأطراف تجمع الدول الناطقة باللغة التركية، وهي إضافة إلى تركيا كل من كازاخستان وأوزبكستان وأذربيجان وقيرغيزستان. 

نشأ المجلس عن القمة صندوق استثماري ومنطقة اقتصادية مشتركة يمكن أن ترى النور قريبا بالإضافة إلى بنك إنمائي، كما أنه جذب انتباه دول أخرى من بينها المجر وأوكرانيا.

وقال "موقع انسايد أوفر" الإيطالي إن المجلس التركي منظمة صممت لجمع الشعوب التركية وتوحيد قوتها على الساحة الدولية وتحويل الوطن التركي الكبير - الذي تنتشر شعوبه من وسط أوروبا إلى الشرق الأقصى الروسي - إلى واحد من أكثر المجالات الاقتصادية (والثقافية) حيوية في القرن الحالي. 

وأوضح أن الهدف النهائي للدول الأعضاء ينشد تطوير هذا التقارب إلى تكامل على غرار نموذج الاتحاد الأوروبي.

وفي إجابته عن سؤال طرحه حول دوافع إيطاليا في التفكير على الأقل في الانضمام إلى المجلس التركي كدولة مراقبة؟ قال الموقع إنها في حاجة إلى فضاءات جديدة مزدهرة، وزيادة فرص تهدئة العلاقات شبه العدائية مع تركيا.

بالإضافة إلى تسجيل حضورها الدائم في المنطقة  الواقعة بين جنوب القوقاز وآسيا الوسطى، وذلك بالاستفادة من الماضي التاريخي الذي يربطها بهذا العالم.  

المثال المجري

شارك رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان في القمة غير الرسمية الأخيرة للمجلس التركي المنعقدة افتراضيا بينما يقضي دبلوماسيوه، وعلى رأسهم وزير الخارجية بيتر سيجارتو وقتا في آسيا أكثر مما قضوه في أوروبا، على حد تعبير الموقع. 

وبينما كان أوربان حاضرا خلال انعقاد قمة المجلس التركي، حضر بيتر سيجارتو في طشقند لافتتاح مجلس الأعمال الأوزبكي المجري محتفلا بالنتائج الإيجابية للشراكة التي تم تأسيسها مؤخرا لاسيما ارتفاع المبادلات التجارية بنسبة 38 بالمئة في عام 2020 والتوقيع على شراكة إستراتيجية.

أكد الموقع أن هناك دافعا محددا وراء ما اعتبرها آسيوية الأجندة الخارجية لبودابست، يتعلق بعقيدة الانفتاح على الشرق التي تبناها الحزب الحاكم فيدس، والاتحاد المدني المجري، منذ عام 2011، فور فوزه بالانتخابات. 

وبعد التركيز الأولي على الصين وروسيا، عدلت القيادة المجرية تدريجيا بوصلتها باتجاه العالم التركي موقعة في البداية اتفاقية مهمة مع تركيا. 

كما استخدم فيدس كل الوسائل المتاحة لإقناع الرأي العام بالترحيب بالانفتاح على الشرق.

 واليوم، بعد عشر سنوات بالضبط من إعلان الافتتاح على الشرق، أثبت التاريخ صواب هذا الخيار، وفق ما قال الموقع الإيطالي. 

في هذا الصدد، شرح الموقع أن الامتيازات التي تحصلت عليها المجر من الانضمام إلى المجلس التركي بصفة دولة مراقب لا حصر لها، خاصة حصولها على مساعدات إنسانية كانت حاسمة في مجابهة تفشي وباء كورونا.

فضلا عن نجاحها في تنويع قائمة العملاء (زاد التبادل التجاري الإجمالي مع المجلس التركي بنسبة 3 بالمئة على الرغم من تفشي الجائحة).

وأضاف أن المجر نجحت في زيادة تمثيلاتها الدبلوماسية (الافتتاح المرتقب للبعثات في كل دولة عضو، وأيضا افتتاح سفارة مؤخرا في قيرغيزستان، إلى جانب افتتاح مكتب تمثيلي للمجلس التركي في بودابست، وإنشاء منتدى أعمال تركي في العاصمة المجرية في المستقبل) وكذلك ستسجل مشاركتها في إعادة إعمار إقليم قره باغ الأذربيجاني.

على ضوء هذه النتائج، ألمح الموقع إلى أن إيطاليا يمكنها وينبغي لها الاستفادة من الماضي التاريخي الذي جعلها على اتصال بالعالم التركي منذ روما القديمة.

وقال الموقع إن الحضارة الرومانية لم تخف افتتانها الكبير تاريخيا بالشعوب التركية، وخاصة الأتراك العثمانيين. 

في القرون التالية، تلاشت ذكرى روما القديمة، وحل دور الجمهوريات الإيطالية والعديد من الكيانات قبل توحيد البلاد، أبرزها جمهورية البندقية، التي تذبذبت علاقاتها بالإمبراطورية العثمانية وترواحت بين شن شبه حروب، والتوصل إلى هدنات دائمة وإقامة تحالفات فعالة، وخاصة القيام بتبادلات كثيرة: من التجارة إلى الثقافة. 

نوه الموقع بالمساهمة الكبيرة لإيطاليا في فترة ما قبل توحيدها في النمو الاقتصادي، والعمل الفني والازدهار الثقافي للباب العالي ذاكرا أن المهندسين المعماريين الإيطاليين أعادوا كتابة الوجه الحضري للإمبراطورية العثمانية خلال حقبة التنظيمات، كما قام الفنانون الإيطاليون بتلوين وتزيين بلاط السلاطين.

عضوية واقعية؟

أكد الموقع بأنه على ضوء التحول المحتمل للمجلس التركي إلى كتلة فيدرالية والانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، يجب على إيطاليا أن تحذو حذو المجر لزيادة الفوائد التي يمكن أن تجنيها من خلال المشاركة كمراقب. 

يتوقع الموقع أن يلقى طلب روما بالحصول على صفة مراقب كل الترحيب على الرغم من أن إيطاليا ليست دولة ناطقة باللغة التركية، ولا تستضيف عددا كبيرا من المغتربين الأتراك (أقل من 20  ألف تركي، حوالي 1800 كازاخستاني، ما يزيد قليلا عن ألف أوزبكي، 550 أذربيجانيا).

لكن يربطها تحالف قوي بأذربيجان، وأيضا مصالح مع تركيا فضلا عن شراكات متنامية مع كازاخستان وأوزبكستان. 

عموما، إيطاليا يمكنها الاعتماد على العلاقات التاريخية مكان الهوية، كما أن وجود أطراف صديقة (ومؤثرة) داخل المجلس التركي يمكنها التوسط بشكل إيجابي وترجمة هذه الرؤية إلى واقع ملموس.

أوضح الموقع أن المجلس التركي ليس كيانا واحدا في حد ذاته، وإنما آلية تمثل جزءا من سلسلة ممتدة، تم إنشاؤها وتأسيسها على القومية التركية.

وللمجلس هيئات تعاون ثقافي وسياسي واقتصادي مثل الجمعية البرلمانية للدول الناطقة باللغة التركية، والمنظمة الدولية للثقافة التركية، ومجلس الأعمال التركي، والأكاديمية التركية الدولية، وأيضا الجمعية العالمية للأتراك. 

في هذا السياق، يفترض الموقع أن يتم توجيه طلبين إلى إيطاليا، يخص الأول الاندماج في الآليات التجارية والاقتصادية والاستثمارية، ويؤكد الثاني على الالتزام بمبادرات الشعوب التركية الثقافية بهدف الحوار بين الحضارات. 

وصف الموقع العلاقات الإيطالية الاقتصادية بالمجلس التركي بالممتازة على الرغم من عدم وجود اندماج مؤسسي، خصوصا وأن روما تعتبر الشريك التجاري الأول لباكو، والثالث لنور سلطان (أستانة) وتأتي في المركز الخامس بالنسبة لأنقرة وبودابست.

لذلك، ستستفيد بشكل كبير من الحقوق الناتجة عن الحصول على صفة مراقب من حيث المعاملة التفضيلية في الاستثمار والعقود والتجارة فضلا عن النفاذ إلى طرق التجارة الأوروبية الآسيوية الرئيسة، يؤكد موقع إنسايد أوفر.

أردف الموقع أن الأحداث التي وقعت في السنوات الماضية كشفت عن الأهمية الكبيرة لدول المجلس التركي بالنسبة للسياسة الخارجية الإيطالية ومن مصلحة إيطاليا الأساسية تعزيز علاقاتها بالأطراف التي حققت تموضعا متميزا بين جنوب القوقاز ووسط آسيا. 

وخلص الموقع إلى القول إن المجلس التركي سيكون مفيدا لإيطاليا من ناحية  الاعتماد الأميركي عليها (تبحث واشنطن دائما عن وسطاء لتفويض إدارة الضواحي والمناطق الحدودية ومسارح الأزمات).

كما تخدم المشاركة فيه  استقرار العلاقات مع تركيا (هناك تعاون وتنافس بين طرفين في نفس الوقت) واستعادة دور قديم أكثر طموحا كجسر رابط بين الكتل والحضارات.