أعقبت جولة لافروف.. ماذا وراء زيارة وزير خارجية النظام السوري لمسقط؟

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

أثارت زيارة وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد المفاجئة إلى سلطنة عمان تساؤلات كثيرة، لا سيما أنها الأولى له منذ تسلمه منصبه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، إضافة إلى أنها جاءت بعد جولة خليجية أجراها وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف.

في 20 مارس/آذار 2021 وصل المقداد، إلى العاصمة العمانية مسقط في زيارة استمرت يومين، التقى خلالها بكبار المسؤولين في السلطنة، أول دولة عربية وخليجية تعيد سفيرها إلى دمشق، في أكتوبر/ تشرين الأول 2020.

محادثات مسقط

لم تكشف الزيارة عن أجندة وزير بشار الأسد الحقيقية، خلال مباحثاته مع السلطنة، لكن ما سمح بنشره في الإعلام أنه التقى مع وزير المكتب السلطاني العماني، سلطان النعماني، واستعرض معه آخر التطورات المتعلقة بالأوضاع في سوريا، حسبما نقلت وكالة الأنباء السورية "سانا".

وذكرت "سانا" أن النعماني عبر عن "تقدير" السلطنة لـ"عمق العلاقة الأخوية مع سوريا، وعن اليقين بأنها ستتجاوز الأزمة التي مرت بها وستستعيد مكانتها ودورها في المنطقة والعالم بفضل صمود شعبها ودفاعه عن أرضه".

وعقد المقداد مع وزير خارجية عمان بدر البوسعيدي، جلسة مباحثات لتعزيز التعاون الثنائي، حيث أكد المقداد على "العلاقة الأخوية المتميزة بين سوريا وسلطنة عمان، والتي لم تتأثر خلال سنوات الحرب المفروضة على سوريا"، مؤكدا "أهمية مواصلة التعاون والعمل المشترك لما فيه مصلحة البلدين والمنطقة".

وخلال توضيحه أهم التطورات المتعلقة بلجنة مناقشة الدستور، قال المقداد إن "عملها يجب أن ينطلق من الاتفاق على المبادئ الوطنية وبشكل خاص وحدة الأراضي السورية، وأن الشعب السوري صاحب الحق الحصري في تقرير مستقبله، وضرورة مواصلة مكافحة الإرهاب".

وأشار المقداد إلى أن "أخطر ما يهدد عمل اللجنة هو تدخل الدول الغربية فيها ومحاولتها فرض خطط عمل خاصة أو جداول زمنية عليها"، فيما جرى عقب المحادثات توقيع اتفاقية الإعفاء المتبادل بين البلدين من متطلبات التأشيرة لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية والخاصة والخدمة.

بعدها التقى المقداد مع نائب رئيس الوزراء لشؤون العلاقات والتعاون الدولي، الممثل الخاص لسلطان عمان، أسعد بن طارق آل سعيد، وبحث معه "أوجه التعاون بين سوريا والسلطنة بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين والشعبين وآفاق تطويرها"، بحسب "سانا".

وعرض المقداد خلال اللقاء ما أسماه "الجهود التي تقوم بها الحكومة السورية لإعادة الأمن والاستقرار إلى كل أنحاء سوريا وتهيئة الظروف لعودة اللاجئين والبدء بإطلاق عملية إعادة الإعمار"، كما تناول الحديث آخر التطورات المتعلقة بعمل لجنة مناقشة الدستور.

من جانبه، أكد نائب رئيس الوزراء العماني على "عمق العلاقات الطيبة بين السلطنة وسوريا واستمرار بذل الجهود لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين"، وفقا لوكالة "سانا".

تدوير الأسد

زيارة المقداد في الوقت الحالي، فسرها محللون بأنها تنطوي على محاولات عمانية لإعادة تدوير نظام بشار الأسد وفق الرؤية الروسية، لا سيما أنها جاءت مباشرة بعد زيارة لافروف إلى دول الخليج.

وقال الخبير في الشأن السوري، أحمد حماد، لـ"الاستقلال": "سلطنة عمان تحتفظ بعلاقات مع جميع الأطراف وعلاقات قوية مع إيران، وتعتبر السلطنة كما هي الإمارات مرتع للنظام".

وأضاف: "لا أستبعد أن تقوم (سلطنة عمان) بدور العراب مع بعض الأطراف في بذل مساعي لإعادة تدوير النظام وفق رؤية موسكو، حيث أجرى وزير خارجية روسيا محاولات عديدة مع الإمارات والسعودية وقطر لإعادة النظام إلى جامعة الدول العربية".

وتابع: "وبذلك يوقف جهود المجتمع الدولي الساعي إلى تطبيق القرارات الدولية ضد النظام السوري، الذي اقترف جرائم حرب ضد الشعب الذي يطالب بحقوقه المشروعة".

من جهته، رأى المحلل السياسي السوري القريب من النظام بسام أبو عبد الله، أن "العلاقة الجيدة بين دمشق ومسقط هي التي جعلتها وجهة وزير الخارجية الأولى للوزير فيصل المقداد".

وأضاف أبو عبد الله خلال تصريحات صحفية في 21 مارس/آذار 2021 أن "العلاقة بين الجانبين لم تنقطع منذ 10 سنوات، بعدما أغلقت الدول العربية سفاراتها في سوريا، لكن لم تغلق سفارة السلطنة أبوابها، علاوة على ذلك قد يكون المقداد حمل معه العديد من الملفات من بينها العلاقات الثنائية".

وأشار إلى أن "مسقط تلعب دور الوساطة في العديد من ملفات المنطقة، مثل الملف النووي الإيراني ونقل الرسائل بين الولايات المتحدة والحوثيين في اليمن، لكن ليست هناك معلومات مؤكدة عما حمله المقداد إلى مسقط".

وأعرب أبو عبد الله عن اعتقاده أنه "بعد جولة لافروف إلى منطقة الخليج والحديث عن عودة سوريا للجامعة العربية، زيارة المقداد تعد هامة خاصة أنها الأولى له، وقد تكون هناك رسائل متبادلة مع بعض القوى الدولية الكبرى".

وتابع: "بدا واضحا للعيان أن هناك حراكا سياسيا بدأه وزير الخارجية الروسي بزيارة دول الخليج وما تبع الزيارة من تصريحات، لذا قد تكون العديد من الملفات على الطاولة خلال تلك الزيارة التي لم تكن زيارة قصيرة ما يوحي بأن هناك تقارب بشكل أعمق، وقد يتم نقل رسائل أيضا عن موقف دمشق بشكل واضح حول العديد من القضايا المحلية والإقليمية".

محاولات سابقة

اتخذت جامعة الدول العربية في عام 2011 قرارا بإبعاد سوريا عن "الحضن العربي" إثر استخدام نظام بشار العنف ضد الثورة الشعبية التي جاءت ضمن سلسلة ثورات الربيع العربي.

وفي 2013، وافقت القمة العربية التي عقدت في الدوحة على تسليم المقعد للمعارضة السورية، إلا أنه عاد شاغرا بقمة شرم الشيخ في مارس/آذار 2015، وأعيد وضع علم النظام السوري، في خطوة ألغت أحقية المعارضة بمقعد جامعة الدول العربية.

الخطوة المصرية التي قادها رئيس النظام الانقلابي في مصر عبدالفتاح السيسي، أتت منسجمة مع مواقف العراق والجزائر وسلطنة عمان ولبنان الذين رفضوا منذ البداية إلغاء عضوية سوريا بالجامعة العربية، بعدها توالت المواقف الداعمة لنظام الأسد.

أعادت البحرين والإمارات افتتاح سفارتيهما بدمشق في 27 ديسمبر/ كانون الأول 2018، فيما أعاد الأردن التمثيل الدبلوماسي مع النظام السوري في 22 يناير/ كانون الثاني 2019، سبقته زيارة الرئيس السوداني المعزول عمر البشير إلى سوريا ولقائه برئيس النظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2018.

وخفف المغرب من لهجته أيضا بشأن سوريا، حيث أشار وزير الخارجية ناصر بوريطة في يناير/ كانون الثاني 2019، إلى دعم دعوات من بعض الدول العربية إلى عودة دمشق إلى جامعة الدول العربية.

وكذلك تونس، سبق لها أن أيدت على لسان وزير خارجيتها عودة سوريا إلى الجامعة العربية، فقال خميس الجهيناوي خلال تصريح له في يناير/كانون الثاني 2019، أن "المكان الطبيعي" لسوريا هو داخل جامعة الدول العربية.

وفي المقابل، لا تزال دول عربية مهمة رافضة لعودة نظام الأسد إلى مقعد الجامعة العربية، أبرزها السعودية وقطر والكويت، الذين يرون أن الوقت لم يحن بعد، وأنه ثمة شروط ينبغي على النظام الأخذ بها قبل ذلك.

كان وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي، عادل الجبير، قد أعلن في مارس/آذار 2019، أن "لا تغيير في الموقف السعودي بشأن فتح السفارة في دمشق، كما أن إعادة سوريا للجامعة العربية مرهونة بالتقدم في العملية السياسية".