بعد عقد من الربيع العربي.. صحيفة فرنسية تبشر بانتفاضة شعبية جديدة

12

طباعة

مشاركة

أكدت مجلة فرنسية أن الأنظمة العسكرية والاستبدادية في الشرق الأوسط تزدهر بعد 10 سنوات من الربيع العربي، وهذه الأنظمة معرضة لخطر ظهور انتفاضات شعبية جديدة وأكثر عنفا في السنوات القادمة. 

ونشرت "جون أفريك" مقالا للكاتب سباستيان بوسواس، تطرق فيه لما نشره مؤخرا على موقع "فيف/إكسبراس"، السفير الفخري البلجيكي فيليب جوتارد، من "تقييم مرير للربيع العربي". 

وحسب "جوتارد" الذي قدم قائمة غير حصرية بالنكسات التي عانت منها الشعوب "العربية" المتعطشة للحرية والعدالة والمساواة، فإن الثورات التي وُلدت قبل 10 سنوات، ولسوء الحظ، "لم تحدث أي تغيير".

ووفقا له "هناك سبب رئيس، إن لم يكن فريدا، لهزيمة ما سيكون من الأصح من الآن فصاعدا تسميته شلالات العرب، لدرجة أنهم يغرقون المنطقة في الفوضى واليأس".

استقرار استبدادي

وقال كاتب المقال بوسواس: إن "الوضع في الواقع أكثر تعقيدا مما يبدو بقليل، فالدعم الحقيقي من جانب عدد معين من الغربيين لسياسة الاستقرار الاستبدادي، والذي يتم تنفيذه إلى حد كبير على حساب الشعوب المكتومة، يهدد بإثارة انتفاضات شعبية جديدة وأكثر عنفا في السنوات القادمة".

واعتبر أنه "خلال الربيع العربي، بدت التيارات الإسلامية بالنسبة لشعوب المنطقة، هي البديل الوحيد القابل للتطبيق والمنظم الذي وفر لهم الدعم الاقتصادي والاجتماعي عندما نسيتهم الدولة المتوحشة، لذلك اختاروها". 

ودعا بوسواس، المدافعين عن النموذج الديمقراطي الذي يفترض أن يكون عليه الغرب، "أن يحلل هذا الخيار أكثر من الحكم عليه". 

وقال "لنكن واضحين، فبعد عقود من الغسيل القسري لأدمغة السكان، كان الإسلاميون، الجماعات الوحيدة المقاومة للمناعة وأصبحوا بمثابة الحصن لهم".

واستدرك: "مع ذلك، لم يرغب أحد في قبول أن تكون العملية الديمقراطية راسخة على المدى الطويل، وأن تكون الإسلاموية انتقالية - مثل التيار الثوري الذي يسبقها، علاوة على ذلك - والاعتماد على مجتمع مدني مؤسس بشكل كاف لها".

وتابع بوسواس: "إذا نجحت الثورات في تونس ومصر، فذلك لأن المجتمع المدني كان موجودا بالفعل هناك، كان الإسلاميون مكونا واحدا فقط من مكونات هذا المجتمع المدني، وليسوا المكون الوحيد". 

وأشار إلى أن "تونس في وضع أفضل ويجب، بعد 10 سنوات، أن تجمع جميع الكفاءات السياسية، بما في ذلك النهضة، في حين تخلت مصر بسرعة كبيرة عن الديمقراطية بعد الإطاحة بالرئيس المنتخب ديمقراطيا محمد مرسي، رغم انتخابه من قبل الشعب".

وأكد بوسواس أن "هناك في الأساس معايير مزدوجة في قبول الغرب للديمقراطية، ونحن مستعدون لإنكار مبادئها عندما يسير الشرق الأدنى في الاتجاه الخاطئ: نعم للديمقراطية، إلا عندما يكون صوتها سيّئا (اسمع، إنها ضد المصالح الغربية)". 

وأوضح "لذلك لا يزال الغرب يفضل دعم الديكتاتورية والأنظمة الاستبدادية التي تعافت تدريجيا، الواحد تلو الآخرى، بمساعدة السعودية والإمارات، اللتين تحلمان بتولي القيادة في مواجهة تركيا وإيران".

برميل بارود

ولفت بوسواس إلى أن "الجزائر، رغم شهور من الاحتجاجات، ولدت إصلاحا دستوريا هزيلا ورئيس ظل جديد، إلى جانب الجيش، سيحرص على أن تحظى أبو ظبي بإعجاب أكثر من الدوحة". 

وأردف "لقد وقعت سوريا وليبيا في حالة من الرعب، وليس فقط بسبب الإسلاميين، بدعوى خطر حدوث المزيد من الفوضى، دعمت بعض الدول الغربية أنظمة عسكرية واستبدادية عزيزة على حلفائها الإقليميين السعودية والإمارات". 

واعتبر أن "الشرق الأوسط الجديد الذي حلم به الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، وريثاه هما وليا العهد السعودي محمد بن سلمان والإماراتي محمد بن زايد، هما من وضعاه موضع التنفيذ: الثورات المضادة، إعادة الديكتاتوريات العسكرية، محاربة ما يسمى الإرهاب، خنق الشعوب، نهاية الأمل الديمقراطي في انتظار الانفجار الإقليمي القادم".

وأكد بوسواس أن "الإمارات تلعب دورا ناعما، ولكنه حاسم في التدخل في كل من الدول التي تحاول التوجه نحو الخيار الديمقراطي: المغرب والجزائر وليبيا ومصر والسودان وسوريا وغيرها".

وأرجع ذلك إلى أن "ابن زايد كان يحلم منذ سنوات بأن يكون رائد العالم الإسلامي، على حساب حليفه السعودي، المتورط في اتصال سياسي كارثي".

واعتبر بوسواس أن "هذا الجندي (ابن زايد) الذي تدرب في أكاديمية ساندهيرست العسكرية (بريطانيا العظمى) يحظى بتقدير من العالم الغربي العلماني، ولديه هاجس واحد فقط منذ سنوات: الإخوان المسلمون الذين ينتمون إلى الإمارات".

وينعكس هذا الخوف الداخلي في كل إستراتيجيات الإمارات الإقليمية، جاعلة من قطر مسؤولة عن كل مصائب الشرق الأوسط فترة كانت قريبة من التناقضات الإسلامية المحلية، حتى في الوقت الذي تجري فيه لعبة الدومينو الرهيبة ضد شعوب المنطقة، وفق الكاتب.

وتساءل بوسواس "من الذي يستطيع أن يتحمل لفترة أطول الغطاء الرصاصي الذي يتم إعادة وضعه في مكانه في كل من البلدان الإسلامية، باسم مكافحة الإرهاب، ومن أجل الاستقرار، يفرض القانون والنظام ضد الفوضى الديمقراطية؟".

وأجاب في ختام مقاله: "يعدنا الشرق الأوسط بنتائج رهيبة، في أقل من 10 سنوات، سيصبح برميل بارود ضخم أكثر قابلية للانفجار مما كان عليه في 2010، مع إسلاميين معززين، والمزيد من الجنود المستعدين للقتال".