اليوتيوبر أحمد سلامة.. هكذا يتحدث بلسان السيسي "زي الكتاب ما بيقول"

أحمد يحيى | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

في 26 يناير/ كانون الثاني 2020، تم الإعلان عن تعاقد قناة "دي إم سي" المملوكة لجهاز المخابرات العامة، مع اليوتيوبر المصري أحمد سلامة، لعرض حلقات "زي الكتاب ما بيقول" على شاشتها، تحت بند ما أطلقت عليه تجديد محتوى القناة.

الأذرع الإعلامية لنظام عبدالفتاح السيسي احتفت آنذاك بالتعاقد الجديد، وركزت على سلامة، كونه "وجها يخاطب الشباب، يعمل على تثقيف وتنوير العقول ضد الأكاذيب" بحسب صحيفة "الوطن" المملوكة لشركة "فيوتشر ميديا" التي استحوذ عليها جهاز الاستخبارات قبل سنوات.

سلامة من جانبه، اعتمد تمرير رواية منظومة السيسي للأحداث، وتبنى وجهة نظرها، وطوعها في قالب جديد لتكون مناسبة لجمهور السوشيال ميديا من الشباب الذين طالما أقلقوا مضجع السيسي ونظام حكمه.

لسان السيسي

اختتم اليوتيوبر أحمد سلامة حلقة "مسلسل حقوق الإنسان"، التي عرضها بتاريخ 28 يناير/ كانون الثاني 2021، منتقدا منظمات حقوق الإنسان، قائلا: "مينفعش (لا يجوز) نتحدث عن حقوق الإنسان من الدرجة الرابعة والخامسة مع شعوب لا تضمن حقوق الأكل والشرب والسكن".

هذه الفكرة تحديدا هي التي وردت في حديث سابق للسيسي، خلال المؤتمر الصحفي رفقة الرئيس إيمانويل ماكرون بفرنسا، في 24 أكتوبر/ تشرين الأول 2017، بقوله: "حقوق الإنسان ليست السياسية فقط، ولماذا لا تسألوني عن حقوق الإنسان في التعليم والعلاج في مصر".

أما النقطة الأبرز بالحلقة فجاءت مع تركيز أحمد سلامة على انتهاكات حقوق الإنسان من قبل فرنسا، واستعراض تاريخها الاستعماري، كما تطرق إلى ماكرون وقمعه لمظاهرات السترات الصفراء.

تعاطي سلامة لم ينفك عن الضغط الذي مارسته باريس على نظام السيسي مؤخرا إثر الحملة التي شنتها الأجهزة الأمنية في مصر على منظمات المجتمع المدني، واعتقال أعضاء المبادرة المصرية للحقوق والحريات في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

وقتها وجهت الخارجية الفرنسية رسالة شديدة اللهجة إلى القاهرة، بضرورة الإفراج عن أعضاء المبادرة، تزامنا مع ضغط غربي من قبل حكومات ومنظمات حقوقية مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، على نظام السيسي الذي اضطر مرغما للإفراج عن أعضاء المبادرة يوم 3 ديسمبر/ كانون الأول 2020.

سلامة في حلقة "مسلسل حقوق الإنسان" كان يسير على نفس نسق إعلام السيسي الموجه من قبل أجهزة الاستخبارات، التي اعتمدت رواية انتهاكات حقوق الإنسان في الغرب، وتحديدا الولايات المتحدة، للتأثير على الرأي العام أمام الانتقادات الأممية للقاهرة بسبب انتهاكات النظام بحق السياسيين والمعارضين.

الكونغرس والسد

في نفس يوم اقتحام مبنى الكونغرس الأميركي 7 يناير/ كانون الثاني 2021، من قبل أنصار الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، قدم سلامة حلقة بعنوان "شهادة على أحداث الكونغرس".

سلامة قال ساخرا: "بضاعتكم ردت إليكم، نعرب عن قلقنا من التوتر الزائد في الداخل الأميركي، والمظاهرات الحاشدة، ونناشد جميع الأطراف بضبط النفس، وعلى وحدات إنفاذ القانون مراعاة حرية التعبير وحقوق الإنسان"

نفس الطرح الذي ناقشه سلامة، أعلن عنه النائب بالبرلمان محمد الكومى، عن حزب السيسي "مستقبل وطن"، عندما سأل وزير الخارجية خلال إحدى الجلسات قائلا: "هل من الممكن أو يحق لنا أن تطالب الخارجية المصرية بالإفراج عن المعتقلين في أحداث الهجوم على الكونغرس الأميركي مؤخرا؟".

وفي 26 يناير/ كانون الثاني 2021، شهدت جلسة البرلمان هجوما حادا من النواب الموالين للنظام، على الكونغرس في رسالة بدت أنها رد على انتقاد واشنطن المتكرر لنظام السيسي في ملف حقوق الإنسان وقمع الحريات.

"مصر كشفت ظهرها وعرت كتفها في 2011" تصريح شهير أطلقه السيسي، يوم 13 أكتوبر/ تشرين الأول 2019، متهما ثورة 25 يناير بأنها السبب الرئيس في تفاقم أزمة سد النهضة، وهو المعنى الذي عززته أجهزة الاستخبارات بشكل مستمر للتعتيم على إخفاق النظام في إدارة الأزمة مع إثيوبيا.

بعد تصريحات السيسي بأيام، وتحديدا في 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2019، نشر اليوتيوبر سلامة، على قناته "زي الكتاب ما بيقول"، حلقة بعنوان "حرب المياه.. سد النهضة".

سلامة اعتمد على رواية السيسي للأحداث، محملا هو الآخر ثورة يناير أسباب إخفاق مفاوضات سد النهضة، وذهب إلى أبعد من ذلك بقوله "إثيوبيا استغلت انشغال مصر بأحداث الثورة علشان (من أجل) بناء السد".

ديمقراطية تونس

هجوم شديد شنته وسائل الإعلام المصرية التابعة لجهاز المخابرات، على البرلمان التونسي بقيادة رئيسه راشد الغنوشي، وأعلن إعلاميو السيسي، تأييدهم للمظاهرات المندلعة في تونس منذ 16 يناير/ كانون الثاني 2021.

كان على رأس هؤلاء أحمد موسى، وصحف اليوم السابع، والمصري اليوم، والدستور، بالإضافة إلى اليوتيوبر أحمد سلامة، من ضمن الكتيبة الإعلامية المتفاعلة مع أحداث تونس.

مطلع فبراير/ شباط 2021، خرج سلامة في حلقة بعنوان "ماذا يحدث في تونس؟" شن خلالها هجوما حادا على حركة النهضة، ودعم فيها الاحتجاجات، بل طلب صراحة من التونسيين ما وصفه بـ "قلب الصفحة والاستجابة لنداء الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي: "إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر".

سلامة فند خلال الحلقة أسباب الاحتجاجات بتردي الأوضاع الاقتصادية، والاقتراض من الخارج، والفشل في التعامل مع جائحة كورونا، وحمل حركة النهضة "المنتخبة" مسؤولية تلك الإخفاقات.

حرب ليبيا

في يونيو/ حزيران 2020، تلقت مليشيات الجنرال الانقلابي الليبي خليفة حفتر المدعوم من مصر والإمارات، هزيمة كبرى على يد قوات حكومة الوفاق المعترف بها دوليا.

اندحرت قوات حفتر من جنوب طرابلس إلى مدينتي الجفرة وسرت وسط البلاد في مسافة تقدر بنحو 500 كيلومتر، واشتعلت الأوضاع السياسية والإعلامية في مصر.

وقتها أطلق السيسي من القاهرة عبارة "جفرة وسرت خط أحمر" والتقطته الأذرع الإعلامية التابعة للمخابرات، لتتحدث عن حرب قادمة وصراع مسلح بين القاهرة وأنقرة الحليف القوي لحكومة الوفاق والتي قلبت الطاولة على حفتر وحلفائه.

وقتها خرج اليوتيوبر سلامة في حلقة بعنوان "ليبيا والمحتلون الجدد للمنطقة العربية" يوم 24 يوليو/ تموز 2020، ليعيد تكرار عبارة السيسي عن جفرة وسرت.

سلامة اصطف إلى جانب عمرو أديب وأحمد موسى ووائل الإبراشي، وغيرهم من أذرع إعلام النظام واصفا الدعم التركي لحكومة الوفاق بالاحتلال "العثماني"، ومحاولة لإعادة إحياء مشروع "الخلافة الإسلامية" على يد جماعات الإسلام السياسي، بحسب تعبيره.

ذات المصطلحات اعتمدتها برامج "التوك شو" على قنوات "دي إم سي" و"صدى البلد" و"أون تي في"، بالإضافة إلى صحف السيسي "اليوم السابع" و"المصري اليوم" و"الدستور" وغيرها.

سلامة وهو يتحدث عن التدخلات في ليبيا، ومقاومة حكومة الوفاق لمشروع حفتر العسكري بدعم من السيسي وابن زايد، تغافل أن مرتزقة "فاغنر" الروس كانوا موجودين أيضا في ساحة القتال، بجوار جيش حفتر.

كذلك تجاهل سلامة تدخلات فرنسا وروسيا لصالح حملة حفتر العسكرية، التي كادت أن تطيح بالدولة الليبية، لولا الإسناد التركي لحكومة الوفاق، الذي نجح في فك الحصار عن العاصمة طرابلس وإنقاذها من مذابح مروعة كالتي حدثت في ترهونة، على يد قبائل شرق ليبيا، ومليشيا الكاني، الذين التقاهم السيسي بالقاهرة في 16 يوليو/ تموز 2020.