صحيفة فرنسية: مخاطر مخيفة على السودان من موجة النزوح الإثيوبي

12

طباعة

مشاركة

في ظل طول انتظار رد المجتمع الدولي، يُنظم المسؤولون المحليون والجنود والسكان في السودان عملية استقبال اللاجئين القادمين من إثيوبيا، في ظل الحرب الداخلية بين السلطات وقوات إقليم تيغراي.

وتحدثت صحيفة لاكروا الفرنسية نقلا عن مبعوثتها الخاصة إلى الحدود بين السودان وإثيوبيا، أوغسطين باسيلي، عن عبور آلاف اللاجئين الفارين من الحرب الأهلية الناشئة في إثيوبيا في اتجاه الحدود السودانية.

يصف الدكتور داريلوم كودج الوضع ملتمسا المساعدة بقوله: "يجلس أربعة أطباء إثيوبيين أمام مبنى خرساني بدائي، دون أبواب أو نوافذ، ويواجهون حوالي 30 امرأة ورجلا تجمعوا حول الطاولة التي يقفون خلفها، واحدا تلو الآخر".

تشير الصحيفة إلى أنه كان وزملاؤه قد فروا قبل أيام قليلة في سيارة إسعاف من مستشفاهم الواقع على بعد كيلومترات قليلة عبر الحدود هربا من القصف الجوي في 7 نوفمبر / تشرين الثاني.

وتعيش إثيوبيا، ثاني أكبر دولة في إفريقيا من حيث عدد السكان، في صراع داخلي شديد الحدة، يتمثل في معارضة السلطة الفيدرالية المركزية المتمركزة في أديس أبابا لقوات الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي المتمركزة بإقليم تيغراي، (TPLF) الذي لديه ميول معارضة. 

وشهدت منطقة تيغراي شمال إثيوبيا "مذبحة"، نسبها شهود إلى قوات تدعم "جبهة تحرير شعب تيغراي"، وفق ما كشفته منظمة العفو الدولية، في 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

وجاء في تقرير للمنظمة أن "عشرات، ومن المرجح مئات، من الناس طعنوا أو قطعوا حتى الموت في بلدة" جنوب غرب المنطقة في ليلة 9 نوفمبر/تشرين الثاني. 

وقالت منظمة العفو الدولية الخميس: إن عشرات المدنيين قتلوا في "مذبحة" شهدتها منطقة تيغراي بإثيوبيا، نسبها شهود إلى قوات تدعم "جبهة تحرير شعب تيغراي" الحاكمة في الإقليم في ظل نزاعها مع الحكومة الفيدرالية.

وكان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد قد أكد في نفس اليوم أن الجيش "حرر" جزءا من منطقة تيغراي خلال عمليته العسكرية ضد سلطاتها المتمردة والمستمرة منذ 4 نوفمبر/تشرين الثاني.

بوادر سوء التغذية

تقول المبعوثة الخاصة (الصحفية): إن الأطباء الأربعة فروا من الحرب، شأن أكثر من 13000 لاجئ في منطقة تيغراي الإثيوبية وذلك على عجل، ليحطوا هنا في السودان المجاور، في مخيم "القرية الثامنة".

وتذكر أنه في أقل من عشرة أيام، أدى الهجوم الذي شنه رئيس الوزراء آبي أحمد لاستعادة السيطرة على المحافظة الواقعة في أقصى شمال البلاد، إلى إلقاء أكثر من 25 ألف إثيوبي عبر الحدود، وفي السودان يتجلى الضرر الأول لتلك الحرب.

في وصفها للوضع الصحي، تقول الصحفية: إنه على قطعة من الورق المقوى، وصف الطبيب داريلوم كوج دواء لتخفيف سعال للطفل الصغير نوبيل.

وتشير إلى ذهاب الطفل البالغ من العمر ست سنوات برفقة والده إلى الصيدلية المؤقتة المقابلة لمكتب الطبيب في الهواء الطلق. تضيف في نفس السياق أنه على بعد أمتار قليلة، توجد غرفة تؤوي الأطفال والنساء الحوامل المحتاجات للرعاية.

وتتحدث في ذات السياق عن معاناة الكثيرين في الحال من أمراض جلدية أو بوادر سوء التغذية.

في حديثها عن مكان المخيم تقول الصحيفة: إن "القرية الثامنة" ظهرت على الأرض قبل أربعة عشر عامًا لنقل القرويين الذين ابتلعت السدود المزدوجة لمنطقتي "عطبرة وستيت" ممتلكاتهم.

 ولكن لمواجهة التدفق الأخير للناجين الإثيوبيين الذين يصلون كل يوم، تحولت منطقة سكنية بأكملها قيد الإنشاء إلى مركز استقبال مؤقت: في الوقت الحالي، تصطف المنازل الرمادية في تطابق كامل.

يقول الدكتور برهان تسهاي، الذي يجب أن يكون راضيا عن الأدوية التي يقدمها المكتب الإقليمي لوزير الصحة السوداني متأسفا: “نحن فريق كامل من الأطباء والممرضات والقابلات وخبراء التغذية وفنيي المختبرات، لكننا نفتقر إلى الأدوية اللازمة لعلاج مرضى فيروس نقص المناعة البشرية وارتفاع ضغط الدم والسكري".

وأضاف في ذات السياق أنه ليس لديهم أي حماية صحية أيضا.

وبعد ثمانية أيام من وصول أول هؤلاء اللاجئين، تعمل السلطات المحلية والسكان السودانيون بطريقة ما على التخفيف من نقص المياه النظيفة والغذاء والدواء في الوقت الذي تعد فيه المساعدات الدولية بطيئة الوصول.

مخاطر على السكان 

تقول مريم محمد، وهي قروية تحمل كيسا من أوراق السمسم على رأسها وساهمت في الجهد الجماعي بإحضار الكسرات (فطائر الخبز المخمر): "اللاجئون مرحب بهم". 

وتضيف: "لا يمكن أن يجعلنا كرم الضيافة السوداني التقليدي ننسى أن استدامة المخيم تشكل مخاطر حقيقية على المجتمع المحلي".

بدوره، يرى المدير العام لمعهد الأمراض الوبائية بالقضارف، وَسِير أبو بكر، أنه "يجب وضع خطة عزل لمنع انتقال العدوى بين السكان". بالإضافة إلى ذلك، تؤدي الزيادة في الطلب إلى ارتفاع الأسعار.

ويوضح إسماعيل أحمد، المدير الإداري لجنوب البلدة التي تستضيف المخيم: أن "رغيف الخبز يبلغ سعره الآن 20 جنيها سودانيا مقابل اثنين قبل أسبوع".

وجرى إلقاء اللوم على المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في ظل غيابها في الأيام الأولى، حيث دعمت أخيرا، في 15 نوفمبر/تشرين الثاني، نقل ثلاث نساء على وشك الولادة إضافة إلى بنيام أحمد، وهو رجل معاق، مصاب في الرأس والعين.

بعد وصوله بساعات قليلة، قال جينس هيسمان المسؤول عن إدارة الطوارئ في هذه الهيئة التابعة للأمم المتحدة: إن هناك "صعوبات لوجستية".

 ودافع عن رأيه قائلا: "بما أنه من المرجح أن يكون هذا المخيم مؤقتا، ليس من المفترض أن تقوم (المفوضية) بعمل مستوطنات هناك".

يخشى العقيد أبو بكر عباس، الذي أشرف على العمليات وقاد اللاجئين الذين قدموا على الأقدام إلى المخيم، أنه إذا لم تتحقق المساعدات الإنسانية، فسوف يحتج السكان، من ناحية ضد التخلي عن "إخوانهم الإثيوبيين" ومن ناحية أخرى بسبب تدهور ظروفهم المعيشية، وفق الصحيفة.