صحيفة تركية: المعارضة تطالب بإصلاحات وترفض أن ينفذها أردوغان

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة صباح التركية: إن إطلاق الرئيس رجب طيب أردوغان حملة إصلاحات جديدة على صعيد الاقتصاد والقانون والديمقراطية، أثار حركة وتساؤلات عديدة لدى الرأي العام.

وأوضحت الصحيفة في مقال للكاتب برهان الدين دوران أن أردوغان صرح بهذا الأمر في أكثر من مناسبة، مما دفع للتساؤل وأثار الفضول بشأن حجم وطبيعة تلك الإصلاحات.

القدرة على الإصلاح

وتابع قائلا: "في الوقت الحالي، هناك حزم من شأنها أن تزيد الثقة في القانون لجذب المستثمرين الأجانب، وقد تم بالفعل إعداد خطة عمل حقوق الإنسان، والتي تشمل حماية الحقوق الأساسية وتطوير حقوق الملكية وغيرها".

وأضاف: "سنرى إلى أين ستصل حملة إصلاحات أردوغان وما إذا كان الأمر سيتحول إلى نموذج جديد"، مبينا أن "هناك ـ بالطبع ـ فرقا كبيرا بين التساؤل عن حجم الإصلاح والتشكيك في نواياه".

وفي هذا السياق، أوضح أن المعارضة التركية "لم تتأخر في وصف الحملة الإصلاحية بأنها إجراءات استعراضية، وحجتهم الرئيسية في ذلك هي أنه لا يمكن تحقيق الإصلاحات في ظل النظام الرئاسي وبوجود أردوغان".

ونقل الكاتب عن المعارضة قولها: "سيكون إصلاحا وتحسينا شكليا. إنه (أردوغان) يبحث عن غطاء لحكمه الاستبدادي". لكن الصحيفة تؤكد على "قدرة أردوغان إجراء تجديد وسياساته الديناميكية التي جمعت بين الإصلاح والنضال".

وأوضح الكاتب ذلك بالقول: إن "أردوغان يظهر أنه سيد الشطرنج الذي يجدد سياسته وفريقه. ويمكن القول إن أكبر سبب لنجاح الحزب الحاكم (العدالة والتنمية) في البقاء بالسلطة هو قدرته على التجديد".

وتابع: "إنها القدرة على تحديد توقيت يمكن أن يقنع أولئك الذين يقلقون بشأن التغيير من خلال تلبية المطالب والتوقعات المنتظرة".

وأردف: "إنه التنفيذ الماهر لحركة التغييرات عن طريق سحب الفريق من الساحة وإعادته للملعب وفقا لاحتياجات الفترة. أما انتقادات المنفصلين عن الحزب فلا تلبث أن تصبح بلا معنى مع التحركات التي سيقوم بها الرئيس بعد فترة. حقا إن أردوغان ماهر في قراءة روح العصر والاتجاهات الاجتماعية".

كما نوه الكاتب إلى أن تغييرات أردوغان الدورية ليست عبارة عن تفضيلات "الأمس كان أمسا واليوم هو اليوم". على العكس من ذلك، إنه القدرة على التكيف بسرعة وقراءة الاحتياجات لنقل قضية تركيا "العظيمة والقوية" إلى الواقع، إنه نقل للنضال إلى مرحلة جديدة، وفق تعبيره.

ويرى أن "أردوغان، يعمل على الجمع بين الإصلاح والرقابة الذاتية لضمان رفاهية الشعب التركي وليكون لتركيا دور فاعل ونشط في النظام الدولي".

وبهذه الميزة، تمكن العدالة والتنمية من أن يكون أمل الناخبين حتى في الفترات التي ظهرت فيها مزاعم تفيد بتراجعه، يقول الكاتب. ولفت إلى أن هذه هي الميزة وراء فوز الحزب بجميع الانتخابات التي دخلها خلال 18 عاما.

ولذلك، يعتقد الكاتب أن المعارضة لا يمكنها توقع خطوات أردوغان الإصلاحية المرتقبة.

وتساءل: ما سبب قدرة قيادة أردوغان على التجديد؟ ليجيب "إنها الرؤية التي تجعل مصالح الأمة والشعب وسلامة الدولة فوق كل شيء، إنها إدارة وتطويع جميع أنواع القلق والعواطف باتجاه هذه الرؤية، إنها القدرة على تقديم التضحيات حينما يكون ذلك ضروريا، كما إنها القدرة على إعطاء الأولوية للإصلاح والتغيير في القضايا التي تتعثر فيها السياسة".

وشدد على أن "أردوغان قادر على إدارة فترات التغيير في النظام الدولي كما أنه قادر على إدارة تأثيرها على سياسة تركيا بهذه الصفات القيادية". 

مخاوف المعارضة

ويستطرد دوران قائلا: "ونتيجة لردود الفعل التي رأيناها على وسائل التواصل الاجتماعي، لاحظت أن أعضاء حزبي الدواء والمستقبل كانوا الأكثر انزعاجا من الحملة الإصلاحية". 

ولفت إلى أن هذه الأحزاب الجديدة، التي انتقدت أردوغان من خلال عائلته، تخشى "تغير الأسس السياسية" كنتيجة للتغيرات في الإدارة الاقتصادية.

وتابع: "ذكرت سابقا في العديد من مقالاتي أن حزب العدالة والتنمية قد تغير من خلال إعادة النظر في كل من احتياجات الفترة والعواقب السلبية للسياسات التي نفذها، وقلت إنه يتبع سياسة تجمع بين التغيير والإصلاح، والنضال والمقاومة".

وذكر أن الفترة الماضية شهدت تصدير السياسات الأمنية إلى الواجهة، خاصة مع وجود ضرورة بشأن الاستجابة للاضطرابات الإقليمية والعالمية منذ عام 2013".

وتساءل: "كيف كان من الممكن محاربة إرهاب تنظيمي الدولة وغولن وحزب العمال الكردستاني الإرهابي في هذه الفترة؟ وكيف كان من الممكن تنفيذ العمليات في سوريا وتحقيق النشاط العسكري في السياسة الخارجية؟".

ويتابع: "بصرف النظر عن الاضطرابات في السياسة الخارجية، من الواضح أنه حتى مكافحة الإرهاب ستكون لها تكاليف. أضف لهذا، البعد الفوضوي لعصر الرئيس الأميركي دونالد ترامب".

ويرى الكاتب أن الخطاب "الليبرالي" الذي يرى أن تركيا عاشت طوال السنوات السبع الماضية في حالة من "الاستبداد" بعيدة كل البعد عن فهم الظروف والموقع الجغرافي للبلاد. 

وقال: "هذه ليست مقارنة عادلة. فماذا كان سيحدث للديمقراطيات الأوروبية التي تهتز فقط لموجة هجرة أو لهجمات من قبل تنظيم الدولة لو كانت في ظروف تركيا؟".

وتساءل: "ما سبب الموقف الذي تتخذه فرنسا والنمسا اليوم وضد أي تهديد تقوم بمساواة الإسلام بالإرهاب، لتحد من حرية العبادة وحرية تكوين جمعيات للمسلمين وتستسلم لموجة معاداة الإسلام؟ لا يمكن لسياسات الكمالية (نسبة إلى كمال أتاتورك) والدولة الصارمة والاستبدادية أن تكون أساسا لوجود حزب العدالة والتنمية".

ويعتبر الكاتب التركي أن قصة تحول حزب العدالة والتنمية لها مستويان، يفشل أحدهما دون وجود الآخر: الإصلاح والنضال. هذه هي المعادلة لتحقيق التوازن بين الديمقراطية الشهيرة والأمن. ولهذا يركز أردوغان على الإصلاح أحيانا وعلى السياسات الأمنية أحيانا أخرى. 

ويختم دوران مقاله بالإشارة إلى معاني الإصلاح ويقول: إنه يعني حل المشاكل التي حدثت خلال فترة مكافحة الإرهاب، وليس توسيع منطقة من يشنون عمليات سياسية على تركيا. فعلى سبيل المثال، لا يعني تخفيف الإجراءات الأمنية في الاقتصاد فتح الاقتصاد التركي على الخارج تماما. 

ويضيف: "كما أنه لا يعني التخلي عن مطالب تركيا وموقفها في السياسة الخارجية، كما فعلت في الآونة الأخيرة من حماية حقوق قبرص الشمالية في مرعش وإرسال قوات سلام إلى أذربيجان".

وخلص إلى القول: "إن أردوغان يسعى لتحقيق توازن جديد في معادلة الديمقراطية والاقتصاد والسياسة الخارجية، أما المنزعجون من الحملة الإصلاحية فهم الهاربون من النضال أو المستبعدون منها".