زكية الخطابي.. مغربية تناضل داخل الحكومة البلجيكية لإنصاف اللاجئين

12

طباعة

مشاركة

في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول، أعلنت بلجيكا عن حكومتها الفيدرالية الجديدة بقيادة الوزير الأول الليبرالي الفلمندي ألكنسدر دي كرو، بعد مرور 16 شهرا على الانتخابات التشريعية. 

ضمت الحكومة البلجيكية 20 عضوا نصفهم نساء، من بينهم وزيرة البيئة والمناخ، زكية الخطابي (44 سنة)، ووزيرة التعاون وسياسة المدن مريم كثير (40 عاما)، مغربيتا الأصل.

عملت مريم في بداياتها عاملة بسيطة بمصنع فورد في مدينة جينك عام 1999، عندما كان عمرها لا يتعدى الـ19 عاما.

وولدت الخطابي في 15 يناير/كانون الثاني 1976 لأبوين مغربيين من الريف، بضاحية سان جوس بالعاصمة البلجيكية بروكسل، وحصلت على تعليم كاثوليكي قبل أن تنال الإجازة في العمل الاجتماعي. 

وفي عام 2009، تم انتخابها لأول مرة لعضوية برلمان بروكسل، وعرفت بنشاطها الدؤوب في إطار حزب البيئة، كما انتخبت مستشارة بلدية. 

أعيد انتخابها في 2019، في مجلس النواب، وكانت مرشحة لمنصب قاض بالمحكمة الدستورية في منتصف مايو/أيار 2020، لكن هذا الترشيح قوبل بمعارضة شديدة من الليبراليين.

أول عربية مسلمة

أفادت وسائل إعلام محلية أن زكية الخطابي هي أول امرأة أمازيغية مسلمة ترأس حزبا سياسيا في تاريخ بلجيكا وأوروبا، وذلك بعد نجاحها في تولي رئاسة حزب الخضر الفرانكفوني "إيكولو" عام 2015.

وحصلت الخطابي على إجازة في العمل الاجتماعي من الجامعة الحرة ببروكسل. بدأت مسارها الوظيفي في بلدة إيكسيل حيث كانت عضوة في مجلسها البلدي، وكانت ناشطة في الميدان الحقوقي وناشطة في مركز لتكافؤ الفرص، إضافة إلى نشاطها في رابطة حقوق الإنسان.

اشتهرت بدفاعها عن مجموعة من القضايا، أهمها إدماج المهاجرين والحق في اللجوء والعدالة، وخاضت معركة مدنية شرسة ضد توسيع المعاملات المالية في القطاع الجنائي، وكانت كذلك رئيسة مجموعة الخضر في جمعية خريجي الجامعة الحرة، وعضوة في حزب "إيكولو" البيئي.

انتخبت الخطابي نائبة في البرلمان البلجيكي عام 2009 وممثلة حزب "إيكولو"، وهي في ذلك الحين كانت تبلغ من العمر 33 عاما، ثم انضمت إلى مجموعة برلمانية تمثل منطقة بروكسل، وعينت بمجلس الشيوخ، حيث برزت بشكل سريع كأحد أبرز رموز المعارضة.

تمكنت من أن تصبح أول امرأة عربية مسلمة تحصل على ثقة منتسبي حزب سياسي لتولي منصب القيادة. اختيرت من طرف الجمعية العامة لحزب "إيكولو" لتولي رئاسة الحزب بشكل مشترك مع باتريك ديبرييز لولاية من أربع سنوات، بعد حملة استمرت ثلاثة أشهر. 

وحصدت الخطابي برفقة باتريك ديبريز على 60% من مجموع الأصوات، وهو ما يعادل 654 صوتا في الدور الأول من عملية التصويت.

وتعد البلجيكية من أصل مغربي، واحدة من رموز النضال البيئي في بلجيكا. وفضلا عن التزامها الإيكولوجي، لطالما تمتعت الرئيسة المشاركة السابقة لحزب "إيكولو"، بالحس النضالي الذي غذى حلمها في "تغيير العالم".

"امرأة ملتزمة"

انخرطت بدافع شغفها بالعدالة الاجتماعية منذ صغر سنها، في الدفاع عن حقوق المرأة والأقليات والشباب، الذي يعاني من الهشاشة، والأشخاص من أصول مهاجرة، وجعلت منها قضايا تتبناها طوال مسارها الجمعوي بالمركز البلجيكي لتكافؤ الفرص ومكافحة العنصرية.

وتفضل زكية الخطابي، التي كانت آنذاك المرأة الوحيدة المنتخبة على رأس حزب ينشط في المشهد السياسي الفرونكفوني البلجيكي، تقدم نفسها على أنها "امرأة ملتزمة" وليس كـ "امرأة سياسية"، حسب تصريح سبق أن أدلت به لوكالة المغرب العربي للأنباء.

أصبحت الخطابي ذات الشخصية القوية، بحسب ما يصفها موقع "آر تي إل" البلجيكي، محبوبة وسائل الإعلام في بلجيكا، ولطالما عبرت عن فخرها لتجسيد مثال المرأة المنحدرة من أصول مهاجرة وصلت إلى أحد أرفع مناصب المسؤولية السياسية.

وخلف قيادتها، كان حزب "إيكولو" الفائز الأكبر في الانتخابات البلدية والإقليمية لـ 14 أكتوبر/تشرين الأول 2018، حيث أدت هذه الانتخابات إلى صعود مد أخضر غير مسبوق في والونيا وبروكسل، وذلك بعد حملة انتخابية قادتها هذه البلجيكية من أصل مغربي ببراعة.

ومكن هذا الإنجاز الانتخابي حزب "إيكولو" من أن يشكل محاورا أساسيا في مفاوضات تشكيل الحكومات الإقليمية والفيدرالية.

وبعد أن تركت بصمتها بحزب "إيكولو"، الذي أضحى فاعلا رئيسيا في الوسط السياسي البلجيكي، سلمت الخطابي المشعل لبلجيكية-مغربية أخرى هي رجاء معوان، التي خلفتها سنة 2019 في الرئاسة الثنائية لـ "إيكولو" إلى جانب جان مارك نوليه. فعقب الانتخابات التشريعية التي أجريت في العام نفسه، أعيد انتخابها عضوة بمجلس النواب.

عنصرية سياسية

تؤكد زكية الخطابي، "ارتباطها الوثيق جدا" بالمغرب، الذي تزوره بانتظام، فقد جعلت من حقيقة أنها مهاجرة ميزة لها.

في مايو/ أيار 2019، خلال حوار لها على قناة تلفزيونية بلجيكية، قالت: إنها لا ترى نفسها تمارس السياسة بعد عشر سنوات مقبلة، بل "أراني في جامعة وسط الأبحاث أو أعمل لأجل الصالح العام"، في إشارة منها إلى العمل الاجتماعي الذي دأبت على ممارسته.

صرحت الخطابي في الظهور التلفزيوني، بأنها لا تفكر في المستقبل كثيرا، إنما تركز على الحاضر، خصوصا وأنها تتحمل مسؤولية إظهار نفسها كسياسية ملتزمة.

لم تر ابنة الريف نفسها وزيرة من قبل أو حتى رئيسة بلدية، بحسب تصريحاتها. وأوضحت: "عندما توليت الرئاسة المشتركة للحزب، كان الهدف أولا هو وضع بعض النظام، وإعادة تعريف المشروع والعودة إلى أساسيات البيئة السياسية". 

وقالت الوزيرة الحالية، في 2019: إنها لم تحلم بالاستوزار من قبل، لكنها ستتحمل المسؤولية في حال أنيطت بها.

اعترفت الخطابي أنها تتعرض للمضايقات بسبب اسمها وأصولها، داخل الساحة السياسية. ووقفت السياسية على انتشار الخطاب العنصري في الساحة في السنوات الأخيرة.

في 2014 واجهت الخطابي وزيرة الخارجية الليبرالية، ماغي دو بلوك، بسبب المهاجرين من أفغانستان، الذين كان جلهم قاصرون من طالبي اللجوء في بلجيكا.

طالبت دو بلوك بإرجاعهم إلى بلدهم، لكن البرلمانية عن حزب الخضر كانت من معارضي القرار بسبب أنهم لن يكونوا في أمان في أفغانستان، ما أدى إلى مشادات كلامية داخل البرلمان.

في ذلك الوقت تلقت الخطابي هجوما كبيرا من المواطنين البلجيكيين عبر رسائل خطاب عنصري، كانت تتلقاها على بريدها الإلكتروني، وكشفت للصحافة عن بعضها.

أما عن العنصرية التي يتعرض لها المهاجرون في بلجيكا، فحملت الخطابي في أحد حواراتها المسؤولية بشكل كبير للسياسيين، الذين يروجون لذلك النوع من الخطاب.

وعبّرت في الحوار التلفزيوني عن إيمانها الراسخ بالمساواة بين المرأة والرجل في العمل السياسي، وقالت: إن حزب "إيكولو" يتمكن أفضل من باقي الأحزاب في بلجيكا من تحقيق نوع من المناصفة.