صحيفة عبرية: لهذا التزمت مصر ودول الخليج الصمت في صراع قره باغ

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة عبرية أن دول الشرق الأوسط تراقب بحذر تطور الصراع بين أذربيجان وأرمينيا، وفق مصالحها وفي سياق تحالفات إقليمية ناشئة.

وقالت صحيفة "The Jérusalem Post": إن الاهتمام باشتباكات أرمينيا وأذربيجان الحالية، هو أمر غير معتاد بالنظر إلى أن التوتر السابق في 2016 وفي يوليو/تموز من العام 2020 أيضا، لم يحظ بنفس القدر من الاهتمام. 

وتحتل أرمينيا، منذ عام 1992، نحو 20 % من الأراضي الأذربيجانية، التي تضم إقليم "قره باغ" (يتكون من 5 محافظات)، و5 محافظات أخرى غربي البلاد، إضافة إلى أجزاء واسعة من محافظتي "آغدام" و"فضولي". 

واندلعت اشتباكات على خط الجبهة بين البلدين، نهاية سبتمبر/أيلول إثر إطلاق الجيش الأرميني النار بكثافة على مواقع سكنية في قرى أذربيجانية، ما أوقع خسائر بين المدنيين، وألحق دمارا كبيرا بالبنية التحتية المدنية، بحسب وزارة الدفاع الأذربيجانية.

وردا على "العدوان الأرميني"، نشرت وزارة الدفاع الأذربيجانية، مشاهد توثق تدمير قواتها مستودع ذخائر للجيش الأرميني.

دور تركيا

يعود السبب في اهتمام دول المنطقة بالتوتر بين أرمينيا وأذربيجان إلى دور تركيا في الضغط على باكو للمضي قدما في "تحرير" أراضيها، مع اندلاع الاحتجاجات في إيران، بالإضافة إلى تجنيد المقاتلين السوريين، ومعظمهم من الأقلية التركمانية ، للقتال في صفها، وفق رأي الصحيفة.

وتزعم الصحيفة الإسرائيلية أن "الحزب الحاكم في تركيا الذي لديه علاقات وثيقة مع حركة حماس والإخوان المسلمين، يسعى إلى تحويل الصراع بين أرمينيا وأذربيجان إلى إسلامي لدى دول المنطقة".

وفي الأول من أكتوبر/ تشرين الأول أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن "القدس لنا"، وهو شعار يردده عامة المسلمين، لكن الصحيفة العبرية تقول: "يبدو بأن هذا التصريح مرتبط بسياسة تركيا الخارجية في مواجهة تهديد إسرائيل لطموحاتها الإقليمية".

ويشير التقرير أن أنقرة ستستفيد من هذا الصراع (أرمينيا - أذربيجان) من خلال استخدامه كورقة ضغط ضد روسيا في ملف إدلب حيث تحاول موسكو تأمين الطريق السريع M4، وسط أخبار عن محادثات روسية تركية خلف الكواليس، لحل الصراع الأخير في إقليم قره باغ وربطه بالملف السوري.

أما طهران فلديها وجهة نظر أكثر تعاطفا مع أرمينيا، حيث سعت وكالة أنباء فارس الإيرانية أيضا إلى جعل الصراع يبدو "إسلاميا" من أجل تقليل الدعم المقدم لأذربيجان من قبل المحتجين الأذريين في إيران.

ويوجد الملايين من الأقلية الأذرية في إيران، لذلك تخشى قيادة البلاد من أي احتجاجات عرقية محلية لأنها تعلم أنها ستقوض النظام الهش بالفعل. ومع نزول الأذريين إلى الشوارع وهم يهتفون بشعارات ضد الأرمن وروسيا والفرس، تحرك النظام لمحاولة توجيههم في اتجاه مختلف.

وأكدت وكالة أنباء فارس الإيرانية أن أرمينيا أسقطت طائرة عسكرية تابعة لأذربيجان، فيما بات من الواضح أن طهران تراقب عن كثب نتائج تصاعد التوتر.

ولا ترغب طهران في استمرار الصراع، حيث نشرت وكالة فارس مقالا ثانيا حول وجهة نظر إيران للصراع قائلة: إن طهران لا تريد استمرار الحرب وأنها تدعو الأطراف المعنية لإيقاف التصعيد.

في غضون ذلك، تبنت وسائل الإعلام المتعاطفة مع إيران وحزب الله وجهة نظر طهران حول الصراع، حيث أشارت قناة الميادين إلى أن تركيا "تتراجع"، فيما زعمت وسائل الإعلام ذاتها وقوع اشتباكات في ريف حلب، تظهر ارتباطها بالمعارك في قره باغ.

ويشير أحد المراقبين في هذا السياق: "يمكن القول إن المغامرة العسكرية التركية الأذربيجانية في قره باغ في طريقها إلى النهاية، وأردوغان على وجه الخصوص، في طريقه لخسارة ملف آخر، حيث  يتعرض لضغوط في سوريا والبحر الأبيض المتوسط"، وفق تعبيره.

أقل انتقادات

بدورها، تعاملت الدول التي تميل عادة إلى معارضة أنقرة مثل مصر والإمارات العربية المتحدة، مع هذا الصراع بأقل انتقادات معتادة. 

يعود ذلك إلى أن هذه الدول لا تعتبر التدخل التركي في الصراع بين أرمينيا وأذربيجان خطيرا بنفس المستوى الذي تقيم به طموحات أنقرة والإخوان المسلمين في غزة وليبيا.

وتفضل هذه الدول وكذلك إسرائيل علاقة جيدة مع أذربيجان وعدم ترك باكو تقترب أكثر من اللازم من تركيا، في الوقت الذي تنظر فيه دول المنطقة بحذر إلى علاقة تل أبيب الوثيقة بأذربيجان إلى جانب علاقاتها بأنقرة.

ويرجع ذلك إلى أن هذا الصراع كان يُنظر إليه على أنه خارج نظام تحالف الشرق الأوسط حتى الأسابيع العديدة الماضية، لكنه أصبح الآن أكثر أهمية من ملف شرق البحر الأبيض المتوسط، وفق تقدير الصحيفة.

واعتمد النظام الإقليمي العام في السنوات الأخيرة على عدد من التحالفات وأبرزها تحالف إسرائيل والإمارات والبحرين والأردن ومصر واليونان والسعودية، وتحالف آخر قوامه تركيا وقطر وغزة وليبيا، بالإضافة إلى تحالف إيران وحزب الله والدول التي تضم وكلاء طهران ومن بينها سوريا والعراق واليمن.

ولا تندرج أذربيجان في هذه المجموعات لأنها سعت إلى سياسة خارجية مستقلة وعدم التورط في نزاعات الشرق الأوسط. ومع ذلك، يبدو أن بعض الدول تريد ربط صراعها مع أرمينيا بالتحالفات في المنطقة.

وفي عالم يتغير فيه دور الهيمنة الأميركية بسرعة، يتزايد دور روسيا وتركيا وإيران، وهذا يعني أن هذه الدول ستحاول التوسط في صفقات تتعلق بالصراع في قره باغ، وهو ما ستكون له آثار كبيرة على الشرق الأوسط.