محلل إسرائيلي: لهذا حرصت "حماس" على التهدئة وقبلتها تل أبيب

12

طباعة

مشاركة

منحت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، الاحتلال الإسرائيلي، مهلة شهرين لتثبيت تفاهمات التهدئة السابقة، "وإلا سيعود التصعيد من جديد على حدود قطاع غزة".

وقال نائب رئيس حركة حماس في غزة خليل الحية، في 3 سبتمبر/أيلول: إن حركته اتفقت مع الاحتلال على تلك المهلة عبر الوسيط القطري، مضيفا: "لا نرغب أن نزيد على شعبنا هما جديدا بالمواجهة مع الاحتلال، والدخول في جولة صراع جديدة".

وتوصل الطرفان إلى تلك التهدئة بعد 3 أسابيع من القصف الإسرائيلي المتواصل، ردا على إطلاق البالونات الحارقة والصواريخ من قطاع غزة باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وتضمنت التفاهمات، سماح إسرائيل بزيادة الدعم المالي الذي تقدمه دولة قطر كمساعدات إنسانية للقطاع، بالإضافة إلى تنفيذ مشاريع تهدف إلى خفض نسبة البطالة، وحل مشكلة انقطاع التيار الكهربائي.

وخلال العامين الماضيين، توصلت الفصائل الفلسطينية في غزة، إلى عدة تفاهمات مع إسرائيل بوساطة مصرية وأممية وقطرية، تتضمن وقف التوتر الأمني والميداني مقابل تخفيف الحصار المفروض منذ 2006، لكن تل أبيب، لم تلتزم بكامل بنود التفاهمات.

التهدئة الجديدة

وذكر مركز القدس للشؤون العامة والسياسة المختص بالشؤون الأمنية والسياسية أن خطوة التهدئة بادر إليها زعيم حماس في غزة يحيى السنوار، وهي كان مخططا لها منذ وقت طويل وانتظرت اللحظة الملائمة. 

ونوه المركز العبري إلى أن هدف السنوار كان تحسين الوضع في قطاع غزة من ناحية زيادة المساعدة المالية الشهرية التي يحصل عليها من قطر، وتسريع تنفيذ المشاريع الإنسانية من قبل الأمم المتحدة ضمن إطار تفاهمات التهدئة السابقة.

ولفت مركز السياسات إلى أنه في الخلفية أيضا، هناك انتخابات داخلية قادمة لقيادة حماس. كما أن يحيى السنوار الذي يحظى بتأييد الذراع العسكرية للحركة "عز الدين القسام"، يريد تحقيق الحد الأقصى من الإنجازات وتحسين صورته في نظر الجمهور الغزي، وفق تعبيره.

وقال المحلل العسكري "يوني بن مناحيم": إنه "بالاستناد إلى الاتفاقات التي تم التوصل إليها حتى الآن مع إسرائيل والأمم المتحدة بواسطة السفير القطري محمد العمادي، يبدو أن السنوار حقق جزءا من الأهداف التي حددها لنفسه".

وأشار إلى أن "السنوار ينوي الترشح في الانتخابات المقبلة لمنصب رئيس المكتب السياسي للحركة، في مواجهة إسماعيل هنية، رئيس المكتب حاليا، وخالد مشعل الرئيس السابق للمكتب السياسي، لهذا السبب أدار بصورة شخصية المفاوضات مع إسرائيل بواسطة السفير القطري".

وأضاف بن مناحيم أن مصادر في حماس تقول: إن السنوار يعرف جيدا طريقة التفكير الإسرائيلية بعد أن قضى في سجونها 23 عاما وأُطلق سراحه في إطار "صفقة شاليط"، وهو أيضا اتخذ شخصيا، ومن دون التشاور مع إسماعيل هنية، قرار العودة الموقتة للهدوء على حدود القطاع، والاكتفاء في هذه الأثناء بالتفاهمات الجديدة التي جرى التوصل إليها، بحسب قوله. 

ويرى المحلل الإسرائيلي أن ما وصفه بالتوتر بينه وبين إسماعيل هنية يزداد، ويستغل يحيى السنوار وجود هنية في الخارج لاتخاذ قرارات مستقلة، وكي يظهر أنه السيد الحقيقي في قطاع غزة، وكونه يحظى بالدعم الكامل من الذراع العسكرية يعزز كثيرا مكانته في حركة "حماس".

وأوضح بن مناحيم أن "الإنجاز الذي حققه السنوار ويمكن الإشارة إليه هو حصول قطاع غزة، بموافقة إسرائيل، على مبلغ 34 مليون دولار ستوزع كالتالي: 10 ملايين دولار على الوقود ورواتب موظفي حماس، 10 ملايين دولار ستوزع على العائلات المحتاجة، و7 ملايين دولار على المصابين بوباء كورونا".

واستطرد الكاتب أن ما تبقى من المبلغ سيُستخدم في إيجاد 5000 وظيفة جديدة في وزارتي الصحة والداخلية لمدة 3 أشهر، كما ستحول أموال إلى بلديات وجامعات، وأعراس أزواج من الشباب ومشاريع بناء.

وتابع بن مناحيم أن انتهاء جولة القتال الحالية التي استمرت بوتيرة منخفضة، لأن الجيش الإسرائيلي حاول استيعاب الوضع وعدم التصعيد، لا يبشر بتهدئة لوقت طويل على الحدود مع القطاع.

إنذار مشروط

وحول الإنذار الموجه من قبل حماس لإسرائيل قال المحلل العسكري: إنه في الأول من سبتمبر/أيلول، ظهر على تلفزيون الأقصى التابع لحماس خليل الحية ووجه إنذارا إلى إسرائيل قائلا: "إذا لم تف إسرائيل بالتزاماتها، ستدخل في جولات إضافية من البالونات وغيرها".

وقال بن مناحيم: إن إسرائيل ألغت كل العقوبات التي فرضتها على قطاع غزة في أعقاب إطلاق البالونات الحارقة، وفتحت معبري بيت حانون وكرم سالم، وسمحت بدخول الوقود إلى القطاع، وفتحت مجال الصيد ضمن مسافة 15 ميلا بحريا.

بموازاة ذلك، هناك تسريع لإقامة مستشفى ميداني أميركي في منطقة بيت حانون، وتسريع تحويل محطة كهرباء غزة إلى محطة تعمل بالغاز الطبيعي. 

وصرح السفير القطري محمد العمادي أنه التقى رئيس شركة "ديليك" للبحث في تزويد القطاع بالغاز الطبيعي من أجل الخط 161 الذي سيزود قطاع غزة بالكهرباء. 

وقال العمادي: إن إسرائيل وافقت على دخول 17 ألف عامل من القطاع للعمل في إسرائيل، لكن الأمر يتعرقل بسبب تفشي كورونا في غزة.

 وفي سياق متصل قال المحلل العسكري بالمركز: إن الردع الإسرائيلي تآكل مجددا بسبب سياسة الاحتواء وتفضيل إسرائيل التركيز على الساحة الشمالية ومحاربة التمركز العسكري الإيراني في سوريا، ففي بداية سبتمبر/أيلول نُفّذ هجومان على أهداف إيرانية في دمشق نُسبا إلى تل أبيب.

وأضاف بن مناحيم أن حماس نشرت علنا الإنذار الذي وجهته إلى إسرائيل كي تزيد قوة يحيى السنوار، ومن أجل تحذير الوسطاء لاستخدام الضغط في الأسابيع المقبلة على إسرائيل كي تلتزم بما اتفق عليه.

مع ذلك فإن التفاهمات الجديدة بين إسرائيل وحماس تفتح الباب مجددا أمام استئناف المفاوضات على صفقة تبادل الأسرى بعد وصولها إلى طريق مسدود.

ويشير الكاتب إلى أن تفشي وباء كورونا في غزة يخلق فرصة للدفع قدما بالصفقة، حيث تقول مصادر في حماس: إن يحيى السنوار يتخوف من تحميله مسؤولية ذلك خلال فترة زعامته، وهو يريد تحقيق إنجازات قبل الانتخابات الداخلية في الحركة، بحسب تعبيره.

وقللت الحركة من إطلاق الصواريخ في فترة التوتر الأخير مع إسرائيل للتلميح إلى أنها مهتمة بالتوصل إلى تفاهمات، ولا تريد مواجهة عسكرية شاملة، وفق الكاتب

وختم المحلل العسكري مقالته بالقول: "إسرائيل أيضا مستعدة لإمكانية استئناف المفاوضات على صفقة جديدة لتبادل الأسرى والمجلس الوزاري المصغر وافق على طلب وزير الدفاع بيني غانتس عدم تسليم حماس المزيد من جثامين الفلسطينيين للضغط عليها من أجل استعادة جثماني الجنديين الإسرائيليين".

وقال: "هذه الخطوة جاءت متأخرة وثمة شك كبير في أنها ستساعد في زيادة الضغط على حماس". وأوضحت حماس في وقت سابق أنها تحتجز 4 جنود إسرائيليين أسرى لم تعط تفاصيل عما إذا كانوا أحياء أم جثثا.