هزيمة حفتر.. هل حان الوقت للعودة إلى طاولة الحوار في ليبيا؟

12

طباعة

مشاركة

قالت صحف تركية، إن مرحلة جديدة سوف تبدأ في شرق البحر المتوسط وذلك بعيد التطورات الميدانية الأخيرة في ليبيا، حيث تراجع اللواء المتقاعد خليفة حفتر وخسارته أماكن إستراتيجية.

ففي 5 يونيو/حزيران 2020، بسطت قوات حكومة الوفاق سيطرتها على مدينة بني وليد بعد ساعات من انهيار قوات حفتر بـ"ترهونة" الإستراتيجية وفرارها باتجاه الجنوب، فيما تعهد رئيس الحكومة فايز السراج بمواصلة المعركة لحين استعادة كافة أراضي ليبيا.

وقال الكاتب في صحيفة "يني شفق" ايردال تاناس كاراغول: إنه بعد تسارع التحالفات المتعلقة بالثروة النفطية هناك، أقامت دول الحوض وهي كل من مصر وقبرص الجنوبية والأردن واليونان وإيطاليا وإسرائيل "منتدى الشرق الأوسط" والهدف من ذلك كان التعاون في مجال الطاقة بين هذه الدول.

وتابع: أنه "لكن لعدم دعوة تركيا لم ترحب الأخيرة بهذا المنتدى بل عملت على إدانة التحركات التي تتم بدونها وهذا الأمر انسحب على ليبيا التي تعد من دول الحوض كذلك".

وذكر أنه ما كان من تركيا إلا التعاون مع ليبيا للحفاظ على حقوق البلدين، "وعليه فثمة توازنات جديدة في المنطقة تتشكل بسرعة، تعمل على إعادة الهيكلة من جديد وتيسير الأمور في عمليات التنقيب والبيع والتجارة فيما يتعلق بمجالات النفط".

وأردف: "في الأساس تركيا لديها الحفريات الخاصة بها والآن يمكنها أن تتعاون مع ليبيا فيما يخص المنطقة الاقتصادية المنحصرة التي ستكون بمثابة الانطلاق لعمليات التنقيب".

ومن الواضح أن أنشطة الحفر والإنتاج الهيدروكربونية في ليبيا ستفتح الأبواب أمام العديد من التغييرات في المنطقة، اقتصاديا وسياسيا ومن ذلك أنه يمكن بدء عملية لاتفاقيات حدود بحرية جديدة في شرق البحر الأبيض المتوسط خاصة؛ وأن هذه الاتفاقية تزيد من مزايا المساحات البحرية الخالصة لبعض الدول ومنها مصر. 

بصرف النظر عن اليونان وقبرص في شرق البحر الأبيض المتوسط، تشمل المنطقة سوريا ولبنان وإسرائيل ومصر. 

ورغم وجود أزمات سياسية مع هذه الدول، يقول الكاتب التركي: "لا ينبغي أن ننسى أن الطاقة ستلعب دورا رئيسيا في حل المشكلات السياسية وتطوير التعاون بين الدول وأفضل مثال على ذلك هو علاقات روسيا وتركيا".

فعلى الرغم من وجود مشاكل معينة بين البلدين، فإننا نرى أن التعاون في مجال الطاقة مستمر. والأهم من ذلك، أن الموقف القديم غير القانوني للإدارة اليونانية والقبرصية في شرق البحر الأبيض المتوسط ​​لن يكون ذا أثر كبير.

وعليه فإن الشركات الدولية التي تعمل في هذا المجال ستعيد ترتيب أولوياتها وستكون مجبرة على التعاون مع تركيا وليبيا، وفق تقدير الكاتب.

ومع انخفاض أسعار الطاقة في العالم ستضيف تركيا مزايا أخرى لهذه النقطة حيث موقعها الجغرافي سيكون أقرب النقاط تميزا في نقل الطاقة من وإلى دول العالم.

انقلاب الموازين

من ناحية أخرى، قال الكاتب تونجا بنجين في مقالة نشرتها صحيفة ميلييت: إن الكثير من الدول سيما روسيا وفرنسا ومصر باتت تنادي الآن بضرورة وقف إطلاق النار في ليبيا وذلك بعد أن انقلبت الموازين تماما.

وتراجعت قوات حفتر التي تنفذ هجوما على العاصمة طرابلس منذ أبريل/ نيسان 2019، إلى نقاط أخرى بعيدة تماما عن أهدافها ولذلك فهي تحاول وقف تقدم قوات حكومة الوفاق عبر هذه المبادرة.

ورأى الكاتب أن واشنطن ما زالت ترى أن "الوفاق هي الخيار الأفضل بالنسبة لها ولكن لا تعلن ذلك صراحة"، لكنها في المقابل تلتقي بحفتر، لذلك، يمكن القول: إن الولايات المتحدة تتلاعب بالطرفين.

يتكرر المشهد مرة أخرى بالنسبة لتركيا لتغدو اللاعب الأهم في ليبيا كما كان الأمر وما زال في سوريا، وفق الكاتب.

ونقل عن نعيم بابور أوغلو العميد المتقاعد وعضو التدريس في جامعة إسطنبول آيدن أن الدول الداعمة لحفتر وعلى رأسها الإمارات ومصر وروسيا ليسوا في حالة تنسيق واتفاق سواء بينهم أو مع حفتر، على عكس تركيا وقوات الوفاق اللتين تتفقان في الرؤى والأهداف والدعم الواضح والمحدد وعلى أعلى المستويات و"النتيجة في الميدان كانت لا غبار فيها". 

الشيء الأكيد هنا بحسب قوله: إن "حفتر انهزم وهزم معه فلاديمير بوتين (الرئيس الروسي) الذي يدعمه وأيضا هزيمة لفرنسا والإمارات ومصر، أما تركيا فانتصرت وعندما يأتي الوقت للجلوس على الطاولة ستكون الأوراق كلها بيدها ومرة أخرى هي صاحبة تجربة سابقة في سوريا".

ويتابع العميد المتقاعد: "جلوس الدول الداعمة لحفتر مقابل رئيس حكومة الوفاق فايز السراج وتركيا ليس فيه شيء إيجابي كبير وهو يضعف أنقرة في نقطة تفوقت بها".

ورأى كذلك أن طرابلس وأنقرة لن توافقا على هذا أصلا، فقد أعلنا ذلك صراحة ومع ذلك فإن الضغط الأممي خاصة من طرفي روسيا والصين سيتواصل على كل من تركيا والسراج.

ويوضح ذلك بالقول: "بالطبع تركيا ستناور بما لديها من قوة وأوراق ضغط ومنها مثلا أن تستمر قاعدتها العسكرية في ليبيا بالعمل أو القبول بوقف إطلاق النار شريطة إزاحة حفتر عن المشهد السياسي في ليبيا تماما وألا يكون له أي دور في مستقبل البلاد".

 في المحصلة هنا سنرى أثر الانتصارات العسكرية في ليبيا بعد اللقاءات القادمة التي ستجريها مختلف الأطراف خاصة الولايات المتحدة والناتو والأمم المتحدة وروسيا والصين مع تركيا، بحسب الكاتب.

وتابع أن تركيا لديها خبرة في سوريا ستعكسها في التعامل مع ليبيا وهي قد بدأت بذلك عبر خطوات سريعة ورصينة في ذات الوقت، لكن الفارق هنا أن أنقرة لا تحد ليبيا من الأرض وهي بعيدة كثيرا عنها من البحر وبالتالي يلزم هنا تدشين خطوط اتصال مستمرة بين الطرفين وخاصة قاعدة جوية – برية.

وبين العميد أنه "قد تظهر أن لقاعدة الوطية على الحدود التونسية أهمية كبيرة في الفترة القادمة ولا مانع في الأساس من تسليمها لتركيا، لكن ما ستقوله الولايات المتحدة والناتو (حلف شمال الأطلسي) عن هذه الخطوة سيكون غاية في الأهمية".

وبغض النظر عن كل هذه التفاصيل، لا مجال لتركيا إلا البقاء في ليبيا مدة ليست بالقصيرة وإلا فكل هذه الإنجازات والاتفاقيات ستكون حبرا على ورق وتأثيرها سيكون في فعل كان، بحسب العميد.

إعلان القاهرة

أما إسماعيل ياشا فتطرق في صحيفة ديرليش بوسطاسي إلى المؤتمر الصحفي الذي عقده رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي وعلى يمينه الجنرال المتقاعد خليفة حفتر ويساره رئيس البرلمان المنعقد في طبرق عقيلة صالح. 

وأعلن السيسي من القاهرة في 6 يونيو/حزيران عن المبادرة التي أطلق عليها "إعلان القاهرة"، كمبادرة سياسية لإنهاء الصراع في ليبيا. 

وقال الكاتب: "في العادة من أجل أن يكون هناك مبادرة على هذه الشاكلة يجب أن يكون طرفا النزاع حاضرين ولكن الذي حدث هو إعلان من طرف واحد ومن بلد لا يعد محايدا وبالتالي هذه المبادرة لا قيمة لها فهو كمن يعزف ليطرب نفسه تقريبا".

وذكر أنه "من المضحك أن حفتر يتصرف كأنه منتصر ويضع شروطا كأنه يتحكم في زمام الأمور تماما والمطالبات بتسليم السلاح لحفتر وقواته تظهر أنه هو والسيسي يعيشان في عالم من الخيال".

ورأى أن حكومة الوفاق التي انتصرت حتى اللحظة في كل التحديات خاصة في الفترة الأخيرة وخاضت معارك شرسة سواء أمام قوات حفتر أو المرتزقة من غير المنطقي أن تطرح قضية تسليم سلاحها للمنهزم.

وتابع: أنه "لا يوجد شيء ملموس حول المبادرة التي أعلن عنها المجلس العسكري المصري ولذلك، بمجرد انتهاء المؤتمر الصحفي الذي عقده السيسي مع حفتر وصالح، جاء رد فوري من طرابلس".

واستنكر رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبية خالد المشري تدخل مصر، مشيرا إلى أن ليبيا دولة مستقلة وأن حفتر يريد فقط العودة للحديث على الطاولة بعد هزائمه في الميدان.

وأكد المشري أنه "لا مكان لحفتر دبلوماسيا وعليه أن يسلم نفسه للمحاكمة جراء ما اقترفت يداه"، مشددا على أنهم لا يريدون الدخول في صراع مع موسكو ويفضلون الحوار، بينما أعلن أنهم في حالة حرب مع الإمارات العربية المتحدة.

"إعلان القاهرة"، بحسب الكاتب، يعني ببساطة هزيمة جبهة حفتر؛ إذ لم تعلن هذه الجهة منذ اندلاع المعارك في ليبيا نية لوقف إطلاق النار ولا ميولا لذلك وما حادثة هروب حفتر من موسكو ورفضه التوقيع على اتفاق للحل عنا ببعيدة.

وبالتالي ليس من سبب بخلاف الهزائم التي مني بها حفتر وداعموه من جعلتهم يفكرون في مبادرة لوقف إطلاق النار. ومع ذلك وبحسب ما عهد عليهم فإنه وحتى هذه المبادرة ليست خالصة فداخلها بالطبع هناك مؤامرة تحاك، وفق الكاتب ياشا.

ورأى أن إطلاق المبادرة هذه وبدء الحديث عنها هو باختصار يعني التخلص من اتفاق الصخيرات (الاتفاق السياسي الليبي 2015) والبدء في اتفاق جديد قد لا يعترف بأن "الوفاق" هي الحكومة المعترف بها دوليا. 

وعليه فالحل الوحيد أمام السراج هو مواصلة معاركه حتى تخليص ليبيا تماما من حفتر وشركائه وإلا فإن الجلوس على الطاولة في هذا التوقيت يعني خسارة الانتصارات الميدانية المتحققة مؤخرا، وفق تقديره.