راشد الحقان.. داعية أسس جماعة التبليغ في الكويت ونعاه الأمير

آدم يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

في مساء 20 مايو/آيار 2020، الموافق للسابع والعشرين من رمضان عام 1441، توفي الداعية الكويتي راشد الحقان بمستشفى العدان وتم مواراته الثرى في مقبرة صبحان عن عمر يناهز التسعين عاما، بعد صراع طويل مع المرض.

يعد الشيخ الحقان أحد كبار جماعة الدعوة والتبليغ في الكويت والعالم الإسلامي، ومؤسس جماعة التبليغ الإسلامية بالكويت، مطلع ستينيات القرن الماضي.

جماعة "الأحباب" الدعوية بالكويت، يجتمع أنصارها كل خميس بعد صلاة المغرب في المسجد الذي سمي باسم مؤسسها راشد الحقان في منطقة صبحان، والذي يسميه رواده أيضا "مركز الدعوة".

وتتبع مركز الدعوة في صبحان 6 حلقات تغطي محافظات الكويت، ويعقد المركز لقاء سنويا، لمتابعة نشاط تلك الحلقات وعدد المنضمين الجدد والزيارات الدعوية التي تم القيام بها.

تأثير واستقطاب

ولد الشيخ الحقان عام 1932، وهو من قبيلة سبيع العربية العريقة، 41، وقبل تأسيس جماعته مطلع الستينيات، كان الشيخ الحقان قد تأثر بمجموعة من جماعة التبليغ، قدمت من باكستان إلى الكويت عام 1954، بغرض نشر الدعوة.

تمكنت هذه المجموعة الباكستانية التي تتقن العربية، من التأثير على الشيخ الحقان، الذي كان حينها شابا يبلغ من العمر 22 عاما، أثناء إقامتها في مسجد قرية الشعيبة المجاورة لمدينة الأحمدي، قبل أن ينضم للعمل الدعوي، فتمكنت من استقطابه ومجموعة معه، من بينهم مرشد عبدالعزيز المرشد، عبد الهادي الديحاني، ومبخوت سالم العجمي. 

وأثناء إقامة المجموعة الباكستانية في الكويت التي استمرت لمدة شهرين، تمكنت  من إقناع الحقان ورفاقه، ليرافقوهم في رحلة العودة إلى باكستان، ما فتح الباب واسعا أمام الجماعة وهيأ لتأسيس جماعة التبليغ في الكويت لاحقا.

في باكستان، زار الحقان ورفاقه مراكز جماعة التبليغ هناك، والتقوا بأشهر علمائها، ثم انتقلوا إلى الهند، والتقوا بالشيخ محمد يوسف إلياس، نجل مؤسس الجماعة هناك، وخليفته.

وفي الهند، حضر الحقان ورفاقه بعض التجمعات والمؤتمرات الخاصة بالجماعة، بصحبة الشيخ محمد يوسف، كما قاموا بزيارة جامعة ندوة العلماء في لكناو بالهند، التي تعد المعقل الثقافي للجماعة.

قاعدة شعبية

حظيت الجماعة بتأييد شعبي، عقب تأسيسها مطلع الستينيات، وما لبث أن كونت قاعدة واسعه لها في المدن الكويتية.

وبطبيعة الخطاب العاطفي التي تقدمه الجماعة، تمكنت من استقطاب عناصر شابة إلى عضويتها، علاوة على عناصر من المناطق المتحضرة في الكويت.

ولأنها تركز في خطابها على الجانب الديني، وتبتعد في عن الخطاب السياسي، حصلت الجماعة على دعم رسمي، مكنها من العمل في الأوساط الكويتية، بعد أن كانت قاصرة على الأوساط الباكستانية والهندية على نحو ما.

كانت تلك التسهيلات التي حصلت عليها الجماعة هي جزء من التسهيلات التي أوصى بها مفتي المملكة العربية السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، حيث كتب في مارس/آذار 1953 توصية لكل علماء نجد، يعرفهم بالجماعة ويطلب منهم تأييدها وتسهيل مهمتها، الأمر الذي هيأ لانتشارها لاحقا في الجزيرة العربية.

وشهدت جماعة الحقان توسعا ملحوظا في المدن الكويتية، حيث أتيح لها الحديث من خلال منابر المساجد، فأنشأت مجموعة في كل منطقة.

كل مجموعة كان يترأسها شخص يعد عضوا في مجلس شورى الجماعة، ويترأس المجلس شخص يتم تعيينه من قبل القيادة العامة للجماعة في الهند، بعد التشاور مع الجماعة الكويتية، بحسب بحث للدكتور علي الزميع حول نشأة الجماعة.

محظورات الجماعة

تنازعت جماعة الحقان، الآراء، وتراوحت بين مؤيد ومعارض، فأدبيات الجماعة تشترط عدم الحديث في السياسة، والاقتصار في الحديث عن أمور الدين.

وتبرر الجماعة عدم الخوض في القضايا السياسية، بأنها تسبب الفرقة بين المسلمين وتشجع على العداوات، وتعيق العمل الدعوي.

ولتلك الأسباب، لم تكن الجماعة تشارك في الانتخابات مع أي طرف من الأطراف، ولا ضد أي مرشح من المرشحين، باستثناء حالات فردية، كانت تشارك في الانتخابات بشكل فردي، لا بتنظيم جماعي.

ذلك النهج أيده البعض، وقال: إن الوظيفة الأساسية والوحيدة للجماعة الدينية هي الحديث في شؤون الدين.

سلوك الجماعة ذلك النهج، لم يخلق لها أعداء، وجعل عددا كبيرا من الساسة يثنون عليها، وهو الأمر الذي تجلى في بيانات النعي من قيادات سياسية مرموقة، عقب وفاة الحقان.

في تغريدة للشيخ محمد العوضي في حسابه على تويتر، كتب العوضي: توفي الشيخ راشد الحقان، رحمه الله شيخ جماعة (التبليغ) وأحد آباء الدعوة في العالم الإسلامي وحامل لواء التآلف بين المسلمين ونبذ الخلاف وتلمس الأعذار وتغليب المحبة والدعوة بالرحمة.

وأضاف العوضي أن الغيبة والتجريح تتقطع في مجلس الشيخ الحقان، فيما يسود الحكمة والذكر، مشيرا إلى أنه كان مُقدرا لدى القيادة والعامة والمُخالف والموافق، ويلمس العذر للجميع.

في حين قال آخرون أن الحديث عن السياسة جزء لا يتجزأ من الدين، وأن السلبية التي تعيشها الجماعة هي حالة من الانهزام والتخاذل.

وأضاف المنتقدون أن الظلم التي تتلقاه الشعوب على أيدي الأنظمة السياسية، هي مسألة دينية في المقام الأول وواجب أخلاقي، وتجاهل الحديث عن هذا الأمر تنصل عن الواجبات الدينية.

نعي الأمير

كما واجهت جماعة الحقان انتقادات أخرى، لتركيزها على الزهد، وتجاهلها مسائل التوحيد والعلم الشرعي النقي، حسبما أوضح الشيخ الكويتي سعد الطويل، في بيان نعيه للشيخ الحقان، قائلا: "وفاة الشيخ راشد وترحمي عليه لا يُغيّر موقفي من فرقة التبليغ شيئا، فهي فرقة لا عناية لها بالتوحيد والسنة، ولا يهتمون بالعلم الشرعي بل يزهدون في العلم وأهله، وقد تكلم فيهم أهل العلم وحذروا منهم".

 وأضاف الطويل: "أنصح كل مسلم أن يحذر من فرقة التبليغ، وينصح المنتسبين لها أو المخدوعين بها، فهي لا تحمل دعوة الإسلام الصحيح، بل وقد يتستر بها بعض المفسدين ممن يحارب التوحيد والسنة، ويكفر المسلمين ويفجر في مساجدهم، والواجب على المسلم أن يحرص على دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه وأئمة المسلمين القائمة على التوحيد والسنة". 

وبعيدا عن التأييد والانتقاد، اعتبر آخرون أن الحقان مثّل حالة نجاح، حيث استطاع تأسيس جماعة حظيت بتأييد شعبي، واستقطبت عددا كبيرا من المؤيدين، خلال 6 عقود.

نعى الشيخ الحقان عدد من القيادات السياسية على رأسها أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد ورئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم، كما نعاه عدد من وجهاء الكويت، وكذلك عدد من علماء ومشايخ الكويت والعالم الإسلامي، كما نعاه الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.