"قلبي اطمأن".. كيف تسعى الإمارات لتبييض جرائمها في اليمن وليبيا؟

أحمد يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

في رمضان من كل عام، تحاول الإمارات بقيادة ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد أن تغسل سمعتها السيئة، وتكفر عن جرائمها في حق الشعوب الثائرة، عبر برنامج "قلبي اطمأن"،.

البرنامج الموسمي يقدمه شاب إماراتي يدعى "غيث"، لا يظهر وجهه، ولا يعرف أحد ملامحه، حاملا في يده علم دولة الإمارات، يجوب به الأقطار العربية لتقديم مساعدات للفقراء وذوي الحاجة.

تظن أبوظبي أنه يمكن خداع العالم ومحو جرائمها في اليمن وليبيا ببرنامج "قلبي اطمأن"، متناسية أنها تعطي باليمين وتبعث رسائل الخراب باليسار.

سجل أسود طويل وممتلئ، خطته الإمارات بمليشياتها في عدن جنوبي اليمن، ودعمها اللا محدود بالسلاح للواء الانقلابي المتقاعد خليفة حفتر في ليبيا، وقبله في دعم الثورات المضادة بمصر وتونس والانقلاب الفاشل في تركيا وغيره الكثير.

حقيبة التعاسة

في 13 مايو/ آيار 2018، أطلقت الإمارات برنامج "قلبي اطمأن" وعرضته عبر قنوات "أبوظبي" وشبكة تلفزيون "MBC" السعودية، وحقق البرنامج نسب مشاهدات عالية.

تقوم فكرة البرنامج على تناول حالات اجتماعية واقعية، تعاني من صعوبات الحياة، وقسوة الأيام، ومن ثم يقدم لها المساعدات عن طريق مقدم البرنامج "غيث" الشخصية المجهولة التي تسعى لتلميع صورة الإمارات عبر مساعدة الفقراء وإغاثة الملهوف.

بـ"حقيبة السعادة" يذهب غيث ليسدد ديون متعثرين، ودعم مشروعات لذوي الحاجة، وكفالة أيتام، بينما تعمل الآلة الإماراتية في جلب الدمار والخراب بأماكن أخرى، لا سيما اليمن وليبيا.

المواطنة اليمنية "ريناد الحاج" قالت: إن "البرنامج مجرد واجهة لتبييض المشروع الإماراتي".

وقال الناشط العماني علي المخمري: "برنامج قلبي اطمأن، الكل يمجده ويشيد بمقدمه غيث المستتر، الأغلب يذرف الدموع لمثل هكذا حالات فقر في العالم العربي! ولكن يا أصحاب المبادرة أنتم يا أهل الإمارات هل اطمأن قلبكم بما فعلتموه بأهل #اليمن ؟ خلف الشاشات هناك نساء ترمّل وجوع قاتل في اليمن".

وأثارت حلقة اللاجئة اليمنية في الصومال التي قدم لها البرنامج مالا بعد عرض حالتها، استياء الكثير من المواطنين، خاصة وأنهم يحملون الإمارات مسؤولية ما يحدث لبلادهم، وأنها السبب الرئيسي في قتل الآلاف، بالإضافة إلى تشريد ونزوح عشرات الآلاف من اليمنيين خارج بلادهم، والآن تأتي الدولة بوجه آخر لتقدم مساعدات لمن كانت سببا في شقائهم.

حرق اليمن 

في 25 أبريل/ نيسان 2020، أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن المدعوم إماراتيا، إدارة ذاتية في المناطق التي يسيطر عليها جنوبي البلاد، وهو ما وصفته الحكومة الشرعية بـ"الانقلاب العسكري والتمرد المسلح".

شكلت الخطوة انقلابا جديدا بأوامر إماراتية تتعرض له الحكومة اليمنية، في البلد الذي يعاني ويلات الحروب، وجرائم التحالف العربي الذي تقوده السعودية والإمارات منذ سنوات.

شهد يوم 23 يونيو/حزيران 2017، طلبا من منظمة العفو الدولية "آمنستي"، بإجراء تحقيق دولي وعاجل في دور الإمارات بتأسيس شبكات تعذيب في اليمن. وقالت مديرة البحوث في منظمة العفو الدولية: "يجب تشكيل لجنة تحقيق تقودها الأمم المتحدة فورا للتحقيق في دور الإمارات وباقي الأطراف في هذه الشبكة المرعبة للتعذيب".

وكشف تحقيق أجرته "وكالة أسوشيتد برس"، في 22 يونيو/حزيران 2017، عن وجود شبكة سجون سرية في اليمن تديرها الإمارات.

وأشارت الوكالة إلى أنها وثقت أكثر من 18 سجنا سريا في جنوب اليمن تحت إدارة الإماراتيين، أو القوات اليمنية التي دربتها الإمارات، وذلك وفق تقارير، قالت الوكالة إنها جمعتها من معتقلين سابقين، وعائلات السجناء، ومحامين وحقوقيين، ومسؤولين عسكريين يمنيين.

وفي يوليو/تموز 2017، شرعت الإمارات في بناء قاعدة جوية لها غرب مطار سقطرى، كما جندت نحو 1000 شاب من جزيرة سقطرى خضعوا لتدريبات كثيفة في أبوظبي لعدة أشهر، ووزعوا على نقاط عسكرية في الأرخبيل البحري.

وحوّل الإماراتيون بلدة "ذو باب" القريبة من باب المندب، إلى قاعدة عسكرية يتحكمون فيها بالكامل، وهجّروا جميع سكانها المقدرين بنحو 10 آلاف مواطن، ونقلوهم إلى خيام في منطقة صحراوية، وحوّلوا مساكنهم إلى ثكنات عسكرية.

كما حوّلوا ميناء "المخا" إلى قاعدة عسكرية أيضا، ووضعوا فيها نحو 400 عنصر من قواتهم ومنعوا اليمنيين من الاقتراب منها إلا بإذن مُسبق، وأصبح الميناء حكرا عليهم تصل إليه سفنهم الحربية فقط.

انتهاكات وتعذيب

وفي 18 يناير/كانون الثاني 2018، أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريرها السنوي بشأن دولة الإمارات بعنوان "الإمارات.. انتهاكات في الداخل والخارج".

وورد في التقرير أن "الإمارات عضو قيادي في التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، وأن هيومن رايتس ووتش وثقت 87 اعتداء غير قانوني على ما يبدو، بعضها على الأرجح جرائم حرب، قُتل فيها آلاف المدنيين، ولم يقدم أعضاء التحالف، بمن فيهم الإمارات، معلومات كافية عن الدور الذي تلعبه قواتهم في الحملة لتحديد قوات البلد المسؤولة عن الهجمات غير القانونية".

وفي 20 يونيو/حزيران 2018، كشفت وكالة أسوشيتد برس الأميركية في ضوء تقريرها، على خلفية وثائق وصور انفردت بها عن طبيعة دور أبوظبي داخل اليمن، عن فضيحة جديدة بتورط ضباط إماراتيين ووكلائهم في انتهاكات وتعذيب بحق مئات المعتقلين اليمنيين في عدد من السجون على رأسهم سجن بئر أحمد في عدن.

الوكالة شبهت الأساليب المختلفة لضباط الإمارات في التعذيب والإذلال الجنسي بما كان يحدث في سجن أبو غريب بالعراق إبان فترة الاحتلال الأميركي.

وتحاول الإمارات جاهدة وبكل الوسائل السيطرة على الساحل الغربي لليمن، وفي سبيل ذلك احتلت جزيرة "ميون" الواقعة على مدخل مضيق باب المندب، وتعتبر تلك الجزيرة من أهم الطرق البحرية الإستراتيجية في العالم.

أسلحة لحفتر

في 30 أبريل/ نيسان 2020، نشرت قوات بركان الغضب التابعة للحكومة الليبية المعترف بها دوليا، مادة فيلمية لما قالت إنه عمليات التخريب الإماراتية في كل من اليمن وليبيا.

حيث اتهمت حكومة الوفاق في طرابلس أبوظبي، بتقديم الدعم العسكري لحفتر، عبر تسيير رحلات جوية وبرية وبحرية تحمل أسلحة ومعدات لقواته في الشرق الليبي.

وذكرت أن الإمارات أرسلت مرتزقة جلبتهم من بلدان، أبرزها روسيا، وذلك بهدف دعم هجوم حفتر المتعثر على طرابلس.

وأظهرت قوات بركان الغضب من خلال الفيديو، تفاصيل حول مسار طائرات الشحن المحملة بالأسلحة والعتاد، وأماكن هبوطها في ليبيا، فضلا عن أسماء رجال أعمال أجانب وشركات على صلة بالنشاط الإماراتي في كل من ليبيا واليمن.

وفي السياق علق رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري، قائلا: "الإمارات أخذت أكبر من حجمها بتدخلها في ليبيا وفي باقي دول الربيع العربي". 

وتابع: "أبوظبي تحيك المؤامرات ضد ليبيا منذ 2013، عبر غرفة عمليات خاصة يديرها محمد دحلان (القيادي السابق بحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)".

في العام 2016 نشرت مؤسسة البحوث العسكرية "جاينز"، ومقرها لندن، تقريرا يفيد بأن الإمارات أنشأت قاعدة عسكرية شرقي ليبيا ما بين مارس/آذار ويونيو/حزيران 2016، تنطلق منها طائرات هجومية من طراز AT-802، وأخرى بدون طيار لدعم قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

وفي 10 يونيو/حزيران 2017، كشف تقرير أصدرته لجنة العقوبات الدولية الخاصة بليبيا، أدلة قاطعة على تورط أبوظبي في خرق حظر التسليح المفروض على البلاد، حيث قدمت الدعم العسكري لقوات حفتر على أنها شحنة مواد غير قاتلة.

ووفق التقرير ذاته، أدى الدعم الإماراتي إلى زيادة قدرات حفتر بصورة كبيرة، وهو الأمر الذي ترتب عليه تزايد أعداد الضحايا في النزاع الدائر بليبيا.

وقال خبراء الأمم المتحدة: إنهم تمكنوا من تتبع تسليم شحنات مروحيات قتالية مصنوعة في بيلاروسيا إلى الإمارات، وقدموا صورا تظهر وجود هذه المروحيات في قاعدة الخادم الجوية (شرق ليبيا) معقل حفتر.