بعد فشل علاوي.. 4 سيناريوهات لاختيار رئيس حكومة انتقالية بالعراق

يوسف العلي | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

بعد فشل رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي، باتت السيناريوهات المحتملة أكثر غموضا بخصوص اختيار رئيس حكومة انتقالية في العراق، ولا سيما بعد تشظي البيت السياسي الشيعي، المعني بترشيح رئيس الوزراء، طبقا للعرف السياسي السائد منذ عام 2003.

رغم أن تكليف علاوي، جاء بتوافق بين أكبر كتلتين شيعيتين "سائرون" بزعامة مقتدى الصدر، و"الفتح" بقيادة هادي العامري، إلا أنه فشل في إقناع باقي القوى السياسية من المكونين السني والكردي، وكتل سياسية شيعية أخرى، الأمر الذي يزيد من صعوبة اختيار البديل.

مرشح مستقل

تباينت تصريحات الكتل السياسية حول شكل الحكومة المقبلة وشخصية رئيس الوزراء، في وقت لا يزال الحراك الشعبي الذي انطلق مطلع أكتوبر/ تشرين الأول 2019، يطالب باختيار شخصية بعيدة عن الأحزاب وتشكيل حكومة من المستقلين.

النائب في البرلمان حسن فدعم عن كتلة تيار "الحكمة" بزعامة عمار الحكيم، قال في حديث لـ"الاستقلال": "الكتل السياسية الشيعية تعقد اجتماعات متواصلة فيما بينها، للتداول في 9 أسماء، وسنصرح بها حال نضوج اسمين منها أو ثلاثة".

ولفت فدعم إلى أن "مواصفات رئيس الوزراء المقبل، جرى تباحثها بين القوى السياسية الشيعية خلال الاجتماعات التي تجري بشكل يومي، وأكدت الكتل ضرورة أن يكون لديه خبرة سياسية"، مضيفا: "المحادثات ركزت على أن تكون الشخصية من المستقلين أو السياسيين الحاليين".

وأكد النائب عن الكتلة التي يتزعمها عمار الحكيم، أن "الكتل السياسية الشيعية ستقدم مرشحها إلى رئيس الجمهورية خلال الـ15 يوما التي منحها الدستور للكتلة الأكبر لاختيار مرشحها لرئاسة الوزراء".

وفي السياق، أعلن رئيس "جبهة الإنقاذ والتنمية" (تحالف سني) أسامة النجيفي، إنه مع ترشيح أي شخصية مستقلة لرئاسة الوزراء تستطيع مواجهة أعباء المرحلة، وتستجيب للمطالب العادلة، بعد اعتذار علاوي عن التكليف.

وحسب بيان لمكتبه، فإن النجيفي ناقش مع الرئيس العراقي برهم صالح خلال اتصال هاتفي اختيار شخصية مناسبة لتولي منصب رئيس مجلس الوزراء، إذ حدد الجانبان مواصفات للشخصية المطلوبة، بأن "تكون على قدر الاستقلالية ولها القدرة على مواجهة التحديات والنهوض بأعباء المرحلة، والاستفادة من تجارب الماضي".

وشدد النجيفي على "دعمه الكامل لمثل هذه الشخصية بعيدا عن أية املاءات حزبية أو طائفية". ولفت البيان إلى أن "الجانبين اتفقا على مواصلة الحديث، والتشاور مع الكتل السياسية للوصول إلى مرشح مناسب".

من جهتها دعت كتلة "سائرون" البرلمانية التابعة للتيار الصدري بقيادة مقتدى الصدر، إلى ضرورة توصل الأطراف السياسية كافة إلى اختيار شخصية مستقلة لرئاسة الحكومة المقبلة.

وشدد النائب عن الكتلة سلام الشمري في تصريحات صحفية على "أهمية الوصول إلى شخصية مستقلة بهوية وطنية ببرنامج حكومي واضح يهيئ الأجواء لتنفيذ مطالب المتظاهرين".

لكن السياسي الكردي المخضرم، محمود عثمان، رأى في تصريحات صحفية أن "الاستقلالية في العراق كذبة، فلا توجد شخصية بإمكانها الوصول لتسلم مناصب عليا، إذا لم تُدعَم من أحزاب وكتل سياسية"، مضيفا: أن "علاوي فشل لأنه تعنت برأيه ولم يصمد أمام وحدة الموقف الكردي".

من البرلمان

وعلى نحو مماثل، وصف النائب أحمد الجبوري عن كتلة "تمدن" التي تمثل الخط الليبرالي، محاولات اختيار مرشح مستقل لرئاسة الوزراء بـأنها "بدعة"، داعيا الكتل السياسية إلى ترشيح شخصية من داخل البرلمان لتولي المنصب.

وقال الجبوري في تغريدة على "تويتر": إنه "بعد الفشل مرتين لرئيس وزراء يأتي من خارج الكتل بحُجة (بدعة الاستقلالية)، ‏أصبح لزاما أن يكون رئيس الوزراء القادم من داخل مجلس النواب".

وجزم الجبوري بأن يكون النائب أفضل من غيره في قيادة الحكومة، بالقول: "لدينا الكثير من النواب الأكفاء الذين قطعا سيكونون أفضل ممن سبقوهم"، مؤكدا "هذه هي الديمقراطية التي تجعل المُنتخب على رأس السلطة وليس من خسر ثقة الشعب".

لكن هذا السيناريو لا يرضي كتلا سياسية في البرلمان وعلى رأسهم "سائرون" التي حذرت على لسان الشمري، من تصعيد جديد في الأزمة السياسية عبر توافق الكتل على ترشيح ذات الأسماء المتداولة لرئاسة الحكومة، لافتا إلى أنها ستعطي دليلا آخر على عدم تجاوب بعض الكتل مع المطالب الشعبية.

وأكد النائب عن "سائرون" سلام الشمري أن "مصداقية القوى والكتل السياسية عادت مرة أخرى على المحك بالتزامها بالدستور ومواده الخاصة باختيار مرشح الحكومة الجديدة".

وأضاف: "المتظاهرون السلميون والمرجعية الدينية (الشيعية) لا تزال مواقفهم ثابتة بضرورة اختيار شخصية مستقلة غير جدلية لهذا المنصب، والابتعاد عن التداول بأسماء سابقة لا تساعد على تنفيذ المطالب الدستورية للمتظاهرين".

تحذيرات التيار الصدري تأتي بعد إعادة طرح الأسماء ذاتها التي رفضها المتظاهرون قبل ترشيح علاوي، وكانت تضم نوابا ووزراء ومحافظين حاليين وسابقين.

وقال النائب عن تحالف "الفتح" فاضل الفتلاوي: إن "الحوارات والاجتماعات السياسية متواصلة ومستمرة بهدف الوصول إلى اتفاق وتوافق على اختيار شخصية لرئاسة الحكومة الجديدة، واستمرار هذه الحوارات، سيدفع إلى حسم الملف قبل انتهاء المهلة الدستورية، المحددة بـ 15 يوما".

وعدد الفتلاوي في تصريحات صحفية أسماء شخصيات سبق أن طرحت ورفضها الحراك الشعبي، بالقول: "من ضمن الأسماء التي يتم النقاش بشأنها خلال الاجتماعات، هي (محافظ البصرة أسعد العيداني، النائب السابق علي شكري، النائب الحالي محمد شياع السوداني، رئيس المخابرات مصطفى الكاظمي)، لكن حتى الساعة، لا يوجد اتفاق على مرشح محدد".

وحسب السياسي الكردي محمود عثمان، فإنه من الأفضل الإتيان برئيس وزراء يُدعم من جهة سياسية معروفة حتى تكون مسؤولة أمام الشعب، مطالبا القوى الكردية بالبقاء كتلة واحدة، كما توحدوا في المفاوضات مع علاوي، لأن ذلك يقوي من موقفهم، ويمنع التفرد بالقرار ضدهم، ويحافظ على مكتسباتهم التي حصلوا عليها منذ 2003.

إعادة عبدالمهدي

رغم رفضه لأكثر من مرة، تصر قوى سياسية على إعادة طرح سيناريو الإبقاء على رئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي، وتكليفه مجددا لقيادة حكومة انتقالية تهيئ لانتخابات مبكرة.

ونقل تقرير لموقع قناة "الحرة" الأميركية عن مصادر سياسية رفيعة، قولها: "هناك بوادر على إعادة تكليف عبدالمهدي لمنصبه من جديد عبر تشكيل تحالف شيعي سني كردي مدعوم من إيران".

وأوضحت أن "التحالف الجديد يضم كلا من ائتلاف الفتح بزعامة هادي العامري، وائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، إضافة إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، وتحالف القوى العراقية بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وفصائل مسلحة موالية لإيران".

وحسب المصادر التي نقلت عنها القناة الأميركية، فإن "هذه الأطراف تستعد لبدء مشاورات جادة من أجل التصويت من جديد على تكليف عبد المهدي لرئاسة الوزراء".

وبعد تسريب هذه الأنباء، رحب حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، والاتحاد الإسلامي الكردستاني، مبديين دعمهما لمثل هذه الخطوة في حال طرحت رسميا، فيما نفى النائب عن تحالف "الفتح" حنين قدو، صحة ما أورده تقرير "الحرة" عن عودة عبدالمهدي.

وقال قدو في تصريحات صحفية: "التقارير الإعلامية التي تحدثت عن وجود تحالف سياسي جديد "شيعي – سني – كردي" يهدف إلى إعادة عبدالمهدي إلى السلطة من جديد، غير دقيقة ولا يوجد هكذا تحالف، والعمل مستمر لإيجاد رئيس وزراء جديد".

وأضاف: "هناك 3 أمور تمنع عودة عبدالمهدي إلى السلطة من جديد، وهي الدستور الذي يدعم التداول السلمي للسلطة، وهو لا  يسمح بعودة السلطة إلى رئيس وزراء قدم استقالته، كما أن هناك رفضا شعبيا لوجوده بالسلطة".

وعن فرص عودة عبدالمهدي، قال المحلل السياسي عدنان السراج لـ"الاستقلال": "معظم الكتل السياسية تدعم هذا التوجه، على اعتبار أن المدة المتبقية إلى نهاية العام الجاري قليلة بالنسبة لإجراء انتخابات مبكرة".

وأوضح السراج أن "اختيار رئيس حكومة جديد ربما يأخذ وقتا طويلا يستمر حتى نهاية مايو/ أيار المقبل، لذلك تدفع قوى سياسية كثيرة إلى إعادة تكليف عبدالمهدي برئاسة حكومة انتقالية من خلال التصويت عليه بالبرلمان".

ومن الناحية القانونية، يؤكد السراج أن "الدستور وتحديدا المادة 82 منه يتيح إعادة تسمية عبدالمهدي رئيسا للحكومة"، معربا عن اعتقاده بأن "هذا أسلم طريق للخروج من الأزمة الحالية".

واستقال عبدالمهدي من منصبه في ديسمبر/كانون الأول 2019، على خلفية الاحتجاجات المناهضة لحكومته التي اندلعت في أول أكتوبر/تشرين الأول 2019. وقال حينها: إنه تقدم باستقالته "بناء على رغبة المرجعية الدينية في النجف".

سيناريو أخير

ومع وجود سيناريوهات عدة لاختيار شخصية ترأس الحكومة المقبلة، إلا أن سياسيين يتحدثون عن مرحلة ما بعد فشل الكتل السياسية في الاتفاق على شخصية جديدة وانتهاء المهلة الدستورية.

وفي هذه الحالة بحسب سياسيين، فإن رئيس الجمهورية برهم صالح يصبح دستوريا قادرا على إدارة الحكومة مع الاحتفاظ بمنصبه الحالي لمدة 30 يوما لحين إيجاد البديل.

وقال الباحث السياسي من إقليم كردستان العراق كفاح محمود في تصريحات صحفية: "القوى السياسية إذا فشلت في التوصل إلى مرشح سنذهب إلى خيار دستوري يدير فيه رئيس الجمهورية الحكومة لمدة 30 يوما".

وأضاف محمود: أنه "خلال هذه الفترة ربما ينجح الفرقاء في اختيار مرشح توافقي بين الكتل الشيعية والكردية والسنية"، لافتا إلى أنه "في كل الأحوال نحن إزاء حكومة انتقالية لا تمتلك صلاحيات واسعة، عملها محدد بالتحضير لانتخابات مبكرة خلال العام الجاري".

وفي 2 مارس/ آذار 2020، أعلن مكتب الرئيس أنه بدأ مشاوراته مع عدد من قادة الكتل السياسية في مجلس النواب، لاختيار رئيس جديد للحكومة.

واستقبل صالح، كلا من رئيس تيار "الحكمة الوطني" عمار الحكيم، ورئيس ائتلاف "دولة القانون" نوري المالكي، ورئيس تحالف "الفتح" هادي العامري، ورئيس ائتلاف "النصر" حيدر العبادي، كلا على حدة.

وشدد على ضرورة الإسراع في التوصل إلى اتفاق بين الكتل السياسية من أجل تسمية مرشح لرئاسة مجلس الوزراء يحظى بقبول وطني وشعبي، والالتزام بالفترة الدستورية المحددة من أجل تشكيل حكومة قادرة على التصدي لمهامها في ضوء التحديات التي تواجه البلاد.

وأشارت الرئاسة في بيانها أن "الجميع مطالب بوقفة وطنية مسؤولة لتجنيب البلاد ما تمر به من ظروف معقدة وصعبة، وتهيئة الأجواء المناسبة لانتخابات مبكرة، وتلبية مطالب العراقيين بمختلف أطيافهم".