روسيا ترسل سفينتين حربيتين إلى البحر المتوسط.. لماذا الآن؟

12

طباعة

مشاركة

كشفت مجلة "نيوزويك" الأمريكية أن سفنا حربية روسية محملة بصواريخ من نوع "كروز" اتجهت إلى البحر الأبيض المتوسط قبالة السواحل السورية، بعد مقتل 33 جنديا تركيا في سوريا جراء هجمات شنها النظام السوري مدعومة بالطائرات الحربية الروسية الحليفة.

وقال توم أوكونر الكاتب والمحلل السياسي في تقرير نشرته المجلة: إن سفينتين حربيتين روسيتين انطلقتا صوب مياه البحر المتوسط قبالة السواحل السورية بعد يوم واحد من الغارات الروسية الحليفة لقوات بشار الأسد والتي أسفرت عن مقتل العشرات من الجنود الأتراك.

قدرات السفن

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، الجمعة 28 فبراير/ شباط الماضي، أن فرقاطتي البحر الأسود، بقيادة الأميرالين وماكاروف جريغوروفيتش بدأتا تمر عبر مضيق البوسفور التركي ومضيق الدردنيل باتجاه البحر المتوسط، ويقول المراقبون: إن السفينتين مزودتان بأسلحة عالية الدقة: "نظام الصواريخ Kalibr-NK"، للانضمام إلى فرقة العمل الروسية الدائمة للبحر الأبيض المتوسط في الخارج.

وقالت الوزارة: إنه عندما أبحرت السفينتان بعدما أكمل طاقمها سلسلة من المناورات القتالية البحرية في ميادين تدريب الأسطول في البحر الأسود.

وأكد الكاتب أنه فور وصول السفينتين انضمتا إلى باقي القطع الحربية الروسية العاملة في البحر المتوسط، قبالة السواحل السورية، والتي يمكن أن تحمل ثمانية قاذفات "Kalibr-NK" قادرة على ضرب الأهداف على بعد أكثر من 1600 ميل.

وأشارت التقارير إلى أن روسيا استخدمت هذه القطع والغواصات السطحية الروسية "صواريخ كاليب" لضرب مواقع "تنظيم الدولة" كجزء من حملة موسكو لدعم رئيس النظام السوري بشار الأسد ضد المعارضة المسلحة.

ولفت إلى أن قوات الأسد انخرطت في مواجهات مباشرة، الجمعة 28 فبراير/ شباط الماضي، مع الجارة الشمالية، تركيا، التي فقدت قبلها بيوم (الخميس) 33 جنديا على الأقل مع جرحى إضافيين في غارات جوية هددت بتحويل الاشتباكات إلى حرب شاملة، واحتمال اندلاع مواجهة أكبر بين القوات الدولية.

دعم الأسد

وأكد التقرير أن الدعم المقدم من إيران وروسيا ساعد النظام السوري على كسب اليد العليا في الحرب التي استمرت تسع سنوات تقريبا، مما سمح لقوات الأسد باستعادة جميع الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة تقريبا باستثناء محافظة إدلب الشمالية الغربية وبعض الأراضي الأخرى على طول الحدود مع تركيا، في الوقت الذي دعمت فيه تركيا فصائل المعارضة السورية منذ بداية الصراع، لكنها وجدت نفسها في صراع مباشر مع دمشق مؤخرا بسبب تصادم العمليات المتنافسة.

وأشار المراقبون إلى تقدم قوات النظام السوري وحلفائه بثبات إلى إدلب، حيث انهار وقف إطلاق النار الذي توسط فيه الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، في الوقت الذي سعت فيه تركيا إلى وقف هذا التقدم من خلال إرسال المزيد من القوات والمعدات للمعارضة، والتي تزعم كل من سوريا وروسيا أنها زودت بها "هيئة تحرير الشام"، الفرع السوري السابق لتنظيم القاعدة الذي يهيمن على إدلب.

من جهة أخرى، أبلغت وزارة الدفاع الروسية الصحفيين، الجمعة 28 فبراير/ شباط الماضي، أن القوات التركية كانت جزءا لا يتجزأ من "تشكيل معارك قوات المعارضة"، وفقا لوكالة "تاس" الروسية للأنباء.

وصرح رئيس مجلس الأمن القومي بالكرملين في اليوم ذاته، أن "الحالات المأساوية التي سقط فيها جنود أتراك فقدوا أرواحهم وقعت أثناء العمليات العسكرية للمعارضة، وأُشير إلى أن الأفراد العسكريين الأتراك لم يكن من المفترض أن يكونوا في أي مكان خارج مراكز المراقبة في إدلب".

كان العشرات من الجنود الأتراك قد قُتلوا خلال شهر يناير/ كانون الثاني، في غارات ألقي باللوم فيها على جيش النظام السوري، لكن هجوم يوم الجمعة 28 فبراير/ شباط الماضي، أثبت أنه الأكثر دموية حتى الآن، وردت القوات التركية على الهجمات على مواقعها، مما أدى إلى مقتل ما يدعون أنه يصل إلى ألفي جندي سوري إضافة إلى تدمير عشرات الأسلحة مثل أنظمة الصواريخ "أرض جو"، إلى جانب المركبات والمعدات ومستودعات الذخيرة.

في حين رفض مسؤولون بوزارة الخارجية السورية ووزارة الدفاع هذه الأرقام باعتبارها مبالغة تهدف إلى تغطية خسائر الجيش التركي وخسائر المعارضة المسلحة خلال الهجوم العسكري السوري الأخير، وفقا لوكالة الأنباء السورية الرسمية.

تركيا والناتو

ولا تزال أنقرة تضغط للحصول على الدعم من حلف الشمال الأطلسي "الناتو" بقيادة الولايات المتحدة، ففي حين انتقد حلفاء الناتو تركيا مؤخرا لتجاهلها المناشدات بعدم شن هجوم عبر الحدود ضد المقاتلين الأكراد المدعومين من البنتاجون وشرائها نظام الصواريخ الروسية "أس 400"، لكن الحلف المؤلف من 29 عضوا أدان الضربات التي نتج عنها مقتل العشرات من الجنود الأتراك.

وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج في بيان يوم الجمعة 28 فبراير/ شباط الماضي: إن "الناتو يقدم أعمق تعازيهم لمقتل الجنود الأتراك في قصف بالقرب من إدلب، ويدين الحلفاء استمرار الضربات الجوية العشوائية التي يشنها النظام السوري ومؤيدته روسيا في محافظة إدلب. ندعوهم إلى وقف هجومهم، واحترام القانون الدولي، ودعم جهود الأمم المتحدة من أجل حل سلمي".

كما أبدى عدد من قادة الحلف بشكل فردي تضامنهم، وأصدر البيت الأبيض بيانا داعما لتركيا بعيد اتصال هاتفي بين أردوغان والرئيس دونالد ترامب.

وجاء في البيان: "عبّر الرئيس ترامب عن تعازيه وأدان هجوم الأمس الذي أسفر عن مقتل أفراد أتراك في سوريا". وأكد ترامب مجددا دعمه لجهود تركيا الرامية إلى تهدئة الوضع في شمال غرب سوريا وتجنب حدوث كارثة إنسانية، واتفق الزعيمان على أن النظام السوري وروسيا والنظام الإيراني يجب أن يوقفوا هجومهم قبل قتل المزيد من المدنيين الأبرياء النازحين".

كما أوضح الرئيس ترامب، خلاف ذلك، أنه سعى لإخراج الولايات المتحدة من النزاع، وتحويل ما تبقى من الحرب ضد تنظيم الدولة إلى روسيا وإيران والعراق وسوريا، بعدما كانت سابقا مؤيدا رئيسيا للثورة ضد الأسد، فقد أعادت تركيز مهمتها تدريجيا على هزيمة تنظيم الدولة، واعتبارا من شهر أكتوبر/ تشرين الأول، الحفاظ على السيطرة على حقول النفط والغاز.

قتال عنيف

وأكد تقرير المجلة أنه في هذه الأثناء، استمر القتال البري العنيف بين الأطراف المتحاربة في إدلب، خاصة على مدينة سراقب الإستراتيجية، التي تقع على المحور الإستراتيجي لطريقين رئيسيين يسعى النظام السوري إلى انتزاعهما من أيدي المعارضة المسلحة.

وفي تقرير قدمه المرصد السوري لحقوق الإنسان، وهو مراقب مقره في المملكة المتحدة وله علاقات مع المعارضة السورية بالخارج، تحدث فيه عن استمرار الغارات الجوية الروسية والسورية على إدلب، مع قصف سوري في بعض الأحيان استهدف مواقع عسكرية تركية، فيما استخدمت الأخيرة طائرات دون طيار للرد على الضربات الجوية.

في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الدفاع التركية مقتل جندي تركي آخر وجرح اثنين آخرين الخميس 27 فبراير/ شباط الماضي، فقد قالت الوزارة : إنها حيّدت 56 جنديا سوريا ودمرت المزيد من الأسلحة والمعدات العسكرية السورية ردا على ذلك.

ومع عدم وجود نهاية واضحة في الأفق لتصعيد العنف في إدلب، وافق بوتين وأردوغان على عقد اجتماع وجها لوجه، يحتمل أن يكون الأسبوع المقبل في العاصمة الروسية.

وناشد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس المقاتلين تجنب الخسائر المدنية ووصف عمليات القتال الأخيرة بين القوات السورية والتركية بأنها "واحدة من أكثر اللحظات إثارة للقلق" للنزاع الذي يبدو أنه من الصعب حلها، وقال للصحفيين في نيويورك: "الآن حان الوقت لإعطاء فرصة للعمل الدبلوماسي، ومن الضروري أن يتوقف القتال".