استعرضوا تاريخه.. لماذا رفض العراقيون تسمية "علاوي" رئيسا للحكومة؟

بغداد - الاستقلال | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

لم يعد باستطاعة العراقيين منح مهلة أخرى لأشخاص من الطبقة السياسية الحالية، التي أثبتت فشلها في ظل الحكومات المتعاقبة منذ غزو العراق قبل 17 عاما، معلنين رفضهم أن يكونوا حقل تجارب لساسة محسوبين على إيران، يتم تغيير وجوههم وتصديرهم للمشهد ثانية. 

فقد شهدت المدن العراقية تظاهرات احتجاجية رافضة بقوة لتكليف محمد توفيق علاوي لرئاسة الحكومة، وتعتبره تحديا لأصوات العراقيين وتجاهلا لثورة الشعب المنتفض، منذ أكتوبر/ تشرين أول 2019، مستنكرين تدخلات إيران وتردي الأوضاع الاقتصادية، وانتشار الفساد المالي والإداري.

واقترنت انتفاضة الشعب العراقي في المدن والمحافظات، بتغريدات غاضبة كتبها رواد موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، عبر مشاركتهم في أوسمة عدة برزت خلالها حالة الرفض الشعبي لتنصيب "علاوي" رئيسا للوزراء، منها: #يسقط_توفيق_علاوي، #يسقط_محمد_توفيق_علاوي، #محمد_علاوي_مرفوض، #مقتدى_يقتل_الثورة، #محمد_علاوي.

وأكد المغردون أن "علاوي" ليس مرشح الشعب، وإنما مرشح إيران وأذنابها الحاكمة في العراق والداعمة له، والتي لا تزال تسيطر وتبسط نفوذها على العراق، مشيرين إلى أن إيران استبدلت رجلها السابق عادل عبدالمهدي به، رغم أنه نسخة مطابقة له لخدمة مصالحها ومصالح وكلائها.

وأجمع المغردون على أن "علاوي" ليس أهلا لتشكيل الحكومة التي ترضي الشعب الثائر منذ أربعة أشهر، ناقلين صورا ومقاطع فيديو لانتفاضة الشعب من ساحات التظاهر رفضا لتعيينه.

وعود كاذبة

ورغم كم الوعود والتعهدات التي أغدقها "علاوي" على شعبه عقب تنصيبه، بمحاربة الفاسدين، وحصر السلاح بيد الدولة، والكشف عن قتلة المتظاهرين، وتعويض عوائل الشهداء، وتشكيل حكومة بعيدا عن المحاصصة، وغيرها من الوعود الأخرى، إلا أن كلماته لم تلق ترحيبا لدى قطاع عريض من الشعب، واعتبرها دليلا على أن الانتخابات المبكرة التي طالب بها الشعب لن تكون مبكرة.

وأكد الإعلامي عامر القيسي، رئيس منظمة "رصد لتطوير الاعلام العراقي"، أن محمد توفيق علاوي قال ما لا يستطيع فعله، وسيفعل بما يأمرونه من جاؤوا به..!! ولن يجيب على السؤال الأهم: كيف سيفعل ما قاله؟ خرج الرجل من نفس عباءة الطبقة السياسية الرثة، ولن تكون مخرجاته، إلا بما نحن عليه وأتعس.

ورصد الصحفي العراقي سيف صلاح الهيتي، ملاحظات سريعة على خطاب رئيس مجلس الوزراء المكلف #محمد_توفيق_علاوي، منها أنه "لم يحدد توقيتا زمنيا لتنفيذ وعوده، من خلال برنامجه المطروح، ولم يتطرق لأي تعاون مستقبلي مع مجلس النواب"، لافتا إلى "كثرة الوعود  والعهود التي قطعها على نفسه،  ولم يذكر الكتلة النيابية التي رشحته للمنصب".

وكتب سنان أنطون، قائلا: "يضحك #محمد_علاوي ملء شدقيه وهو يتسلم التكليف من فخامة الرئيس الانفصالي! أكثر من ٦٠٠ شهيد وآلاف الجرحى، وأنهار من دموع الأمهات وأنت تضحك أيها الأحمق!".

بيان الصدر

ورفض الناشطون بيان رجل الدين العراقي الشيعي مقتدى الصدر، الذي دعا فيه أنصاره المعروفين باسم "القبعات الزرق" ضمنيا لقمع التظاهرات، مؤكدين أنه يحاول جر العراق إلى اقتتال داخلي بمحاولته قمع الانتفاضة الشعبية وتفعيل مليشيا "جيش المهدي".

وبحسب قولهم، فإن للصدر مواقف سابقة تلاعب فيها بالحراك الثوري الذي فشلت إيران في إخماده، إذ أصدر أوامر في أعقاب الانتفاضة الثورية منتصف الشهر الماضي، لأنصاره بشكل مفاجئ بمغادرة ساحات الاعتصام لإضعاف الحراك الشعبي في خطوة اعتبرت خدمة ثمينة لإيران وحلفائها في العراق.

وقال الناشط العراقي شاهو القرة داغي: إن "المقبول بأمر مقتدى الصدر، مرفوض بأمر الشعب، لأن مصالح مقتدى تختلف عن أهداف الشعب و مطالبه و أحلامه، الصدر أسس المقاومة الدولية وحلمه مقاومة أمريكا، والشعب يريد العيش كباقي الشعوب في ظل الأمن والاستقرار".

وتساءل جمال حسين علي عما قاله الصدر في بيانه بشأن دعوته القوات الأمنية ومليشياته بمنع قطع الطرق، قائلا: "شنو يعني منع؟"، مستطردا بالقول: "يعني بلغة أبو درع (قيادي في مليشيا جيش المهدي متهم بقتل العراقيين على أساس طائفي): ضرب واغتيال وسحل وتواثي وكواتم..الخ".

وأضاف: "هذه فلسفتك التي طالما أنكرتها وكنا لها مصدّقين واليوم سقطت نهائيا من تاريخ العراق وجغرافيته"، داعيا: "اللهم انصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ودجالينه الحمقى".

وأعاد الإعلامي عمر الجنابي نشر بيان "الصدر"، قائلا: "عرفتوا ليش حذرناكم منه؟ لأن نعرف مقتدى، لأن عشنا أيام السدة والبطة والاستيلاء على بيوت الشعب، لأن نتذكر أيام مدينة الطب، لأن نعرف كثير عنه وعن إجرامه وتلاعبه بأنصاره"، في إشارة لضلوع "جيش المهدي" بالحرب الطائفية.

وأضاف: "الآن مقتدى يهدد المتظاهرين وصار الكلام على المكشوف، الحمد لله فاضح مقتدى وأمثاله من خونة وسراق العراق".

واعتبر ناشطون أن بيان الصدر هو تهديد علني وتوجيه للسلطة باستخدام العنف ضد المتظاهرين الرافضين لقرراتها، إذ قال الإذاعي العراقي سعد ناصر: "صار التهديد علني !!  بعد استمر حتى المخدوعين بيك يعرفون منو انت!".

وتعجب الناشطون من ادعاءات الصدر بأن "علاوي" كان أحد خيارات المتظاهرين، مقدمين صورا من اللافتات التي جابوا بها الشوارع، مدونين عليها صور الشخصيات المرشحة من الحراك الشعبي ليكون الشعب هو مصدر السلطات.

ذراع إيران

وساد حديث الناشطين، ترحيب إيران باختيار "علاوي" رئيسا للحكومة، مؤكدين أن "ترحيبها مفهوما لأنها من اختارته لهذه المهمة عبر أذرعها الفاسدة والموالية لها"، لافتين إلى أن "العراق غارق في الفوضى والفساد، ومرتع لإيران لتهريب صادراتها ونهب ثرواته".

وبحسب الناشط منصور الناصر، فإن "الرجل مرشح الطبقة الدينية الحاكمة نفسها.. وليس مرشح الشعب ولا ممثلهم وهذه الطبقة لم يخذلها توفيق علاوي يوما لا هو ولا عائلته.. فهي مصدر دعمهم. وللعلم هو يدفع دوريا خُمسا لهؤلاء العباقرة يقدر بخمسة ملايين دولار".

ولفت الناشطون إلى أن "علاوي" سينفذ الدور المرسوم له من إيران، لأنه مرشحها ورجلها الذي أعادت تدويره في مراكز السلطة، وعلق عمر السامرائي، مُحرر أخبار وصحفي مختص بشؤون الملف العراقي والإيراني والمنطقة، قائلا: إن "تكليفه ضرورة ينهي الصراع بين ساسة الفساد ويبقي على غضب المتظاهرين".

وأضاف: أن "علاوي مثل أسلافه لن يخرج من دائرة اللعبة السياسية القائمة على استرضاء إيران التي تعمل على إبقاء العراق واجهة في صراعها مع الولايات المتحدة"، مستطردا: " تذكروا هذه التعهدات والوعود جيدا".

وأشار الناشطون إلى أن إيران تراهن على الصدر لإخماد ثورة الشعب العراقي، إذ قال مغرد: إن "النساء لم تقدم رجالها وأولادها فلذات أكبادها ليكون محمد علاوي رئيس وزراء"، مضيفا أن "إيران  تراهن على مقتدى الصدر لإطفاء الثورة ومنحه جائزة قيادة ما يسمى (محور مقاومة)  العراق".

ملفات فساد

وفتح ناشطون ملفات فساد "علاوي"، وأعادوا نشرها عبر الهاشتاج، متسائلين عن الأسباب التي تدفع السلطة لتنصيب رجل تحوم حوله شبهات فساد، إلا إذا كانت حكومة مسيرة لا مخيرة تنفذ التعليمات.

وأوضح الصحفي علي حازم أن #"محمد_توفيق_علاوي استقال من منصب وزير الاتصالات بعد مطالبات بالتحقيق معه بقضية فساد في أغسطس/آب ٢٠١٢، حكم عليه بالسجن غيابيا ٧ سنوات في ديسمبر/كانون الاول ٢٠١٣، بعد إدانته بصفقة منظومة كاميرات المراقبة في بغداد، أسقطت التهم عنه في ديسمبر/كانون الاول ٢٠١٤ بصفقة سياسية ورشى".

وبيّن المغرد براك الزيادي أن "علاوي" محكوم غيابيا بالسجن لمدة سبع سنوات بتهم تلاعب و فساد و اختلاس، ساخرا: "لا ندري إن كان سيقضي فترة رئاسته في السجن أم لا. باعتبار وجود قضاء عادل في العراق.. هزلت و رب الكعبة. هزلت. هزلت".

وتحت هاشتاج #هل_تعلم، كتب المغرد محمد كاظم إن "محمد توفيق علاوي، حُكم غيابا بالسجن (7) سنوات على خلفية عقود فساد بين وزارة الاتصالات التي كان يرأسها وشركة (cs) الفرنسية في عام 2016، حيث كان العقد يتضمن قيام الشركة الفرنسية بنصب كاميرات المراقبة في العاصمة بغداد لحماية جميع مرافق الدولة والمقدسات والدوائر".